أمريكا : حقّا نموذج – للإبادة الجماعية الفاسقة كيف يمكن لأيّ إنسان شريف أن يُنكر أنّنا في حاجة إلى ثورة للإطاحة بهذا النظام ؟!


شادي الشماوي
2023 / 4 / 9 - 22:15     

بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 785 ، 13 جانفي 2023

هذا مقتطف من خطاب ألقاه بوب أفاكيان السنة الفارطة في اجتماع الشيوعيّين الثوريّين و قد أدخل عليه تعديلات من أجل النشر .
-----------------------------------------------
هناك نزاع محتدم للغاية في هذه البلاد حول ما إذا كان من الممكن حتّى الحديث عن تاريخ العبوديّة بأية طريقة حقيقيّة ، و الفاشيّون التفوّقيّون البيض يهاجمون و يحاولون منع أيّ نقاش جدّيّ للموضوع و خاصة فظائعه الفعليّة ، و يتركّز هذا النزاع بوجه خاص في النظام التعليميّ . أحيانا يقول هؤلاء الناس عمليّا بأنّ العبوديّة لم تكن شيئا بذلك السوء ! - أو يؤكّدون: " آه ، العبوديّة ، حدثت قبل فترة زمنيّة طويلة . لم تكن لديّ أيّة علاقة به . هذا من الماضي البعيد . كلّ الأمر من الماضي . لا علاقة لذلك بما يجرى الآن . كفّوا عن التباكي على أشياء حصّلت في الماضي و إنتهت ". لكن حين يتمّ الكلام عن هذه البلاد ، عن شكل فظيع بفظاعة العبوديّة عمليّا ، ليست العبوديّة مجرّد بعض التاريخ الديم .
سنة 2003 ، إستهللت خطاب " الثورة : لماذا هي ضروريّة ، و لماذا هي ممكنة ، و ماذا تعنى " بالحديث عن " البطاقات البريديّة للشنق " محيلا على مطلع أغنية لبوب ديلان . فكّروا في التاريخ الحقيقيّ لهذه البلاد . فكّروا في ما كان يجرى لما يناهز القرن ، عقب نهاية الحرب الأهليّة و الفترة القصيرة جدّا من إعادة البناء ، حينما كانت هناك محاولة للسماح عمليّا للسود لكسب بعض الحقوق – التي تمّ حينها الإنقلاب عليها مع ولادة الكو كلو كس كلان [ ku klux Klan ] و الإرهاب النظاميّ في الجنوب و الذى قامت بمجاراته كامل الطبقة الحاكمة للبلاد و مأسسته ، كجزء من " التوافق " الذى أبرمته في سبعينات القرن التاسع عشر . فكّروا في ما يعنيه هذا : لما يُناهز القرن ، لم يقع سحل آلاف السود ، لكن عديد عمليّات السحل هذه كانت تجرى أثناء تجمّعات جماهيريّة للبيض ، في حفلات شواء و أجواء إحتفاليّة . و تاليا ، عندما يقع شنق الأجساد و عادة حرقها ، عديد البيض كانوا يتقدّمون ليقتطعوا أجزاء من جسد المسحول كتذكار ، في جوّ كرنفاليّ .
أهذا ما يعنيه بيدن لمّا قال إنّ أمريكا كانت ملهمة للعالم ؟ ( حديثا قال إنّ أمريكا مثّلت مصدر إلهام للعالم لأكثر من قرنين من الزمن – ما يشمل زمن العبوديّة بجميع فظائعها الحقيقيّة جدّا ، و كذلك الميز العنصريّ لفترة جيم كرو و إرهاب كلو كلوكس كلان و آلاف عمليّات السحل التي أنفت الإشارة إليها ).
و الأمر لا يقف عند هذا الحدّ ... كانت تؤخذ صور و تُصنع بطاقات بريديّة و تباع عبر البلاد قاطبة – بطاقات بريديّة لعمليّات السحل . فكّروا في ما يعبّر عنه ذلك .
في ما يتعلّق بالفسق ، لا يمكن إيجاد أيّ شيء قام به هتلر و النازيّون كان أسوأ من هذا . كان هناك الدكتور النازيّ منجلي الذى تنقّل بين معسكرات الحشد النازيّة و أجرى تجاربا غريبة على أجساد اليهود السجناء هناك . وكان ذلك رهيبا. و هذا جزء من أسوء الفظائع في تاريخ الإنسانيّة ، كامل الهلوكست ( نظام قتل ملايين اليهود على يد النازيّين ). لكن ، مرّة أخرى في ما يتعلّق بالفسق ، حتّى عقب العبوديّة ، ما كان يجرى لما يناهز القرن من الزمن في هذه البلاد لم يكن أقلّ فظاعة – يصنّف بمستوى فظائع النازيّة – بينما يقال لنا طوال الوقت إنّ " هذا أعظم بلد في العالم ، هذا قائد العالم الحرّ ، هذا مصدر إلهام للناس في العالم بأسره ".
و معاملة السود بوجه خاص في الولايات المتّحدة ، و كذلك كامل الأشياء المتّصلة بتحسين النسل البشريّ التي ظهرت في هذه البلاد – حيث وقع التقدّم بفكرة أنّ الناس الذين وقع إعلانهم " أدنى " بشكل أو آخر ، بما في ذلك المعاقين ، لا ينبغي السماح لهم بالتوالد لأنّهم جرّوا البشر إلى مستوى أسفل - و لأنّ تحسين النسل و العنصريّة الإباديّة الجماعيّة في الولايات المتّحدة كانت نموذجا لما سيفعله النازيّون و بوجه خاص مع اليهود . فكّروا فحسب في هذا ، بينما يصمّون أذاننا بعظمة هذه البلاد و إعتبارها مصدر إلهام للعالم ... و على يبدو كان ملهما كبيرا للنازيّين .
و لا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ . فحتّى مع نهاية نظام التمييز جيم كرو و الميز العنصريّ المنهجي المركّز في الجنوب مع وجوده عمليّا عبر البلاد لما يقارب القرن – حتّى مع وضع نهاية لهذا التمييز و الميز العنصريّين القانونيّين و ما نجم عن ذلك من فظائع – لا يزال مستمرّا الإضطهاد الرهيب للسود و غيرهم من الملوّنين .
و اليوم ، بدلا من الكلو كلوكس كلان بملابسهم البيضاء و أقنعتهم ، إنّها الشرطة بزيّها الأزرق ( رغم أنّ بعضهم يمكن أن يكون منتميا إلى الكلو كلوكس كلان ) هي التي تقترف قتل السود المرّة تلو الأخرى ، و كذلك اللاتينو [ المنحدرون من بلدان أمريكا اللاتينيّة ] و السكّان الأمريكيّين الأصليّين [ الهنود الحمر ] . و إنّه لواقع أنّه منذ ستّينات القرن العشرين وقع قتل المزيد من السود على يد الشرطة من الآلاف الذين سجّلوا في الفترة التالية للحرب الأهليّة إلى ستّينات القرن العشرين. و هذا ، إلى جانب السجن الجماعي للسود و اللاتينو أيضا ، تعبير مكثّف عن الإضطهاد العام .
في نهاية المطاف ، بداية من ستّينات القرن العشرين ، وُجدت معارضة غجتماعيّة واسعة لكلّ هذه الفظائع العنصريّة – معارضة جماهير السود إلتحقت بها أعداد كبيرة من البيض ، و آخرين و خاصة الشباب . لكن ، رغم مثل هذه المعارضة الجماهيريّة – التي وقع التعبير عنها مرارا و تكرارا ، مرّة أخرى بطريقة هامة سنة 2020- الإضطهاد العنصريّ و الإرهاب العنصريّ ، اجل بأبعاد إباد جماعيّة ، يتواصل بلا توقّف . لماذا ؟ لأنّه مبنيّ في هذا النظام الرأسمالي – افمبريالي الذى يحكم هذه البلاد و يهيمن على العالم قاطبة .
هذه هي حقيقة بلاد و نظام يدعوننا إلى الإحتفاء به بإعتباره مصدر إلهام كبير . و ليس هذا سوى جزء من فظائع هذا النظام – و مهما كان قدر ذلك ، بمعنى حقيقيّ ، تكثيف لهذه الفظائع .
كيف يمكن لإنسان شريف أن يُنكر أنّنا في حاجة إلى ثورة للإطاحة بهذا النظام ؟َ!
----------
من أجل المزيد من التفاصيل عن الفضح القويّ لهذا النظام من طرف بوب أفاكيان ، و عن إفلاس مساعى إصلاحه و الحاجة الإستعجاليّة للإطاحة به بواسطة ثورة فعليّة و " عن قرب و شخصيّا " و تطوّر بوب افاكيان و دوره كقائد ثوريّ، عليكم بالتوجّه إلى " حوارات بوب أفاكيان " على اليوتيوب ضمن برنامج " الثورة ، لا شيء أقلّ من ذلك ! " .