تأسيس البعث: قبيلة قريش التي صارت دولة


نضال نعيسة
2023 / 4 / 8 - 00:02     

في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفي المستعربون وأحفاد سبايا الاحتلال العربي والإسلامي وأنصار الغزو واستعمار قبيلة قريش لسوريا ولقطاء بني امية بذكرى ما يسمى تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، تيمناً وإحياءً وتبريراً لهذا الاحتلال البغيض لبلدهم ولشكر الغزاة على تدمير الحضارات السورية القديمة ودفن تراثها ويقيمون، لذلك، الأعراس والليالي الملاح ويعقدون الدبكات ويلقون الخطب التمجيدية بهذه المناسبة العظيمة التي قامت فكرتها الأساسية على قداسة قبيلة قريش الصحراوية وتعظيم شأنها.
وللعلم، فإن قبيلة قريش البدوية الصحراوية "العربية" التي كانت تغزو وتسطو على الممتلكات وتقطع طريق القوافل وتسبي النساء وتبيعهن في سوق النخاسة وتغير على القبائل وتقنص، وتقطع الطريق أمام القوافل التجارية وتقوم بسلها ونهبها وتجبر البشر على اعتناق عقيدة ما وشكـّلت جيوشاً جرارة للاعتداء على دول الجوار وإخضاعها في عملية عولمة الغزو البدوي صار اسمها فيما بعد، وعلى يد بعض الفلاذكة المراهقين المستعربين، "العروبة" وذلك بعد 1400 عام من حروبها في الإقليم وغزواتها وعملية تدمير وإلغاء وطمس حضارات الشرق القديمة والعظيمة وفرض ثقافتها ونمط عيشها الفظ الظلامي على السكان الأصليين المتنورين وتهجيرهم والقضاء عليهم، وصار لها "ثورة"، (انقلاباً عسكرياً)، قام به بعض الجنرالات المستعربين، من تلاميذ البكباشي ناصر اسموها ثورة الثامن من آذار المجيدة التي أطاحت بسلطة الانفصاليين الوطنيين السوريين وأعلنت بعدها الأحكام العرفية وقانون الطوارىء لمدة خمسين عاماً على شعب اعزل منكوب مغلوب على أمره وصار لهذه القبيلة دولة وحكومة ووزراء وسفارات وأجهزة أمنية قمعية مرعبة فاشية تمارس مكارثية مشوهة ومستبدة تحارب التنوير والمتنورين وتحصي على الرعايا أنفاسهم وتزجرهم وتعتقلهم وترميهم في غياهب السجون وصار لها حزب قائد لتلك الدولة والمجتمع يتغنى بأفعالها ويشيد بحروبها ضد دول الإقليم وإخضاع شعوبها بالسيف وفرض أكبر عملية تطهير ثقافي وعرقي بالتاريخ وبات هذه الحزب "القائد" يصف بأدبياته أفعالها وشرورها بالغزو والإخضاع بأنها فتوحات عظيمة و"رسالة خالدة" مقدّسة يجب الاقتداء بها، ويلقـّنها ويعلـّمها للأطفال ويردد شعارها ويمجـّدها في كل يوم في الطابور المدرسي مـُعبـِـراً لهم عن أعجابه وافتخاره بأفعال هذه القبيلة، وصارت عاصمتها تكنى تباهياً بـ"قلب العروبة النابض"، أي مركز ومعقل ومقر وعاصمة الغزو والاحتلال، على غرار بروكسل التي تعتبر مقراً لحلف البرابرة الأطلسيين "الناتو"، وصار لهذه القبيلة الصحراوية قيادة قطرية وقومية واجتماعات حزبية ومخبرون يعملون على حماية "أمنها القومي" ويحافظون عليه بكتابة التقارير الكيدية بالفقراء والمعدمين، وصار لها منطلقات نظرية ومنظـّرون ومفكرون ورفاق وفروع موزعة وشعب وفرق حزبية موزعة في كل شارع وحي، وأمناء شعب حزبية وفروع حزبية معظم أمنائها "دكاترة" بكالوريا أدبي شحط و"تالت" ابتدائي راسب ويعيد، مرصعة أسماؤهم بحرف "د." إذ يحملون شهادات دكتوراه مسروقة ومزورة، ومشتراة بحُـرّ مالهم و"فلوسهم" الخرافية من جامعات الصداقة السوفييتية البائدة، وكم هي محظوظة هذه القبيلة إذ صار لها علم وهتافات وشعارات ونشيد خاص تهتف به الحناجر في المسيرات المليونية العفوية وأيام العمل البهلوانية الطوعية "يا شباب العرب هيا وانطلق يا موكبي...وارفع الصوت قوياً عاش بعث العرب" ( أي بعث وإحياء ثقافة ولغة وتقاليد تلك القبيلة الغازية)، ووراؤها شعب عقائدي يردّد شعارات الولاء لها بالاجتماع الصباحي الباكر يومياً، وصار يشترط على البني آدم الانتماء لهذه القبيلة والولاء لها والضرب بسيفها حتى ينال حقوقه في وطنه الأصلي ويترقى بالمناصب و"يتوظف" حتى لو ساعي بريد بدولة الرسالة الخالدة، كما صار لها حكومة ووزراء ومسؤولون أشاوس عندهم فضائيات وإعلام وصحافة عقائدية ملتزمة وجريدة رسمية ناطقة باسمها يعلنون من خلالها وبها الحرب على أمم الكون وحكومات العالم، أجمع، ويتحدّون المجتمع الدولي ويتطاولون عليه ويهددون البشرية ويقولون أنهم يريدون تدمير الرأسمالية العالمية الملعونة والمذمومة والكريهة المكروهة بالنسبة لهم، بصيغتها الإمبريالية الحقيرة، لا بل، فوق ذلك كله، يريدون لهذه القبيلة أن تصبح قطباً دولياً له صوت ومقعد في مجلس الأمن الدولي يحظى بحق النقض "الفيتو" (وما حدا أحسن من حدا)..