جغرافية ومناخ الوطن العربي


مصطفى العبد الله الكفري
2023 / 4 / 13 - 02:25     

يتكون الوطن العربي من عشرين دولة مستقلة (بالإضافة إلى دولة فلسطين) تتوزع على أربع مجموعات شبة إقليمية هي:

– دول الشرق الأدنى وهي: الجمهورية العربية السورية، الجمهورية اللبنانية، المملكة العربية الأردنية الهاشمية، والجمهورية العراقية.
– دول وادي النيل وشرق إفريقيا وهي: جمهورية مصر العربية، جمهورية السودان، جمهورية الصومال الديمقراطية، وجمهورية جيبوتي.
– دول شمال إفريقيا وهي: الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية، الجمهورية التونسية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، المملكة المغربية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية.
– دول شبة الجزيرة العربية وهي: المملكة العربية السعودية، الجمهورية اليمنية، دولة الكويت، دولة البحرين، دولة قطر، سلطنة عمان، الإمارات العربية المتحدة (وتضم سبع إمارات هي: أبو ظبي، دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، رأس الخيمة، والفجيرة).

أولاً – جغرافية الوطن العربي:
الوطن العربي ذو موقع جغرافي استراتيجي هام، ويصل امتداده من الغرب إلى الشرق حوالي 6000 كيلو متر ومن أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال 5000 كيلو متر.
ويطل الوطن العربي على المحيط الأطلسي والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي، ويسيطر على أهم ثلاثة ممرات مائية من وجهة نظر الملاحة والتجارة الدولية، وهي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي، وهو يتحكم في أربعة مواقع بحرية بالغة الأهمية هي: مضيق جبل طارق وقناة السويس ومضيق باب المندب ومضيق هرمز.
– تضاريس الوطن العربي: يتميز الوطن العربي بالأشكال التضاريسية المتنوعة والتي تشمل الجبال والمرتفعات والهضاب والسهول والصحارى والأنهار والبحيرات والسواحل.
الهضاب متوسطة الارتفاع: تنتشر هذه الهضاب في معظم أرجاء الدول العربية، ويتراوح متوسط ارتفاعها بين 500 م و1500 م، وتتميز بسطحها الهضبي الذي يغلب عليه الاستواء، ويتخلل تلك الهضاب كثير من المنخفضات التي ترجع إلى عامل التعرية الهوائية.
الجبال والمرتفعات: تنتشر الجبال في أرجاء الدول العربية حيث نجد الجبال الالتوائية الشاهقة حديثة التكوين كجبال الأطلس في المغرب العربي، وسلاسل جبال زغروس في العراق، ومرتفعات عمان في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، وهناك السلاسل القديمة المقطعة وهي جبال انكساري قديمة جداً تأثرت بعوامل التعرية، وتتمثل في مجموعة سلاسل جبال البحر الأحمر في مصر والسودان، ومجموعة سلاسل جبال الحجاز وعسير ومرتفعات اليمن ومجموعة سلاسل جبال الشام.
ج- السهول: ينتشر نوعان من السهول في الدول العربية هما: السهول الفيضية والسهول الساحلية. وتشمل السهول الفيضية سهول وادي النيل وسهول دجلة والفرات، ويختلف اتساع سهول وادي النيل من مكان إلى آخر، فبينما تتسع وتصبح على شكل مروحة في جنوب السودان، نلاحظ أن مجموعة سهول بحر الجبل وبحر الغزال تمتد لتشمل سهول النيل الجنوبي، وتبدأ بالاتساع بعد أسوان ثم تتسع أكثر حتى تبلغ الدلتا.

د- الأنهار: في الدول العربية ثروة مائية كبيرة، وإن كان توزعها بين أقطاره غير متكافئ، وهذه الثروة تتكون من أنهار داخلية، محصورة في كل قطر من أقطاره، ومن أنهار تمتد عبر أكثر من دولة، سواء نبعت في الدول العربية أو جرت عبرها، وأشهر هذه الأنهار:

نهر النيل: الذي يبلغ طوله بين منبعه، عند بحيرة فكتوريا، ومصبه في البحر الأبيض المتوسط 6700 كلم، وهو يخترق تسع دول إفريقية هي: بوروندي، روندا، تانزانيا، أوغندة، كينيا، زئير، الحبشة، السودان، ومصر.
نهر السنغال: طوله 1700كلم، وهو يتكون من رافدين أساسيين في غينيا، ثم يخترق موريتانيا، ويصب في المحيط الأطلسي.
نهر الفرات: وطوله 2780 كلم، وهو ينبع في تركيا، ثم يخترق سوريا، قبل أن يلتقي بنهر دجلة في العراق، حيث يجريان معاً ليصبا في شط العرب.
نهر العاصي: وطوله 570 كلم، وهو ينبع في لبنان ويخترق سوريا، ليصب في خليج اسكندرونة.
نهر الأردن: وطوله 360 كلم، وهو ينبع من سفوح جبل الشيخ ويخترق الأراضي اللبنانية والسورية والأردنية والفلسطينية ليصب في البحر الميت.
ه – الصحارى: تغطي الصحراء مساحة كبيرة من الدول العربية، في الشطر الإفريقي وفي الشطر الآسيوي منه. وتجدر الإشارة إلى أن معظم مناطق التعدين في الدول العربية تقع في جهات صحراوية فقيرة في مياهها ونباتاتها وثروتها الحيوانية وسكانها، كما تفتقر تلك الجهات إلى سبل المواصلات السهلة، السريعة، الرخيصة. وقد أدى اكتشاف النفط واستخراجه في المناطق الصحراوية إلى اجتذاب القوى العاملة وزيادة عدد السكان وارتفاع كثافتهم كما أدى إلى نشأة مراكز عمرانية لم يكن لها وجود قبل اكتشاف النفط واستغلال الموارد الطبيعية الأخرى.

و) سواحل الدول العربية: يطل الوطن العربي على بحار ومحيطات وخلجان وسواحل يزيد طولها عن 14 ألف كيلو متر، وأهم هذه السواحل سواحل البحر الأحمر والمحيط الهادي وبحر العرب والخليج العربي، وسواحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي: وهو أطول السواحل العربية وأهمها، وتمتد من خليج اسكندرونة في الجمهورية العربية السورية حتى مضيق جبل طارق على البحر الأبيض المتوسط، ومن مضيق جبل طارق في المملكة المغربية حتى مصب نهر السنغال على المحيط الأطلسي.

أما الجزر القريبة من سواحل البحر فأهمها جزيرة أرواد الواقعة على بعد ثلاث كيلومترات غرب طرطوس في الجمهورية العربية السورية، ويعيش أهلها على الملاحة وصيد الأسماك وبناء السفن الشراعية الصغيرة، وجزيرة قرقنة وجزيرة جربا الواقعتان على الساحل الشرقي للجمهورية التونسية، ويشتغل أهلها بالصيد البحري والسياحة، كما أن وجود رصيف قاري ممتد في المحيط الأطلسي إلى مساحات واسعة جعل السواحل العربية المطلة على المحيط الأطلسي غنية بثرواتها السمكية.

ثانياً – مناخ الوطن العربي:

يقع القسم الأكبر من الدول العربية داخل المنطقة المدارية الحارة، وهناك مساحة محدودة من أرضه تشغل هامشاً في نطاق المنطقة المعتدلة الدافئة، وقد نتج عن ذلك تنوع في درجة الحرارة مما ساعد على نمو النباتات الاستوائية في الجنوب والنباتات التي تنمو في مناخ معتدل في الشمال، كما ساعد الارتفاع في الشمال على نمو نباتات المناطق الباردة فوق المنحدرات وقمم الجبال، وقد انعكس تنوع المطر من حيث كميته ونظام سقوطه على النباتات بصفة عامة إذ يتدرج في الغنى والتنوع من الوسط نحو الشمال ونحو الجنوب. ويمكن تقسيم الدول العربية إلى أقاليم مناخية كبرى هي:

إقليم البحر الأبيض المتوسط (نطاق المطر الشتوي): يوجد هذا الإقليم في الأطراف الشمالية للوطن العربي على امتداد خط الساحل، وهو يتميز بانقسام السنة إلى فصلين متميزين: شتاء معتدل يتميز بتساقط المطر وصيف حار يتميز بالجفاف، ويتركز سقوط المطر في الشتاء في أشهر ديسمبر ويناير وفبراير (كانون الأول، كانون الثاني، شباط).
الإقليم المداري (نطاق المطر الصيفي): يوجد هذا الإقليم في الأطراف الجنوبية للوطن العربي كما في السودان وفي المركز الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، ويتميز الإقليم السوداني في الوطن العربي الإفريقي بارتفاع درجات الحرارة على مدار السنة، ويتركز الفصل الماطر في أشهر الصيف من يونيو إلى أكتوبر (حزيران إلى تشرين الأول). أما إقليم المطر الصيفي في شبه الجزيرة العربية فيتميز بانقسام السنة إلى فصل حار مطير وفصل جاف يقع في أشهر الشتاء ويتميز بانخفاض الحرارة.
الإقليم الصحراوي (النطاق الجاف): يوجد هذا الإقليم في القسم الأكبر من مساحة الدول العربية وهو يشمل الصحراء الإفريقية الكبرى وامتدادها في الجزيرة العربية، ويمثل هذا الامتداد الهائل أضخم امتداد للصحراء الحارة في العالم وتقع مساحة جمهورية الصومال الديمقراطية في ذلك الإقليم، ويتميز هذا الأخير بارتفاع شديد في درجات الحرارة في أشهر الصيف، وبانخفاضها الملحوظ في أشهر الشتاء، وبالجفاف شبه التام، فلا يسقط من المطر إلى النزر اليسير، وثمة احتمال لسقوط المطر القليل في الهوامش الشمالية شتاء وفي الهوامش الجنوبية صيفاً.
يؤدي عامل المناخ دوراً بارزاً في نمط توزع السكان في الدول العربية، فثمة ارتباط وثيق بين توزع السكان والتوزع السنوي للأمطار في الدول العربية، فالمناطق الصحراوية التي تقل فيها كمية المطر التي تهطل سنوياً عن عشرة ملليمترات تكاد تمثل المناطق غير المعمورة التي تقل فيها كثافة السكان. إلا أن السكان يتجمعون وترتفع كثافتهم في بعض المناطق قليلة المطر إذا توافر الماء من مصادر أخرى غير المطر سواء ما كان على شكل مياه سطحية، أو مياه جوفية كما في وادي النيل.

وبما أن الأطراف الجنوبية للوطن العربي تقع في صميم الإقليم المداري، وتقع أطرافه الشمالية في الإقليم المعتدل الدافئ، فقد أدى هذا تنوع الغلات الزراعية فيه كالقطن والأرز وقصب السكر والقنب، كما تجود في بعض جهاته الأخرى غلات المنطقة الانتقالية التي تتطلب حرارة معتدلة كالقمح والشعير.