أزمة سياسية أم أزمة نظام سياسي في المغرب ؟ ملاحظات سريعة /


أحمد زوبدي
2023 / 4 / 9 - 00:36     


هناك عدة أشكال للأزمة السياسية. سأحاول إثارة شكلين اثنين أساسيين.
الشكل الأول تعرف فيه السياسة تعثرا عابرا ناتجا عن صلابة الأطراف المحركة للشأن السياسي أي أن ميزان القوى يتحرك في فضاء السلطة والسلطة المضادة. وهو ما تعرفه غالبا الدول الديمقراطية. تأخذ الأزمة طابعا يؤثت لنقلة نوعية بعد تجاوز هذا الثعثر. تنطلق الأمور بشكل صحي تكون فيها السياسة قد شقت طريقها في اتجاه وضع برامج قابلة للتطبيق على أرض الواقع. هذا المناخ الذي يعكس الصراع الصحي للقوى السياسية تمليه الديمقراطية التي نشأت بعد نكسات متتالية. نضج الديمقراطية يؤدي إلى مأسسة التوافق السياسي الذي يدفع بالإصلاحات والمشاريع في اتجاه مواكبة التحولات المجتمعية. هذا الشكل ينمو في بلد ديمقراطي يستحق فيه الشعب الذي ناضل من أجل القيم النبيلة أن يقطف نتائج التضحيات الجسام التي قام بها. لكن هذا لا يستثني أن تعرف الديمقراطية انحرافات خطيرة يمكن أن تضع النظام السياسي القائم موضع تساؤل لأجل تجاوز الوضع. أمام هذه المأساة تنهض قوى التحرر والتقدم وفي مقدمتها المثقف الرسولي ليحمي الديمقراطية.
الشكل الثاني من الأزمة السياسية والمتعلق بالدول غير الديموقراطية، هو ذلك الذي تأخذ فيه السياسة غطاءا فلكلوريا أي سياسة الواجهة والفرجة. السياسة تكون مأزومة وفي المقابل هناك سياسة أخرى تمارس وهي التي في الحقيقة تقرر مصير البلاد أي تأخذ فيها اختيارات غير ديمقراطية تخدم مصالح الطبقة المسيطرة في غياب سلطة مضادة. الأزمة السياسية هنا لا يمكن لمسها بسهولة ولا يمكن أن يراها السياسي المتخاذل أو المثقف المزيف. المناضل الحقيقي والمثقف الرسولي وحدهما هما اللذان يدركا معنى السياسة المأزومة التي يقرءا من خلالها أزمة النظام برمته. هذا صحيح في دولة كالمغرب والدليل أن السياسة أصبح يمارسها مشعوذون وساسة لصوص، أما السياسة الحقيقية فتمارسها الدولة العميقة، أي القصر، في علاقة وطيدة مع الإمبريالية والصهيونية التي تحميها باستمرار من الهزات الشعبية. في هذا الوضع الشاذ يغيب بهدوء مفهوم الأزمة السياسية و تحل مكانه أزمة النظام السياسي بأكمله. حتى يستطيع النظام السياسي من الاستمرار من الضروري أن تكون الحاجة هنا لسياسيين يملؤون الساحة ضجيجا وشعوذة ليحجبوا ممارسة النظام الاستبدادية. يقوم بالضبط هنا النظام بالتوظيف الإيديولوجي لمفهوم الأزمة السياسية ليملأ الفراغ القائم وكأن فعلا المشكل فقط في الشكل وليس في المضمون سياسيا. أزمة النظام السياسي القائم تفرض بالمقابل بناء سلطة مضادة لأجل ميزان قوى يخدم مصالح الطبقات الشعبية في أفق بناء دولة الحق والقانون النابعة من سلطة وسيادة الشعب.