قانون سانت ليغو ومعنى الديمقراطية الصحيحة


فلاح أمين الرهيمي
2023 / 4 / 2 - 11:55     

لقد ظهرت فكرة الديمقراطية والممارسات التي تجسدها في النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد وشاعت بين قدماء اليونان الذين قدر لهم أن يمارسوا تأثير لا مثيل له على تاريخ البشرية بحيث شكل ذلك الفكر منعطفاً تاريخياً في المجتمع الإنساني عندما تجسدت صورة الديمقراطية من خلال النظام السياسي بنظر أفراده بعضهم إلى بعض بوصفهم أنداداً سياسيين يتمتعون جماعياً بسيادة واستقلالية ويمتلكون كل الطاقات والإمكانيات والموارد والمؤسسات التي يتمتعون بها ويحتاجون إليها من أجل حكم ذاتهم وأصبحت الديمقراطية منهج وأسلوب العمل ومنظومة أفكار وآليات ومؤسسات لم تكتمل وتنضج وتصل إلى هذا المستوى من الكمال والتطور إلا بعد قرون من الزمن والمراحل والصراعات والنزاعات بين أنصارها وخصومها وأصبحت ظاهرة في الوجود تؤكد حقيقتها من خلال السلوك والممارسة والتصرف في المجتمع الإنساني ... حينما ظهرت المجتمعات الإنسانية وظهور الطبقات فيها ظهر مفهوم الدولة السياسية والمجتمع المدني الذي أعدهما التقليد الفلسفي للمفكرين مع تطور المفهومين من لوك إلى جان جاك روسو وآدم سميث وهيغل يوضح أن الديمقراطية ليست في الظاهر إلا شكلاً معين للدولة الحديثة من بين أشكال أخرى ولكنها في الحقيقة والواقع ما هي إلا حقيقة جميع أشكال الدولة التي هي ديمقراطية بذاتها في تعاملها مع الإنسان والتي يكون شكلها الخارجي لا يتعارض ويتناقض مع جوهرها وقد أصبحت هي السر القاطع لجميع دساتير العالم والدساتير وجدت كعقود بين الإنسان وبين الدولة التي تعتبر مؤسسة خدمية للشعب وأصبحت الديمقراطية وجدت للإنسان ومن أجل الإنسان وجعلت من الدولة الإنسان هو الموضوع في عملها وسلوكها وتصرفاتها لأن الديمقراطية تقيم الاقتراع العام وغير المحدود من خلال جعل الإنسان ممثلاً للإنسان الآخر وتوجد الدائرة السياسية المجردة مع الحياة الملموسة والواقعية للشعب بكامله وتجعل هذه الحياة الملموسة راجحة الكفة بين الإنسان والدولة باعتبارها تحسم التناقضات في المصالح التي تقسم المجتمع المدني ضد نفسه والأفراد فيما بينهم ومن خلال ذلك تضمن حقوق جميع المواطنين بحيث لا تنحاز لإنسان دون إنسان آخر بحيث تصبح هذه الحقوق تعبر بشكل حقيقي وواقعي عن الجماعة الإنسانية وليس تستخدم الديمقراطية كأقنعة تضمن مصالح الدولة المنحرفة السيئة التي تزيف إرادة المواطن وبالتالي تؤدي إلى الخلل في العلاقة بين الإنسان والدولة حينما تنحرف الدولة عن أهدافها كدولة للقانون والحق وإنما يتجسد ويتمحور عمل الدولة ودورها إلى جانب تحقيق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية لجميع أبناء الشعب بدون تميز واختلاف والدولة تكون حيادية وتقدم خدماتها ورعايتها إلى جميع الأجندة الطائفية والقومية وعدم التميز والتفريق والانحياز بينهم.
كما أن الديمقراطية ضمنت حقوق القوى المعارضة وعدم تناسيها وإغماط حقها وإنما يجب أن تؤخذ وجهة نظر المعارضة السياسية في القانونين التي طرح في البرلمان وإذا استغفلت قوى الأكثرية الممثلة للدولة الحاكمة فإنها تصبح دكتاتورية وليس ديمقراطية ومن خلال هذه النصوص التي تمتاز بها الديمقراطية وهنا يتبين مخالفة قوى الأكثرية السياسية في موقفها تجاه الملاحظات الفنية وعقدت مؤتمر صحفي قوى المعارضة وطرحت فيه المعارضة السياسية للإشكاليات على القانون (سانت ليغو).
بينما لم تستمع القوى السياسية التي تمثل الأكثرية البرلمانية للاعتراضات بخصوص قانون الانتخابات وهذا يتبين موقف وإصرار قوى الأكثرية البرلمانية تحرير قانون سانت ليغو المعدل ما هو إلا محاولة من الأكثرية للتفرد بالسلطة وإنهاء التعددية السياسية لتكون الأغلبية من نصيب الأكثرية البرلمانية وهذا النهج الذي اتبعوه أثبت فشله خلال عشرون عاماً من الحكم ويعتبر تحدي إلى دماء الشهداء والجرحى لثوار تشرين الذين أسقطوه بدمائهم والآن تعود به الأغلبية النيابية لتمريره.