الماركسية: نظرة سريعة وموجز مختصر


حسين محمود التلاوي
2023 / 5 / 2 - 04:53     

الماركسية نظرية سياسية واقتصادية مبنية على أفكار كل من "كارل ماركس" و"فريدريك إنجلز”. ويمكن القول إنها أيديولوجية اجتماعية وسياسية واقتصادية، تسعى إلى إقامة مجتمع لا طبقي. وترى النظرية أن الرأسمالية نظام يستغل الطبقة العاملة، ويركز الثروة في أيدي الطبقة الحاكمة. وكبديل، تقترح الماركسية نظام حكم اشتراكيًّا؛ تمتلك فيه الطبقة العاملة وسائل الإنتاج، وتتحكم فيها. وفي الأسطر التالية، سوف نلقي الضوء على أصول الماركسية، ونقاط قوتها وضعفها، والآفاق أمامها.

الجذور والبدايات
ظهرت الماركسية في منتصف القرن التاسع عشر في أوروبا؛ كرد فعل للتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أحدثتها الثورة الصناعية؛ إذ أدت الثورة الصناعية إلى التوسع السريع للأنظمة الرأسمالية في إنجلترا وألمانيا، حيث سقط العمال فريسة للاستغلال، وتعريضهم إلى ظروف عمل سيئة. كانت الماركسية رد فعل على هذا الاستغلال؛ حيث هدفت إلى خلق مجتمع؛ يكون للعمال فيه السيطرة على وسائل الإنتاج.
كان "كارل ماركس" و"فريدريك إنجلز"، مؤسسا الماركسية، من المثقفين المتأثرين بفلسفة هيجل، وقد طورا أفكارهما بشأن الماركسية بعد دراسة الخلفية التاريخية للمجتمع والهياكل الاقتصادية والاجتماعية التي تأسس عليها. وقد اعتقد الاثنان، "ماركس" و"إنجلز"، أن الطبقة العاملة ستثور في النهاية ضد الطبقة الحاكمة؛ مما يؤدي إلى ثورة من شأنها أن تؤسس نظام حكم اشتراكيًّا.

من هما "ماركس" و"إنجلز"؟!
كان "كارل ماركس" فيلسوفًا واقتصاديًّا ومنظرًا سياسيًّا ألمانيًّا، طور مفهوم المادية الديالكتيكية. وكان يعتقد أن تاريخ المجتمع في حقيقته تاريخ للصراع الطبقي، وكان الصراع بين البرجوازية والبروليتاريا هو الأهم بين كل أنماط الصراع. تأثر جهد ماركس الفكري بشدة بفلسفة هيجل، التي حاول دمجها مع أفكاره لإنشاء إطار فلسفي جديد.
أما "فريدريك إنجلز" فقد فيلسوفًا واقتصاديًا ومنظرًا سياسيًّا ألمانيًّا تعاون مع "ماركس" لتطوير النظرية الماركسية. كان "إنجلز" أيضًا كاتبًا غزير الإنتاج، وساعد جهده في نشر النظرية الماركسية. وقد كان مهتمًّا بشكل خاص بالعلاقة بين الطبقة العاملة والدولة، وكان يعتقد أن الدولة في عصره أداة للطبقة الحاكمة.

نقاط القوة والضعف
للنظرية الماركسية العديد من نقاط القوة والضعف. تتمثل إحدى نقاط قوتها في أنها توفر تحليلًا شاملًا للنظام الرأسمالي، وتأثيراته على الطبقة العاملة. توفر الماركسية أيضًا إطارًا لفهم العلاقة بين الفرد والمجتمع، وتوفر بديلًا للرأسمالية يعطي الأولوية لاحتياجات الطبقة العاملة.
ومع ذلك، فإن للماركسية عدة نقاط ضعف؛ أهمها تطبيقها؛ حيث كانت العديد من الأنظمة الشيوعية قمعية وسلطوية، وفشلت في توفير الفوائد الموعودة للاشتراكية. من بين أوجه الانتقاد الموجه إلى الماركسية أيضًا نظرتها للحتمية للتاريخية، التي تقول بحتمية الثورة، وتركز كثيرًا على دور الدولة في تأسيس الاشتراكية.

روسيا الشيوعية
تعتبر روسيا الشيوعية من أبرز الأمثلة على الماركسية في الممارسة. أدت الثورة الروسية عام 1917 إلى قيام الاتحاد السوفييتي، الذي كان دولة اشتراكية تأسست على النظرية الماركسية. تميز الاتحاد السوفييتي بملكية الدولة لوسائل الإنتاج، والاقتصاد المخطط، والقضاء على الملكية الخاصة.
ومع ذلك، اتسم الاتحاد السوفييتي أيضًا بالاستبداد والقمع، وفشل في توفير فوائد الاشتراكية لمواطنيه. انهار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، وجادل كثيرون بأن فشله كان بسبب العيوب المتأصلة في النظرية الماركسية.

آفاق الماركسية
كان للماركسية تأثير كبير على العالم، ولا يزال تأثيرها واضحًا في السياسة المعاصرة؛ حيث تبنت العديد من البلدان — بما في ذلك الصين وكوبا — أنظمة حكم اشتراكية قائمة على النظرية الماركسية. ومع ذلك ، واجهت الماركسية أيضًا تحديات كبيرة؛ لا سيما في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتيي.
مستقبل الماركسية غير مؤكد ، لكن إرثها لا يمكن إنكاره؛ فقد ألهمت النظرية الماركسية الحركات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم، وقدمت إطارًا لفهم العلاقة بين الطبقة العاملة والطبقة الحاكمة. ومع استمرار العالم في معالجة قضايا عدم المساواة والاستغلال، قد تستمر النظرية الماركسية في لعب دور مهم في تشكيل مستقبل المجتمع الإنساني.

خاتمة
الماركسية أيديولوجية معقدة ومتعددة الأوجه كان لها تأثير كبير على العالم. طور مؤسساها ، "كارل ماركس" و"فريدريك إنجلز "، نظرية سعت إلى إنشاء مجتمع لا طبقي؛ تمتلك فيه الطبقة العاملة وسائل الإنتاج وتتحكم فيها. وفي العموم للماركسية العديد من نقاط القوة والضعف؛ ما جعلها تحقق تطبيقيًّا نجاحًا متباينًا. ومع ذلك، تستمر الماركسية في إلهام الحركات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم، ومن المرجح أن يستمر إرثها في السنوات القادمة؛ ومن ثم فإن من المهم الاستمرار في دراسة وفهم النظرية الماركسية وآثارها على عالمنا اليوم.