ظاهرة البطالة جزء من المشكلة العراقية (2)


فلاح أمين الرهيمي
2023 / 3 / 29 - 11:49     

إن البطالة تعني التوقف الإجباري للقوى العاملة برغم قدرتها ورغبتها في العمل والإنتاج وتعتبر البطالة صفة من الاغتراب للإنسان لأنها تجعله غريب عن عمل وجد لكي ينجزه يقوم به لقاء أجور عن الجهد الذي يبذله في إنجازه ولذلك تجعل الإنسان غريب وبعيد عن النواحي الاقتصادية والاجتماعية في الواقع الذي يعيشه كما تجعل الإنسان مستهلك وغير منتج يقضي ليله ونهاره متسكعاً خاملاً في المقاهي متذمراً من الضجر والفراغ ليس مرتبط بعمل ينجزه وتجعل منه إنسان يقدر دوره في الحياة.
وظاهرة البطالة ظهرت وبرزت في الاقتصاد العراقي بعد عام/ 2003 عندما ساد نظام الاقتصاد الريعي وتعطلت ماكنة الإنتاج وأصبح الاقتصاد العراقي يعتمد على توفير غذاءه وصناعته على ما يستورد من دول الجوار وأصبح يعتمد على مورد واحد وهو النفط وبسبب تفشي هذه الظاهرة تعطلت الزراعة بسبب قطع رقاب الأنهار من دول الجوار مما أدى إلى هجرة أبناء الريف إلى المدن للعمل وتوفير لقمة العيش لهم ولعوائلهم والذي أدى إلى مضاعفة أعداد البطالة أيضاً تعطل المصانع والورش الإنتاجية عن العمل أيضاً وأصبح العراق بدون صناعة وزراعة مما أدى إلى أن تصبح الكليات والجامعات تخرج الوجبات تلو الوجبات من الأكاديميين والخريجين وترميهم في مستنقع البطالة وأدت هذه الظاهرة إلى هجرة واسعة بأصحاب الشهادات والأكفاء وأهل العلم والمعرفة إلى الهجرة في أرض الله الواسعة من أجل العمل وتوفير لقمة العيش وأدت هذه الظاهرة إلى ابتلاع البحار العشرات من المهاجرين وأصبحوا طعماً للحيتان.
إن تحويل الاقتصاد العراقي إلى طابع ريعي جرى بمفهوم سياسي وليس على أساس علمي واقعي لأن تاريخ العراق كان زاخراً بخيرات العراق الزراعية والصناعية وكان العراق في العهود الماضية يكتفي منها صناعياً وزراعياً ومحافظاً على أمنه الغذائي وقد ظهرت تحويل الاقتصاد العراقي من منتج إلى ريعي استهلاكي لأهداف سياسية بعد عام/ 2003 .. كما أن ظاهرة البطالة سوف تشمل أبناء الريف وتؤدي إلى هجرة كبيرة من الريف إلى المدن بسبب قطع المياه من دول الجوار وتصحر الأرض وانعدام الزراعة فيها مما يؤدي إلى تضخم ظاهرة البطالة في العراق.
إن العراق الآن مقبل على مرحلة جديدة تقوم على إصلاح الماضي وبناء عراق جديد يقوم على تقدم وتطور الصناعة والزراعة وبناء الاكتفاء الذاتي والمحافظة على أمنه الغذائي وأول عمل سوف يقوم به إلغاء الاقتصاد الريعي وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي .. إن العراق الآن لا يحتاج فقط إلى خطوات اقتصادية فقط وإنما إلى تصحيح في بنية النظام السياسي العراقي التي أتاحت من خلال نهج المحاصصة والتوافقية نمواً هائلاً لاقتصاد الفساد الإداري وفسحت المجال أمام حيتانه الضخمة لتبلع الدولة بكامل مؤسساتها إضافة إلى المجتمع الذي بقي أسير ما تفرضه من السياسات الاقتصادية الظالمة التي أدت إلى رفع مستوى الفقر والبطالة إلى أعلى مستوياتها وزادت الهوة بين الطبقات المالكة والفقيرة وكل خطوة إصلاحية لا تراعي هذه الخارطة ولا تنطلق من خلال خلل ومساوئ النظام السابق ستبقى في إطار التضليل والخداع في تلك المشكلة دون التدخل فيها وحلحلتها وبناء العراق الجديد وفق النظام الإصلاحي.