شذرات تأمل خاطفة من أجل إعادة بناء اليسار


أحمد زوبدي
2023 / 4 / 22 - 04:48     

شذرات تأمل خاطفة من أجل إعادة بناء اليسار /


يعرف اليسار في المغرب في الوقت الراهن تشرذما غير مسبوق بسبب عاملين رئيسيين اثنين :
الأول يتعلق بالخصوص بغياب مشروع فكري يضع الحجر الأساس للتنظيم لأجل تجاوز البنية التقليدية التي تجوزت بسبب التحول الذي عرفه المجتمع والسلطة والاقتصاد، إلخ. أصبح هذا اليسار عاجزا عن فهم الواقع لأنه بقي متقوقعا في التنظيم السياسي والفكر والأيديولوجية الذين يتطلبون الحفر في جديد التفكير والممارسة..
في ما يتعلق ببناء اليسار ممارساتيا، وهو العامل الثاني، تطرح اليوم معضلة تجميع أطياف متعددة التوجهات الفكرية و الأيديولوجية لبناء فيدرالية اليسار الديموقراطي الموسعة. أعتقد أنه عوض التشبت بالمواقف التي تفرق يجب الدعوة إلى تفكيكها لتنصهر في النواة المشتركة.
صحيح أن التوفيق بين رؤى متعددة والتوافق هو عمل يتطلب الكثير من الطاقة الفكرية والسياسية، لكن لا بد من تغليب القاسم المشترك على حساب أوجه الاختلاف.
من زاوية أخرى، للأسف الشديد، وقد سبق لي أن ناقشت رفاقا في النهج الديموقراطي الذين يرفضون من جهة أطروحة (أقول أطروحة ) الملكية البرلمانية، التي أرى فيها مشروعا تقدميا ليس من السهل تحقيقه إذا أخذنا في الاعتبار موازين القوى القوية أي الإمبريالية والصهيونية التي تساند القصر من أجل ضمان مصالحها أولا وليس مصالح هذا الأخير الذي عليه ليستمر أن يقبل بنظام شبيه بالأنظمة الملكية الديموقراطية مثل الجارة اسبانيا وانجلترا وبلجيكا وغيرها من الملكيات التي سلكت هذا المنحنى الذي ضمن لها البقاء.
الأطروحة الثانية في ما يخص النهج الديموقراطي العمالي هي قضية الصحراء إذ يتشبت هذا الحزب بمشروع تقرير المصير الذي في اعتقادي سيكرس وجود الكانطونات في عالم يتوجه إلى بناء التكثلات، وهو ما أكد عليه لينين وقتها أي أن تقرير المصير لا يكون سليما إلا إذا كانت الدولة-الأم تقوم بالتنكيل وتمارس العنف اتجاه الجهة الأخرى، فضلا على أن تحرير الصحراء رهين ببناء الديموقراطية، وهو مشروع تشبت به اليسار المتعدد في المغرب منذ أن طرح هذا المشكل، و الذي له اليوم راهنية بالغة الأهمية أي التغيير الجدري في اطار النضال الديموقراطي والذي ليس بالضرورة المشاركة في الانتخابات.
عن الاستفتاء، يمكن القول أنه مشروع جدير بالاهتمام، لكن هل الأطراف المعنية كفيلة بتوفير شروط تطبيقه ؟
تبقى المشاركة في الانتخابات التي أرى على أنها رهينة بتوسيع القاعدة الشعبية عوض الكراسي الهزيلة والفارغة، وهنا يكون النهج الديموقراطي العمالي على حق ! وهنا تكون، من جهة أخرى، الفدرالية المندمجة قد أخفقت في هذا الباب.
من ناحية أخرى، في ما يخص الفدرالية وعلاقتها باليسارات المعتدل و الجذرية، لا بد من تفكيك الماركسية والإشتراكية الديموقراطية لمحاولة الوصول إلى إطار نظري مشترك يحافظ على إيديولوجية الإشتراكية الجديدة أو اشتراكية القرن ال21 أو الإشتراكية المدنية أو اشتراكية الأنوار ( التأكيد مني) حسب القاموس المتداول اليوم.
تفكيك الماركسية لا يعني إلغاؤها بل إيجاد صيغ جديدة لفهم الواقع وتغييره. تفكيك الإشتراكية الديموقراطية يعنى الارتقاء بها في اتجاه الماركسية المتجددة.
أعتقد أن هذا المشروع الفكري و الأيديولوجي صعب وشاق جدا، لكن لا محيد عن الاجتهاد لأجل تدشين الجديد على أن اليسار المتوخى سيختلف عن اليسار التقليدي.

أحمد زوبدي