فيروس كورونا في ضوء -رأس المال- لكارل ماركس


أحمد زوبدي
2023 / 4 / 28 - 02:47     

فيروس كورونا في ضوء "رأس المال" لكارل ماركس/

قراءة سريعة في مقال وسام سعادة : قراءة "رأس المال" في موسم كورونا، القدس العربي، ٥ أفريل ٢٠٢٠.


( إلى الفقيد كوسطاص فيرغوبولوس
(جامعة باريس ٨)).

خلص كاتب عنوان المقال أعلاه، اللبناني وسام سعادة، على أن فيروس كورونا سوف لن يدمر الرأسمالية لأنه ببساطة، بقول سعادة، ليس هو مصاص الدماء. مصاص الدماء، كما قال كارل ماركس، هو رأس المال، أي الوقت الميت أو العمل الميت، على حد تعبير صاحب "رأس المال" (le temps ou le travail mort).
وبذلك فالرأسمالية سوف لن تنهار يزعم الكاتب سعادة لأنها لديها كل القوة للتكيف مع الأزمات أو قل أنها توظف الأزمات لتستمر. وبما أن كوفيد-١٩ لا يمس مباشرة رأس المال، فإن الأمور تمر في الصمت وأن النظام الرأسمالي سيتخطى بتفوق، يقول الكاتب اللبناني، هذه المحنة.
شكرا سعادة على هذه القراءة الممتعة، لكن لقد غاب عنك أن كارل ماركس شرح حدود الرأسمالية وأكد على زوالها من خلال زاويتين.
الزاوية الأولى، هي الاستلاب السلعي أي أن رأس المال لا يمكن أن يستمر دون سرقة ( vol، كلمة واردة في" رأس المال") نصيب العمل( الوقت أو العمل الحي، le temps ou le travail vivant، فضلا على أن العمل هو المنتج الوحيد للقيمة بما فيها رأس المال) في عملية الإنتاج ويكتفي بإعطائه ما يسمح للعامل بالاستمرار أي البقاء على قيد الحياة وإعادة إنتاج قوة العمل من خلال النسل. كما أن تكيف الرأسمالية مع الأزمات لا يمر دون إبادة الشعوب.
النظام الرأسمالي، في هذه اللحظة، سيجد صعوبات جمة لتجاوز أزمة كوفيد-١٩، وهو ما سيتسبب له في مشاكل لإنتاج فائض القيمة بل لتحقيق هذا الفائض أي تحويله إلى ربح عن طريق التبادل (عملية البيع)، الذي أشار إليه المنظر الألماني كارل ماركس في المرحلة الثانية/ الزاوية الثانية .
الزاوية الثانية، هي أن كارل ماركس قام بعرض جد مستفيض لسيرورة processus رأس المال ولاحظ رياضيا أن معدل الربح ( معدل الربح = فائض القيمة /( رأس المال المتغير + رأس المال الثابت) ) في كل القطاعات يتجه نحو الميل إلى التناقص (baisse tendancielle du taux de profit).
كوفيد-١٩ من وجهة نظر ماركس وليس الماركسية، معناه أن الرأسمالية دخلت في أزمة اقتصادية، ستكون لها عواقب سياسية واجتماعية وخيمة أي أن الكثير من الحكومات في دول الإمبريالية سترحل و الكثير من الأنظمة الرجعية في دول الجنوب ستعرف مواجهات انتفاضية مع شعوب هذه الدول ليتم إسقاطها.
ما بعد كوفيد-١٩، سيطرأ تغيير فلسفي وثقافي و على جميع المستويات النظرية وفي الممارسة في أفق بلورة نماذج جديدة تستجيب لمشاكل روح العصر التي خلقها هذا الوباء الذي أربك الجميع وأحدث خلخلة قوية في البنيات السائدة ستحل محلها بنيات جديدة متقدمة إن لم يكن صعود فاشستيات تدفع العالم إلى التراجع إلى الوراء وإلى مآسي أفظع.

( د. أحمد زوبدي، أكاديمي من المغرب).