هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...


محمد الحنفي
2023 / 4 / 10 - 22:16     

إهداء إلى:

ـ الرفاق المستمرين في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

ـ الغاضبين على حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بقيادة الكتابة الوطنية السابقة، قبل الاندماج القسري، بدون شروط.
ـ المجمدين لعضويتهم قبل الاندماج، من أجل استعادة عضويتهم، والمساهمة في تفعيله وطنيا، وإقليميا، وجهويا، في حزب الطيعة الديمقراطي الاشتراكي.

ـ كل المناضلين، الذين انساقوا مع الاندماج، لتوهمهم بأنه سيستمر بنفس هوية حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وبنفس تأثيره في الواقع، وبنفس أثره على الحياة العامة.

ـ من أجل استمرار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بنفس الهوية الاشتراكية العلمية، والعمالية، وبنفس الأيديولوجية المبنية على اساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية.

ـ من أجل جعل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي: حزبا ثوريا قويا.

ـ من أجل بناء مجتمع التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كما خطط لذلك الشهيد عمر بنجلون.

محمد الحنفي

تقديم:

لقد كتبت، وكتبت، وكتبت، عن الأمل في فيدرالية اليسار الديمقراطي، على أساس أن انبثاق حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: اللجنة الإدارية الوطنية، التي كان يقودها حينذاك، الرفاق: أحمد بنجلون، وعبد الرحمن بنعمرو، ومحمد بوكرين، والطيب الساسي، وعرش بوبكر، ومبارك المتوكل، الذين منهم من فقدناهم، ومنهم من لا زال على قيد الحياة، لا يمكن أن تنخرط في عمل غير محسوب، وغير دقيق، حتى لا ندوس تاريخنا النضالي، المليئ بالتضحيات العظيمة، إلى درجة الاستشهاد.

وقد كان من اللازم، أن نحتفظ لتلك التضحيات، ولأولئك الشهداء، بالذكريات الجميلة، باعتبار تلك التضحيات، وباعتبار أولئك الشهداء، مصدر قوتنا، ونبراس عملنا المتواصل، في بناء أداة التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وهذا التوجه، المشار إليه، هو الذي يوقعنا في الاصطدام بالتراجعات الكبيرة، التي تصدمنا، في كل محطة، من المحطات الرئيسية، التي تعرفها الحركة اليسارية بصفة عامة، وحركة ما بعد 8 ماي بصفة خاصة، التي تعني الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ـ اللجنة الإدارية الوطنية، كما تعني حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كامتداد للحركة الاتحادية الأصيلة، وحركة التحرير الشعبية.

فتبني الاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، كما كان يقول الشهيد عمر بنجلون، كان يهدف إلى بناء الأداة الثورية، على أساس اقتناع هذه الأداة، بأيديولوجية الطبقة العاملة، الهادفة إلى بناء: حزب الطبقة العاملة، الذي من مهامه: قيادة الطبقة العاملة، وباقي الأجيرات والأجراء، وسائر الكادحات والكادحين، وحلفائهم جميعا، في اتجاه النضال المستميت، من أجل: التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

وبناء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ليس أمرا سهلا، بل لا بد من قيام الاقتناع أولا: بالاشتراكية العلمية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج، التي بدونها، يصعب بناء حزب الطبقة العاملة، باعتباره الحزب الثوري، الذي بدونه، لا يوجد أي حزب، يمكن أن يقود النضال بصدق، إلى النهاية، من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية، التي سطرها الشهيد عمر بنجلون، في مقدمة التقرير الأيديولوجي، المقدم إلى المؤتمر الاستثنائي، في يناير سنة 1975.

وحتى نوفي الموضوع حقه، سنتناول في معالجة موضوعنا:

هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟

ـ مفهم 8 ماي.
ـ 8 ماي قطع للطريق، أمام الانتهازية اليمينية، بالخصوص، التي تسربت إلى الحركة الاتحادية الأصيلة، وعملت على إفسادها، من أجل إرضاء المؤسسة المخزنية.

ـ 8 ماي، إعلان لتبني الوضوح الأيديولوجي، بدل التضليل، والتضبيب الأيديولوجي، الذي كان سائدا في الحركة الاتحادية الأصيلة. والوضوح التنظيمي، والوضوح السياسي، والتزام الانكماش التنظيمي، كتعبير على عدم صلاحية 8 ماي، للتأثير في الواقع المغربي، وكإصرار على التخلي عنه، بالإضافة إلى الانسياق وراء الأوهام، في تدبير حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من أجل إقبار طموحات الشباب، والعمل على تحقيق أوهام الشيوخ، التي قادت إلى إقبار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، فيما تمت تسميته بالحزب الاشتراكي الكبير، الذي صار يحمل اسم حزب: فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي تم الإعداد له، من الأعلى، كما تعبر عن ذلك التقارير الصادرة عن مؤتمر الاندماج، التي لا وجود فيها: إلى أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كان حاضرا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاندماجي، لمناقشة المشاريع التي تحولت، بقدرة قادر: إلى تقارير صادرة عن المؤتمر الاندماجي. وعدم الثبات على المبدأ تفريط في التنظيم.

ـ الانتقال من واقع 8 ماي، إلى واقع اللا تنظيم، والانخراط في البحث عن البديل التنظيمي، اللا اشتراكي، اللا علمي.

ـ التنظيم المفتوح، ليس كالتنظيم المغلق، لأن التنظيم المغلق: بوابة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كحزب اشتراكي علمي: ثوري، بينما نجد أن التنظيم المفتوح: بوابة الانصهار في الاختيار اللا اشتراكي، اللا علمي، واختيار الانخراط في ديمقراطية الواجهة، اختيار لا اشتراكي، لا علمي.

ـ الالتزام باختيار التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، اختيار ثوري أبدي.

ـ وهل هناك أمل في المستقبل القريب، والمتوسط، والبعيد؟

ـ وهل ينبثق عن هذا الشكل من الصراع، حزب ثوري حقيقي؟

وهل يؤدي هذا الحزب الثوري، دوره لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

وهل يبقى أمل الشعب المغربي، في حزب الطبقة العاملة؟

ويقينا منا، بمعالجة الفقرات المشار إليها، ستتضح الكثير من الأمور، والأفكار، التي تجعلنا لا نتعاطى مع الصراع اليساري الواضح، واليساري غير الواضح، خاصة، وأن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بهذا الاندماج، انتقل من الوضوح الأيديولوجي، التنظيمي، السياسي، إلى مستوى اللا وضوح، لا ايديولوجيا، ولا تنظيميا، ولا سياسيا، لنصل إلى ضرورة مواجهة أنفسنا أولا، ومواجهة الواقع الذي نعيشه ثانيا، ومواجهة منظر الأمل في المستقبل، كما كان يراه حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وكما يحلم به الحزب الاندماجي الجديد، حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.

مفهوم 8 ماي:

إن مفهوم 8 ماي، مفهوم عميق، وواسع، ودلالته لا حدود لها. فهي تاريخية، راهنية، مستقبلية، ليست محدودة، لا في الزمان، ولا في المكان. واستفادتها من التاريخ حاضرة، كم أن استفادة التاريخ منها حاضرة، يمتد تأثيرها إلى المستقبل، الذي ينهل منها باستمرار، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. هدفها:

1 ـ تثبيت الاشتراكية العلمية، في فكر، وفي ممارسة الحركة، وجعل الالتزام بالمنهج الاشتراكي العلمي، من بنية المناضل اليساري، أنى كان، وكيفما كان، وأينما كان، في هذا الوطن، وفي غيره من الأوطان؛ لأن اليساري الحقيقي، لا يمكن أن يكون إلا متمرسا على الفكر الاشتراكي العلمي، وعلى المنهج الاشتراكي العلمي، ولا يمكن أن يكون إلا مستوعبا للاشتراكية العلمية، في تاريخيتها، وراهنيتها، ومستقبليتها، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج، ولا يمكن أن يكون إلا مساهما في تطور الاشتراكية العلمية، لا على قاعدة التخلي عنها، والتخلي عن مبادئها، وعن قيمها، وعن عدم السعي إلى تحقيق أهدافها، بل على قاعدة الاقتناع بالاشتراكية العلمية، والالتزام بمبادئها، وبفكرها، وبممارستها، وبمنهجها العلمي، وبالأيديولوجية المبنية على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وباعتبار تلك الأيديولوجية، أيديولوجية الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والاشتراكية العلمية، عندما تصير أساسا، في إيجاد أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، تصير، في نفس الوقت، مؤسسة للمستقبل، ولصيرورة المستقبل محتضنا للتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وموجهة للوعي بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تصير مسترشدة بالمنهج الاشتراكي العلمي، في التعامل مع تحولات الواقع، في تجلياته المختلفة، حتى يستطيع الوصول بها إلى تحقيق الأهداف، التي تسعى إليها، على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة، وعلى مستوى التغيير المنشود، المتمثل في تحقيق أهداف: التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

2 ـ بناء الحركة، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، التي تعتمد في بناء أيديولوجية الطبقة العاملة، التي تصير أيديولوجية للحركة، التي تعتمدها في إيجاد تصور تنظيمي، ينسجم مع تلك الأيديولوجية، وفي بناء المواقف السياسية، التي تعكس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وبالأيديولوجية القائمة على أساس الاقتناع بها، سعيا إلى التميز عن باقي الحركات القائمة في الواقع، أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، وعلى مستوى البرامج المفعلة، وعلى مستوى الأهداف المتحققة، أو التي تسعى الحركة إلى تحقيقها.

3 ـ إيجاد برنامج، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وبأيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، قابل للتفعيل، يستهدف:

ا ـ تكوين المناضلين، تكوينا علميا صحيحا، حتى يقوم على مواجهة كافة أشكال التحريف، التي تستهدف الحركة: أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا.

ب ـ تفعيل الإطارات الجماهيرية، التي يتواجد فيها المناضلون، أو التي ينشئونها، حتى يتم الارتباط، عن طريقها، بالجماهير الشعبية الكادحة.

ج ـ الحرص على توسيع التنظيم الاشتراكي العلمي، أفقيا، وعموديا، وتفعيل مختلف التنظيمات القائمة، في أفق تسييد الاشتراكية العلمية، في الواقع المغربي، وعلى جميع المستويات التنظيمية، والجماهيرية، من بنية المجتمع المغربي.

د ـ الحرص على الارتباط بالإطارات الجماهيرية، باعتبارها هي المدخل، للارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، وكذلك الحرص على الارتباط بالنقابات، باعتبارها مدخلا، للارتباط بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وباعتبارها إطارات جماهيرية. والارتباط بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعتبر تأكيدا للاقتناع الفعلي، والفكري، والممارسي، بالاشتراكية العلمية، التي تعتبر أساسا، لإيجاد أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يعملون على تمثل أيديولوجيتهم، والنضال من أجل إشاعتها في المجتمع، حتى تصير أيديولوجية للمجتمع ككل.

4 ـ تفعيل البرنامج، القائم على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، من أجل جعله مفعلا، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، التي تتفاعل معه، في أفق تطويره، من أجل التعامل مع الأوضاع الاقتصادية، والأوضاع الاجتماعية، والأوضاع الثقافية، والأوضاع السياسية، التي يجب الحرص، على أن تصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وهذه الأهداف، التي أتينا على ذكرها، لا ترضي البورجوازية، والإقطاع، كما لا ترضي البورجوازية الصغرى، المريضة بالتطلعات الطبقية، التي سرعان ما تغير مواقفها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، تبعا للجهة التي تسرع بتحقيق تطلعاتها الطبقية. والاشتراكية العلمية لا تسعى إلى ذلك، ولا تعمل على تحقيقه، بقدر ما تعمل على تحقيق طموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والبورجوازية الصغرى، المنتحرة طبقيا، تعتبر جزءا لا يتجزأ من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ينالهم ما ينال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وإذا كانوا يدعون أنهم يعتنقون الاشتراكية العلمية تظاهرا، مع الحرص في الواقع، على تحقيق التطلعات الطبقية، ومن موقع الانتماء إلى الحركة.

5 ـ بناء الحركة، القائمة أيديولوجيتها على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، تنظيميا، وسياسيا، حتى تصير قادرة على الفعل، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لتصير، بذلك، متميزة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وقادرة على تجاوز مختلف معيقات التقدم، والتطور، الذي يجعلها مقصد الشباب المتحرر، من قيود الرأسمال، مهما كان نوعه، سعيا إلى تقوية الحركة المقتنعة بالاشتراكية العلمية، الساعية إلى تحرير الإنسان، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروات المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، لتصير الحركة، على منهج الشهيد عمر بنجلون، مبدع الترسيمة التي عرف بها، وعرفت به، والمتمثلة في:

التحرير ـ الديمقراطية ـ الاشتراكية.

6 ـ الحرص على إشاعة الفكر الاشتراكي العلمي في المجتمع، سعيا إلى تسيير السعي إلى التحرير، وإلى تحقيق الديمقراطية، وتحقيق الاشتراكية، من أجل جعل المجتمع متحررا، وديمقراطيا، واشتراكيا، لقطع الطريق، أمام الاستمرار في نمو، وتجدد الرأسمالية الهمجية، والمتوحشة، التي لا تتقن إلا النهب: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وحرمان العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من الحقوق الإنسانية، والشغلية، لتعتبر تلك الحقوق، جزءا لا يتجزأ من الرأسمال، الذي يشغل به المحرومين من تلك الحقوق الإنسانية، والشغلية، مما يجعل القهر، بدلالته المختلفة، يلاحق الكادحين، مهما كان لونهم، مما يجعل إشاعة الفكر الاشتراكي العلمي، تقوم بدور أساسي، في محاصرة الحرمان، الذي يتعرض له العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

7 ـ العمل على توعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، انطلاقا من المنهج الاشتراكي العلمي، الذي فرضه الشهيد عمر بنجلون، في إطار الحركة الاتحادية الأصيلة، وسار على نهجه الفقيد أحمد بنجلون، القائد الطليعي، والأممي، الذي فقدت الحركة، بموته، الكثير، ليصير المجال مفتوحا للانتهازيين، الذين عاثوا في الحركة الطليعية فسادا، وعملوا على تذويبها، في إطار ما صار يعرف بحزب فيدرالية اليسار، الذي لا وجود لأي أثر لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في التقارير الصادرة عن المؤتمر.

8 ـ الاستماع إلى الحركات المقتنعة بالاشتراكية العلمية، وطنيا، وقوميا، وعالميا، من منطلق أن الحركات المقتنعة بالاشتراكية العلمية، تتقوى ببعضها البعض، من أجل أن تتسع دائرة شيوعها وطنيا، وقوميا، وعالميا، لتصير الحركات المقتنعة بالاشتراكية العلمية، أكثر قوة، في فلسفتها، وفي علمية فكرها، وفي منهجيتها، مؤثرة، بالخصوص، في صفوف الشابات، والشباب، وفي صفوف جميع أفراد المجتمع، مع الاحترام التام، لجميع المعتقدات، التي تجرنا إلى تسفيه أفكارها، بل إلى إهمال الدخول معها في نقاش غير منتج، وغير مطور، لا للفكر، ولا للممارسة، لأن ما يهم الحركات المقتنعة بالاشتراكية العلمية، هو إقناع الناس جميعا، وفي مقدمتهم المثقفون، المنتجون للوسائل التثقيفية المختلفة، التي تساهم بشكل كبير، في إشاعة الفكر العلمي، من مستهلكي تلك الوسائل، التي لا تدخل، أبدا، في تسفيه الغيبيات، التي لا داعي إلى مناقشتها، أصلا، حتى لا نعطي الفرصة للتوجهات الظلامية، من أجل الرد على تسفيه الفكر العلمي، للفكر الغيبي.

وهكذا، نكون قد وقفنا على السمات العامة لدلالة 8 ماي 1983، تلك السمات، التي تجعل محطة 8 ماي، لا تتكرر، أبدا، حتى وإن عرف بعض منجزيها، الانسياق وراء أوهام حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي لا علاقة لعقد مؤتمره التأسيسي، بما هو علمي، أبدا، وهو ما يمكن اعتباره ارتدادا إلى ما قبل 8 ماي 1983، وطعنا في فكر الشهيد عمر بنجلون، والفقيد أحمد بنجلون، الذي قضى، وهو يحرص على أن تكون الاشتراكية العلمية، مصدر الفكر الاشتراكي العلمي، والممارسة العلمية.

8 ماي، لقطع الطريق أمام الممارسة الانتهازية:

ومعلوم أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في 8 ماي 1983، كان مليئا بزمرة من الانتهازيين، الذين كان همهم الوحيد، هو التخلي، وبصفة نهائية، عن أيديولوجية الطبقة العاملة، التي تبناها الحزب، في المؤتمر الاستثنائي، المنعقد في يناير 1975، مما جعل البورجوازية الصغرى الانتهازية، المنتمية إلى الحزب، ترى أن تبني الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، للاشتراكية العلمية، يجب أن يواجه، فكانت اللقاءات المركزية، والإقليمية، والجهوية، تعرف صراعا مريرا، بين التوجه الاشتراكي العلمي، وبين اليمين الانتهازي، الذي يسعى إلى الإجهاز على الاشتراكية العلمية، والتخلص منها، فكانت الدعوة إلى اللجنة المركزية، دون علم كل أعضاء اللجنة المركزية، المنتسبين للاشتراكية العلمية، والذين علموا بذلك، فسارعوا إلى الحضور في موعد الاجتماع، فمنعوا من الدخول، بسبب وجود عصابة، يحمل أفرادها الهراوات، فكان الحوار بينهم، وبين المنتمين إلى التوجه الاشتراكي العلمي، كاختيار للشهيد عمر بنجلون، الذي أقنع به المؤتمر الاستثنائي، في يناير 1975، وتم استدعاء الشرطة، التي اعتقلت 34 مناضلا حزبيا، منهم أعضاء اللجنة الإدارية، الذين شكلوا داخل السجن، الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية الوطنية، وأصدروا بيانا حينها، وتم طرد المكتب السياسي، الذي كان يقوده عبد الرحيم بوعبيد، وبقي الحزب يحمل اسم: الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية الوطنية، إلى أن تم تغيير الاسم، باسم: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

وزمرة الانتهازيين، تنفسوا الصعداء، عندما لم يعد من بينهم من يعتنق الاشتراكية العلمية، الذين صاروا جميعا، ينتمون إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وعملوا على بناء التنظيمات المحلية، والإقليمية، والجهوية، التي عملت على جعل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، يرتبط بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يعملون على تشرب الفكر الاشتراكي العلمي، وعلى تشرب الممارسة النضالية، التي لا علاقة لها بالانتهازية، التي تستثمر ممارستها، في كل الإطارات، من أجل أن تستفيد، ومن أجل الظهور بمظهر المناضل الوفي، حتى يبقى مندسا في الإطارات المناضلة، دون أن يقدم أية تضحية، تقتضيها شروط معينة، من أجل أن يستمر الإطار، ومن أجل أن تكون التضحية اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية.

وإذا كان اليمين الانتهازي، قد بقي مرتبطا باليمين، في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ـ المكتب السياسي، حين ذاك، فإن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لم يسلم، بدوره، من تسرب الانتهازيين إلى صفوفه، وخاصة منهم: المرضى بالتطلعات الطبقية، الذين يعتبرون أنفسهم هم الحزب، والحزب هم، وما يقبلون على فعله، من ممارسات تحريفية، لا يكون إلا باسم الحزب، وما حصل في العلاقات، التي اقتضتها ظروف انعقاد مؤتمر الاندماج، كان من أجل التخلي عن الاشتراكية العلمية، كما تعبر عن ذلك المشاريع المقدمة إلى المؤتمر، لتعوض الاشتراكية العلمية، بالاشتراكية البيئية، وبقيت كما هي، لتعتبر تقارير صادرة عن مؤتمر الاندماج، في مركب بوزنيقة، الذي تم فيه طرد الرفيقة حكيمة الشاوي، والرفيقة فطومة توفيق، من الكتابة الوطنية، الذي يعد انتصارا للبورجوازية الصغرى، على التوجه الاشتراكي العلمي، في آخر مؤتمر استثنائي، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حتى لا تتواجدا في المكتب السياسي، لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، لتصير البورجوازية الصغرى، المندسة داخل الحزب، منتصرة على التوجه الاشتراكي العلمي، مع فارق واحد، هو أن محطة 8 ماي 1983 عرفت اعتقال 34 مناضلا، ومحاكمتهم، وأن محطة المؤتمر الاستثنائي، لم تعرف إلا طرد كل من تمسك باستمرار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

8 ماي، إعلان للوضوح الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي:

ونظرا لانعدام الوضوح الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، الذي كان يسود حينذاك، في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قبل 8 ماي 1983، فإن حركة 8 ماي 1983، جاءت، حينذاك، بمثابة إعلان عن قيام حركة، تتميز بالوضوح الأيديولوجي/ والوضوح التنظيمي، والوضوح السياسي، وبالقطع النهائي، مع عدم الوضوح، الذي كان سائدا أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا؛ لأن المؤتمر الاستثنائي، حسم مع اللا أيديولوجية، ومع اللا تنظيم، ومع الموقف السياسي غير الواضح، واعتمد الاشتراكية العلمية، كأساس للأيديولوجية القائمة على أساسها، وتبنى التنظيم، المنسجم مع الأيديولوجية، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية. إلا أن الحركة الاتحادية، استمرت في التضليل الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، فكان لا بد من المواجهة، بين التوجه الاشتراكي العلمي، والتوجه المضلل، الذي يعيش، ويستمر على أساس ممارسة التضليل. هذه المواجهة، التي امتدت من المؤتمر الاستثنائي، ومرورا بالمؤتمر الوطني الثالث، إلى أن تم إنجاز محطة 8 ماي 1983 التي انبثق عنها:

أولا: استمرار التوجه اليميني الانتهازي المضلل، في الاتحاد الاشتراكي، المكتب السياسي حينذاك.

ثانيا: تحرر التوجه الاشتراكي العلمي، والحركة الاتحادية الأصيلة، كامتداد لحركة التحرير الشعبية، من هيمنة اليمين الانتهازي، في إطار ما صار يعرف بالاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية الوطنية، بقيادة الفقيد أحمد بنجلون، والرفيق عبد الرحمن بنعمرو.

وهذا الحسم، الذي أنتجته 8 ماي 1983، أنتج للحركة الاتحادية الأصيلة:

1 ـ الوضوح الأيديولوجي، المتجسد في الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي.

2 ـ الوضوح التنظيمي، القائم على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، والذي وضع تصوره: الشهيد عمر بنجلون.

3 ـ الوضوح السياسي، القائم على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بالمنهج الاشتراكي العلمي، الذي يعرفه المغرب، فيكون الموقف منه واضحا، وضوح الشمس في كبد السماء، مما يجعل الشعب المغربي، الذي يتتبع كل ما يجري، ويرتاح إلى الموقف العلمي، الذي يعتبره موقفه، فيدافع عنه، ويعمل على تمثله، على جميع المستويات.

وإذا كان الوضوح أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، هو الحاسم مع التوجه اليميني، في الاتحاد الاشتراكي ـ المكتب السياسي، فإنه يعتبر كذلك، هو المحدد للإطارات الجماهيرية، التي تتواجد فيها الإطارات السياسية، التي يتم التعامل معها، على أساس الاحترام المتبادل، للأيديولوجية، وللتصور التنظيمي، وللتصور السياسي، القائم على أساس الأيديولوجية/ والتنظيم، المنسجمين انسجاما علميا.

واعتبار الحسم مع اليمين الانتهازي، وتحديد الإطارات، التي تقتضي منا العمل فيها، كإطارات جماهيرية، وتحديد التنظيمات السياسية، التي نتعامل معها، على أساس الاحترام المتبادل: تنظيميا، وأيديولوجيا، وسياسيا، كأفضل وسيلة، للعمل على الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، والتواصل مع الإطارات التي تتقاطع معها أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا.

الانسياق وراء الأوهام، في تدبير حزب الطليعة:

إنني هنا لا أتكلم عن ماضي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان يقوده الفقيد أحمد بنجلون، والرفيق عبد الرحمن بنعمرو، قبل المؤتمر الوطني الرابع، وبعده، ولا عن ماضي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان يقوده الفقيد أحمد بنجلون، ولا عن ماضي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان يقوده الرفيق عبد الرحمن بنعمرو، بقدر ما أتكلم عن مرحلة ما بعد قيادة الفقيد أحمد بنجلون، وما بعد قيادة الرفيق عبد الرحمن بنعمرو، فالمؤتمر وطني الثامن، أفرز لنا قيادة جديدة، عرف الحزب في عهدها، تحولا عميقا: أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، خاصة، وأن أهم ما يحدث نقاشا عميقا داخل الحزب، تم سحبه من الحزب، ليصير من اختصاص فيدرالية اليسار الديمقراطي، ويتعلق الأمر بالقضية الوطنية، أو قضية الصحراء المغربية، والانتخابات، والمسألة الدستورية، الأمر الذي قيد الحزب، وجعله لا يتحرك إلا في حيز ضيق، لا يتم فيه التداول، عما هو أيديولوجي، وعما هو سياسي، وعما هو تنظيمي، الأمر الذي ترتب عنه: تراجع أيديولوجي، وتراجع على مستوى التصور التنظيمي، وتراجع على المستوى السياسي، في نفس الوقت. وهذا التراجع الواضح، ترتب عنه: ذبول التنظيم الخلوي، وشيوع فوضوية التنظيم، واعتبار التنظيم الخلوي، غير مفيد، وغير صالح للحزب، فكأن الشهيد عمر بنجلون، الذي كان يسعى إلى إيجاد تنظيم ثوري، كان يخبط خبط عشواء، وكأن الفقيد أحمد بنجلون، الذي كان يحرص على التمسك بمنهج الشهيد عمر بنجلون، كان يسعى إلى تحقيق مالا يتحقق، وكأن الرفيق عبد الرحمن بنعمرو، الذي خبر الواقع التنظيمي، واعتبر ما سعى إليه الشهيد عمر بنجلون، وما تمسك به الفقيد أحمد بنجلون، كان هو الصحيح.

وقد قال قولة رائعة، في تأبين الفقيد أحمد بنجلون، بعد أن تم دفنه في مقبرة الشهداء، بالرباط، جاءت، فعلا، معبرة عن حقيقة الفقيد أحمد بنجلون، الذي كانت إضافاته النظرية إلى الحركة الاتحادية الأصيلة، وإلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، نوعية، ونوعيتها تسعى إلى جعل الاشتراكية، نبتة أصيلة، في التربة المغربية، مما يجعلها من خصوصية المجتمع المغربي، الذي لا يحيد عنها، إلا بتغيير الواقع المغربي، تغييرا علميا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

وما جاء بعد الفقيد أحمد بنجلون، والرفيق عبد الرحمن بنعمرو، صار يفتقد العلمية، في الفكر، وفي الممارسة، وأصبحنا نسمع: أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، تم تأسيسه، وليس استمرارا للحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية. فكأن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لم ينبثق عن حركة 8 ماي 1983، التي جاءت من أجل التمسك بالاشتراكية العلمية، كأساس لبناء أيديولوجية الطبقة العاملة، وكأساس لإيجاد التصور التنظيمي للحزب الثوري، الذي كان يحرص الفقيد أحمد بنجلون، على بنائه، وكان أساسا لاتخاذ المواقف السياسية، التي كان يتخذها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

وإنجاز محطة 8 ماي 1983، إعلان عن ضرورة بناء الحزب الثوري، الذي يهدف إلى تحقيق التحرير: تحرير الإنسان، والأرض، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية.

والأوهام، التي سقطت فيها الكتابة الوطنية السابقة، والمندمجة في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، هي نفسها الأوهام، التي كان يطرحها المكتب السياسي، سنة 1983، وقبلها، لتبرير انسياقه وراء الحكم، في إطار ما كان يسميه الفقيد أحمد بنجلون: بديمقراطية الواجهة، التي تختصر الديمقراطية في الانتخابات، التي تعتبر المشاركة فيها ضرورية، ولكنها ليست هي الديمقراطية، خاصة، وأن الديمقراطية، لا يمكن أن تكون إلا من الشعب، وإلى الشعب، أي الديمقراطية الشعبية.

ومعلوم أن الأوهام، لا تتحقق أبدا، ولا يمكن أن تتحقق. والحكم لا يمكن ان يعترف، أبدا، أن الانتخابات ليست هي الديمقراطية، وأنها لا تتجاوز أن تكون ديمقراطية الواجهة، التي تنشط فيها أسواق النخاسة، على المستوى الوطني، حيث ينشط بيع، وشراء ضمائر الناخبين، من أجل الوصول إلى المجالس الجماعية، أو إلى البرلمان، ليشرع كل عضو جماعي، أو برلماني، يمارس ممارسة من نوع آخر، لا علاقة لها بالممارسة الديمقراطية، كما يتصورها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ولا حتى بديمقراطية الواجهة. بقدر ما لها علاقة، بإنتاج أي شكل من أشكال الفساد، الذي لا يخدم إلا مصالح الأعضاء الجماعيين، أو البرلمانيين، الذين يسعون، انطلاقا من عضوية الجماعة، ومن عضوية البرلمان، من أجل السعي إلى تحقيق الثراء الفاحش.

طموحات الشباب وأوهام الشيوخ:

يقولون: عندما يحضر العلم، تتبخر الأوهام. والشباب ينهل من العلم، ويعمل دماغه، يتخلص من الأوهام، والشيوخ، ويعيشون على أوهام الماضي، التي يعتبرونها أوهام المستقبل، والأوهام، لا يمكن أن تتحول إلى حقيقة، إلا في ذهن الواهم، الذي يفتقد المنهج الاشتراكي العلمي، الذي يمكن من التحليل الملموس، للواقع الملموس، من أجل الوصول إلى خلاصات، تمكن من رؤية ما يجب عمله، من أجل تغيير الواقع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ومن أجل جعل الواقع يستجيب لطموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، سعيا إلى تحقيق طموحات الجماهير الشعبية الكادحة، وطموحات الشعب المغربي الكادح. وهذه الطموحات جميعا، تتمثل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، التي لا تعرف أي شكل من أشكال الفساد، وفيها تتحقق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وإقامة الدولة الاشتراكية.

والشباب، بطبيعة الحال، يسعى إلى التغيير، وإلى التحرير، كمظهر من مظاهر التغيير، وإلى تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تحل محل الاستبداد، ومحل ديمقراطية الواجهة، التي تعطي الشرعية للاستبداد، ولتزوير إرادة الشعب المغربي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية، التي تعمل على إقبار أوهام الماضي، وأوهام الحاضر، وأوهام المستقبل، وتخضع كل شيء في الواقع، إلى التحليل الملموس، للواقع الملموس، لاستنتاج ما يجب عمله، من أجل جعل البناء الاشتراكي، يعتمد التقدم، والتطور، في جعل الواقع متغيرا باستمرار، في اتجاه تحقيق مفهوم الإنسان، في المجتمع الاشتراكي، وفي بناء الاشتراكية، وفي إقامة الدولة الاشتراكية، وفي نبذ كل ما يتناقض مع مفهوم الإنسان، في المجتمع الاشتراكي، وفي تجاوز كل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعمل على جعل الفكر الإنساني هو السائد، في الواقع المجسد للاشتراكية، والذي لا يتواجد فيه إلا الاشتراكيون، الذين يرعون الاشتراكية، والنظام الاشتراكي، ويعملون على تطويرهما، وجعلهما في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويزيحان من طريقهما، كل ما يعرقل استمرارهما، وتراجعهما إلى الوراء.

وعندما يتعلق الأمر بأوهام الشيوخ، الذين يقيمون سدودا منيعة، ضد التحرير، وضد الديمقراطية، وضد الاشتراكية، ليبرهنوا، بذلك، على التمسك بالباطل، وبالفساد، وبخدمة النظام المستعبد، والمستبد، والحامي للاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وللجماهير الشعبية الكادحة، وللشعب المغربي الكادح، حتى يبقى الأمر على ما هو عليه، وحتى يصير المجتمع، مجرد مجتمع، لا يصلح إلا لتوزيع الأوهام، التي تجعل المجتمع، يعيد إنتاج نفسه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ولا يدري أفراده أنهم مجرد ضحايا أوهام الشيوخ، التي تبحث عن الحرية، في المجتمع المستعبد، وعن الديمقراطية، في المجتمع اللا ديمقراطي، وعن العدالة الاجتماعية، في تكريس الاستغلال الهمجي، فلا نجد الحرية، التي لا يمكن أن تتحقق، إلا بالتحرير، كما لا نجد الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلا بتحقيق القضاء على الاستبداد، ولا نسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، إلا بالقضاء على الاستغلال، حتى نعمل على تغيير النظام الرأسمالي، أو الرأسمالي التبعي، القائم في هذا الوطن، لننال، بذلك، رضى النظام القائم، الذي لا يعمل على تغيير ما نحن عليه، بل يشجعنا على البقاء كما نحن: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لتتحقق، بذلك، أو هام الشيوخ، الذين يحرصون على بقاء الواقع، كما هو، لحماية أوهام الشيوخ، التي لا تتحقق أبدا.

عدم الثبات على المبدأ، تفريط في التنظيم:

وكون حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، عرف ضعفا متزايدا، مع مرور الأيام، من عمر حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وخاصة بعد موت الفقيد: أحمد بنجلون، الذي أخذ الحزب، بعد موته، يتراجع إلى الوراء، بموازاة متوالية عددية، ليفقد القدرة على الحركة، كحزب، ليصير بدون التحالف الذي انخرط فيه، وبدون الفيدرالية التي صار من مكوناتها، وبدون خطة الاندماج، وبدون الشروط المرسومة فوقيا، والتي لا يد للقواعد فيها، كما تثبت، ذلك، التقارير الصادرة عن مؤتمر الاندماج، والتي لا تدل، أبدا، على أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حاضر في اللجنة التحضيرية، أو في اللجينات المتفرعة عنها، بقدر ما كان حضوره من أجل المصادقة على الإملاءات، التي تملى من الجهات الأخرى، والتي، إذا رجعنا إلى أدبياتها، نجد أن التقارير الصادرة عن مؤتمر الاندماج، لا تترجم إلا مضامين تلك الأدبيات، ولا يوجد بها ما يشير، لا من قريب، ولا من بعيد، إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وإلى الأدبيات، التي تحكم فكر، وممارسة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وفكر، وممارسة كل مناضل، وكل مناضلة، في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إلا إذا كان تحريفيا، وفكر وممارسة الحزب، في المستقبل المتطور، والمتفاعل مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

فالمجلس الوطني، المنعقد في مدينة فاس، الذي نوقش فيه، بما فيه الكفاية، مسألة اندماج مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي، حينذاك، ومكونات تحالف فيدرالية اليسار، بعد ذلك، هذا الاندماج، الذي يجب أن لا يرتبط بشروط معينة، تراعي الحضور الحزبي، في فكر، وفي ممارسة حزب الاندماج. وقد التزمت القيادة الحزبية السابقة، حينذاك، بالعمل على التأكيد على ضرورة حضور تلك الشروط، في عملية الاندماج، لا على مستوى التقرير التوجيهي، ولا على مستوى التقرير الأيديولوجي، ولا على مستوى النظامين: الأساسي، والداخلي. وهو ما يعني: أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، تبخر، ولم يعد له وجود، في حزب الاندماج، لا في الفكر، ولا في الممارسة.

والمنتمون إلى الحزب، المندمجون في حزب فيدرالية اليسار، أصبحوا مجرد تبع، لما ورد في مشاريع المؤتمر الاندماجي، الذي لم تنعقد فيه إلا الجلسة الافتتاحية، التي تم فيها عرض مسرحية الاندماج، ليس إلا، في الحزب الذي صار يحمل اسم: حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.

فهل كان مناضلو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، منا ضلين فعلا: فكرا، وممارسة، في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي؟

وهل كانوا يعكسون رؤى المناضلين الحزبيين، والرؤى الحزبية، في اجتماعات قيادة فيدرالية اليسار الديمقراطي، أو في اجتماعات قيادة تحالف فيدرالية اليسار؟

وهل استطاعوا فرض الرؤى الحزبية، في المشاريع المقدمة إلى المؤتمر الاندماجي؟

وهل يرتاحون إلى التقارير الصادرة عن المؤتمر الاندماجي؟

هل كانوا يستحضرون الشروط الصادرة عن المجلس الوطني للحزب المنعقد في مدينة فاس؟

وهل يعتبرون أن الحزب الاندماجي، بدون أيديولوجية علمية، وبدون تصور تنظيمي مقبول، يعبر من قريب، أو من بعيد، عن رؤى مناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في قراراته الصادرة، على الأقل، عن مؤتمره الأخير الذي أفرز القيادة المندمجة بدون شروط؟

وهل هؤلاء المناضلين، الذين كانوا رفاقا، في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كانوا يستحضرون فكر الفقيد أحمد بنجلون، ومن قبله، فكر الشهيد عمر بنجلون، وهم يناقشون مضامين المشاريع المقدمة إلى المؤتمر الاندماجي؟

ولو كان الفقيد أحمد بنجلون، حاضرا فيما بيننا، هل كان يقبل بالمشاريع المقدمة إلى المؤتمر، والتي تحولت، بدون نقاش، إلى تقارير صادرة عن المؤتمر الاندماجي؟

إن المؤتمر الاندماجي، ليس تحولا في مسار اليسار المغربي، بقدر ما هو تحول في فكر، وفي ممارسة مناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، السابقين، الذين صاروا منتمين إلى حزب فيدرالية اليسار، الذي لا وجود فيه لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لا في تقاريره، ولا في قوانينه. وهو ما يعطي المشروعية النضالية، للمتمسكين باستمرار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كفكر، وكممارسة، وكتنظيم. وأغلب مناضليه، في كل الأقاليم، والفروع، يعرفون ترددا، ويطرحون تساؤلات لا حدود لها، يمكن تلخيصها في السؤال:

إلى أين نسير؟

وما يمكن قوله، بالإيجاز المطلق، أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ضحية لفكرة بناء الحزب الاشتراكي الكبير، الذي لا بد أن يتحول إلى حزب اشتراكي صغير.

وأنا أخط كلمات هذا الموضوع:

هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟

أدرك جيدا، أن قيادة حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، ستتخذ في حقي قرار الطرد، من حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، نزولا عند رغبة من كانوا قادة في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ولكنهم لا يستطيعون طردي من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي سيظل قائما في فكري، وفي ممارستي، كباقي المناضلين، الذين تم طردهم من الحزب، ومن القيادة الحزبية، وكباقي المناضلين الذين انسحبوا إلى الوراء، أو الذين يناضلون من أجل استمرار الحزب، كتنظيم اشتراكي علمي، على منهج الشهيد عمر بنجلون، وعلى منهج القائد الأممي: الفقيد أحمد بنجلون.

الانتقال من واقع 8 ماي، إلى واقع اللا تنظيم:

وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي قضى عمره، كامتداد للحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية، وعلى واقع التمسك بالاشتراكية العلمية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، يتم الانطلاق منها، لبناء أيديولوجية الطبقة العاملة، كأيديولوجية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا للطبقة العاملة.

وواقع 8 ماي 1983، يتجسد في أن الحركة:

1 ـ امتداد للحركة الاتحادية الأصيلة، التي حضر في تأسيسها الشهيد المهدي بنبركة، الذي قاد عملية تأسيسها، سنة 1959.

استمرار لحركة التحرير الشعبية، الهادفة إلى إقبار العبودية، وتحقيق الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية.

3 ـ الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، على نهج الشهيد عمر بنجلون، الساعي إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وعلى أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، كما كان يلتزم، بذلك، الشهيد عمر بنجلون.

4 ـ الحرص على تطور الاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، انطلاقا من التطور الذي تعرفه الفلسفة، والفكر، ومختلف العلوم، والتقنيات الحديثة، وعلوم المناهج، حتى يصير المنهج الاشتراكي العلمي، قادرا على التفاعل مع الواقع، أو مطورا له، أو متطورا به، وساعيا إلى أن يصير تغييره، في الاتجاه الصحيح، مما يجعل الاشتراكية العلمية، بفلسفتها، المتطورة، وبعلمها المتطور، وبمنهجها الاشتراكي العلمي المتطور، في جعل الواقع يتطور، في الاتجاه الصحيح.

وكل من يدعي، أنه اشتراكي علمي، حتى وإن كان محسوبا على حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ولا يعمل على تغيير الواقع، في الاتجاه الصحيح، إنما هو مضلل. وادعاء الاقتناع بالاشتراكية العلمية، هو قمة التضليل. أما القول بأن الاشتراكية العلمية، أصبحت متجاوزة، فهو خيانة لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وللحركة الاتحادية الأصيلة، في تطورها، ولحركة التحرير الشعبية، في استمراريتها، وفي تطورها، وللعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وخاصة إذا كانت القيادة السابقة، هي التي تتصدر القول: بأن الاشتراكية العلمية، أصبحت متجاوزة، وتجاوزها، لا يعني إلا شيئا واحدا، وهو أن الاشتراكية العلمية، التي تشكل أساس اقتناع مناضلي الحزب، بالحزب، وأن الاقتناع بالحزب، هو اقتناع بالاشتراكية العلمية.

والفرق كبير، بين أن تقول:

إن الاشتراكية العلمية، تقتضي من كافة مناضلي الحزب، العمل على تطويرها، في اتجاه جعلها قادرة على التحليل المتطور الملموس، انطلاقا من التطور، الذي تعرفه الفلسفة، والعلوم المختلفة، والآداب، والمناهج العلمية المختلفة.

وبين أن نقول:

إن الاشتراكية العلمية، أصبحت متجاوزة، نظرا لكونها أصبحت عاجزة عن التعامل مع الواقع المتطور. وتلك هي قمة التضليل؛ لأن التحليل العلمي الملموس، للواقع الملموس، الذي عجز المحرفون عن جعله في خدمة مصالحهم، المنشغلة في تحقيق تطلعاتهم الطبقية، بدل خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وخدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وخدمة مصالح الشعب المغربي الكادح، بالعمل على التغيير المنشود، المتمثل في التحرير، تحرير الإنسان، والأرض، أو ما تبقى منها، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أو الديمقراطية من الشعب، وإلى الشعب، كما كان يقول الفقيد أحمد بن جلون، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية.

أما الاندماج، فما هو إلا ممارسة، تقتضي الانخراط في ديمقراطية الواجهة، والنضال من أجل الالتزام بالديمقراطية الحقيقية، من الشعب، وإلى الشعب، حتى تحترم إرادة الشعب المغربي، ولا نقبل أبدا، أن تزور النتائج الانتخابية، لصالح الحزب: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، مهما كانت الشروط، التي يتم فيها ذلك التزوير.

فالواقع الذي أصبح عليه حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، قبل الاندماج، هو واقع اللا تنظيم، الذي أصبح معتمدا من قبل قيادة الحزب، كفكر، وكممارسة؛ لأن من سعى إلى الاندماج، وبالسرعة المطلوبة، اعتبر اللا تنظيم، الذي يكون مصحوبا بالأيديولوجية، الناتجة عن التسليم باللا اشتراكية، واللا علمية، ما هو إلا تبرير مبالغ فيه، من أجل الاندماج بدون الشروط، التي تمت المصادقة عليها، في المجلس الوطني، المنعقد في مدينة فاس، وبالشروط التي قررتها الجهات الأخرى، المندمجة، ليصير الاندماج مسألة عبثية، ليس إلا.

الانخراط في البحث عن البديل التنظيمي، اللا اشتراكي، اللا علمي:

والعديد من البورجوازيين الصغار، المنتمون إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لم يستطيعوا إنجاز الانتصار الطبقي، والانتماء إلى الطبقة العاملة، ليصيروا متناقضين مع انتمائهم إلى حزب الطبقة العاملة، بعقلية البورجوازية الصغرى، الذين يسعون بعقليتهم تلك، إلى تحقيق التطلعات الطبقية، وهم في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا للطبقة العاملة، وحزبا للأجراء، والكادحين، والمنتحرين طبقيا. وهؤلاء البورجوازيون الصغار، الذين لم ينتصروا طبقيا، وصاروا يبحثون عن البديل التنظيمي، الذي يخرجهم من ورطة الانتماء إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يعتبر، منذ البداية، ومنذ 8 ماي 1983، كحركة تصحيحية، لمسار الحركة الاتحادية الأصيلة، التي اقتنعت، منذ المؤتمر الاستثنائي، سنة 1975، بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، وكأساس لبناء أيديولوجية الحزب، المعبرة عن فكر العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعن طموحاتهم، وعن نضالهم المستمر، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف كبرى، للتغيير المنشود.

وقد وجد هؤلاء البورجوازيون الصغار، ضالتهم، في التحالف من أجل المشاركة في الانتخابات، كمكونات لفيدرالية اليسار الديمقراطي، التي اعتبرت إطارا للإعداد، والاستعداد للاندماج، في الحزب الاشتراكي الكبير، الذين تم اندماجهم أيام 16 و 17 و 18 دجنبر 2022، ليسمى الحزب الجديد، بحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، والذي لا علاقة للتقارير الصادرة عنه، بما يقتنع به حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والذي بدون الرجوع، إلى ما هو طليعي، والتي لا يعني إلا عدم حضور أي شرط من الشروط المصادق عليها في المجلس الوطني لمدينة فاس، والذي التزمت الكتابة الوطنية السابقة، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حينذاك، بالدفاع عن الشروط، التي صادق عليها المجلس الوطني للحزب، وكان في كل انعقاد للمجلس الوطني للحزب، أو للجنة المركزية، يتم التذكير بتلك الشروط، وكان في نفس الوقت، يتبين، أن القيادة الحزبية السابقة، كان لا يهمها إلا الاندماج، لإيجاد تنظيم بديل، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي لا تهمه إلا الانتخابات، ولا تهمه لا الطبقة العاملة، ولا حزب الطبقة العاملة، ولا الاشتراكية العلمية، التي أصبحنا نسمع أنها صارت متجاوزة، ولم تعد فاعلة في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ولكن بممارسة البورجوازية الصغرى، التي تسعى إلى التخلص من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والاندماج في حزب اندماجي، لا أيديولوجية له، ويتنكر للاشتراكية العلمية، ويسعى إلى تحقيق الاشتراكية البيئية، وكأن القيادة الحزبية السابقة، ليست مستحضرة قولة الشهيد عمر بنجلون، التي تؤكد على أن الاشتراكية واحدة، هي الاشتراكية العلمية، التي أدى ضريبتها الشهيد عمر بنجلون، والفقيد أحمد بنجلون، والفقيد محمد بوكرين، والفقيد محمد بن الراضي، وكافة معتقلي حركة 8 ماي 1983، الذين حوكموا ابتدائيا، واستئنافيا، وصدرت في حقهم أحكام متفاوتة، تتراوح ما بين ثلاث سنوات نافذة، إلى سنة نافذة، وسنتين موقوفتي التنفيذ.

وقد كان في الإمكان، الاستفادة من تضحيات المناضلين الشرفاء، الذين ضحوا بحياتهم، وبعمرهم، من أجل الثبات على المبادئ، ومن أجل المحافظة على الحركة، ومن أجل الدفاع عن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا للطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن أجل التمسك بالاشتراكية العلمية، وبالأيديولوجية العلمية، والمعبرة عن مصالح الطبقة العاملة، لا عن مصالح البورجوازية الصغرى، الساعية إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعن مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وعن مصالح الشعب المغربي الكادح.

فالبحث عن البديل التنظيمي، يختلف عن التطور التنظيمي، الذي عرفته الحركة الاتحادية الأصيلة. فالبحث عن البديل التنظيمي، لا يمارسه إلا من تخلى عن المفهوم الثوري، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وأصبح يطمح إلى حزب لا ثوري، ولا علاقة له لا بالأيديولوجية الثورية، ولا بالاشتراكية العلمية، ولا بأيديولوجية الطبقة العاملة المثورة للحزب، ولا بالبرنامج النضالي الثوري، لأن من يبحث عن البديل التنظيمي، ضاق ذرعا بالاشتراكية العلمية، وبالأيديولوجية الثورية، وبالبرنامج النضالي الثوري، الذي صار يتهرب من تفعيله اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ولا يلتزم بتفعيل الاشتراكية العلمية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، في الميادين المختلفة، في الشرق، وفي الغرب، وفي الشمال، وفي الجنوب. وهو ما يعني: أن مصالح البورجوازية الصغرى، أصبحت تطغى على المسار الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي للحزب، وأصبحت البورجوازية الصغرى، تبحث لنفسها عن مجال آخر، للتحكم في التنظيم: أيديولوجيا، وسياسيا، وكأن الحزب، ليس حزب الطبقة العاملة، وكأن مناضلي الحزب، المنتمون إلى النقابة، لم ينتموا إليها إلا من أجل تحقيق تطلعاتهم الطبقية، لا من أجل خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما جعل الطبقة العاملة، في الكثير من الأحيان، لا تنتظم في النقابة، التي ينتظمون فيها.

التنظيم المفتوح ليس كالتنظيم المغلق:

والبورجوازية الصغرى، المنتمية إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يعتمد مبدأ التنظيم الخلوي، الذي يعتبره تنظيما مغلقا، والبورجوازية الصغرى، بطبيعتها، لا تتعاطى مع التنظيم المغلق، بقدر ما تتعاطى مع التنظيم المفتوح، الذي لا وجود فيه للتنظيم الخلوي المغلق، هروبا من المحاسبة الفردية، والجماعية، ومن النقد، والنقد الذاتي، كما يومن بذلك البورجوازي الصغير، بطبيعة الحال، إلى التهرب إلى اللا انتظام، في إطار الخلية، حتى لا يخضع للمحاسبة الفردية، والجماعية، ومن أجل أن لا يمارس عليه النقد، والنقد الذاتي، وحتى يتمتع بحريته كاملة، على مستوى الفكر، الذي لا علاقة له بالفكر المخزني، ولا بالممارسة، التي لا علاقة لها بالممارسة المخزنية، وفي نفس الوقت، يحرص على أن يكون في القيادة الحزبية، المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، لا لخوفه على التنظيم، ولا لضبط التنظيم، ولا لتفعيله، على جميع المستويات، ولا لتوسع التنظيم الحزبي، ولا للحرص على تطوره، وتطويره، بل من أجل المحافظة على التنظيم المفتوح، حتى لا يتحول الى تنظيم مغلق، له قوانينه، وله تنظيمه، الذي يجمع الضوابط التنظيمية الصارمة، التي لا تدع صغيرة، ولا كبيرة، إلا وتحصيها على أي مناضل يرتبط بالخلية، التي يخضع فيها للمحاسبة الفردية، والجماعية، والنقد، والنقد الذاتي، كمبادئ حزبية، لا يخضع الحزب إلا بما للممارسة التنظيمية السليمة، ولا يستقيم التنظيم الحزبي إلا بها.

ومعلوم، أن فيدرالية اليسار الديمقراطي، لا يتم العمل فيها، إلا من أجل الوصول إلى الاندماج، كتنظيم مفتوح، لا وجود فيه للخلية، ولا توجد فيه لا المحاسبة الفردية، والا المحاسبة الجماعية، ولا النقد، ولا النقد الذاتي، كسمات معتمدة في التنظيم، الذي يسمونه تنظيما مغلقا، والذي يعتبر الخلية هي الأساس التنظيمي، الذي يقوم على أي تنظيم اشتراكي علمي، أو أي تنظيم ثوري، أو أن حزب الطبقة العاملة، الذي يقوم على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كأساس لبناء أيديولوجية حزب الطبقة العاملة، التي هي أيديولوجية حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، التي هي أيديولوجية حزب الطبقة العاملة، في نفس الوقت.

وأي تنظيم يساري، لا يقتنع بالاشتراكية العلمية، في تطورها، ولا ينتظم في إطار الخلية، ولا يسعى إلى تغيير الواقع، تغييرا جذريا، لا يمكن اعتباره ابدا تنظيما يساريا، حتى وإن كان يدعي اليسارية، أو محسوبا على اليسار.

و 8 ماي 1983، كانت من أجل المحافظة، على ما يميز اليسار، وما يميز اليسار، حسب اقتناع مناضلي 8 ماي 1983، هو:

1 ـ الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف.

2 ـ اعتبار الاشتراكية العلمية، أساسا لبناء أيديولوجية الطبقة العاملة، باعتبارها هي المعبر، بواسطة الأفكار، عن مصالح الطبقة العاملة، وحلفائها، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

3 ـ اعتماد أيديولوجية الطبقة العاملة، كأيديولوجية لحزب الطبقة العاملة، أو لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي ينطلق منها، بما يتناسب مع أيديولوجية الطبقة العاملة.

4 ـ بناء التنظيم الحزبي، على أساس الإقناع بالاشتراكية العلمية، وبأيديولوجية الطبقة العاملة، والذي ينطلق من الخلية، كبنية أساسية للتنظيم العمالي.

5 ـ الانخراط في التنظيمات الجماهيرية المختلفة: النقابية، والحقوقية، والجمعوية، الساعية إلى التنظيم، من أجل العمل على تحقيق الأهداف الجماهيرية.

6 ـ التزام جميع المناضلين، بالانتماء إلى المنظمات الجماهيرية، باعتبارها الإطارات، التي يرتبط فيها المناضلون الحزبيون، بالجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من أجل إعدادها على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة، في أفق تثويرها، وجعلها قادرة على المواجهة، في أفق العمل على تحقيق أهداف التنظيمات الجماهيرية، في أفق أن تفرز من بينها، من يمكن إقناعه بالاشتراكية العلمية، وبأيديولوجية الطبقة العاملة، في أفق الالتحاق بحزب الطبقة العاملة؛ لأنه بدون عمل مناضلي الحزب، في الإطارات الجماهيرية، لا يمكن الارتباط بالإطارات الجماهيرية، ولا بالجماهير الشعبية الكادحة، ولا بالطبقة العاملة، ولا يمكن تثويرهم، وإعدادهم للارتباط لحزب الطبقة العاملة، بعد الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وبعد الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، حتى يلتزم بالفكر الحزبي، وبالممارسة الحزبية، التي أسسها الشهيد عمر بنجلون، والفقيد أحمد بنجلون.

التنظيم المغلق، بوابة بناء الحزب الثوري:

ونحن، عندما نرتبط بالاشتراكية العلمية، وبأيديولوجية الطبقة العاملة، القائمة على أساسها، فكرا، وممارسة، نرتبط، في نفس الوقت، بالتنظيم، أي التنظيم الخلوي المغلق، أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، حسب ادعاء البورجوازية الصغرى، التي لا تنسجم أبدا مع الاشتراكية، ومع أيديولوجية الطبقة العاملة.

والتنظيم المغلق، في نظرهم، هو التنظيم القائم على أساس مبدإ الخلية، أي التنظيم الخلوي: القطاعي، أو المختلط، إذا لم يتوفر القطاعي، على أساس ارتباط التنظيم الحزبي، بالقطاعات الاجتماعية العامة، والخاصة، في أفق إيجاد تنظيمات خلوية، خاصة بكل قطاع عام، أو خاص، بعد تشرب الاشتراكية العلمية، والاقتناع بها، وبعد تشرب أيديولوجية الطبقة العاملة، والاقتناع بها، من منطلق: أن الأيديولوجية، هي التعبير بواسطة الأفكار، عن مصلحة طبقة اجتماعية معينة، بما فيها المصالح الطبقية للطبقة العاملة، التي تقوم أيديولوجيتها على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، مما يجعل الحزب، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا للطبقة العاملة، أو حزبا ثوريا، في نفس الوقت، يناضل من أجل تحقيق الأهداف، التي وجد من أجلها، والتي حددها الشهيد عمر بنجلون، في المؤتمر الاستثنائي، سنة 1975، في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ذلك، أن التنظيم الثوري، الذي هو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يعتبر حزبا للطبقة العاملة، التي يسعى الحزب، إلى جعل الواقع الاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بعد التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، في خدمتها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لجعل الطبقة العاملة، المنتجة للخيرات المادية، والمعنوية، التي ينظر إليها البورجوازيون الصغار، والبورجوازيات الصغيرات، التي أبت، واللواتي، والذين، أبين، وأبوا، إلا أن يتنكرن، ويتنكروا لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ولاقتناعه بالاشتراكية العلمية، وبالأيديولوجية القائمة عليها، ولاعتباره حزبا للطبقة العاملة، والقبول بالاندماج، في حزب لا يقتنع بالاشتراكية العلمية، ولا يسعى إلى بناء أيديولوجية الطبقة العاملة، باعتبارها أيديولوجية الحزب، ولا يحرص إلا على أن يسعى إلى تحقيق تطلعات البورجوازية الصغرى، التي اندمجت في حزب الاندماج من أجل ذلك.

ولذلك، فعلى المقتنعين بالاشتراكية العلمية، الذين يعتبرون أنفسهم أوفياء، لشهداء التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، ولحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ولمن فقدناهم، وهم يناضلون من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وللعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق بناء الحزب الثوري، الذي هو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، على درب التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، خاصة، وأن الحزب، ليس حزبا إصلاحيا بورجوازيا صغيرا، بقدر ما هو حزب يسعى إلى تغيير الواقع، بما يتناسب مع السعي إلى التغيير المنشود، القائم على التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، المبنية على التحليل الملموس، للواقع الملموس، وبمنهج اشتراكي علمي.

وعلى المناضلين الحزبيين، المتمسكين بالحزب، أن يحافظوا على حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره مقتنعا بالاشتراكية العلمية، وباعتباره حزبا للطبقة العاملة، وباعتباره حزبا ثوريا، منذ 8 ماي 1983، الذي عرف اعتقال 34 مناضلا، وعرف في نفس الوقت، مجازاة اليمين الانتهازي، ب 34 برلمانيا.

فهل ترتاح البورجوازية الصغرى، في حزبها الجديد، الذي لا علاقة له لا بالاشتراكية العلمية، ولا بالطبقة العاملة، ولا بالسعي إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، بقدر ما له علاقة بتحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى؟

وهل يعمل، فعلا، على تحقيق النضالات الطبقية للبورجوازية الصغرى، التي داست كل قيم النضال، على درب الشهيد عمر بنجلون، وعلى درب الفقيد أحمد بنجلون، وعلى درب الفقيد محمد بوكرين، وعلى درب الفقيد محمد بنراضي، وعلى درب الفقيد عرش بوبكر؟

فالشهداء، ومن فقدناهم، على درب التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، يجب أن يستمر تأثيرهم في الواقع المغربي، عن طريق الحرص على بناء الحزب الثوري، باعتباره حزبا للطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وباعتباره حزبا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

التنظيم المفتوح: بوابة الانصهار في الاختيار اللا ديمقراطي، اللا شعبي:

وعلى عكس التنظيم، الذي يعتمد الخلية أساسا له، والذي تعتبره البورجوازية الصغرى تنظيما مغلقا، لأن هذه البورجوازية، تميل إلى اختيار التنظيم المفتوح، اللا خلوي، الذي لا يعترف إلا بالمجموعات العامة، للمنتمين إلى الحزب، على مستوى الفرع، وعلى مستوى الإقليم، وعلى مستوى الجهة. أما على المستوى الوطني، فتكون الهيأة التي يصادق عليها المؤتمر، والتي تختلف تسميتها، من حزب، إلى حزب آخر؛ لأن المهم، أن يبقى الحزب رهينا، بما تختاره القيادة الحزبية، التي لها الأمر، والنهي، في نهاية المطاف، ومن تعتبره أهلا لأن يكون في الهيأة القيادية، كان فيها، ومن لا تقبله في تلك الهيأة، لا يمكن أن يصير عضوا في الهيأة القيادية، إذا كان غير موال لها، حتى تتمكن القيادة من معرفة:

من هو المناضل؟

ومن يصلح من المناضلين لقيادة الحزب محليا، أو إقليميا، أو جهويا، أو وطنيا، ومن لا يصلح؟

كل ذلك بناء على أن القيادة هي التي تختار، وليس بناء على مقاييس، أو معايير معينة، أو شروط تحدد: من يعمل على بناء الإطار، ومن لا يعمل إلا على عرقلته، أو تحريفه. وهو ما يجعل البورجوازية الصغرى، المريضة بالتطلعات الطبقية، التي قد تؤدي بها إلى ممارسة العمالة الطبقية، للطبقة الحاكمة، أو للمؤسسة المخزنية، أو للسلطات التي تتلقى التعليمات، من أجل تمكين فلان، أو علان، من الامتيازات التي تمكنه من تحقيق التطلعات الطبقية، التي يسعى إلى تحقيقها، حتى يصنف إلى جانب كبار الأثرياء، المحسوبين على السدة المخزنية، والتي ارتقت طبقيا، اعتمادا على ممارسة العمالة الطبقية، التي أصبحت مصدرا للثراء الفاحش.

والتنظيم المفتوح، الذي لا يشترط الانتماء إلى اليسار، بناء على المواقف، التي لا يشترط فيها أن تكون قائمة، على أساس علمي دقيق، كما لا يشترط فيها، أن تتأسس على التحليل الملموس، للواقع الملموس، الذي لا يقوم إلا بالمنهج الاشتراكي العلمي، القائم على أساس الاقتناع بذلك المنهج، الذي يتم توظيفه، في أي واقع اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي.

وهذه البورجوازية الصغرى، التي تختار التنظيم المفتوح، تتنكر للاشتراكية العلمية، ولأيديولوجية الطبقة العاملة، كممارسة تبريرية، حتى تجعل منه القيادة، شخصا معتبرا، في البناء الحزبي المفتوح، القائم على أساس أيديولوجي، هلامي، قائم على أساس: خذ من هنا، ومن هنا، وقل: هذا لنا. وتلك هي أيديولوجية البورجوازية الصغرى، اللقيطة، من مختلف الأيديولوجيات: الإقطاعية، والبورجوازية، والعمالية، وأيديولوجية الظلاميين، وأيديولوجية اليمين المتطرف، واليسار المتطرف، حتى تصير البورجوازية الصغرى، قريبة من كل الأيديولوجيات، ومن كل الطبقات، وحتى تعتبر ممارسة العمالة الطبقية، لأي جهة، ممارسة حزبية، ومن أجل أن يعتبر المتطلعون، في بحثهم عن الامتيازات، جزءا لا يتجزأ من الممارسة الحزبية. وهو أمر، يتجسد، في أن الشخص الذي يعتبر نفسه مناضلا يساريا، ويتمتع بامتيازات مخزنية معينة، كريع، لا علاقة له بالواقع، الذي يعيشه {المناضل}، الذي يعتبر نفسه يساريا، ولا علاقة لواقعه المادي، وللملايين التي أصبح يتمتع بها لا علاقة لها بمدخوله من عمله، لا على مستوى الممتلكات، ولا على مستوى الادخار، ولا على مستوى حياة الرفاهية، التي يعيشها.

وإذا كان أمر البورجوازية الصغرى، التي هرولت من اليسار الاشتراكي العلمي، إلى اليسار اللا اشتراكي، اللا علمي، التي اختارت أن تكون اشتراكيتها: بيئية، وكأننا تنقصنا الأدبيات، التي نعتمدها، ونعمل على تطورها، بأدبيات اشتراكية علمية جديدة، تمكننا من المحافظة على التنظيم الاشتراكي العلمي، في تطوره، كأيديولوجية، وكتنظيم، وكمواقف سياسية، بهدف جعل الواقع يتطور: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، في الاتجاه الاشتراكي العلمي: فكرا، وممارسة، من أجل الوصول إلى إيجاد مجتمع يساري اشتراكي علمي، يهدف إلى تحقيق الأهداف الاشتراكية العلمية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كما حددها الشهيد عمر بنجلون.

ومن أجل أن ننال رضى اليسار الاشتراكي العلمي، علينا:

أولا: أن نتمسك بالتنظيم الاشتراكي العلمي، وأن نعمل على تقويته، وتطويره، والسير على نهجه، في الحياة العامة، والخاصة، من أجل جعله يتغلغل في المجتمع، ومن خلاله، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ثانيا: جعل التنظيم الاشتراكي العلمي، يتفاعل مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، أملا في جعل ذلك التفاعل، وسيلة للتأثير في الواقع المذكور، في تجلياته المختلفة، من أجل جعله ينزع إلى النقد، والتطور، في اتجاه التحول الإيجابي، في اتجاه التحرير، ثم في اتجاه تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ثم في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

ثالثا: الحرص على التطور المستمر، للفكر الاشتراكي العلمي، وللاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف من جهة، وكفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، من جهة ثانية، كما كان يسعى إلى ذلك الفقيد أحمد بنجلون، في حياته، وفي كامل قواه العقلية. إلا أنه لم يتمكن من ذلك، بعد أن صار مريضا مرضا عضالا، إلى أن وافته المنية.

والبورجوازية الصغرى، لا يرضيها التمسك بالتنظيم الاشتراكي العلمي، الذي يتفاعل مع الواقع، تفاعلا إيجابيا، خوفا من المحاسبة الفردية، والجماعية، ومن النقد، والنقد الذاتي، ومن أجل التحرر من التنظيم، وما يأتي منه، والتفرغ للعمل على تحقيق التطلعات الطبقية، التي تمكنه من التظاهر بالثراء الفاحش، والسعي إلى الالتحاق بالطبقات الأكثر ثراء، وخاصة عندما تتمكن هذه البورجوازية الصغرى، من نهب الجماعات الترابية، التي وقفت وراء تكون الإقطاع المغربي، والبورجوازية المغربية.

ديمقراطية الواجهة، اختيار لا اشتراكي لا علمي:

والبورجوازية الصغرى، عندما تتحرر من الديمقراطية الحقيقية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تتناسب مع الاشتراكية العلمية، بسبب تحررها من الاشتراكية العلمية، وفي نفس الوقت، تختار الانخراط في ديمقراطية الواجهة، التي انخرطت فيها بورجوازية اليمين الانتهازي، بعد محطة 8 ماي 1983.

واختيار ديمقراطية الواجهة، هو، في نفس الوقت، اختيار مخزني، وهذا الاختيار المخزني، هو اختيار للمخزن، الذي يصير المختارون لديمقراطية الواجهة، متحالفين معه. وكل من تحالف مع المخزن، اختار أن يكون ضد الشعب، وضد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأن اختيار الشعب، هو اختيار لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المقتنع بالاشتراكية العلمية، المناضل من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، على نهج عريس الشهداء: الشهيد المهدي بنبركة، وعلى نهج الشهيد عمر بنجلون، وعلى نهج الفقيد أحمد بنجلون، القائد الأممي، والقائد التاريخي لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وعلى نهج الفقيد محمد بوكرين، والفقيد محمد بن الراضي، وعلى نهج الفقيد عرش بوبكر، وعلى نهج شهداء حركة التحرير الشعبية، وعلى نهج شهداء الحركة الاتحادية الأصيلة، وكل شهداء النضال، من أجل الاشتراكية عبر العالم، وفي أي مكان منه، والذي يمكن التعامل مع أي مكان منه، بالمنهج الاشتراكي العلمي، الذي يمكن اعتباره منهجا سليما، وهادفا للتحليل الملموس، للواقع الملموس، انطلاقا من العمل على تحقيق الاشتراكية، التي تحققت في غير ما مكان من العالم.

وإذا كانت البورجوازية الصغرى المنسحبة من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمندمجة بذاتها، ولذاتها، في الحزب الذي يحمل اسم: حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، فإنها تختار، في نفس الوقت، أن لا تبقى استمرارا للحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية، خاصة، وأن من تم الاندماج معهم، جزء لا يتجزأ من الاتحاد الاشتراكي ـ المكتب السياسي، أي أنهم كانوا متفقين، وفرحين للاعتقالات، التي تمت في صفوف مناضلي حركة 8 ماي 1983، ومساهمين في التعبئة، ضد حركة 8 ماي 1983.

وكونهم اختلفوا، حينذاك، وبعده، مع المكتب السياسي، إما كشبيبة، وإما ككنفيدراليين، فإن ذلك، لا يعني بالنسبة إلينا، أي شيء، ما داموا لم يقتنعوا بالاشتراكية العلمية، وليس الاشتراكية البيئية، ولم يتم الاندماج معهم على هذا الأساس، بل إن الاندماج، تم على اساس التخلص من:

1 ـ حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يعتبر نفسه استمرارا للحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية.

2 ـ الاشتراكية العلمية، بقوانينها: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، التي تعتمد في التحليل الملموس، للواقع المخزني الملموس، مما يتبين معه:

ما العمل، من أجل التغيير المنشود، المتمثل في: التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؟

وحتى يطمئن المخزن على نفسه، ومن أجل أن تصير ديمقراطية الواجهة، هي الوحيدة، التي يمتثل لها الجميع، وهي المعيار الذي يحدد:

ما العمل، من أجل أن ينخرط البورجوازيون الصغار، في كل حزب، ينخرط في ديمقراطية الواجهة؟

وعملية الإرضاء المخزني، التي عمت كل الإطارات السياسية، المنخرطة في الديمقراطية المخزنية، حتى ينال كل إطار، مقاعد أكثر، ومن أجل أن يحقق البورجوازيون الصغار، مبتغاهم، بعد انسحابهم الجماعي، من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.


إن الديمقراطية المخزنية، هي ديمقراطية الواجهة، في نفس الوقت. والمنخرطون فيها، هم الذين يمتلكون حق التباري، من أجل الإرضاء المخزني، والتباري من أجل نيل الرتبة التي يرضى عنها المخزن، الذي ابتدأ بإزاحة المنهج الاشتراكي العلمي، من قائمة المناهج المعتمدة سياسيا، من قبل الأحزاب القائمة، في المغرب، حتى يطمئن المخزن، على مستقبله، وعلى مستقبل حماته: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وأملا في وضع حد للتطور، الذي عرفته بعض الأحزاب، التي كان من بينها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان يقلق كثيرا، السدة المخزنية، التي لا يرضيها أن يدخل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، على نهج الشهيد عمر بنجلون، الذي ساهم المخزن، والظلاميون، في تصفيته: {اغتياله}، والذي استمر على نهج عريس الشهداء، الشهيد المهدي بنبركة.

ولهذا، كان اختيار البورجوازية الصغرى للاندماج في حزب واحد، هو الوسيلة، التي تم الاتفاق عليها، للتخلص من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

فهل يستطيع المناضلون، المتمسكون بهوية حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وباقتناعه بالاشتراكية العلمية، وبأيديولوجيته المبنية على أساسها، المحافظة على استمرار هذا الحزب العتيد، حزب أحمد بنجلون؟

ولذلك، فنحن عندما نعتبر، أن اختيار ديمقراطية الواجهة، هو اختيار لا اشتراكي، لا علمي، خاصة، وأن البورجوازية الصغرى، بتطلعاتها الطبقية، التي تتناقض مع الاشتراكية العلمية، لا يمكن أن تحافظ على الحزب، وعلى الاشتراكية العلمية، وعلى بناء حزب الطبقة العاملة، الذي يقتضي منهم المزيد من التضحيات.

التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، اختيار ثوري:

والاختيار العلمي الحقيقي، هو الاختيار القائم، على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، انطلاقا من قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، المعتمدة في المنهج الاشتراكي العلمي، الذي يقوم على أساس اعتماد التحليل الملموس، للواقع الملموس، الذي يتبين معه ما يجب عمله، من أجل تغيير الواقع، في اتجاه تحقيق التحرير، وتحقيق الديمقراطية، وتحقيق الاشتراكية. وأي تغيير لا يستهدف تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، إنما هو تغيير في الاتجاه غير الصحيح، الذي لا يكون إلا في صالح البورجوازية، أو البورجوازية الصغرى، التي تعتبر إيجاد المناخ، الذي يمكن أن يحقق تطلعاتها الطبقية، تغييرا، مع العلم أن التغيير الحقيقي، المعبر، فعلا، عن التطور، الذي يقود إلى معرفة الواقع، هو الذي يعمل على:

1 ـ تحقيق التحرير: تحرير الإنسان من العبودية، ومن الاستبداد، ومن الاستغلال، حتى يصير هذا الإنسان الحرن يتمتع بحقوقه الإنساني، في حياته العامة، وفي حياته الخاصة، وتحرير الأرض من الاحتلال الأجنبي، أو ما تبقى منها، وتحرير الاقتصاد من التبعية إلى الرأسمال الأجنبي، وتحرير الدولة من التبعية للرأسمال العالمي، عن طريق إغراقها بالديون الخارجية، التي تمتص الملايير من الدولارات، سنويا، التي يحرم منها الوطن، الذي يعتبر في حاجة إلى مشاريع اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، تمكن الشعب المغربي، من الاستجابة إلى مطالبه، في التشغيل، وفي التعليم، وفي الصحة، وفي الثقافة، وغير ذلك من المشاريع، التي تجعله يتقدم، ويتطور، على المستوى القريب، والمتوسط، والبعيد.

2 ـ تحرير الأرض، من الاحتلال الأجنبي. وقد قام الشعب المغربي، فعلا، بمبادرات معينة. وجيش التحرير، الذي فرض التعجيل بالاستقلال الشكلي للمغرب، الذي اعتبر منذ سنة 1956، استقلالا غير كامل؛ لأن الاحتلال الأجنبي، بقي مستمرا في استغلال الشعب المغربي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، فكأن المغرب، لم يستقل أبدا، وكأنه لا زال محتلا، خاصة، وأن أجزاء منه، ومنها الصحراء المغربية، حينذاك، بقيت محتلة إلى سنة 1975 التي تم فيها تنظيم السيرة الشعبية، من أجل تنظيم عملية التحرير الشعبية، للمسيرة الشعبية، الساعية إلى تحرير الصحراء المغربية، التي تمتد إلى حدود موريتانيا، خاصة وأن جبهة البوليزاريو، صارت تسعى إلى إقامة دولتها على الصحراء المغربية، وبدعم كامل من الدولة الجزائرية، التي ضم إليها الاحتلال الأجنبي، منطقة تيندوف، التي لا زالت لم ترجعها الجزائر إلى المغرب.

وبعد تحرير الصحراء المغربية، لا زالت هناك مناطق محتلة، من قبل إسبانيا، كسبتة، وامليلية، والجزر الجعفرية، التي لا زالت العديد من التنظيمات المغربية تطالب بتحريرها، قبل سنة ،1912 أي قبل الاحتلال الفرنسي للمغرب.

ومعلوم، أن تحرير المغرب، لم يتم بعد؛ لأن تحرير الإنسان، من العبودية لم يتم بعد، ولأن العديد من المناطق لا زالت محتلة، ولأن الاقتصاد المغربي لا زال مرتبطا بالاقتصاد الأجنبي، ولأن الشركات العابرة للقارات، لا زالت تستغل المغرب، بدون حدود معينة، ولأن الدولة المغربية، التي أغرقت الشعب المغربي، بالديون الخارجية، لا زالت في خدمة الدين الخارجي، الذي أصبح يغطي أكثر من 92 0 / 0 من الدخل الوطني.

3 ـ تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروات المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية؛ لأنه بدون تحقيق العدالة الاجتماعية، بالمضمون المذكور، لا تتحقق الاشتراكية، التي تعتمد بدورها: التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، كلازمة تلازم الاشتراكية، في أفق الانتقال إلى المرحلة الأعلى، من النظام الاشتراكي، التي تسمى بالمرحلة الشيوعية، التي هي عبارة عن تشكيلة اجتماعية، تنتفي فيها السلطة، التي تعوضها السلطة الشعبية، لم يتم تشكيلها، انطلاقا من تناسب تلك السلطة، مع المرحلة الشيوعية، التي يتم فيها تمكين الإنسان من التحرير، ومن الديمقراطية الشعبية، ومن الاشتراكية الفعلية، التي يتم فيها تمتيع الشعب المغربي، بالإنتاج المادي، الذي ينتجه العمال، وبالإنتاج المعنوي الخدماتي، الذي ينتجه الأجراء، على أساس المساواة، بين جميع أفراد الشعب المغربي.

والعمل من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، تربط بين مكوناته المختلفة، علاقة جدلية، لأن النضال من أجل التحرير، هو، في نفس الوقت، نضال من أجل الديمقراطية، ومن أجل الاشتراكية، والنضال من أجل الديمقراطية، هو في نفس الوقت، نضال من أجل التحرير، ومن أجل الاشتراكية، والنضال من أجل الاشتراكية، هو، في نفس الوقت، نضال من أجل التحرير، ومن أجل الديمقراطية، حتى تكتمل دائرة النضال، ودائرة تحقيق التحرير، والديمقراطية والاشتراكية.

والذين اختاروا الاندماج، من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، اختاروا، في نفس الوقت، الانخراط في ديمقراطية الواجهة، التي تشرعن على أساسها: الدولة المخزنية، ومختلف القوانين، التي لا تخدم إلا مصلحة الطبقة الحاكمة، ومصلحة الدولة المخزنية.

وإذا سمحت الدولة المخزنية بتحقيق بعض التطلعات الطبقية، فإن ذلك يعتبر من مصلحة الطبقة الحاكمة، ومن مصلحة الدول المخزنية، ليصير المندمجون منخرطون في ديمقراطية الواجهة، متنكرين للشعب المغربي، وللعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وحريصين، في نفس الوقت، على جعل المؤسسات القائمة، في خدمة تحقيق تطلعاتهم الطبقية.

هل هناك أمل في المستقبل القريب؟

وبعد وقوفنا على مفهوم 8 ماي، ودلالته، و 8 ماي: قطع للطريق على الممارسة الانتهازية، و 8 ماي: إعلان للوضوح الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، والتزام الانكماش التنظيمي، تعبير على عدم الالتزام بقرار 8 ماي، من أجل التأثير في الواقع المغربي، وإصرار على التخلي عنه، والانسياق وراء الأوهام، في تدبير القيادة الحزبية، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وطموحات الشباب، وأوهام الشيوخ، وعدم الثبات على المبدأ، انخراط في اللا تنظيم، من أجل الانتقال من واقع 8 ماي، إلى واقع اللا تنظيم، والانخراط في البحث عن البديل التنظيمي، اللا اشتراكي، اللا علمي، والتنظيم المفتوح، ليس كالتنظيم المغلق؛ لأن التنظيم المغلق، بوابة لبناء الحزب الثوري، أما التنظيم المفتوح، فهو بوابة الانصهار في الاختيار اللا اشتراكي، اللا علمي، وديمقراطية الواجهة، اختيار لا اشتراكي، لا علمي، كما أن التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، اختيار ثوري. نتساءل:

هل هناك أمل في المستقبل القريب؟

إننا، ونحن نرصد الواقع المؤلم، الذي نبتدئ فيه من الصفر، وكأن عدد الصفر مفروض على اليسار الاشتراكي العلمي، ممتدا في المجتمع المغربي، وفي صفوف كادحيه، وطليعتهم الطبقة العاملة، مع أن العمل المستمر، وفي جميع الواجهات مع القطع مع الممارسة الانتهازية، ومع التطلعات الطبقية البورجوازية الصغرى، الساعية إلى التصنيف إلى جانب الأثرياء الكبار، والتعامل مع الإطارات النقابية، والجمعوية القائمة، بأنها مجرد تنظيمات، يقودها انتهازيون، في اتجاه تحقيق التطلعات الطبقية، للبورجوازية الصغرى، وكأنها مجرد وسيلة، لتحقيق التطلعات الطبقية، ولا دور لها، في تحقيق طموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والواقع المغربي، هو واقع فاسد، والبورجوازية الصغرى، لا يمكنها تحقيق تطلعاتها الطبقية، إلا في الواقع الفاسد.

ولذلك، لا نستغرب الاندماج، الذي تم في هذه الشروط المادية، التي اندمج فيها المنتمون سابقا، المنسحبون من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، كحزب اشتراكي كبير، مع أنه لا يتجاوز أن يكون حزبا صغيرا، مقارنة مع ما تكون عليه الأحزاب المخزنية، التي تراهن على العدد الكبير، من المنتمي إليها، والذين يقبلون بالتوجيه المخزني، القائم على الاستقطاب المخزني، لأحزابه التي لا تختلف إلا في التسمية، بما فيها: أحزاب البورجوازية الصغرى، التي لا تهتم إلا بتحقيق تطلعاتها الطبقية.

والسؤال الذي طرحناه أعلاه، والذي اتخذناه عنوانا لهذه الفقرة، يقتضي منا:

1 ـ أن نتمسك، باستمرار، بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كحزب ثوري، وكفكر علمي، قائم على أساس اقتناعه بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، كما كان يقول الشهيد عمر بنجلون.

2 ـ اعتبار الاشتراكية العلمية، في تطورها، قناعة لا بديل عنها، واعتبار جميع مصادرها/ ومراجعها، وثائق حزبية/ ما دام مؤلفوها: اشتراكيون علميون.

3 ـ الحرص على إنتاج الأدبيات الحزبية، بمنهج اشتراكي علمي، مع مراعاة مساهمة ذلك الإنتاج، في تطوره، وتطوير الاشتراكية العلمية، وفي جعل الفكر الاشتراكي العلمي، شائعا في الفكر، وفي الممارسة الفكرية/ وفي الواقع، في تجلياته المختلفة.

4 ـ إنشاء مدرسة طليعية، مهمتها العمل على:

ا ـ تحصين الحزب، من الانحراف الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي.

ب ـ العمل على تطور، وتطوير الفكر الاشتراكي العلمي، حتى يستطيع مسايرة التطور، الذي تعرفه العلوم المختلفة، ومن أن يكون، ذلك الفكر، مع الواقع، ومنه، مهما كان مختلفا، سعيا إلى امتلاك القدرة على التحليل الملموس، للواقع الملموس، من أجل الوصول إلى خلاصات علمية، تقود إلى العمل على تغيير الواقع.

ج ـ الحرص على التنظيم، وفق ما يقتضيه: الاقتناع بالاشتراكية العلمية، ويقتضيه: اقتناع الحزب بأيديولوجية الطبقة العاملة، من أجل إيجاد تنظيم ثوري، يقود العمل من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

د ـ الارتباط بالتنظيمات الجماهيرية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، على أساس الالتزام، بجعل التفكير العلمي، شائعا في مختلف الإطارات القائمة في المجتمع.

وبالتالي، فإن الأمل في المستقبل، رهين بفعل، وبفكر المناضل الطليعي الحقيقي، الذي لا بديل له، من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المقتنع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، وكأساس لبناء أيديولوجية الطبقة العاملة، أو أيديولوجية الكادحين، كما سماها الشهيد عمر بنجلون، التي تختلف جملة، وتفصيلا، عن الأيديولوجية اللقيطة للبورجوازية الصغرى، والتي لا تأخذ إلا بالفكر اللقيط، الذي لا علاقة له، لا بالعلم، ولا بالعلمية، ولا هم يحزنون.

فالأمل معقود، على إعادة بناء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كتنظيم ثوري، يقود النضال من أجل التحرير، ومن أجل الديمقراطية، ومن أجل الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة وطنية ديمقراطية علمانية، حتى تشرف على تنظيم التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.

هل ينبثق عن الصراع حزب ثوري حقيقي؟

إن الصراع بين التوجهين، أفضى إلى التمسك ببقاء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المندمج أعضاؤه المنسحبون منه، بدون شروط أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، وفكرية، وعلمية، وغير ذلك، مما له علاقة بالاشتراكية العلمية، وبالفكر الاشتراكي العلمي، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، وبين المتمسكين بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يقتنع مناضلوه الأوفياء للحزب، وللشهداء، والاقتناع بالاشتراكية العلمية، وبالمنهج الاشتراكي العلمي، وبأيديولوجية الطبقة العاملة، التي تبنى على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وبالمنهج الاشتراكي العلمي، وبالقوانين المعتمدة في الاشتراكية العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، اللذين يوظفان في التحليل الملموس، للواقع الملموس، مهما كانت خصوصيته، من أجل الوصول إلى خلاصات علمية، تعتمد في عملية التغيير العلمي، للواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وإذا كان الصراع علميا، لا بد أن تكون الغلبة فيه للصحيح. وما هو صحيح، هو استمرار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي؛ لأن الاندماج، بدون شروط، جعل الحزب الاندماجي: حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، متنكرا للاشتراكية العلمية، وللمنهج الاشتراكي العلمي، وللمادية الجدلية، والمادية التاريخية، ولأيديولوجية الطبقة العاملة، وللنضال من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كما سطرها الشهيد عمر بنجلون، في أدبيات الحزب التاريخية، والتي لا زالت معتبرة، إلى يومنا هذا، أدبيات حزبية راهنة، لأننا لا زلنا نناضل من أجل تحرير الإنسان من العبودية، الشائعة في المجتمع المغربي، وتحرير ما تبقى من الأراضي المحتلة، كسبتة، وامليلية، والجزر الجعفرية، وتحرير الاقتصاد المغربي من التبعية، لصندوق النقد الدولي، وللبنك الدولي، وللمؤسسات المالية الدولية، ومن خدمة الدين الخارجي، ومن أجل تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية. وهو ما يتبين معه، أن المندمجين في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، في الميدان المغربي، وصف اندماجهم بالاندماج القسري، الذي لا رأي فيه لمناضلي الحزب، بما في ذلك المنسحبون منه، إلا الجوقة التي طبلت، وزمرت، منذ مدة، والتي تدعي أنها تدافع جملة، وتفصيلا، على اعتبار الشروط الحزبية، التي تمت المصادقة عليها، في المجلس الوطني، المنعقد في مدينة فاس. فإذا به لم يتم احترام أي شرط، من الشروط، التي صادق عليها المجلس الوطني بمدينة فاس، كما تدل على ذلك، جميع التقارير الصادرة عن المؤتمر الوطني الاندماجي، لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.

والمناضل الطليعي البسيط، الذي تشرب مبادئ، وقيم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، التي لا وجود لها في الحزب الجديد، إلا إذا تعلق الأمر، بمن كانوا في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمنسحبون منه، المندمجون في الحزب الاندماجي، مع مرور الأيام، لتصير في ذمة التاريخ، ولا تبقى إلا الممارسة الانتهازية، المكونة لذلك السلوك، لتبقى قيم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، التي ساهم في بلورتها عريس الشهداء: الشهيد المهدي بنبركة، وشهيد الطبقة العاملة: الشهيد عمر بنجلون، والقائد الأممي: الفقيد احمد بنجلون، كما ساهم في بلورتها، اقتناع حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بالاشتراكية العلمية، وبأيديولوجية الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالنضال من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

والمهمة المطروحة الآن على حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وعلى الأوفياء لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، هي مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، كما كانت مهمة مناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بعد 8 ماي 1983، وأثبتوا أنها ليست مستحيلة، هي إعادة بناء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وقد كان أملهم، الذي حكمهم منذ البداية، استمرار الحزب على درب الشهداء، وعلى اعتناق الاشتراكية العلمية، وعلى اعتناق أيديولوجية الطبقة العاملة، وعلى اعتبار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا ثوريا، وحزبا للطبقة العاملة.

إن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إذا استمر في الميدان المغربي، لا يمكن أن يتطور، إلا باعتباره حزبا اشتراكيا علميا، وحزبا للطبقة العاملة، وأن يبني خطابه على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، وأن لا ينسق إلا مع الاشتراكيين العلميين، وأن يتمسك بتميز خطابه بالعلمية، وبالتعبير عن طموحات الكادحين. ولا بد أن يشق طريقه في الاتجاه الصحيح، وسيكون الانتهازيون، والانتهازيات، المنسحبون، والمنسحبات من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، مندمجين، ومندمجات، في حزب فيدرالية اليسار، وبدون شروط ألذ أعدائه.

فهل يصير حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في مستوى ما يجب أن يكون عليه الحزب الثوري، وكحزب للطبقة العاملة، التي يجب تثويرها على المدى البعيد؟
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟.....17

محمد الحنفي

إهداء إلى:

ـ الرفاق المستمرين في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

ـ الغاضبين على حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بقيادة الكتابة الوطنية السابقة، قبل الاندماج القسري، بدون شروط.
ـ المجمدين لعضويتهم قبل الاندماج، من أجل استعادة عضويتهم، والمساهمة في تفعيله وطنيا، وإقليميا، وجهويا، في حزب الطيعة الديمقراطي الاشتراكي.

ـ كل المناضلين، الذين انساقوا مع الاندماج، لتوهمهم بأنه سيستمر بنفس هوية حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وبنفس تأثيره في الواقع، وبنفس أثره على الحياة العامة.

ـ من أجل استمرار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بنفس الهوية الاشتراكية العلمية، والعمالية، وبنفس الأيديولوجية المبنية على اساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية.

ـ من أجل جعل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي: حزبا ثوريا قويا.

ـ من أجل بناء مجتمع التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كما خطط لذلك الشهيد عمر بنجلون.

محمد الحنفي

هل يؤدي هذا الحزب الثوري الحقيقي، دوره التاريخي؟

إن الحزب الثوري، أي حزب ثوري، ومهما كان هذا الحزب الثوري، فإن قيامه بدوره كاملا، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولصالح الجماهير الشعبية الكادحة، ولصالح الشعب، أي شعب، وخاصة لصالح الشعب المغربي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، رهين بمدى الصرامة، بتفعيل برنامجه الثوري: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، المؤدي إلى تحقيق أهداف التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبارها أهدافا قانونية، كما حددها الشهيد عمر بنجلون؛ لأن تحرير الإنسان، والأرض، أو ما تبقى منها، تحت الاحتلال، لا يمكن أن يكون إلا عملا ثوريا، ولأن تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، باعتبارها ديمقراطية من الشعب، وإلى الشعب، لا يمكن ان تكون كذلك، إلا عملا ثوريا، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، لا يمكن أن يكون إلا عملا ثوريا ،حتى تتحقق أهداف التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبارها أهدافا اشتراكية علمية. وعدم السعي إلى تحقيقها، لا يعني إلا التخلي عن أهداف التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية. لتصير، بذلك، في الممارسة الحزبية، مخالفة، جملة، وتفصيلا، للعمل الثوري، الذي يمكن أن يستمر في الوجود.

وكان يمكن أن نعمل على تقوية حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وتوسعه، حتى يصير حزبا قويا، إلا أن العكس هو الصحيح.

فالحزبيون، ومنهم من لم يعد يقبل طليعية الطبقة العاملة، هم الذين عملوا على إضعاف الحزب، تنظيميا، وأيديولوجيا، وسياسيا، مما جعل الحزب، غير قادر على امتلاك القوة اللازمة، التي تجعل الحزب، يفعل في الواقع، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ويعمل على التوسع الميداني، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبأنه لا يمتلك هذه القدرة، التي سحبت منه عن قصد، ليصير حزبا ضعيفا، غير منظم، وغير قابل للتنظيم، مما يجعل الذين انسحبوا منه، مقتنعين بالتخلي عنه، وصاروا يتغنون بالاندماج، إلا أن قوة الحزب المعنوية، المتمكنة من فكر، وممارسة العديد من الرفاق، الذين تمسكوا باستمرار الحزب، حتى يقوم بدوره الثوري كاملا، غير منقوص، في افق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ونحن، لا نشك مطلقا، في أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إذا صمد، كما هو منتظر منه، سيقوم بقيادة دوره، في اتجاه تحقيق الأهداف الكبرى، المتمثلة في تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبارها أهدافا اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، تمكن الشعب المغربي، من التمتع بحقوقه: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، في ظل الدولة الاشتراكية، التي تعتبر مقصدا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أملا في قيام نظام اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، يمكن من تمتيع جميع افراد المجتمع، بحقوقهم الإنسانية، والشغلية، كما تراها الاشتراكية العلمية، وكما يتوصل إليها التحليل الاشتراكي العلمي الملموس، للواقع الملموس، مما يؤثر إيجابا، على مفهوم اليسار، وعلى مساره، وعلى برامجه، في أفق أن لا يعتبر يساريا، إلا الحزب، أو التوجه الحزبي، الذي يقتنع بالاشتراكية العلمية، في تطورها، على المدى القريب، أو المتوسط، أو البعيد، على أن يكون العمل اليساري، محسوبا، وعلى أن يتم التنسيق، أو التحالف بين المكونات اليسارية، المقتنعة بالاشتراكية العلمية، حتى تشكل جبهة مفتوحة، على كل التوجهات التقدمية، والديمقراطية، التي لا تعارض الاشتراكية العلمية ولا تعارض المقتنعين بالاشتراكية العلمية، على ان يكون العمل الجبهوي، حول نقاط محددة، يتم الاتفاق عليها، كبرنامج للحد الأدنى، في أفق إعادة تربية الشعب، على التحرير، وعلى الديمقراطية، وعلى الاشتراكية، حتى يصير الجميع، حريصا على بلوغ تحقيق الأهداف المسطرة، في برنامج الحد الأدنى، ودون المساس بالتاريخ النضالي، لأي حزب، ولأي توجه حزبي، وأن لا نعتبر الاندماج هدفا؛ لأن من جعلوا الاندماج هدفا، يسعون، في نفس الوقت، إلى تجريد الشعب من الأدوات المناضلة، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولصالح الجماهير الشعبية الكادحة، ولصالح الشعب المغربي الكادح.

والنظام المخزني، الذي أوحى إلى عملائه، المندسين داخل اليسار، بين قوسين، كان يسعى، باستمرار، إلى التخلص من كل الإطارات، التي ترتبط بالهم الشعبي الإنساني، الذي يؤطر الوجدان، والفكر العام، معا، ويسعى إلى جعل أي مواطن، يعاني من الحيف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، يحلم أن يتخلص من العبودية، والاستبداد، والاستغلال، وان يتحقق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، حتى يعمل الكادحون، بصفة عامة، على جعل النظام المخزني، يتوقف عن إنتاج نفسه، في الواقع المغربي، وعلى جعل البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، في ذمة التاريخ، وأن يتمكن الشعب المغربي، من الاختيار الحر، والنزيه، في إطار تحرره من كل أشكال العبودية، وتحقيق الديمقراطية الشعبية، حتى لا نسقط في الانخراط، في ديمقراطية الواجهة، ذات الطابع المخزني، والعمل على تحقيق الاشتراكية، التي تنشر العدل، بطابعه الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

هل يبقى الأمل في الطبقة العاملة؟

إن منظري الاشتراكية العلمية، بصفة عامة، وماركس وأنجلز، بصفة خاصة، عندما وضعوا كل أملهم في الطبقة العاملة، لم يكونوا مخطئين، بقدر ما أصابوا، وأحسنوا الإصابة، نظرا لكون الطبقة العاملة، طليعة المجتمع. فهي المنتجة للخيرات المادية، والمعنوية، وهي التي تمسك عن الإنتاج، وتتوقف عنه، لحسابات معينة، تقتضيها الشروط الموضوعية، التي يعيشها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ونظرا لأهمية الطبقة العاملة، بالنسبة للإنتاج المادي، والمعنوي، ولأهميتها في التوقف عن الإنتاج المادي، والمعنوي، لإرغام المستغلين أمامها، على الاستجابة للمطالب المادية، والمعنوية، وعندما تمتلك وعيها الطبقي، وعندما تصارع المستغلين، من أجل جعلهم ينصاعون لإرادتها، ويستجيبون لمطالبها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لأنها، بذلك، تكون قد أبانت عن قوتها، وعن قدرتها على سحق المستغلين، مهما كانوا، وكيفما كانوا.

فامتلاك الطبقة العاملة، للوعي بأوضاعها المادية، والمعنوية، يجعلها قادرة على انتزاع المزيد من المكاسب المادية، والمعنوية، بالإضافة إلى أن ذلك الوعي، يمكنها من الوعي بالذات، الذي يفرض امتلاك الأدوات، التي تمكنها من تحصين الذات، وتحصين الطبقة التي تنتمي إليها الذات، وجعلها تستوعب المادية الجدلية، والمادية التاريخية، من منطلق: أن توظيف قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، يجعل الطبقة العاملة، تدرك كل الأبعاد، التي تمكن من التطور، في الاتجاه الصحيح، في أفق مساهمة الطبقة العاملة، في تحقيق: التحرير، تحرير الإنسان، وتحرير الأرض، أو ما تبقى منها، تحت الاحتلال، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، التي هي المنطلق، لبناء الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة ديمقراطية، ودولة علمانية، ودولة للحق والقانون.

والمنظرون، عندما يصيبون الحقيقة، وعندما يلمسون كون الحقيقة، المتمثلة في طليعية الطبقة العاملة، فإن كونها طليعة المجتمع، تؤهلها إلى خوض، وقيادة الصراع، ضد الاستغلال، وضد احتلال الوطن، أو احتلال ما تبقى منه، وضد استعباد الإنسان، وضد الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى تحرير الإنسان، والأرض، أو ما تبقى منها، وتحقيق الديمقراطية، باعتبارها ديمقراطية الشعب، من الشعب، وإلى الشعب، وباعتبارها مدخلا لتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، لتكون بذلك قد التزمت بالعمل على تحقيق الأهداف، التي حددها الشهيد عمر بنجلون في: التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

والطبقة العاملة، الواعية بالأوضاع المادية، والمعنوية، وتستوعب أدوات الاشتراكية العلمية، المادية الجدلية، والمادية التاريخية، فإنها تصير مبدعة، في نضالها ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ومن أجل تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، إلا أن الطبقة العاملة، تفتقر إلى من يحمل إليها ذلك الوعي، الذي يسمى علميا بالوعي الطبقي. وهذا الحامل، هو الذي سماه لينين، بالمثقف الثوري، وسماه غرامشي، بالمثقف العضوي، مع فارق بسيط، هو أن المثقف الثوري، يأتي إلى الطبقة العاملة، من خارجها، بينما نجد أن حامل الوعي العضوي، ينبعث من بين صفوف الطبقة العاملة، ليقدم إليها وعيها، الذي يجب أن تمتلكه، لتصير مبدعة في مختلف المجالات، وقادرة على فضح التحريفيين، مهما كان مصدرهم، وكيفما كان هدفهم، في فضح طبيعتهم: البورجوازية الصغرى. إلا أنه، لا يهمهم إلا تكديس الثروات المادية، والمعنوية، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن خلال المسؤوليات التي يتحملونها، إما في النقابة، أو في أي إدارة، مع استغلال كل العلاقات، التي ينسجها، مع مختلف المسولين، بما في ذلك التمتع بامتيازات الريع، وممارسة النهب، والارتشاء، وغير ذلك، مما يجعله يشرع في تسلق الطبقات المختلفة، ليصير من الطبقة الأكثر ثراء، في المجتمع، ليدوس، بذلك، آلاف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يهضم حقوقهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية: الإنسانية، والشغلية، التي تصير هباء منثورا، لصالح من يهضم حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين لا يملكون إلا قوة عملهم، وقوة أجرهم، وحرصهم على النضال، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

فالبورجوازية الصغرى، المتطلعة، طبعا، هي التي تساهم، بشكل كبير، في هضم حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن تحقق تطلعاتها الطبقية.

ويبقى التساؤل، الذي يمكن طرحه، انسجاما مع عنوان الموضوع:

هل حققت 08 ماي 1983 مهامها؟

إن 08 ماي 1983، متميزة بأدائها، وبتحقيق أهدافها المادية، والمعنوية، وأولها، وآخرها، المحافظة على ما شرعنه الشهيد عمر بنجلون، في الحركة الاتحادية الأصيلة، من منطلق: أن الاشتراكية العلمية، هي الاقتناع الراسخ، للحركة الاتحادية الأصيلة، باعتبار ذلك الاقتناع، أساسا لبناء أيديولوجية الطبقة العاملة، التي أصبح حزب الطبقة العاملة، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، يتخذها أيديولوجية له، حتى يبني عليها تصوره التنظيمي، ويتخذ على أساسها، مواقفه السياسية، المعبرة عن عمق إرادة الشعب المغربي.

ونظرا، لأن 08 ماي 1983، يتم تعمد تغييبها، من قبل القيادة الحزبية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، فإن النسيان أخذ يمتد إليها، خاصة، وأن العديد من الأعضاء الحزبيين، الذين صاروا يتمتعون بالامتيازات الريعية، وصارت لهم رؤوس أموال، لا بأس بها، تكون لديهم طموح، بالوصول إلى مرتبة، يصيرون، بسببها، يحسبون من كبار أثرياء البلد، ومن العار، أن يقبلوا البقاء في حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذي هو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. ومسألة الاندماج، ما هي إلا ممارسة، تمهد للتنكر، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والتخلص منه، باسم الاندماج، في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.

وهذا التنكر، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان مسبوقا بالطرد، للعديد من الأطر الحزبية، من اللجنة المركزية، ومن الحزب، ومن القيادة الحزبية، ما هو إلا ممارسة، تفصح عن السعي إلى اندماج الحزب، في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، وأنا شخصيا، بعد تصفحي للمشاريع المقدمة إلى المؤتمر، لم أجد فيها ما يفيد، بأن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ساهم في إعدادها، ولا يوجد، كذلك، في نصوص التقارير، الصادرة عن المؤتمر، ولو كلمة واحدة، مما تعودنا على ترديده، بمرجعية أيديولوجية الطبقة العاملة، وبمرجعية أدبيات الاشتراكية العلمية، التي ينتمي إليها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ليتم، بذلك، اغتصاب دور 08 ماي 1983، حتى لا يتم استكماله، بقيام حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية. لأن 08 ماي 1983، قامت من أجل العمل على تحقيق الأهداف المذكورة، ولأن بناء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، تم من أجل تحقيق هذه الأهداف، ولأن هذه الأهداف، لا يمكن أن تسطر، هكذا، بدون العمل على تحقيقها، والتحقيق، لا يتم إلا بالنضال المستميت، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق تحرير الإنسان، والأرض، وتحقيق ديمقراطية الشعب: من الشعب، وإلى الشعب، كما كان يقول الفقيد أحمد بنجلون، وتحقيق الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية، التي تقوم بحماية التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية. وهو ما يترتب عنه: أن 08ماي 1983، لم تستكمل مهامها، ولم يرد لها أن تستكمل مهامها، كما أن التحالف بين الأحزاب الثلاثة، لم يستكمل مهامه، وفيدرالية اليسار الديمقراطي، قبل الاندماج، لم تستكمل مهامها. وهو ما يعبر عنه: بكون شروط الاندماج، كما تمت مناقشتها، في المجلس الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بمدينة فاس، لم تنضج بعد. فتم الاندماج بدون إنضاج الشروط، تحت تأثير طغيان التطلعات البورجوازية الصغرى.

فهل ينبعث حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من بين الرماد، كالفنيق، كما كان يقول الفقيد القائد الأممي: أحمد بنجلون، عندما كان قائدا لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي؟

وهل تستطيع الفئة القليلة، المتبقية في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أن تعيد الاعتبار للحزب؟

خلاصة عامة:

إن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ليس بضاعة تباع في الأسواق. إنه اقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف. إنه ممارسة للاشتراكية العلمية. إنه اقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة، وحزب للطبقة العاملة. إنه يناضل، ويقود النضال، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف كبرى، حددها الشهيد عمر بنجلون، قبل اغتياله بما يقارب سنة كاملة، سنة 1975، وفي 18 دجنبر من نفس السنة، سعيا إلى وضع حد لاستمرار الماضي النضالي، للشعب المغربي، وللحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية. إنه قوة الطبقة العاملة في الحاضر، وأملها في المستقبل، لا يعرف الخروج عن الطريق. وعلى من أعياه، عدم تحقيق تطلعاته الطبقية، أن ينسحب من ميدان حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ليندم في حزب فيدرالية اليسار، باعتباره حزبا "اشتراكيا كبيرا"، وهو ليس حزبا اشتراكيا كبيرا، ولا هم يحزنون، إنه حزب البيع، والشراء، مع المؤسسة المخزنية،، وحزب تحقيق التطلعات الطبقية حزب تلقي الريع المخزني، من قبل المنتمين إليه، في كل مكان يتواجد فيه، من المغرب، بسبب احتكاكهم الشديد بالسلطة المخزنية، التي تقدم لهم الامتيازات الريعية، بدون حدود، بالإضافة إلى استغلالهم لمختلف التنظيمات، التي يتواجدون فيها، من أجل تنمية ثرواتهم، التي أصبحت تضاهي كبار الأثرياء، في كل منطقة يعيشون فيها، باسم النضال، وباسم الشعب، وباسم السعي إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية. وهم في الواقع، لا يمارسون إلا الفساد، باسم النضال الجماهيري / الحزبي.

ونحن عندما طرحنا موضوع:

"هل أنجزت 08 ماي 1983، كل مهامها؟".

للنقاش الواسع، بين القراء، في الشرق، وفي الغرب، وفي الشمال، وفي الجنوب، من المغرب، ومن خارج المغرب، إنما نطرحه لتأكيد: أننا عندما اطلعنا على مختلف الوثائق، التي لم تعرض للنقاش، في مؤتمر الاندماج، لم نجد فيها، ما يشير، لا من قريب، ولا من بعيد، أي كلمة، يمكن أن تعبر عن مساهمة مناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في الإعداد لمؤتمر الاندماج، ماديا، ومعنويا، كما لا يوجد ما يشير إلى أن من كانوا في الإعداد لمؤتمر الاندماج، أن مناضلي الحزب، وخاصة العناصر المتنفذة في الكتابة الوطنية، المندمجة في المكتب السياسي، لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، باعتباره "حزبا اشتراكيا كبيرا"، أصروا على احترام القرارات، التي تمت المصادقة عليها، في المجلس الوطني للحزب، المنعقد في مدينة فاس، والتي لم يحترم منها أي قرار، ولا يستطيع أي مندمج أن يقنعني بالعكس، سواء كان في القيادة، أو في القاعدة. وهو ما يعني: أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، تم التخلص منه، باسم الاندماج.

وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لا يتم التخلص منه، لأنه يعتبر قوة مادية قائمة في الواقع، والصامدون في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، قادرون على إيجاد المناضلين، وإعادة البناء التنظيمي للحزب، والقيام بالإشعاع اللازم، حتى يعود الحزب إلى سابق عهده، في عهد الفقيد أحمد بنجلون، القائد التاريخي، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والقائد الأممي، الذي كان يملك الشعور بالتحريف، مهما كان مصدره، وكيفما كان هذا المصدر، وكان يقاوم هذا التحريف، بكل ما أوتي من قوة، وكان يفضح المحرفين، ويجعلهم أمام مسؤوليتهم التاريخية، في أفق إزاحتهم، ووضعهم في مزبلة التاريخ.

ونحن في تناولنا لموضوع:

"هل أنجزت 08 ماي 1983 كل مهامها؟".

تناولنا مفهوم 08 ماي 1983، في أبعادها المختلفة، من أجل الوصول إلى تأكيد: أن 08 ماي، كانت ضرورة تاريخية، كما تنا ولنا أن 08 ماي 1983، كانت لقطع الطريق على الممارسة الانتهازية، التي كانت الحركة الاتحادية ميدانا لها، كما أن 08 ماي 1983، كانت بمثابة إعلان للوضوح الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، والالتزام بالانكماش التنظيمي. ومحدوديته في البداية، هي تعبير عن عدم شيوع 08 ماي 1983، للتأثير في الواقع المغربي، وبإصرار على التخلي عنه، رغم المحاكمات، التي تعرض لها معتقلو 08 ماي 1983، وبعد أن صار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي قائما، وبعد أن بلغ مؤتمره سنة 2016 والذي أنتج لنا القيادة المندمجة، صار الانسياق وراء الأوهام، هو المصير، بعد شبه التجميد، الذي عرفه حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في السنوات الأخيرة، في عهد هذه القيادة السابقة بالخصوص، وصار فعل الحزب، غائبا غيابا مطلقا، من الميدان، بدعوى أن ما عليه التنظيم التقليدي للحزب، أصبح متجاوزا، وأن مفهوم الاشتراكية العلمية، أصبع غير مقبول، وأن أيديولوجية الطبقة العاملة، أصبحت متجاوزة، وأن الحزب نفسه، أصبح متجاوزا، وأن الفقيد أحمد بنجلون، عندما اختار اسم: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لم يكن مقتنعا به، لتبرير التنصل من الالتزام، الذي يجب تجاه الحزب، ماديا، ومعنويا، فكرا، وممارسة، والالتزام بالبرامج الحزبية المسطرة: اليومية، والأسبوعية، والنصف شهرية، والشهرية، والسنوية، أصبح غائبا. غير أن الممارسة الحزبية العامة، بسبب التضليل الممارس في الإطارات الحزبية المختلفة، وبسبب التجميد المقصود، الذي تعرضت له الخلايا، أصبح الخلط قائما، بين طموحات الشباب، وبين أوهام الشيوخ.

فالطموحات، التي عرفناها، منذ عرفنا دور الشباب، ودور الشابات، في تثوير الممارسة الحزبية، على المستوى الوطني، وخاصة في المدن الجامعية، المغذية لها، كما شهدنا، بذلك، وكما نشهد به، أمام التاريخ، خاصة، وأن جميع الفروع الحزبية، تستفيد من الحركة الحزبية الجامعية، وأغلب الأطر الحزبية، التي تم تفعيلها، والتعزيز بها، كانت في ذلك الوقت، في الشبيبة الحزبية، في القطاع الطلابي بالخصوص، وكان كل فرد من القطاع الطلابي، عبارة عن شحنة متقدة، في صفوف الطلبة، وفي صفوف الحزبيين، مما يجعل الحزب يتصدر في القطاعات الطلابية، ويعرف طرقه، في اتجاه التغلغل في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. يكفيهم أن يستوعبوا الاشتراكية العلمية، وأيديولوجية الطلقة العاملة، المعبرة عن مصالحها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

إلا أن عدم ثبات العديد من الحزبيين على المبدأ، جعل الحزبيين يفقدون البوصلة، ويتحول غالبيتهم إلى تابعين، وهو ما جعل الحزب يستغل، من واقع 08 ماي 1983، إلى واقع اللا تنظيم، والانخراط في البحث عن البديل التنظيمي، اللا اشتراكي، اللا علمي، المتجسد في حزب الاندماج، الذي لا يقتنع لا بالاشتراكية العلمية، ولا بأيديولوجية الطبقة العاملة، ولا يسعى إلى التغيير أبدا، ولا يتجاوز العمل، من أجل الحصول على أصوات الناخبين، وبعض المقاعد الجماعية، ومقعدا، أو مقعدين، في البرلمان. وعلى هذا الحزب الجديد، أن يصير عميلا للمخزن. كانوا يعتبرون التنظيم الخلوي، تنظيما مغلقا، إن أراد أن تصير له بعوض الجماعات، التي يتقوت منها. وهو ما يعني: أن المندمجين، كانوا يعتبرون التنظيم الخلوي، تنظيما مغلقا، وأن التنظيم المفتوح على الجماهير الشعبية الكادحة، هو التنظيم البديل، والذي يتمتع فيه المنتمون إلى الحزب الاندماجي، بتحررهم من الاشتراكية العلمية، ومن أيديولوجية الطبقة العاملة، وانخراطهم في الاختيار اللا اشتراكي، اللا علمي، ومن المحاسبة الفردية، والجماعية، ومن النقد، والنقد الذاتي، مع العلم أن التنظيم الذي يعتبرونه مغلقا، هو بوابة بناء الحزب الثوري، أما التنظيم المفتوح، فهو بوابة الانصهار في الاختيار اللا اشتراكي، اللا علمي، والتحرر من النضال، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كاختيار ثوري، من أجل أن نزرع الأمل في العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي انبثاق حزب ثوري حقيقي، عن الصراع من أجل قيام 08 ماي 1983، بأداء دورها التاريخي، حتى يؤدي الحزب الثوري الحقيقي، دوره في التغيير، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن يبقى الأمل في الطبقة العاملة، في تحقيق التحرير/ والديمقراطية، والاشتراكية.

ابن جرير في 16 / 02 / 2023