في الحاجة للمثقف الرسولي


أحمد زوبدي
2023 / 5 / 2 - 02:47     

في الحاجة للمثقف الرسولي.

حين تنهار كل النظريات الكبيرة وتنهار معها السياسة يكون لازما بناء نماذج وبراديغمات فكرية ونظرية لقراءة الواقع وتجاوز الوضع السائد المأزوم والمهزوم. التاريخ يعلم دون أدنى شك أن الممارسة السياسية يعني تدبير شأن المدينة بالمعنى الأفلاطوني كان وراءه رواد الفكر من طراز كبير. كانوا حقا مفكرين رسوليين. قاموا بكل شيء بدءا بزعزعة الاستبداد إلى تفكيكه تم إلى بناء دولة الحق والقانون. لكن حين تنظر إلى العالم العربي عموما والمغرب خصوصا، فإن المرء تنتابه الحسرة والأسف والألم. النظام السياسي القائم مغربيا نجح في تطويع جل المثقفين بالريوع. تحول هؤلاء إلى مرتزقة يطبلون للثقافة السائدة وللحداثة المزيفة. الجامعة تحولت إلى دكاكين لبيع والتبزنيس في الشواهد العليا بما فيها الدكتوراه، جل المجلات والصحف تنشر الرداءة والابتذال. باختصار تم الإجهاز على كل المكتسبات التربوية والدراسية وأصبحت المعرفة تقابلها أشياء مثل رأسمال وبضاعة و سوق بطعم التفاهة. في هذا الوضع المتردي تحول المثقف إلى خبير ونزع عن نفسه، طمعا في المال، مهمة تثقيف و تأطير وتوعية المجتمع. المثقف الخبير أصبح لا يصنع الأفكار بل يصنع الاستشارة مقابل الأتعاب بل مقابل الريوع. أصبح يكتفي بقراءة أفكار الغرب قراءة الهاوي وليس قراءة الموهوس بالفكر ويحولها إلى خبرة واستشارة. تحول المثقف إذن إلى مستهلك لأفكار جاهزة وأصبح غير قادر على إنتاج الفكر لنقد الواقع وتغييره. عكس ذلك أصبح المثقف يزكي ويدافع عن الخطاب السائد وعن الفكر المبتذل. في هذا الوضع الذي يتسم بالانحطاط على أشده، الانحطاط السياسي والنقابي الناتج عن تخاذل الأحزاب والنقابات المدعوة يسارية، أعتقد أن الحل لهذا المأزق هو ولادة مثقف من مستوى ووزن جديد. شكل المثقف الموكول له هذه المهمة الصعبة والشاقة هو المثقف الرسولي. المثقف الرسولي سوف لن يكون رسولا أو نبيا أو داعية. المثقف الرسولي يكون أولا مثقفا مستقلا وليس حزبيا أو بلاطيا. ثانيا، يكون مثقفا عضويا متفرغا ومحترفا يقوم بصناعة المفاهيم ونحث الأفكار لترويض الواقع أي تغييره.

أحمد زوبدي.