6 أبريل لتجاوز تجربة الوثيقة الدستورية


تاج السر عثمان
2023 / 4 / 4 - 02:55     

1
اشرنا سابقا بمناسبة ذكرى 6 أبريل الي أن الاتفاق الإطارى بين اللجنة الأمنية وقوى الحرية والتغيير – المحلس المركزي وبقية القوى الموقعة بضغط خارجي، يعيدنا لمربع تجربة الوثيقة الدستورية 2019 "المعيبة" التي كان حصادها هشيما ، فلا يمكن تكرار التجربة السابقة بنفس الطريقة، وتتوقع نتيجة مختلفة غيرالكزيد من الفشل ، وإعادة إنتاج الأزمة والانقلاب العسكري ، كما حدث في انقلاب 25 أكتوبر الذي أدي لتدهور الاوضاع الاقتصادية المعيشية والأمنية جراء تعدد الجيوش والحملات المستمرة للتجنيد ، وانتهاك حقوق الانسان وحرية التنقل والاتصالات بالقمع الوحشي للمواكب السلمية واعلان حالة الطوارئ واغلاق الكبارى والانترنت، والابادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق جنوب وغرب كردفان والشرق .الخ.
فالاتفاق الإطارى يكرس حكم العسكر والجنجويد واتفاق جوبا الفاشل ، والافلات من العقاب ، واستمرار نهب ثروات البلاد والتفريط في سيادتها الوطنية، جراءالتدخل الكثيف في الشؤون الداخلية للبلاد .
فقد عاش شعبنا تجربة التوقيع على الوثيقة الدستورية في 17 أغسطس 2019 بين اللجنة الأمنية وقوي "الهبوط الناعم" في (قحت) والتي كرّست هيمنة المكون العسكري في الشراكة ، كما هو الحال في اتفاق تقاسم السلطة الذي اعطي العسكر21 شهرا الأولي ، وتعيين وزيري الداخلية والدفاع، الابقاء علي الدعم السريع والقوات المسلحة والشرطة في يد المجلس السيادي، ، وغض الطرف عن مليشيات النظام البائد ( كتائب الظل ، الدفاع الشعبي، الوحدات الجهادية الطلابية. الخ)، تعيين المجلس السيادي لمفوضيات مهمة مثل : الانتخابات – الدستور- المؤتمر الدستوري، والابقاء علي المراسيم الدستورية من 11 أبريل 2019 الي بداية سريان الاتفاق.
2
الاتفاق الإطارى كما في الوثيقة الدستورية تمّ بتدخل خارجي اقليمي وعالمي بات معلوما تفاصيله للجميع بهدف فرض "الهبوط الناعم" الذي يعيد سياسات النظام السابق الاقتصادية والقمعية وتحالفاته العسكرية التي تفرط في سيادة البلاد ونهب ثرواتها الزراعية والمعدنية والحيوانية وأراضيها الخصبة ومياهها الجوفية، والاستمرار في الاتفاقات الجزئية - كما في اتفاق جوبا - التي تتحول لمحاصصات وفساد ،و تعمق الصراعات القبلية والاثنية وتهدد وحدة البلاد، ولضمان الحفاظ علي مصالح تلك القوي ( قواعد عسكرية ، موانئ، الخ).
كما ابقي الاتفاق علي التمكين وعطلت اللجنة الأمنية استرداد أموال الشعب المنهوبة ، والاصلاح الأمني والعسكري والعدلي والقضائي تحت قيادة مدنية ، وابقي على المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية المدنية والعسكرية ومصادر التراكم الرأسمالي الطفيلي ( العائد من حرب اليمن ، نهب وتهريب الذهب ،وعدم ضم شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والشرطة والدعم السريع ، والمحاصيل النقدية ، والماشية والاتصالات . الخ لولاية وزارة المالية) .
كان الهدف من الاتفاق اجهاض الثورة وأهدافها وقيام شراكة بين العسكر والمدنيين يكون المهيمن فيها المكون العسكري بدلا من قيام الدولة المدنية الديمقراطية، اضافة لقطع الطريق أمام قيام نظام ديمقراطي يكون منارة في المنطقة.
3
بعد التوقيع علي الوثيقة الدستورية كان الحصاد هشيما ، كما أكدت التجربة الماضية التوقعات باجهاض الثورة والسير في "الهبوط الناعم" تحت هيمنة المكون العسكري ،كما في حالة عدم الرضا والخرق المستمر للوثيقة الدستورية ، وعدم تنفيذ جداولها الزمنية مثل عدم انجاز شئ في لجنة التقصي في مجزرة فض الاعتصام.
- عدم تكوين المجلس التشريعي.
- تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية بدلا من تحسينها ودعم الدولة للتعليم والصحة ، وتمكين الشباب والمرأة. الخ ، كما جاء في الوثيقة .
-البطء في تفكيك النظام البائد واسترداد الأموال المنهوبة.
- عدم الغاء القوانين المقيدة للحريات، واصدار قوانين ديمقراطية للنقابات والاتحادات. الخ.
- لم يتم عودة جميع المفصولين العسكريين والمدنيين.
- لم تتكون المحكمة الدستورية واصلاح النظام العدلي والقانوني.
- خرق المكون العسكري للوثيقة الدستورية بهمينته علي ملف السلام والسياسة الخارجية من مجلس الوزراء ، والالتفاف علي "الوثيقة الدستورية"، وافراغها من مضمونها، وتوقيع اتفاق جوبا الذي كان انقلابا آخرا علي "الوثيقة الدستورية"، تعلو بنوده عليها ، والتطبيع مع اسرائيل بلقاء البرهان – نتياهو ، والسماح بالقواعد العسكرية علي البحر الأحمر .الخ.
- مصادرة حق الحياة الذي كفلته "الوثيقة الدستورية" القمع واطلاق النار علي المواكب والتجمعات السلمية مما أدي الي استشهاد البعض وجرحي ، والاعتداء علي الصحفيين والنساء من بعض المتفلتين من القوات النظامية ، وقيام بيوت أشباح للدعم السريع ، والتهاون مع مواكب الفلول ، واستمرار الإبادة الجماعية في دارفور والشرق وجنوب وغرب كردفان. الخ بهدف نهب الموارد، كما هو جارى الآن..
- وصل الانحراف عن الوثيقة و أهداف الثورة بالدعوات للمصالحة مع الاسلامويين.
- الدعوات للاتتخابات المبكرة بدون تحقيق اهداف الفترة الانتقالية واستحقاقاتها التي تؤدي لانتخابات حرة نزيهة بعد المؤتمر الدستوري ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يتوافق عليه الجميع.
كل ذلك ، يؤكد ما طللنا نشير اليه منذ التوقيع علي الوثيقة الدستورية ( المعيبة) أنها اصبحت حبرا علي ورق ، ومعبرا لاجهاض الثورة ، وامتدادا لسياسات النظام البائد في خرق العهود والمواثيق، كما حدث في الانقلاب عليها في 25 أكتوبر بعد أن حانت ساعة تسليم السلطة للمدنيين .
أخيرا تكرار تجربة الوثيقة الدستورية الفاشلة كما في الاتفاق الإطارى مهدد خطير لوحدة البلاد كما في الجيوش وحملات التجنيد الجارية ، بإعادة إنتاج سياسات النظام المدحور القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية والاستمرار في نهب ثراوات البلاد ، واستمرار الانقلابات العسكرية ، وعدم استدامة الديمقراطية باعتبارها الشرط للاصلاح الأمني والعسكري والقضائي والقانون وعدم الافلات من المحاسبة، والحفاظ على ووحدة وثروات البلاد ومستقبل الأجيال القادمة.
في ذكرى 6 أبريل ، أوسع نهوض وخروج جماهيري للشارع ،ومواصلة التراكم النضالي الجماهيري الجاري بمختلف الأشكال ، و في أوسع تحالف ثوري لاسقاط الانقلاب، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة و مهام الفترة الانتقالية .
المجد والخلود للشهداء ، عاجل الشفاء للجرحي ، وعودا حميدا للمفقودين ، والحرية لكل المعتقلين السياسيين.