المغرب بين ثلاث تجارب حكومية


حسام تيمور
2023 / 4 / 3 - 14:09     

في مقال لاذع له، و صَلبٍ، بمعايير التحليل السياسي و الانضباط المنهجي في عملية جرد السياقات و المآلات و الدلالات، سبق للكاتب الصحفي "علي انوزلا" أن اعتبر حكومة "جطو"، بمثابة "عقاب ملكي" موجه للشعب الذي لم يشارك بكثافة في الانتخابات، بشكل انتج ذاك المشهد الانتخابيّ "المُبَلقن"، و الذي أحرج "القصر" كثيرا، و خلخل معادلة الدستور كقانون للعبة السياسة، و الاعرافَ الدستوريةَ، كقانون ٍلدستور السياسة. و هو المقال الذي نجزم أنه عَجّلَ باعتقاله و اخراس صوته المزعج جدا و المتفرد، الى شبه الابد !
هنا وجد القصر نفسه امام صدام لابد منه، مع حزب لا يمكن اتقاء شره، انطلاقا من مأثورة "اتق شر من احسنت اليه يوما"، و بمعنى اقناع و اسكات كافة اطره و مناضليه، رغم كونه حزبا "متمخزنا" حتى النخاع، و غارقا في الريع السياسي و دعارة المواقف و المبادئ.
و هكذا، تم الذهاب نحو كسر العرف، او التقليد، و تعيين وزير اول تكنوقراطي، بدل الارتكان لنتائج التصويت، و قبلها "القانون الدستوري" و العرف السياسي.

بعد سنوات ..
قبل اعلان الخبر بشكل رسمي، انتشرت اخبار عن عدم تعيين "اخنوش"، رئيسا للحكومة، كما يفرض العرف و القانون، لاسباب عدة و رجوعا الى فرضيات و معطيات قديمة و أخرى جديدة تناسلت كالفطر، في اوساط الاعلام المقرب من دوائر القرار، منها مثلا، كونه "ورقة شبه محروقة" شعبيا، و منها كونه يمثل ازعاجا لاطراف داخل دائرة الحكم، الضيقة، و منها أنه يحمل اجندات مشبوهة، تسعى لاحداث الوقيعة بين الشعب و القصر ؟!
و الغريب، مثلا، ان الجهات النافذة في دائرة الحكم، و المفترض انها مصدر هذه الاخبار او الشائعات، حسب تقديرات موازين القوى و النفوذ المعروفة، هي نفسها تلك التي كان يرميها "بنكيران" بنفس التهم، قُبيل استوزاره بعد تعديل الدستور، و التغيير الهادئ، في سياق خطاباته العلنية الموجهة لقواعد حزبه و لوسائل الاعلام!
لكن تم كما هو منتظر، من باب الصلاحيات و الاعراف، تعيين "اخنوش" رئيسا للحكومة، فيما يمكن اعتباره هذه المرة "غضبا إلاهيا"، بالمفهوم التاريخي و الانثروبولوجي السياسي، على الشعب و القصر و الجميع .. ؟!