الثورة الجنسية في الشريعة الإسلامية


كوسلا ابشن
2023 / 3 / 20 - 20:57     

ضمن ثورة الطلبة و التلاميذ لسنة 1968 , ظهرت حركية الحرية الجنسية التي إنطلقت من فرنسا لتجتاح أوروبا كلها بأمال الحرية الجنسية في العلاقات الإجتماعية و التخلص من قيود الكنيسة و التخلص من إستمرارية النظم السلطوية. ما تعيشه أوروبا حاليا من حرية العلاقات الجنسية و منها الغير الطبيعية هو نتاج الثورة الجنسية في الستينات من القرن العشرين, التي هي إنعكاس للنظام الليبرالي الغير المقيد للحريات الفردية و تدوير السلع.
ما عرفته أوروبا من حرية الجنس في الستينات من القرن الماضي, كان متداول عند القبائل العربية قبل ظهور المحمدية, لم تكن الممارسة الجنسية أنذاك محرمة إجتماعيا و لا مقيدة بنظم دينية. عرفت العلاقات الجنسية حرية مطلقة و مورست بلا قيود و عرفت أشكال من (النكاح) بين منها:
1) الاستبضاع : هو أن يدفع الرجل بزوجته الى رجل أخر, ولا يلمسها زوجها حتى يثبت حملها من ذلك الرجل. الهدف منها الحصول على ولد, بسبب عقم الزوج.
2) الرهط: وهو ان يجتمع رهط (مجموعة من الرجال, عشرة أو أقل) يدخلون على المرأة كلهم فيصيبونها حتى اذا حملت ووضعت, نسبت الولد الى من تشاء منهم وليس له ان يمتنع, (مثل عمر ابن العاص, غازي مصر نسبته أمه العاهرة الى العاص بن وائل السهمي).
3) البغاء :(البغايا)هن اللواتي يضعن الرايات فوق بيوتهن, يعرفن بها من أرادهن ويدخل عليهن دون حد معين.
4) المتعة : هو الزواج المؤقت يتزوج الرجل فيه المرأة لفترة مؤقتة ومحددة.
5) المخادنة : ارتباط رجل بإمرأة مخادنة (صديقة) ومعاشرتها معاشرة الازواج دون عقد.
6) المبادلة : هو أن يبدل الازواج زوجاتهم لمدة معينة, قصد الإستمتاع دون عقد و لا طلاق.
7) المضامدة: هو إن تصاحب المرأة أكثر من رجل غير زوجها , قصد النكاح.
بظهور المحمدية قد حرم بعض هذه الممارسات الجنسية, لكن لإرضاء المجتمع الذكوري القبلي, لم يحرم الإسلام كل العلاقات الجنسية التي سادت في المجتمع القبلي العربي, فقد شرع بعض العلاقات الجنسية القديمة مع إضافة لأنواع من العلاقات الجنسية الجديدة:
1) : أقر للرجل بالإستمتاع بأربع زوجات بعقد قران. عوض الإسلام الرجل بأربع نساء لإرضاءه على ما كان يتمتع به من حرية العلاقات الجنسية قبل الإسلام و أجاز له حتى الصغيرات, في قوله:" واللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ", قال ابن كثير في تفسيره: يَقُول تَعَالَى مُبَيِّنًا لِعِدَّةِ الْآيِسَة وَهِيَ الَّتِي قَدْ اِنْقَطَعَ عَنْهَا الْمَحِيض لِكِبَرِهَا أَنَّهَا ثَلَاثَة أَشْهُر عِوَضًا عَنْ الثَّلَاثَة قُرُوء فِي حَقّ مَنْ تَحِيض؛ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ آيَة الْبَقَرَة، وَكَذَا الصِّغَار اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ سِنّ الْحَيْض أَنَّ عِدَّتَهُنَّ كَعِدَّةِ الْآيِسَة ثَلَاثَة أَشْهُر، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: "وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ" عن موقع إسلام ويب. قد أباح الإسلام الإستمتاع بالصغيرات.
2): أجاز للرجل بالإستمتاع بما ملكت ايمانه ( إيماء من سبي أو بعقد بيع و شراء), قد إنتهك الإسلام جسد الإيماء بإنتهاك كرامتهن و إنسانيتهن.
3) المتعة: أقر الإسلام زواج الرجل بإمرأة لفترة محدودة, (هذا الزواج مازال سائدا عند الشيعة)."فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " سورة النساء : 24
قال محمد:"ايما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فان احبا ان يتزايدا أو يتتاركا تتارك", وعن ابن جريج قال: " استمتعنا بها في عهد الرسول وابي بكر و عمر",( صحيح مسلم, باب نكاح المتعة).
4) البغاء: أقر الإسلام بالبغاء في سورة النور:33 تقول: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
عن ابن كثير قال في تفسير الآية:" كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة, أرسلها للبغاء وجعل عليها ضريبة يأخذها. فلما جاء الإسلام, نهى الله المسلمين عن ذلك".
الإسلام لم يحرم البغاء, بل أحث عن عدم الإكراه عليه, و هي إشارة بالسماح بممارسته بالرضى وليس بالإكراه.
5) النكاح الهبة: يأمر الإسلام نكاح إمرأة عرضت نفسها على رجل للممارسة الجنسية, بقوله: "و إمرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين" سورة الأحزاب:15.
تفسير الطبري: وأحللنا له إمرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي بغير صداق. بغير ما شرعته الشريعة الإسلامية.
روى مسلم, عن عائشة أنها قالت : كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وقالت : أما تستحي امرأة أن تهب نفسها, حتى أنزل الله : " ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء " فقلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
6) نكاح الإستئجار أو الإعارة: أحل الإسلام, أن يستأجر الرجل إمرأة للمعاشرة. حسب الحنفية قالوا : إذا استأجر الرجل امرأة للزنا فقبلت, و وطئها, فلا يقام الحد عليهما و يعزران بما يري الإمام. لماروي ان امرأة طلبت من راعي غنم في الصحراء أن يسقيها لبناً, فأبي أن يعطيها اللبن حتي تمكنه من نفسها, ونظراً لضرورتها وحاجتها إلي الطعام قبلت المرأة ووطئها الراعي ثم رفع الأمر إلي عمر بن الخطاب, فدرأ الحد عنهما وقال: ذلك مهرها, وعد هذا استئجاراً لها).
( الفقه علي المذاهب الأربعة للجزيري / كتاب الحدود – استئجار المرأة للزنا / ص1193 / الطبعة الأولي لدار ابن حزم) – بيروت
روي الطوسي عن محمد عن ابي جعفر قال قلت: الرجل يحل لاخيه فرج قال نعم لاباس به له ما احل له منها (كتاب الإستبصار 136/ 3 ).
عن الطوسي أن اعارة الفرج وإن كان مكروه فهو ليس حرام فيقول:" فليس فيه ما يقتضي تحريم ماذكرناه لأنه ورد مورد الكراهية" (الاستبصار ج3 ص137).
عن ابن جريج : واخبرني عطاء بن ابي رباح قال :" كان يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وتحلها المرأة لزوجها".
الإسلام أجاز التصرف بجسد الإيماء بكل حرية, فالإسلام جعل الأمة مثل أية بضاعة, يمكن التصرف بها بالبيع و الإستئجار و المبادلة و الهبة و البغاء. لم ينتهك جسد المرأة و كرامتها و إنسانيتها كما أنتهكت في الإسلام.
عبر التاريخ الإسلامي لم تخلوا قصور الحكام من الجواري من محمد الرسول العربي الى آخر سلطان عثماني, و كانت قصور الأموريون و العباسيون و العثمانيون تعج بالجواري, حتى أن الكثير من الخلفاء المسلمون, كانوا أبناء علاقات غير شرعية (البغاء). وآخر خليفة العباسي, كان إبن جارية و هوالخليفة عبد الله, المستعصم بالله الذى اعتلى عرش الخلافة العباسية خلفا لابيه المستنصر بالله العباسي, وقتل المستعصم بالله على يد المغول.
إباحة إسترقاق الجواري في الأسلام, إمتد الى عاصرنا, فهو مازال سائدا في بعض الدول الإسلامية مثل موريتانيا, رغم منعه و تجريمه بالقانون الدولي.
الإباحية في الجنس و إمتلاك الجسد في الإسلام مجاز و لم يستثني القاصرات و لا الغلمان. فقد تجاوزت العلاقات الجنسية ثنائية الرجل و المرأة الى الحالة الشادة, العلاقات الجنسية رجل مع رجل, خاصة مع الغلمان. لقد إشتهرت هذه الحالة في العهد الأموي, لكنها إزدهرت أكثر في العصر العباسي, حيث كان للغلمان أسواقا خاصة بهم, تسببت في إنتكاسة أسواق الجواري, حتى أجبرت الجواري بالتشبه بالغلمان للإقبال عليهن.
في العصر العباسي, كانت ظاهرة ممارسة الخلفاء الجنس مع الخصيان, ظاهرة عامة. قال الطبرى فى تاريخه أن الخليفة الأمين "طلب الخصيان وابتاعهم وغالى بهم وصيرهم لخلوته فى ليله ونهاره. ورفض النساء الحرائر والإماء". لقد إشتهر في العهد العباسي, الشعر المنظم في التغزل بالغلمان.
هناك أشعار رواها الخلفاء في الغلمان, فقال الأمين شعرا في التعلق بغلامه (كوثر):
كوثـر ديني ودنياي وسقـمي وطبيبي
أعجز الناس الذي يلحي محبا في حبيب.
اشتهر أبونواس في أشعاره بحبه للغلمان في الدولة العباسية, ويروى أنه قيل له "زوجك الله الحور العين" أجاب بأنه ليس بصاحب نساء بل صاحب "الولدان المخلدين", إشارة الى قوله : " وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً " الإنسان/19. ما أحبه قوم أبو نواس هو تطبيق ما جاء في القرآن على الواقع المعاش, و الإستمتاع به وهم أحياء, لإتمام الشريعة المحمدية.
الإباحية في الجنس و إمتلاك الجسد للمتعة الجنسية في الإسلام كانتا ظاهرة إجتماعية, لم يرفضها الناس أنذاك بإقترانها بالشريعة الإسلامية التي أحلت هذه الممارسات الجنسية. قد نسمع عن التهويل الأخلاقي في الإسلام و القيود المفروض على حرية الجنس, هذه الحقيقة لم تكن نتيجة مباشرة للتعاليم الإسلامية, بل إقترنت بثقافات مختلفة للشعوب "الإسلامية" التي سادت فيها أعراف تقييد و ضبط الممارسة الجنسية, والتي تحولت مع الزمن الى كابوس بسيكولوجي يعيق التطور السليم للشباب و الشبات و يأثر على العلاقات الإجتماعية و التطور الإقتصادي. و الملاحظ في عصرنا هذا, أن هناك إرادة سياسية لدى قاهري (الحكام) الشعوب المغلوبة على أمرها, الرجوع الى التعاليم الجنسية في الشريعة المحمدية في شكلها المعاصر, كل ما يستوعبه السوق من إباحية الجنس, من دون الإعتراف القانوني, لكن من دون معارضة لمتطلبات السوق الجنسي.