كذبة القرن للمتوحش الأمريكي التي هدمت العراق (2-2)


خليل اندراوس
2023 / 4 / 29 - 09:29     


شعرت وكالة المخابرات الامريكية، لا بل بؤرة الارهاب السافر المتجسد في سياسة الشيطان الاكبر الولايات المتحدة، بحاجتها الماسة والملحة الى شخصية قوية ورئيس للمخابرات الامريكية لا يثبت نظريا فقط ضرورة وامكانية القيام بعمليات تخريبية واسعة النطاق، بل وان يكون له ايضا مركز ثابت في فئات السلطة العليا لكي ينفذ هذه العمليات الارهابية التخريبية حول العالم وفي منطقة الشرق الاوسط والادنى خاصة!

واصبح هذا الشخص ألن دالس مديرا عاما لوكالة المخابرات المركزية الامريكية وترتبط ترقية الن دالس ارتباطا مباشرا بتعيين شقيقه الاكبر جون فوستر دالس وزيرا للخارجية الامريكية في كانون الاول عام 1953.

وفي تلك الفترة قامت الولايات المتحدة ووكالة المخابرات المركزية لا بل وكالة الارهاب العالمي بالعديد من الاعمال الارهابية التخريبية والهدامة والاغتيالات السياسية وهذا ما قامت به الولايات المتحدة ضد العراق الشعب والوطن باحتلالها العراق وارتكاب جرائم ضد الانسانية وقتل مئات الآف العراقيين وتهديم وتخريب البنية الاقتصادية لهذا البلد، بحجة امتلاك العراق اسلحة دمار شامل او صواريخ بعيدة المدى.

ولكن في الفترة الاخيرة كشفت وثائق بريطانية وامريكية عدم صحة مزاعم امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل. وهنا نذكر بأن الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما لم يعطوا اي اهتمام لتحذير العراق من الترويج الامريكي للحرب عليه بلا اي مبرر. وهنا لا بد وان نذكر بأن احتلال العراق من قبل المتوحش الامبريالي العالمي وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا كان عمل ارهابي ومُخطط شيطاني لتقسيم منطقة الشرق الاوسط والادنى وبما ان العراق كان حجر الاساس في منطقة الشرق الاوسط في ذلك الوقت اي قبل احتلال العراق، عملت الولايات المتحدة والصهيونية العالمية واسرائيل من خلال احتلال العراق بموجب رأيي واستنتاجي من اجل فتح الطريق امام المؤامرة على سوريا لكسر الطوق عن اسرائيل.

وهناك العديد من الوثائق والتصريحات والممارسات والتي تظهر رغبة الامركيين وخاصة المحافظين الجدد - كهنة الحرب- والصهيونية العالمية في اعادة ترتيب لا بل تمزيق الشرق الاوسط ودفع هذا الموضوع - اي تقسيم لا بل تمزيق الشرق الاوسط ليشكل اولوية في مراكز القرار الامريكي. "لذا كانت هجمات الحادي عشر من ديسمبر فرصة المحافظين الجدد الذهبية لاختراع قضية تشن على اساس ذرائعها الحرب على العراق. ففي لقاء حاسم بالغ الاهمية مع بوش في كامب ديفيد يوم الخامس عشر من سبتمبر، زين بول وولفويتر (احد كبار المحافظون الجدد - كهنة الحرب د.خ) لبوش فكرة مهاجمة العراق قبل افغانستان، وحرضه على ذلك مع انه لم تكن هناك اشارة من دليل على ان صدام حسين كان ضالعا في الهجمات على الولايات المتحدة ، كما كان من المعروف للقاصي والداني ان ابن لادن كان في افغانستان.

ورفض بوش هذه النصيحة واختار عوضا عن ذلك التوجه لشن حرب على افغانستان لكن الحرب على العراق صار ينظر اليها الان على انها احتمال جدي لا يمكن استبعاده ولم يلبث بوش ان كلف المخططين العسكريين الامريكيين بتاريخ 21 نوفمبر من العام 2001 مهمة تطوير واعداد خطط محكمة للقيام بالغزو". (ستيفن .م. وولت وجون ج. ميرشايمر اللوبي الاسرائيلي والسياسة الخارجية الامريكية ص 350).

وخارج اوساط الادارة لم يألُ جهابذة المحافظين الجدد - كهنة الحرب- جهدا ولم يهدروا لحظة من الوقت، بل بذلوا قصارى جهدهم لاختراع قضية تقوم ذريعتها الجوهرية على الزعم ان غزو العراق خطوة اساسية لا يمكن كسب الحرب على الارهاب دون الاقدام عليها. وفي رسالة للرئيس بوش من قبل كبار شخصيات المحافظين الجدد، كتبوا ما يلي: "حتى لو لم يربط اي دليل بين العراق واحداث 11 سبتمبر مباشرة فان اي استراتيجية تستهدف استئصال شأفة الارهاب واجتثاثه يجب ان تشتمل على جهد يصمم على اطاحة صدام حسين وازاحته عن السلطة في العراق"، كما ذكرت الرسالة ايضا الرئيس بوش بأن اسرائيل كانت وستظل اخلص وأقوى حليف لامريكا بحربها على الارهاب الدولي. (المرجع نفسه المذكور سابقا).

وكتب احد كبار المحافظين الجدد شارلز كراوثامر على صفحة جريدة واشنطن بوست قائلا "بعد أن انجزنا المهمة في افغانستان وتخلصنا من طالبان ينبغي ان تكون سوريا هي الهدف التالي تتبعها ايران والعراق". وجادل قائلا:" ان الحرب على الارهاب سوف تختتم في بغداد عندما نجهز على اخطر نظام ارهابي في العالم." (المصدر نفسه).

وفي زيارة لقائد شمال حلف شمال الاطلسي السابق الجنرال الامريكي ويسلي كلارك الى وزارة الدفاع الامريكية قال له احد جنرالات وزارة الدفاع كاشفا له عن وثيقة حصل عليها من مكتب وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد بأن الادارة الامريكية اخذت قرارا باحتلال سبع دول اسلامية خلال خمس سنوات، هي العراق وسوريا ولبنان وليبيا والصومال والسودان ثم تلتف على ايران (ويسلي كلارك يكشف عن مخطط الولايات المتحدة الاميريكية لاحتلال المنطقة).وهنا اذكر بان المؤامرة الوحشية الامريكية واحتلال العراق هي جريمة حرب ارتكبها الغرب الامبريالي، والتقارير الرسمية التي كشف النقاب عنها في الفترة الاخيرة اجبرت بلير رئيس حكومة بريطانيا والشريك الاول لبوش في حربه الاجرامية على العراق، الاعتذار والندم عما حدث خلال احتلال العراق ففي شهر تموز عام 2016 ادانت لجنة تشيلكون الدور الذي لعبته بريطانيا في الحرب (احتلال العراق د.خ) وتحدثت بالتفصيل في تقرير مطول، عن المعلومات الاستخبارية الخاطئة والاسس القانونية المشكوك فيها التي استند اليها غزو العراق.

ورد بلير مدافعا بقوة عن المشاركة في الغزو معبرا عن " شعور بقدر من الاسى والندم والاعتذار اكثر مما يمكن تصوره عن الاخطاء التي ارتكبت في الاعداد لحرب تسببت في حدوث شرخ عميق في المجتمع البريطاني". ولكن هذا الاعتذار لا يمكن ان يقبل به اي انسان حر حول العالم. وسيبقى بوش وبلير مجرمي حرب همجية وحشية ضد العراق الشعب والوطن.

وهنا اذكر ما قاله ضابط امريكي سابق متوجها لبوش طالبا منه الاعتذار لانه كذب حول امتلاك العراق لسلاح الدمار الشامل. وقال له عليك ان تعتذر على موت مليون عراقي. وبراي كاتب هذه السطور بان احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة هو جريمة كبرى ويجب محاسبة الرئيس السابق الامريكي بوش امام المؤسسات والهيئات الدولية لحقوق الانسان. ويجب ان يكون مكانه السجن هو ومن تعاون معه. وجيد ما فعله صحفي عراقي عندما قذف الرئيس بوش بالحذاء اثناء زيارته للعراق. فبوش "رمز محور الشر" لكهنة الحرب المحافظون الجدد.

وهنا اذكر بانه قبل انشاء الدولة الصهيونية العنصرية الشوفينية دولة الابرتهايد اسرائيل الدولة التي مارست سياسة التطهير العرقي عام 48 والتي تم الاعتراف بها من قبل دول الغرب وحتى الاتحاد السوفييتي وتشيكوسلوفاكيا (التي قدمت الدعم العسكري لاسرائيل) وبولونيا وغيرها من الدول الاشتراكية للاسف الشديد، قال ديفيد بن غوريون :"ان عقب اخيل (اي نقطة الضعف) في الائتلاف العربي هي سيادة المسلمين في لبنان، فهي سيادة زائفة يمكن قهرها بسهولة تامة". وبدلا من ذلك ستقوم دولة مسيحية تكون حدودها الجنوبية نهر الليطاني، وستكون الدولة الصهيونية على استعداد لتوقيع معاهدة مع هذه الدولة".

وبعد ان نكسر الفيلق العربي ونضرب عمان بالقنابل، سوف يكون بامكاننا ازالة دولة الاردن، وبعد ذلك سوف تسقط سوريا، واذا تجرات مصر على محاربتنا فسوف نقصف بورسعيد والاسكندرية والقاهرة وهكذا ننهي الحرب ونقضي قضاء مبرما على مصر وأشور بالنيابة عن اسلافنا" (عبد الوهاب المسيري ، الشرق الاوسط الجديد في التصور الامريكي الصهيوني 2 / 11 / 2006 ) وقد حاول شارون وضع الجزء الخاص بلبنان في هذا المخطط موضع التنفيذ عام 1982 ولكن هذا المشروع الارهابي المتوحش الصهيوني كان مصيره الفشل وسقوط غطرسة القوة الاسرائيلية الصهيونية خلال عدوان اسرائيل على لبنان عام 2006 بفضل صمود وتضحيات محور المقاومة والشعب اللبناني.

فالجيش الاسرائيلي هرب امام نضال وكفاح وصمود حزب الله الذي لديه 3000 مقاوم فقط. واليوم القاعدة الامامية للامبريالية العالمية في الشرق الاوسط لا تجرؤ ان تبدأ بالمواجهة العسكرية مع حزب الله ومحور المقاومة في لبنان، ولبنان سيبقى احد مركبات محور المقاومة في المنطقة.

ولكن التطور التاريخي للأحداث في المنطقة اثبتت بان هذه الاوهام الارهابية المتوحشة لامريكا وربيبتها اسرائيل كان وما زال مصيرها الفشل. والهروب الامريكي من افغانستان واستمرار وحدة العراق الوطن والشعب وعلاقات العراق المتميزة مع ايران وفشل مؤامرة تقسيم سوريا الى دويلات القت بهذه الخطط الاجرامية الارهابية المتوحشة للولايات المتحدة واسرائيل الى مزبلة التاريخ. وغزو واحتلال العراق وصمة عار وجريمة ضد الانسانية لا يمكن ان تسقط بالتقادم. وما يجري من احتلال واستيطان كولونيالي صهيوني عنصري شوفيني لن يتساقط مع الزمن وبالتقادم فحساب الاحتلال قريب والى الزوال. والقضية العادلة للشعب الفلسطيني اصبحت قضية انسانية كونية عادلة. وشمس حرية الشعب الفلسطيني لا بد وان تشرق.

كتب لينين:" لم يخف ماركس عن البروليتاريا خطا واحدا من اخطاء الكومونة، بل كرس لهذه المأثرة مؤلفا لا يزال حتى الان خير مرشد في النضال من اجل "السماء" وأرعب بعبع "الخنازير الليبراليين والراديكاليين". (لينين ضد التحريفية دفاعا عن الماركسية - ص 29 - 30 ). وفي عصرنا الحاضر مهم جدا ان تدرك الشعوب المُضطهدة والطبقة العاملة اهمية الفلسفة الماركسية من خلال ممارستها الجدلية على ارض الواقع ، وخاصة الان، في فترة مواجهة روسيا وكفاحها ضد النازية في اوكرانيا وضد حلف الناتو الذي يسعى بكل الوسائل العسكرية والاعلامية والسياسية لضم اوكرانيا لحلف الناتو، بهدف لاحق يسعى الى الهيمنة والسيطرة على روسيا لا بل تمزيق روسيا الى دويلات، بعد ان فشل مشروع لا بل مؤامرة تمزيق سوريا.

فنشر وتعميق معرفة الماركسية تدفع بالطبقة العاملة والشعوب المُضطهدة (بفتح الهاء) الى معرفة صنع المستقبل وارعاب "خنازير" الامبريالية الصهيونية العالمية، والنضال من اجل "السماء" وبناء مملكة الحرية على الارض.

واليوم روسيا قبلت التحدي ومواجهة النازية في اوكرانيا، ومواجهة حلف الناتو، وانتصار روسيا في هذه الحرب سيخلق عالما متعدد الاقطاب وهذا سيؤدي الى تغييرات ايجابية لصالح الطبقة العاملة والشعوب المُضطهَدة.

المراجع:

-من وراء الارهاب الدولي وثائق وشهادات ووقائع.

-الشرق الاوسط وخرائط الدم - د. طارق عبود.

-اخطبوط الارهاب - اندريه غراتشوف.

-لينين ضد التحريفية دفاعا عن الماركسية.