هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟.....18


محمد الحنفي
2023 / 4 / 6 - 20:27     

إهداء إلى:

ـ الرفاق المستمرين في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

ـ الغاضبين على حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بقيادة الكتابة الوطنية السابقة، قبل الاندماج القسري، بدون شروط.
ـ المجمدين لعضويتهم قبل الاندماج، من أجل استعادة عضويتهم، والمساهمة في تفعيله وطنيا، وإقليميا، وجهويا، في حزب الطيعة الديمقراطي الاشتراكي.

ـ كل المناضلين، الذين انساقوا مع الاندماج، لتوهمهم بأنه سيستمر بنفس هوية حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وبنفس تأثيره في الواقع، وبنفس أثره على الحياة العامة.

ـ من أجل استمرار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بنفس الهوية الاشتراكية العلمية، والعمالية، وبنفس الأيديولوجية المبنية على اساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية.

ـ من أجل جعل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي: حزبا ثوريا قويا.

ـ من أجل بناء مجتمع التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كما خطط لذلك الشهيد عمر بنجلون.

محمد الحنفي

هل يبقى الأمل في الطبقة العاملة؟

إن منظري الاشتراكية العلمية، بصفة عامة، وماركس وأنجلز، بصفة خاصة، عندما وضعوا كل أملهم في الطبقة العاملة، لم يكونوا مخطئين، بقدر ما أصابوا، وأحسنوا الإصابة، نظرا لكون الطبقة العاملة، طليعة المجتمع. فهي المنتجة للخيرات المادية، والمعنوية، وهي التي تمسك عن الإنتاج، وتتوقف عنه، لحسابات معينة، تقتضيها الشروط الموضوعية، التي يعيشها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ونظرا لأهمية الطبقة العاملة، بالنسبة للإنتاج المادي، والمعنوي، ولأهميتها في التوقف عن الإنتاج المادي، والمعنوي، لإرغام المستغلين أمامها، على الاستجابة للمطالب المادية، والمعنوية، وعندما تمتلك وعيها الطبقي، وعندما تصارع المستغلين، من أجل جعلهم ينصاعون لإرادتها، ويستجيبون لمطالبها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لأنها، بذلك، تكون قد أبانت عن قوتها، وعن قدرتها على سحق المستغلين، مهما كانوا، وكيفما كانوا.

فامتلاك الطبقة العاملة، للوعي بأوضاعها المادية، والمعنوية، يجعلها قادرة على انتزاع المزيد من المكاسب المادية، والمعنوية، بالإضافة إلى أن ذلك الوعي، يمكنها من الوعي بالذات، الذي يفرض امتلاك الأدوات، التي تمكنها من تحصين الذات، وتحصين الطبقة التي تنتمي إليها الذات، وجعلها تستوعب المادية الجدلية، والمادية التاريخية، من منطلق: أن توظيف قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، يجعل الطبقة العاملة، تدرك كل الأبعاد، التي تمكن من التطور، في الاتجاه الصحيح، في أفق مساهمة الطبقة العاملة، في تحقيق: التحرير، تحرير الإنسان، وتحرير الأرض، أو ما تبقى منها، تحت الاحتلال، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، التي هي المنطلق، لبناء الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة ديمقراطية، ودولة علمانية، ودولة للحق والقانون.

والمنظرون، عندما يصيبون الحقيقة، وعندما يلمسون كون الحقيقة، المتمثلة في طليعية الطبقة العاملة، فإن كونها طليعة المجتمع، تؤهلها إلى خوض، وقيادة الصراع، ضد الاستغلال، وضد احتلال الوطن، أو احتلال ما تبقى منه، وضد استعباد الإنسان، وضد الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى تحرير الإنسان، والأرض، أو ما تبقى منها، وتحقيق الديمقراطية، باعتبارها ديمقراطية الشعب، من الشعب، وإلى الشعب، وباعتبارها مدخلا لتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، لتكون بذلك قد التزمت بالعمل على تحقيق الأهداف، التي حددها الشهيد عمر بنجلون في: التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

والطبقة العاملة، الواعية بالأوضاع المادية، والمعنوية، وتستوعب أدوات الاشتراكية العلمية، المادية الجدلية، والمادية التاريخية، فإنها تصير مبدعة، في نضالها ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ومن أجل تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، إلا أن الطبقة العاملة، تفتقر إلى من يحمل إليها ذلك الوعي، الذي يسمى علميا بالوعي الطبقي. وهذا الحامل، هو الذي سماه لينين، بالمثقف الثوري، وسماه غرامشي، بالمثقف العضوي، مع فارق بسيط، هو أن المثقف الثوري، يأتي إلى الطبقة العاملة، من خارجها، بينما نجد أن حامل الوعي العضوي، ينبعث من بين صفوف الطبقة العاملة، ليقدم إليها وعيها، الذي يجب أن تمتلكه، لتصير مبدعة في مختلف المجالات، وقادرة على فضح التحريفيين، مهما كان مصدرهم، وكيفما كان هدفهم، في فضح طبيعتهم: البورجوازية الصغرى. إلا أنه، لا يهمهم إلا تكديس الثروات المادية، والمعنوية، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن خلال المسؤوليات التي يتحملونها، إما في النقابة، أو في أي إدارة، مع استغلال كل العلاقات، التي ينسجها، مع مختلف المسولين، بما في ذلك التمتع بامتيازات الريع، وممارسة النهب، والارتشاء، وغير ذلك، مما يجعله يشرع في تسلق الطبقات المختلفة، ليصير من الطبقة الأكثر ثراء، في المجتمع، ليدوس، بذلك، آلاف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يهضم حقوقهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية: الإنسانية، والشغلية، التي تصير هباء منثورا، لصالح من يهضم حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين لا يملكون إلا قوة عملهم، وقوة أجرهم، وحرصهم على النضال، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

فالبورجوازية الصغرى، المتطلعة، طبعا، هي التي تساهم، بشكل كبير، في هضم حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن تحقق تطلعاتها الطبقية.

ويبقى التساؤل، الذي يمكن طرحه، انسجاما مع عنوان الموضوع:

هل حققت 08 ماي 1983 مهامها؟

إن 08 ماي 1983، متميزة بأدائها، وبتحقيق أهدافها المادية، والمعنوية، وأولها، وآخرها، المحافظة على ما شرعنه الشهيد عمر بنجلون، في الحركة الاتحادية الأصيلة، من منطلق: أن الاشتراكية العلمية، هي الاقتناع الراسخ، للحركة الاتحادية الأصيلة، باعتبار ذلك الاقتناع، أساسا لبناء أيديولوجية الطبقة العاملة، التي أصبح حزب الطبقة العاملة، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، يتخذها أيديولوجية له، حتى يبني عليها تصوره التنظيمي، ويتخذ على أساسها، مواقفه السياسية، المعبرة عن عمق إرادة الشعب المغربي.

ونظرا، لأن 08 ماي 1983، يتم تعمد تغييبها، من قبل القيادة الحزبية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، فإن النسيان أخذ يمتد إليها، خاصة، وأن العديد من الأعضاء الحزبيين، الذين صاروا يتمتعون بالامتيازات الريعية، وصارت لهم رؤوس أموال، لا بأس بها، تكون لديهم طموح، بالوصول إلى مرتبة، يصيرون، بسببها، يحسبون من كبار أثرياء البلد، ومن العار، أن يقبلوا البقاء في حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذي هو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. ومسألة الاندماج، ما هي إلا ممارسة، تمهد للتنكر، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والتخلص منه، باسم الاندماج، في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.

وهذا التنكر، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان مسبوقا بالطرد، للعديد من الأطر الحزبية، من اللجنة المركزية، ومن الحزب، ومن القيادة الحزبية، ما هو إلا ممارسة، تفصح عن السعي إلى اندماج الحزب، في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، وأنا شخصيا، بعد تصفحي للمشاريع المقدمة إلى المؤتمر، لم أجد فيها ما يفيد، بأن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ساهم في إعدادها، ولا يوجد، كذلك، في نصوص التقارير، الصادرة عن المؤتمر، ولو كلمة واحدة، مما تعودنا على ترديده، بمرجعية أيديولوجية الطبقة العاملة، وبمرجعية أدبيات الاشتراكية العلمية، التي ينتمي إليها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ليتم، بذلك، اغتصاب دور 08 ماي 1983، حتى لا يتم استكماله، بقيام حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية. لأن 08 ماي 1983، قامت من أجل العمل على تحقيق الأهداف المذكورة، ولأن بناء حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، تم من أجل تحقيق هذه الأهداف، ولأن هذه الأهداف، لا يمكن أن تسطر، هكذا، بدون العمل على تحقيقها، والتحقيق، لا يتم إلا بالنضال المستميت، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق تحرير الإنسان، والأرض، وتحقيق ديمقراطية الشعب: من الشعب، وإلى الشعب، كما كان يقول الفقيد أحمد بنجلون، وتحقيق الاشتراكية، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية، التي تقوم بحماية التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية. وهو ما يترتب عنه: أن 08ماي 1983، لم تستكمل مهامها، ولم يرد لها أن تستكمل مهامها، كما أن التحالف بين الأحزاب الثلاثة، لم يستكمل مهامه، وفيدرالية اليسار الديمقراطي، قبل الاندماج، لم تستكمل مهامها. وهو ما يعبر عنه: بكون شروط الاندماج، كما تمت مناقشتها، في المجلس الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بمدينة فاس، لم تنضج بعد. فتم الاندماج بدون إنضاج الشروط، تحت تأثير طغيان التطلعات البورجوازية الصغرى.

فهل ينبعث حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من بين الرماد، كالفنيق، كما كان يقول الفقيد القائد الأممي: أحمد بنجلون، عندما كان قائدا لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي؟

وهل تستطيع الفئة القليلة، المتبقية في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أن تعيد الاعتبار للحزب؟