كوفيد-١٩ في قفص الإتهام أو كوفيد-١٩ تحت المجهر !


أحمد زوبدي
2023 / 3 / 22 - 02:04     

كوفيد-١٩ في قفص الإتهام أو كوفيد-١٩ تحت المجهر !

من أسباب مضاعفة الأمراض والأوبئة استعمال المواد المصنعة التي ترفع من إنتاجية البضائع لكن تتلف جودتها على المستوى الصحي !
وهذا من مأساة الفيروس النيوليبرالي الذي لا هم له إلا التراكم.
لقد ضخم الإعلام من خطورة فيروس كورونا. و هو ما نتج عنه تراجع في الاقتصاد بكل مكوناته وبالخصوص سوق البورصة.
كورونا سيذهب إلى إلى حال سبيله، بعد ما يتم التخلص منه بشتى الأشكال و لو على حساب تعطيل الكثير من المرافق العمومية كالمدرسة وكل الأنشطة التي تدفع بحركية المجتمع.
فيروس كورونا سيكون له ضحايا، أتمنى أن لا يكونوا كثيرين، لكن أكبر الضحايا هم ضحايا الفيروس النيوليبرالي ( virus libéral ) الذي خيم على الوضع منذ أزمة المديونية في بداية الثمانينيات. الفيروس النيوليبرالي، هو أكثر شراسة من فيروس كورونا الذي يتوقف خطره عند حياة الإنسان. الفيروس النيوليبرالي الذي حول الإنسان إلى بضاعة يقتل ببطء، والموت البطيء يدمر حياة الإنسان بافتراسية غير مسبوقة. الشركات العابرة للقارات وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومؤسسات دولية موازية هي المتحكمة في ما يجري في العالم من مآسي ومنها الأوبئة والأمراض والحروب لهدف تأمين هيمنة الاوليغارشيات على كل الثروات واستغلال الأغلبية الساحقة من سكان العالم و بالأخص دول الجنوب.
الفيروس النيوليبرالي اليوم هو شكل من أشكال الابارتايد الذي جعل من الاقتصاد وبالضبط المال العامل الوحيد الذي يتحكم في كل مناحي الحياة. الفيروس الليبرالي الجديد قام بتفكيك الشغل والمرافق العمومية التي تكون الأسمنت لكل مجتمع ومنها طبعا قطاع الصحة. مخلفات الفيروس الليبرالي أو قل النيوليبرالي هي التهميش والبطالة والعمل غير القار ودون حقوق اجتماعية. فيروس اقتصاد السوق النيوليبرالي قام بتفكيك المجتمعات وبزرع كل أشكال اللاستقرار..
فيروس كورونا ما هو إلا الوجه الخفي الذي كشفت عنه الأزمة المزمنة والنظمية للرأسمالية الشائخة ( capitalisme sénile). تنتج الرأسمالية المأزومة والمهزومة أشكالها من الأمراض أكانت أوبئة كفيروس كورونا أو أمراض اجتماعية ونفسية واقتصادية وثقافية وغيرها. فيروس كورونا رأى النور في ظل أزمة الرأسمالية الخانقة التي تلوح بنهاية هذا النظام الذي أصبح ينتج نقيضه، كما عبر عن ذلك كارل ماركس بذكاء قل نظيره. فيروس كورونا سببه السياسة الصحية التي تجعل الربح السريع أولية قصوى عن كل الأولويات منها صحة الإنسان والحفاظ على شروط العيش الكريم من غذاء سليم و تمدرس ونقل وسكن وثقافة، إلخ.
فيروس كورونا سيغادر رغما عن أنفه كما تملي عليه ذلك الطبيعة، لكن الفيروس النيوليبرالي سيستمر في فتك الإنسان تحت يافطة الإنتاجية والمردودية و كل آليات السوق المبتذلة ( économie vulgaire) للمزيد من التراكم والتوسع على حساب كرامة الإنسان وصحته وأمنه.
مواجهة فيروس كورونا رهين بمواجهة فيروس الرأسمالية المتوحشة.
من زاوية أخرى، تعتبر الأمراض والأوبئة آليات تساعد على التوازنات الديموغرافية ( équilibre démographique) من جهة, أنها تخفف من الانفجار الديموغرافي الذي قد يؤدي إلى الحروب في حالة عدم تمكن الدولة من مواجهة حاجيات السكان، ومن جهة أخرى، تكون مناسبة تساعد على اكتشاف أدوية وعلاجات لأمراض موازية..
كورونا، في نظري، هو وباء كسائر الأوبئة يستدعي التعامل معه بحذر، أكيد، لكن دون التضخيم من شأنه بدعوى أن هناك أوبئة فتاكة سابقة أتت على الأخضر واليابس دون أن يكون لها اهتمام إعلامي كبير مثل اليوم حيث هذا الإعلام البئيس حول نفسه سلطة همشت كل السلط ومنها السلطة السياسية التي عليها أن تقوم بدورها كأداة تحسيسية حتى لا يتحول هذا الوباء البيولوجي إلى وباءات إقتصادية و إعلامية وإيديولوجية لأجل الربح السريع يكرس أزمة و كساد الاقتصاديات المتخلفة على وجه الخصوص المتضررة أكثر.