الاول من أيار - عيد العمال العالمي


خالد بطراوي
2023 / 4 / 29 - 22:18     

تعتبر بعض الدول العربية أن الأول من آيار هو عطلة رسمية مدفوعة الأجر بمناسبة عيد العمال العالمي، وهي بذلك تعتبر نفسها قد "أعطت" العمال حقوقهم تماما كما "تعطي" المرأة حقوقها في يوم المرأة العالمي الموافق الثامن من آذار من كل عام.
لكن دعونا ندقق بالطبقة العاملة في كل بلد عربي، ففي الدول العربية النفطية لا يوجد طبقة عاملة محلية بل أغلبها وافدة. والوافد أيها الأحبة، طالما أنه إختار الإغتراب عن بلاده سعيا لتحسين وضعه ووضع عائلته المالي، فهو/فهي قد اختاروا الحل الفردي وليس لديهم أية جاهزية للانخراط في العمل النقابي في الدولة المضيفة حتى لو كانت قوانين البلد تسمح بذلك، لذلك سيكون كل هم هذا العامل الوافد أن لا يقدم على أي فعل يصبح معه عرضة للترحيل ويعمل بمقولة " إمشي الحيط الحيط ... وقول يا رب الستيرة".
أما في البلاد العربية التي يوجد بها عجلة إنتاج ومنها على سبيل المثال لا الحصر مصر وسوريا، فهناك من دون أدنى شك طبقة عاملة من ذات البلد غير وافدة مسحوقة، ولها أطر نقابية قد تكون تابعة للحزب الحاكم وقد تكون تابعة لأحزاب المعارضة/ لكنها جميعها وبنسب متفاوتة لا تستشعر هموم الطبقة العاملة ولا تطالب إلا بالقليل من حقوق الطبقة العاملة ولا ترى أحزابها (التي تصف نفسها بالطليعية وبأنها أحزاب للطبقة العاملة والكادحين والفلاحين) بأن هدفها الوصول الى سدّة الحكم لإنصاف هذه الطبقة.
وفي الحالة الفلسطينية، فإنه يوجد طبقة عاملة فلسطينية، السواد الأعظم منها يعمل في فلسطين التاريخية – داخل الخط الأخضر – ومن تبقى يعمل بالأساس في قطاع البناء، اللهم بإستثناء بعض المدن ( مثل الخليل ونابلس) التي ما زال يوجد بها قطاع للإنتاج له ثقله، حيث تحول السوق الفلسطيني برمته الى سوق إستهلاكي يعتمد على إستيراد كل ما هب ودبّ لدرجة أغلقت بعض المصانع أبوابها ولجأت بنفسها الى الإستيراد.
ومن سخرية القدر، أن أغلب من يحظى بعطلة رسمية مدفوعة الآجر وبالتعريف الدقيق للطبقة العاملة لا ينتمون الى الطبقة العاملة، بل الى شريحة البرجوازية الصغيرة أو المتوسطة، فنرى على سبيل المثال كافة موظفي الدوائر الحكومية وقطاع الخدمات من بنوك وإتصالات والمدرسين وغيرهم ينعمون بيوم عطلة رسمية بينما العامل في ورشة البناء وفي عيد العمال العالمي ينهض باكرا كما أي يوم آخر ليصل مبكرا الى ورشة البناء. قد يقول البعض مبررا أن من يتنعم بالعطلة الرسمية هو من "الطبقة العاملة ذات الياقات البيضاء" ولكن حقيقة الأمر أنه من شريحة البرجوازية الصغيرة أو المتوسطة.
ومن الطبيعي والبديهي أن يسقط الشعار الماركسي اللينيني القائل " يا عمال العالم إتحدوا ... فلن تخسروا إلا قيودكم" فلا توجد أية آفاق لاتحاد فعلي لعمال العالم، وعندما حصل إتحاد على مستوى البلد لطبقة البلد العاملة كما حصل في النقابات البولندية وخاضت نضالا طبقيا ووطنيا شرسا أفرز أحد قادتها الى سدّة الحكم ورئاسة الجمهورية ( ليخ فاليسا) فشل معاليه في ثاني إنتخابات وإختفى عن الساحة، فقد كانت مهمته إسقاط النظام الإشتراكي البولندي ولما فعل تركته دول الغرب ليغرق إقتصاديا ولا يستطيع تحقيق أي من وعوداته لطبقته العاملة التي إنسلخ عنها.
ويبدو أن الماركسية اللينينية التي أخفقت في حل المسألة القومية، وكان التعايش بين القوميات المختلفة تعايشا هشا تجميليا فرضته بالقوة كل دولة إشتراكية على إنفراد، وشاهدنا بأمهات أعيننا النزاعات بين القوميات المختلفة بين الروس والأوكران، والأذربيجانيين والأرمن والتشيك والسلاف والصرب والكروات وغيرهم، فإنه وبذات السياق ثبت عمليا أن نضالات الطبقة العامة كانت تستند بالدرجة الأولى الى حقيقة واقعة أن الطبقة العاملة هي من ذات البلد، وليست وافدة، لذلك أخفقت في وضع تصورات لنضالات تجمع ما بين الطبقة العاملة من أهل البلد والطبقة العاملة الوافدة.
سيحتفل معظم العمال بعيد العمال العالمي في مواقع عملهم وبالأخص ورش البناء بينما سينعم غيرهم بعطلة رسمية مدفوعة الأجر .. فهم لأجل هذه العطلة يعتبرون أنفسهم من الطبقة العاملة ليوم واحد فقط في العام، وبعدها يعودون الى طبقاتهم "المخملية".