تعويض المنسحبون في الانتخابات يجب أن يكون من خلال انتخابات جديدة وليس من الخاسرين


فلاح أمين الرهيمي
2023 / 3 / 30 - 13:52     

إن أية ظاهرة في الوجود تكمن وراء ظهورها أسباب ونتائج وهذه الأسباب والنتائج إما أن تكون إيجابية فتصبح قاعدة يحتذى بها أو تكون نتائجها سلبية يجب معالجتها بسرعة لأن تركها وإهمالها يؤدي إلى أن تصبح مرض عضال لا يرجى شفاءه إلا من خلال إزالته بعملية جراحية كبرى وهذه الإفرازات والنتائج هي حقائق يجب الوصول إليها من خلال المعلومات المستخلصة من التجربة والواقع للظاهرة العراقية خلال فترة الحكم السابقة وإفرازاتها في نتائج الانتخابات التي جرت في تاريخ 10/10/2021 التي أدت إلى فوز قوى جديدة تدعو إلى وعي الواقع وتغييره ذات نزعة إصلاحية وفشل القوى السياسية القديمة التي تدعو إلى التوافقية والمحاصصة الطائفية والمحسوبية والمنسوبية.
إن الأسس التي يعتمد عليها الدستور العراقي كاعتماده على منهج الديمقراطية الذي يعتبر الصعود السلمي لسلطة الحكم من خلال الانتخابات الحرة النزيهة الديمقراطية ونتائجها تعطي الحق للقوى الفائزة ممارسة السلطة واستلام نظام الحكم والقوى الخاسرة تمارس عملية المعارضة من خلال رصد ونقد نشاط وأعمال الحكومة الفائزة وهذه هي القاعدة التي تمارس في جميع الدول الديمقراطية في العالم ونجاح نظام الحكم فيها.
إن التجربة العراقية السابقة أفرزت سلبيات كبيرة وكثيرة على الواقع العراقي كانت نتائجها قيام مدن الوسط والجنوب في العراق في ثورة الجوع والغضب التشرينية التي استمرت سنة ونصف وقدمت حوالي سبعمائة شهيد وخمسة وعشرون ألف جريح ومعوق وأدت إلى إقالة رئيس الوزراء وانتخابات برلمانية مبكرة كانت نتائجها فوز قوى جديدة تدعو إلى الإصلاح من خلال وعي الواقع العراقي وتغييره.
إن جماهير القوى الخاسرة في الانتخابات متجمعة ومحصورة في المدن الوسطى والجنوبية من العراق واستناداً إلى دراسة أجرتها وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع البنك الدولي في النصف الثاني من عام/ 2020 أن نسبة الفقر في العراق قد بلغت 8,24% وهذا يعني أن نحو عشرة ملايين إنسان عراقي يعيشون تحت مستوى خط الفقر وما تزال المحافظات الجنوبية تتصدر معدلات الفقر وفي مقدمتها محافظة المثنى ونسبة الفقر فيها 52% تليها محافظة الديوانية نسبة الفقر فيها 49% ثم محافظة ذي قار ومستوى الفقر فيها 48% ثم تأتي بقية المحافظات في الوسط والجنوب وقد وصلت نسبة الفقر فيها 40% أما في بغداد فقد وصلت نسبة الفقر فيها 13%.
كما أن هذه القوى كانت تمارس سلطة الحكم في العراق منذ عام/ 2003 إلى عام/ 2021 عام الانتخابات المبكرة وكانت جماهير مناطق الوسط والجنوب هي التي تعرضت بشكل كبير وكثير للإفرازات السلبية لسلطة الحكم الخاسرة في الانتخابات وكان أحد أسبابها الوعي الفكري واليقظة لدى جماهير مدن الوسط والجنوب التي انفجرت فيها ثورة الجوع والغضب التشرينية فخلفت لديهم ردة فعل واعتكاف في منح الأصوات لتلك القوى الخاسرة في الانتخابات ومنحها وإعطائها إلى قوى جديدة تدعو إلى إصلاح الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشعب العراقي من ضمنها مدن الوسط والجنوب ... والآن القوى الفائزة التي تمثل قوى التيار الصدري انسحبت واستقالت من مجلس النواب فالمفروض أن تجرى انتخابات جديدة مبكرة من أجل التعويض عن القوى المسحوبة (التيار الصدري) وليس استبدالهم بقوى خاسرة تمثل (الإطار التنسيقي) لأن هذه القوى المعوض بها تمثل القوى الخاسرة التي تمثل (الإطار التنسيقي) والمفروض إجراء انتخابات جديدة للتعويض عنهم بقوى تحصل على الفوز بشكل صحيح وطبيعي.
إن الفوز والخسارة ظاهرة اعتيادية في العمل السياسي في النظام الديمقراطي والمطلوب من القوى الخاسرة الآن الاستفادة من تجربتهم الخاسرة وذلك من خلال تمحص ودراسة تجربة الفترة السابقة من الحكم في جميع فقراتها وأساليبها وتصرفها وسلوكها من جميع الوجوه والتوقعات والاحتمالات وإن هذه الفترة في ممارسة المعارضة سوف تعطي أسباب وفرص كثيرة للاستفادة من الماضي وسلبياتها وتؤدي إلى بناء علاقة جديدة من الثقة مع الشعب من خلال الإخلاص وخدمة العراق وطن وشعب، وإن الخطأ لا يحل بالخطأ وعلى القوى الخاسرة دراسة التجربة السابقة والاستفادة منها.