ماركس والاستغلال الرأسمالي ومستقبل الطبقة العاملة.


غازي الصوراني
2023 / 4 / 3 - 23:14     

إن تنبؤات ماركس بصدد اقتصاد المستقبل ما زالت متفوقة على الآراء الخاصة بالاقتصاد الرأسمالي التي تتحدث عن التطور التكنولوجي الهائل بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والنانو واقتصاد المعرفة والمعلوماتية وغياب دور وتأثير الطبقة العاملة_ البروليتاريا_ أو"انتهاء العمل" في بلدان المراكز الرأسمالية خصوصاً .
انطلاقاً من قناعتي هذه _ بالمعنى الموضوعي _سيظل التهديد الثوري الذي تمثله الطبقات العاملة في المجتمعات الرأسمالية في سيرورة صعود متزايد لن يتراجع ؛ بل إن حاجة كوكبنا للإشتراكية في هذه المرحلة للخلاص من بشاعة الاستغلال الرأسمالي الاحتكاري المعولم عموما وحاجة شعوب بلدان العالم الفقيرة خصوصاً للإشتراكية في هذا القرن الحادي والعشرين هي أكبر عشرات المرات مما كان عليه حال الاستغلال الرأسمالي في مرحلة ماركس وفي القرن الماضي .
المهم هنا أن معيار الانتماء الطبقي لا يتحدد بنوع العمل الذي يمارسه العامل العادي أو الصناعي من ذوي الياقات الزرقاء أو الذهني من ذوي الياقات البيضاء ؛وانما بوضع العامل داخل عملية الإنتاج _ بما إذا كان مستغلاً أو غير مستغل _ وبالتالي فإن فهمنا للطبقة العاملة على هذا النحو أو وفق هذا التحليل ؛ سيؤكد بالمعنيين الذاتي والموضوعي إقرارنا الواعي بأن الطبقة العاملة اليوم أكبر وأقوى بما لا يقاس عنها أيام صدور سفر ماركس الموسوعي العظيم "رأس المال".في هذا المجال تشير الإحصاءات إلى أن نحو 350بليونير الآن يمتلكون ما يزيد عما يملكه نصف سكان العالم .
في هذا الجانب أشير إلى اقراري بأن مستوى معيشة العمال خاصةً في بلدان المراكز الرأسمالية.قد تحسن بصورة نوعية بالمقارنة مع القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين.ومع ذلك فإن الفقر في أوساط الطبقة العاملة عموماً والفقر النسبي خصوصاً (أي الفقر المرتبط بتوزيع الدخل في المجتمع)قد بقي على حاله إن لم يزد ويتفاقم خاصة في أوساط البروليتاريا الرثة والملونين الذين لا مأوى لهم سوى المبيت على أرصفة المدن في مدن امريكا ومعظم مدن أوروبا . أما في بلدان الوطن العربي فهناك الملايين المحرومين من تأمين لقمة العيش والعلاج لأطفالهم بسبب تزايد الفقر المدقع الذي أصاب أكثر من 25%من السكان علاوة على الملايين الذين يعيشون في المقابر .
وفي كل الأحوال _ وعلى الرغم من اقراري بتحسن معيشة العمال في البلدان الرأسمالية _ إلا أن الطبقة العاملة في تلك البلدان ما زالت تمثل أغلبية كمية بين السكان وستتحول في لحظة معينة من اشتداد أزمة الرأسمالية وصحوة الأحزاب الثورية الماركسية إلى حالة نوعية جبارة.