|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
الغزو الاميركي للعراق ـ1
يقوم المحللون الاميركان والغربيين والعرب هذه الايام وبمناسبة الذكرى العشرين بطرح عشرات الدراسات والمئات من المقالات للغزوالذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 ، والذي ادى للاطاحة المباشرة بالنظام الصدامي الديكتاتوري في العراق. وقام كتابنا المؤدلجون العرب بالنهل منها ترجمة او اقتباسا وطرحها على القراء . ان الباحثين الغربيين ، والاميركان خصوصا، يقيمون هذا الغزو وفق مصالحهم، وهم يقومون بها كالعادة ، خصوصا في تقييم نجاح او فشل سياسات حكوماتهم . ويقومون بالتحليل وفق منظورين احدهما الربح والخسارة يتقويم الجدوى في استخدام اموال دافعي الضرائب في تحقيق الاهداف المرسومة ،وهل حققت الجدوى المطلوبة. ويقيم الثاني التقييم وفق المنظور الاستراتيجي لتحديد عوامل النجاح او الفشل لاستخلاص نتائج تفيدهم مستقبلا من تجاربهم. وهناك ايضا طرحا ايديولوحيا هو اقل صدى وقراء له من الاولين، ويقوم على نقد مؤدلج وموقف مسبق يساري او يميني كل منهم خاضع لمقولاته ومنه ينفر الجمهور منهم. ولكن في جميعها يكون الطرح والتقييم واضحا ،فهو يتم لمخاطبة العقل الغربي وتنمية قدراته ومعرفته ووفق مصالحهم القومية اوالسياسية اولا ، وأقلها الايديولوجية كونها لاتجد لها سوقا في مجتمع مشبع بالليبرالية والطرح الموضوعي الحر.ونجد من يترجم منها للقارئ العربي كل على اهوائه . وما ينشر من عشرات المقالات المترجمة ،نجد ايضا تلك التي يطرحها المؤدلجون العرب ،القوميون خاصة، وهم المدافعين عن النظام الصدامي كونهم يعتبرونه نظاما قوميا مناضلا ضد الصهيونية ، واخرين متمركسين سوفياتيا لا هم لهم سوى سب الامبريالية والاميركية بالذات كمهمة مقدسة لتحرير العالم من الامبريالية، باعتبارهم انها الداء والسبب في كل ماحدث في اوطاننا ، وهي تتطابق فيها مع طروحات السلفية الاسلاموية والميليشياوية الايرانية ، ان الامبريالية الاميركية هي سبب تخلفنا، وهي سبب الفساد، وتخلف الخدمات ، وحتى انعدام الكهرباء. نعم نجد عشرات المقالات لكل هؤلاء المؤدلجين منىالكتاب، ولا نجد ولو بحثا واحدا يطرح قراءة هذا الغزو وتقييمه من وجهة نظر مصالحنا الوطنية، هل اضرنا واين وكيف؟ ، وهل افادنا واين وكيف ؟ وتمنيت لو رايت باحثا عراقيا او عربيا تعلم من الغربيين بطرح الامور من وجهة نظر مصالحنا الوطنية فعلا،كما يطرحها ويقيمها الاميركان مثلا من وجهة نظر مصالحهم الوطنية ، وليس وفق تمرير وتبرير مقولاتهم المؤدلجة حتى في اختيار مقالات يترجموها للقارئ العربي ، فجل ا يسعون اليه دعم ادعائاتهم المؤدلجة ، كأنما يقولوا للقارئ انظر هذا مايقوله الباحثون الامريكان ، وشهد شاهد من اهلها، ومن نفس جامعاتهم ومراكز بحوثهم ،اقرؤوه ومنها تجد كيف اننا محقون في سب وشتم الامبريالية الاميركية . الفرق هنا ان الاميركي يطرح بحوثه وتحليلاته وفق المصالح القومية الاميركية ، وبها فهم يجتهدون ومنها ينقدون اي فشل خاص بسياسة جكوماتهم لمصالح دولهم. وكم تمنيت لو تم نفس الامر مع كتابنا العرب فهم لاينطلقون الا من معاداة الامبريالية والطرح يقوم على اساسه والباقي هى ارقام ومقالات مما ينشره الباحثون الغربيون والاميركان لاقامة الدليل ومن بيتهم . انها الايدولوجيا السلفية الفكرية وفق المقولة الجاهزة والموقف المسبق، ومنه فلا احد يجد في طروحاتهم اية قراءة وطنية موضوعية تقييم وفق مصالحنا مستخدمة حقائق واقعنا والمصلحة الوطنية خارج المقولة المؤدلجة التي قالت لهم : ان سب الامبريالية هو موقف وطني ومصلحة وطنية ، وهذه مقولة كاذبة وسخيفة بحد ذاتها ، فلا السب والشتم للامبريالية ينفعنا في فهم مصالحنا ولا نسب فشلنا ( او فشولاتنا المتكررة ) الى الامبريالية هو ينفعنا ايضا كون الفشل مرتبط بنا اساسا سواء عادينا او صالحنا الامبريالية . ان طلب الموضوعية من كاتب او سياسي مؤدلج هو كأنك تطالب الاعمى بالقراءة ، فالادلجة في العالم العربي طغت على العقل وقراءة الواقع وماتقول به المصلحة الوطنية ، وهناك عشرات الامثلة ليست اخرها ماسمعته مرة في لقاء كان مع احد الماركسيين " انهم ضد الاستثمار الخاص ومع استثمار الدولة في القطاع العام كون الاول سينمي الطبقة البرجوازية والرأسمالية المحلية الجشعة التي ستتحالف مع الامبريالية العالمية ضد مصالح شعبنا" وكما ترون هنا المقولة فوق المصلحة والواقع. والا كيف نفسر مثلا انه لو اراد مستثمر ان يقيم مصنع ادوية لانتاجها ،بدلا من استيرادها ، ان نعتبره انه سيتامر امبرياليا ، فالمصلحة الاولى عند اخينا الماركسي هو محاربة الرأسمال اولا وليست تنمية الاقتصاد ، وهو يعلم بلا شك يعلم ان تفشي الفساد والرشوة في الدولة سيضيف لها مكانا اضافيا في الفساد عندما يطرح ان تصنعه الدولة ، وعند السلفية الاسلاموية مبدأ مماثل يسمونه " أقل الشرين ضررا " وهو ربما يفضل فساد مؤسسة عامة خير من مستثمر خاص يستغل الطبقة العاملة ويخلق برجوازي يتحالف مع الامبريالية . ومنه ينتهي حالنا ان نستورد الحبوب والادوية. وعليه فمقالتي هذه معنونة للجمهور والمثقف الغير مؤدلج للخوض في حوار موضوعي مفيد ، اما المؤدلج المهرج الذي لاهم له سوى سب اميركا والامبريالية ،ان ينتقل لمقالة اخرى تتناسب مع ذوقه ورغباته ، لاني سوف لن اقوم بسب الامبريالية وارجاع فشلنا اليها ، بل اعتبرها واقعا قائما بمصالحه ،كما نحن وشعوبنا واقعا قائما ولنا مصالحنا ، كما واني لا ارجع سبب الفشل في بلداننا اليها بل الينا ،نحن انفسنا،وليس كما تقول مقولاتكم المؤدلجة انها الامبريالية . نحنمن يتحمل المسؤولية عن اوضاعنا ،و لا لوضعها على شماعة خضرة "الامبريالية" ومنه فمفقالتي في تقييم الغزو الاميركي تقوم على وجهة نظر مصالحنا ومسؤولياتنا، كما تقوم مقالاتهم على مصالحهم ومسؤولياتهم، وليس بما تمليه الايديولوجيا عليكم من تحليلات لاثبات مقولات سياسيات مسبقات وجاهزات ميتات سقيمات سأم الناس منها، لاعلاقة لها لا بالواقع ولا الوقائع ولا المصالح الوطنية،بل لصالح تمريرمقولات مؤدلجة اغلبها يرجع لمئة عام ،واصبحت صدأة ، فهي ستالينيةلسوفياتية المنشأ ، دعائية المحتوى ، ولكنها لاتزال تعشعش في عقولكم ، كونها حبيسها.
|
|