المحكمة العليا الأميركية تدعم قانون يناهض حركة مقاطعة إسرائيل


سعيد مضيه
2023 / 3 / 24 - 16:13     

العدالة الفلسطينية لن تتحقق عن طريق المحاكم بل عبر النضالات الحاشدة


لا تتأخر ماروجيه كوهن عن الخوض في التراجيديا الفلسطينية كلما تفجر صاعق. في هذه المقالة تقدم السوابق التشريعية والمستندات القانونية التي تطعن في موقف المحكمة العليا بالولايات المتحدة، إذ رفضت طلب استئناف ولاية أركنساس ضد قرار قضائي يدين العمل لمقاطعة إسرائيل ومحاصرتها وسحب الاستثمارات من اقتصادها. ولكنها تعود في النهاية لتؤكد الحقيقة ؛ أثنت على تغريدة رشيدة طليب، عضو مجلس النواب الأميركي على تويتر قالت فيها:" ان النضال من اجل التحرر الجماعي يتطلب تضامنا عالميا وضغوطا اقتصادية. قرار هذا اليوم مهزلة غير ان الناس لن يسكتوا"؛ وأضافت كوهن: سوف يواصل انصار الحقوق الفلسطينية النضال خارج المحاكم وداخلها... المحاكم سوف لن تحرر شعب فلسطين أو تنقذنا من كارثة مناخية. ان أفضل حماية قانونية لحركة بي دي إس وكل حركة غيرها تقاطع دفاعا عن العدالة تكمن في إنجاز تيار رئيس من تكتيكات الطاقة البشرية للعمل الجماعي.
كتبت ماروجيه كوهن في مجلة "تروث اوت" ، ونقلت عنها مجلة كونسورتيوم نيوز في عددها الصادر في 2آذار:
بينما يصعد النظام الإسرائيلي اليميني المتطرف اضطهاده لشعب فلسطين رفضت المحكمة العليا بالولايات المتحدة إقلاق راحة تشريع قضائي بولاية آركنساس يطلب من المتعاقدين مع الحكومة تقديم ما يثبت عدم مقاطعتهم إسرائيل، او " مناطق تحتلها إسرائيل".
المحكمة العليا لم تؤيد قانون مناهضة المقاطعة بالذات المعمول به بولاية أركنساس؛ المحكمة،على كل حال، رفضت إعادة النظر بالقضية نظرا لعدم وجود أربعة " قضاة" وافقوا على الاستماع الى استئناف التشريع . لذا بقي قانون الولاية المناهض للمقاطعة وسحب الاستثمارات والحصار نافذ المفعول.
بدات حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس) نشاطها عام 2005 عندما نادت 170 منظمة مدنية اجتماعية فلسطينية باستمرار مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات من اقتصادها وفرض العقوبات عليها -إجراءات عقابية غير عنفية- الى ان تستجيب إسرائيل بالكامل للقانون الدولي.
إن هذا يوجب على إسرائيل :1) إنهاء احتلالها واستعمارها لجميع المناطق العربية وتفكيك الجدار العازل؛2 ) الإقرار بالحقوق الأساس للمواطنين العرب الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل بالمساواة التامة؛ 3) احترام وحماية وترويج حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم ، كما أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة في القرار 194.

"المقاطعة" تترجم عمليا سحب المساعدة لإسرائيل وكذلك الشركات الإسرائيلية والدولية ، بما في ذلك المؤسسات الثقافية والأكاديمية التي تنتهك الحقوق الإنسانية للفلسطينيين.
"سحب الاستثمارات" تعني ان تسحب البنوك والجامعات وصناديق التقاعد والمجالس المحلية استثماراتها من الشركات الإسرائيلية والدولية التي تتواطأ على انتهاك الحقوق الفلسطينية.
و"العقوبات" تشمل إنهاء الحكومات اتفاقات التجارة العسكرية والتجارة الحرة وطرد إسرائيل من المنابر الدولية.
ان نجاحات حركة بي دي إس قد دفعت منظمات لوبي إسرائيل ، بمن فيها الجماعات المسيحية الصهيونية واليمينية المتطرفة لتقديم تشريعات مناهضة للمقاطعة على المستويات المحلية ومستويات الولايات والهيئات الفيدرالية.

قانون مناهضة المقاطعة بولاية أركنساس

احد القوانين هو القانون رقم 710 الذي أقرته ولاية اركنساس عام 2017؛ ينص القانون ان كيانا عاما سوف لا " يدخل في عقد مع شركة ...ما لم يتضمن شهادة مكتوبة انه غيرمتورط حاليا في ، و يوافق خلال فترة العقد على ان لا يتورط في مقاطعة إسرائيل". المقاولون ممن يبرمون عقدا يزيد على 1000 دولار عليهم ان يدفعوا غرامة 20 بالمائة إن رفضوا توقيع الشهادة.
في اكتوبر 2018 أبلغ مجلس امناء جامعة اركنساس ألان ليفيريت، المدير التنفيذي لجريدة أركنساس تايمز انهم سوف لن يبرموا عقدا مع جريدته حول الإعلانات الإضافية ما لم يوقع على شهادة تثبت ان صحيفة أركنساس تايمز لا تقاطع إسرائيل في الوقت الراهن ، ووافقت خلال فترة العقد ان لا تقاطع إسرائيل.
رغم ان ليفيريت لم يكن يقاطع إسرائيل إلا انه لم يوقع التعهد. على إثر ذلك رفض مجلس الأمناء الدخول مع الجريدة في مختلف عقود الدعاية .
رفعت جريدة أركنساس تايمز قضية ضد مجلس الأمناء في ديسمبر 2018 وطلبت حظرا اوليا، بحجة ان مضمون الشهادة ينتهك التعديل الأول؛ فهو يقيد المشاركة في المقاطعة السياسية ويستهدف التعبير المحمي بالقانون بناءً على وجهة النظر، وهو يوجب الكلام.
رفض قاض فيدرالي الحظر الأولي ورد قضية جريدة أركنساس تايمز. تشكلت هيئة من ثلاثة قضاة بالدائرة الثامنة لمحكمة الاستئناف وأجرت مراجعة لمحكمة المقاطعة وأصدرت حكما بأن القانون 170 ينتهك التعديل الأول.
في حزيران 2022 اعادت الدائرة الثامنة بكامل هيئتها النظر في قرار هيئة المحكمة ورفضت القضية.ادعت المحكمة ان المشاركة المباشرة في المقاطعة ليست محمية بالتعديل الأول ، حتى أينما تفرز الولاية مقاطعة ضد موضوع محدد وهي تعبر عن وجهة نظر محددة للحظر .
فالتعديل الأول لا يحمي سوى التعبير والتجمع المواكب للمقاطعة ، ولا يحمي المقاطعة ذاتها ، كماورد في قرار المحكمة.
سوابق لحماية المقاطعة
برفضها قضية جريدة اركنساس تايمز انتهكت الدائرة الثامنة سوابق طبقتها المحكمة العليا لفترة مديدة تقضي بأن الولايات لا تستطيع منع مقاطعة مستهلك بدوافع سياسية (تشديد من الكاتبة). والمحكمة العليا أصدرت حكما [تشديد من الكاتبة] بان الحكومة لا تفرض القيود على التعبير بسب رسالته او موضوعه او محتواه.
مع كل هذا ، رفضت المحكمة العليا في 21 شباط (فبراير) تقبل القضية ، كما رفضت الاستماع الى طلب استئناف جريدة أركنساس تايمز، متيحة بذلك بقاء الحكم الصادر عن الدائرة الثامنة واستمرارية مفعوله.
إن رفض المحكمة العليا إقلاق راحة قانون مناهضة المقاطعة الصادر في ولاية أركنساس سوف يشجع الولايات الأخرى التي تطرح وتجيز قوانين تستهدف حملات مقاطعة دوافعها سياسية، مثل تلك الحملات الموجهة ضد صناع الأسلحة النارية ، وشركات الطاقة والأخشاب والتعدين والزراعة.
وجه الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية الذي يمثل صحيفة أركنساس تايمز في هذه القضية ضمن مذكرة طلب الاعتراض القضائي الى المحكمة العليا انه ، بموجب تبرير الدائرة الثامنة ،" ان للولايات الحرية في أن تحظر قانونيا المشاركة في حملات مقاطعة غير محبذة – سواء كانت تستهدف شركات تدعم إسرائيل ، العربية السعودية ، تحديد النسل ، جمعية البنادق الوطنية"، حتى لو أن " تمييز المحتوى يفترض انه غير دستوري" .
الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية، إذ أورد سابقة المحكمة العليا التي تحمي المسعى "لإحداث تغيير سياسي ، اقتصاي او اجتماعي "، فإن طلبه نقض قرار محكمة أركنساس قد لاحظ ان المقاطعة الاستهلاكية بدوافع سياسية" كانت ولم تزل واسعة الانتشار بالولايات المتحدة عبرالتاريخ الأميركي..
ضُمِن طلب مقاطعة التجار الذين باعوا السلع التي ينتجها عبيد في الفترة ما بين الحرب الثورية والحرب الأهلية، وعمليات المقاطعة أثناء حركة الحقوق المدنية ولدى معارضة نظام أبارتهايد جنوب إفريقيا. " هذه الأعمال من الاحتجاج الجماعي جزء ثابت من نسيج الخطاب العام في أميركا"، كما ورد في مرافعة الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية.
"لعبت حركات المقاطعة الدور المركزي في تاريخ هذه البلاد من حزب الشاي في بوستون الى مقاطعة باصات مونتغومري الى الحملة من اجل سحب الاستثمارات من أبارتهايد جنوب افريقيا." وفي إيجاز مرفق [تأكيد الكاتبة] سجل العلماء المساهمون في إقرار التعديل الأول ، إروين تشيميرينسكي من مدرسة القانون بيركلي، وكاثرين فرانك من مدرسة حقوق كولومبيا وجيوفري ستون من جامعة شيكاغو ، دعمهم لطلب نقض قرار محكمة أركنساس. كتبوا:
"أعتاد الأميركيون المقاطعة عبر سلسلة من القضايا للتعبير عن قناعات مشتركة ولفرض تغيرات اجتماعية وسياسية. إن قرار الدائرة الثامنة يقوض هذا التقليد الثري من الاحتجاجات".
ضياع فرصة هامة
طرحت حركة بي دي إس في أكثر من أربعين ولاية و35 ولاية أقرت تشريعا مناهضا للمقاطعة، كما أوردت الشرعية الفلسطينية[تاكيد من الكاتبة]
وعبرت محاكم فيدرالية في كنساس وتيكساس وجورجيا وأريزونا عن القناعة بأن القوانين التي تعاقب على مقاطعة إسرائيل تنتهك التعديل الأول؛ هذا بينما حكم الدائرة الثامنة ، الذي سمحت بتمريره المحكمة العليا يتناقض مع القرارات الصادرة عن هذه الولايات.
جاء في بيان وجهه بريان هاس، المدعي العام من الدرجة العليا مع كلام الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية ، الخصوصية والمشروع التقني "أضاعت المحكمة العليا فرصة هامة للتأكيد بان التعديل الأول يحمي الحق في المقاطعة" .
ان هذا ببساطة نموذج. "فالأمر لا يتوقف عند هذا الحد" أبلغ ليفيريت، المدير التنفيذي لصحيفة أركنساس تايمز مراسل صحيفة الغارديان، واضاف ، " لدينا الآن قوانين تشريعية أقرتها ولاية أركنساس ترفض إبرام عقود مع المؤسسات المالية والمصرفية صاحبة السياسات [ الاجتماعية والبيئية وحكم الشركات الكبرى] تتحدى حظر الاستثمار في الوقود الأحفوري او شركات السلاح الناري. ونشرت رشيدة طليب من الحزب الديمقراطي وعضو مجلس النواب عن ولاية ميتشيغان ، من أصل فلسطيني تغريدة على تويتر ردا على موقف المحكمة العليا من طلب نقض قرار الدائرة الثامنة، جاء فيها "ان النضال من اجل التحرر الجماعي يتطلب تضامنا عالميا وضغوطا اقتصادية. قرار هذا اليوم مهزلة غير ان الناس لن يسكتوا".سوف يواصل انصار الحقوق الفلسطينية النضال خارج المحاكم وداخلها . تحدثت ميرا شاه، محامية قانونية من الدرجة العليا للقضايا الفلسطينية الى موندوفايس وقالت: سوف نواصل التدافع ضد هذه القوانين التي تقوض حقوقنا الجماعية بموجب التعديل الأول ، غير ان المحاكم سوف لن تحرر شعب فلسطين أو تنقذنا من كارثة مناخية. ان أفضل حماية قانونية لحركة بي دي إس وكل حركة غيرها تقاطع دفاعا عن العدالة تكمن في إنجاز تيار رئيس من تكتيكات الطاقة البشرية للعمل الجماعي، ولهذ فمن الملح المضي في المقاطعة والتنظيم كي نضمن تحقيق العدالة للجميع ، بمن فيهم شعب فلسطين.