ثقافة التسامح و ثقافة الكراهية


كوسلا ابشن
2023 / 4 / 28 - 22:13     

تناول الإعلام في شهر رمضان كيف تعاملت بعض الجهات المسيحية مع طقوس الصيام الإسلامي, مثل إعلان الإتحاد الإنحيزي لكرة القدم, بوقف اللعب أثناء وقت المغرب, للسماح للاعبين المسلمين بالإفطار, وعلى منهاج التسامح قام فريق تشيلسي الإنجليزي بإعداد مائدة الإفطار للجميع في ملعبه, و مثل هذه المبادرات المسيحية في شهر الصيام الإسلامي أقيمت في الكثير من المناطق في العالم.
التسامح مع الثقافات المتعددة, والمساهة في ممارسة طقوس الآخرين, و قبول المختلف سواء من ناحية الثقافة أو اللغة أو الدين, يساهم في التعايش مع الشعوب و نبذ نزعة الكراهية و الحقد و رفض الآخر. أوروبا القائمة على الأطروحات الإستعمارية في بداية تكوينها المعاصر, من مرحلة الإنتقال من الإقطاعية الى نمظ الإنتاج الرأسمالي, قد أسهمت في التراجع النسبي عن التعالي القومي بتطور البنى التحتية للنظام الرأسمالي التي أثرت في تطور البنى الفوقية و تشكيل توجهات سياسية و إيديولوجية بديلة, أسست لنظم و قوانين تحمي مصالح الفرد, و تحمي أسس النظام الليبرالي القائم على حرية الإختيار و حرية الرأي و التعبير. في إطار هذه النظم و القوانين الليبرالية في شكلها القديم أو الجديد, تشكلت ثقافة التناقض بين الآحادي و المتعدد, بين ثقافة التزمت القومي العنصري و ثقافة التعدد و الإختلاف في إطار الثقافة الأممية الإمبريالية أو ما يعرف بثقافة عولمة إقتصاد السوق. أن النظم الليبراليية في الغرب أسست لحرية الإنسان (الفرد) و أشاعة "الديمقراطية" البورجوازية و التعدد و التسامح و الإختلاف. الغرب "المسيحي" المتفاعل بالإيجاب مع المناسبات الدينية الإسلامية و المساهم بشكل عفوي أو عن حسن إرادة مع الطقوس الرمضانية, سواء كان هذا الفعل من منطلق الإيمان المسيحي ( أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ), أو من منطلق المبادئ الليبرالية, ففي كلتا الحالتين تدل على الإيمان بثقافة التسامح و نبذ الكراهية و الحقد إزاء الآخر.
النهضة الأوروبية ساهمت في تطوير الثقافة الأوروبية و ترسيخ مبادئ العقل و الإستقلال عن هيمنة الكنيسة, بإختيار العلمانية كأساس في التعمال مع المعتقدات الدينية و الأفكار الإنسانية و سلاح في دحر المعتقدات الشوفينية العنصرية و أسلوب في الصراع ضد التخلف الماضوي و التزمت الفكري.
المواقع التي تحدثت عن هذه المبادرات المسيحية الإنسانية, على أنها إنتصار للإسلام في بلاد "النصارى", هو إعتقاد وهمي معرفي و مرض إنفصام الشخصية أصيب به المسلمون بإعتقادهم أن الإسلام هو الحقيقة و الأفضلية " من إبتغى غير الإسلام دينا, فلم يقبل منه", إلا أن الحقيقة الواحدة المعروفة هو التاريخ الدموي للإسلام كما دونه السلمون أنفسهم معروف بوحشيته و جرائمه و إرهابه و غنائمه, أما تعاليمه العقائدية فقد أعلنت عن إخفاقها التاريخ, و إستمراريتها المرحلية راجعة الى سلطة المال و سياسة ترهيب الناس و الإختباء وراء خطاب المظلومية و التوسل للعالم لإصدار قانون إزدراء الأديان لحماية الإسلام من النقد و الإنقراض. الإسلام المعاصر هو إستمرارية لماضيه الأسود المتجلى في حاضره اللاإنساني في توجهاته السياسية و الإيديولوجية المعرقلة للتطور الطبيعي للأفكار العلمية و المعرفة الإنسانية و العائق للتطور الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي للمجتمعات البشرية.
عكس الغرب الليبرالي فإن الدول المعروفة بالدول الإسلامية الإستهلاكية, إستوردت أسلوب الإنتاج "الرأسمالي" و النظم الليبرالية في التسيير الإقتصادي, لكن على النقيض من ذلك رسخت الإيديولوجية الرجعية الدينية في الوعي الإجتماعي لماقبل الإنتاج "الرأسمالي", رسخت ثقافة التخلف و الإستبداد و مصادرة العقل و حرية الإنسان و محاربة ثقافة التعدد و عدم الإعتراف بالإختلاف الآثنوثقافي و اللغوي و الديني.
الإيديولوجية العقائدية الإسلامية متناقضة مع المبادئ الإنسانية المنادية بالتضامن و التعاطف مع الآخر بغض النظر عن العرق و الدين و اللغة, و بهذا فهي معادية لسياسة التعايش السلمي بين الشعوب المختلفة الأعراق و الأديان. مهادنة هذه الإيديولوجية اللاإنسانية و التعاطف مع حاملي فيروس الكراهية, تجعل من الدول العلمانية تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم الإرهاب و الجهل و التخلف و الإستبداد و مصادرة حرية الإختيار و مصادرة حرية الرأي و التعبير. في السياسة ليس هناك ما هو مبدئي و ثابت و مقدس, فالمواقف السياسية تتغير حسب المصالح و الإستجابات اللحظية للمستجدات الخاصة و المستجدات الكونية, فمن غير المنطق سماح الدول العلمانية للدعاية الإرهابية ضد ثقافة حقوق الإنسان و ضد الحرية و التقدم داخل الدول الأوروبية, فالتساهل مع الإيديولوجية الإسلامية قد برهن التاريخ القريب نتائجها الدموية. أوروبا تعيش تناقضا كارثيا يجد تعبيره من جهة في تكريس النظم الحداثية و من جهة آخرى تتساهل مع ثقافة الجهل و التخلف و الإرهاب. لقد آن الأوان لتغيير الغرب لسياسته الإسلامية لحماية شعوبه و حداثته و تقدمه و حريته من ثقافة الدمار الشامل. على الغرب التعامل بالمثل, فعلى سبيل المثال, السعودية التيوقراطية تحارب المسيحية و كل الأديان داخل بلدها و في الخارج, فلماذا لا يكون الموقف الغربي مضادا للسياسة السعودية الدينية, بمنع السعودية من تشييد المساجد و الجمعيات الدينية و منعها من تمويل الإسلام في أوروبا. الدول الإسلامية تمنع التبشير المسيحي, فلماذا لا تمنع الدول الأوروبية التبشير الإسلامي و طرد أئمة المساجد و إغلاق هذه الأوكار المكرسة للثقافة الرجعية و الإرهاب و الجهل. السياسة المضادة للإيديولجية الإسلامية ليس إنتكاسة للعلمانية, لأنها توجه ضروري بمقتضى اللحظة التاريخية لسياسة مجابهة الإيديولوجية المكرسة للعداء و الكراهية للشعوب الأوروبية خاصة و شعوب العالم عامة.