الأيديولوجية الالمانية-تحقيقات وتعليقات 4


نايف سلوم
2023 / 3 / 15 - 16:11     

تحقيق: التحرر السياسي والتحرر الانساني"
تعليق: التحرر السياسي الاجتماعي التاريخي يعني التحرر من أسلوب الإنتاج الرأسمالي القائم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.
والتحرر الثاني؛ التحرر الإنساني، وهو تحرر الانسان من الاغتراب الديني.
ماركس يؤكد على عدم تحويل الواحد إلى الآخر؛ وعدم الخلط بينهما. وفي نقده لباور في "المسألة اليهودية" يشير إلى أن باور يخلط بين الاثنين.
في الاغتراب الديني الانسان غريب عن انتاجه النظري الهائل، حيث يقف أمامه كأنه قوة غريبة وقدر لا رادّ له. في الاغتراب الاجتماعي الاقتصادي يقف العامل أمام منتجات قوة عمله كما لو أنه أمام قوة غريبة، يقف كغريب محروم من تملك السلع التي أنتجها، حيث هي فعلياً تعود لرب العمل مالك وسائل الإنتاج.
تحقيق (ماركس): الناموس: سلطان الصيغ العقائدية (عالم العهد القديم: سيطرة الشريعة).. لابد لنا هنا أن ندرس حتى درجة ما تاريخ الكنيسة، وننظر إلى "الكتاب" عن كثب أعظم. أو إذا شئنا أن نستخدم لغة القديس ماكس: يجب علينا أن نحشر في "هذا الموضع" "تأملاً" عن "الأوحد وخاصته" هو فصل من تاريخ الكنيسة .. "الكتاب" كتاب شترنر "الأوحد وخاصته"، والكتاب المقدس .. الأوحد وخاصته هو ربّ الجنود"
تعليق: تكمن قيمة "الكتاب"، كتاب شترنر "الأوحد وخاصته"، في كونه اسهاماً في دراسة فصل من تاريخ الكنيسة. ولا يمكن الحكم على "الكتاب" من دون دراسة إلى درجة ما، لتاريخ الكنيسة الرسمية.
تحقيق(ماركس): إن البورجوازي الصغير الألماني، الذي لم يسهم بصورة فعالة في الحركة البورجوازية إلا على صعيد الأفكار وحدها، والذي لم يفعل فيما عدا ذلك سوى عرض حياته على من يدفع أكثر... يتوهم أن قضيته الخاصة وحدها هي القضية العادلة"
تعليق: هذا هو حال ماكس شترنر وكتابه السالف الذكر.
قول: قدرة الله تماماً (تعني) عدم قدرة كل شيء آخر. هذا الفصل وهذا التجريد بين قدرة الله وقدرة الانسان، ينزع إنسانية الإنسان، واحياناً يمزقه.
تعليق: يفترض حسب "ديالكتيك الظهور بالأشخاص"، أن تكون قدرة الله ظاهرة في الرجال الأشخاص.
فأذَّن مؤذِّنٌ لا يدخلَنَّ على أميرِ المؤمنين إلا رجلٌ قد حملَ القرآنَ، فلما أنِ امْتلأ من قرَّاءِ* الناسِ الدارُ دعا بمصحفٍ عظيمٍ فوضعه عليٌّ رضيَ اللهُ عنهُ بينَ يدَيه فطفِق يصُكُّه بيدِه ويقولُ: أيُها المصحفُ! حدِّثِ الناسَ، فناداه الناسُ فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ! ما تسألُه عنه إنما هوَ ورقٌ ومدادٌ ونحنُ نتكلمُ بما رَوينا منه فماذا تريدُ؟
وأريد أنا أن أقول كما قال علي في مكان ما: القرآن في صدور الرجال!
*هامش: كان أغلب الخوارج من "القراء" أي حفظة القرآن الكريم، وقد بايعوا علي بن أبي طالب بعد مقتل عثمان بن عفان، وخرجوا معه لمحاربة معاوية في صفين، ثم ما لبثوا أن كفّروا علي وانشقوا عن جيشه لرفضهم "التحكيم" بين علي ومعاوية، فقتلهم علي في النهروان.
تحقيق وتعليق: "إن الكتاب نفسه-كتاب شترنر – مُقسّم، مثله مثل الكتاب [المقدّس] إلى عهد قديم وعهد جديد – يعني مقسم إلى التاريخ الأوحد للإنسان (الناموس والأنبياء) والتاريخ اللاإنساني للأوحد (إنجيل ملكوت الله). والكتاب الأول هو التاريخ في إطار المنطق، (حيث)المنطق هو الكلمة المقيّدة إلى الماضي. والكتاب الثاني هو المنطق في التاريخ، الكلمة المحررة التي تتأصّل ضد الحاضر، وتتغلب عليه بصورة ظافرة بالهروب منه إلى السماء"
تعليق؛ يقول هيغل في "علم المنطق": "المنطق حكم مسبق وباطل!".
المسيحية الرسمية القويمة تغلبت على التاريخ بالهروب منه إلى ملكوت السماء وهجرت ملكوت الأرض.
والمنطق الذي هو آلة الفكر في تعامله مع نفسه ومع الطبيعة، يأخذ في اللغة العربية معنى النُّطْق، حيث "نطق يَنْطِق مَنْطقاً تكّلم بصوت وحروف تُعرفُ بها المعاني". (القاموس المحيط)، فيكون المنطق تدبير "المعنى" وانتاجه. والآلة تنتج بضاعة بقوة عمل العمال، لكنها ليست هي البضاعة في هذا المقام. لأنها في مقام آخر حين ينتج معمل ماكينات خياطة، تكون ماكينة الخياطة هي منتوج للتبادل. وهذا مقام آخر.
تحقيق(ماركس): "ذلك " تعطى للإشارة وللتفريق. والمرء (هنا) هو الفرد اللاشخصي!
لم يرغب الروح بعد في أي شيء كان، لم يمثل "الروح" على أنه شخص"
تعليق: في العربية "ذلك" اسم إشارة للبعيد
تعليق آخر: تشخيص الروح والفكرة الدينية. الحديث عن "أشخاص الرحمن" أو "رجال الرحمن". هذه مرحلة متقدمة في حركة الروح، لأنها تشير إلى أخوية دينية أو تنظيم تاريخي متقدم.
يتحدث أبو العلاء المعري عن "إياك نعبد وإياك نستعين في كتابه المغمور "رسالة الملائكة"
حيث ترد العبارة في فاتحة القرآن الكريم. أقول: إيّاك نعبد على الحق (روح)، وإياك نستعين على الشخص (شبح).
ولأبي مدين وهو أحد شيوخ محي الدين بن عربي أبيات من الشعر يخاطب فيها النبي محمد:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها تقبّل الأرض عني فهي نائيتي
وهذه نوبة الاشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
والاشباح هنا تعني الأشخاص.
ماركس لا يعترض على فكرة الشبحية وتحول الأرواح إلى أشباح ظاهرة بالأشخاص، لكنه يتهكم من طريقة شترنر في التعاطي مع الشبح، حيث يحول شترنر الأرواح إلى أشباح (إلى أجساد) ثم يعود فيحطم هذه الاجساد ويمتص الروح في جسده الخاص، هو شترنر جسد الاشباح. هذه الألعاب الصبيانية مع فكرة الشبح هي التي تثير تهكُّم ماركس. يكتب ماركس: “إن الرجل، الموحَّد (المتماهي) ها هنا مع "الأوحد" بعدما أعطى الفِكَر بادئ الأمر وجوداً جسدياً، يعني بعدما حولها إلى أشباح، يدمر الآن هذا الوجود الجسدي من جديد، وذلك بإعادة احتوائها في جسده الخاص، الذي يجعله من جرّاء ذلك جسد الأشباح، الأمر الذي يبين الطبيعة الحقيقية لهذا الإنشاء التجريدي"
الجسد؛ جسد شترنر: إنكار للشبح كما إبليس إنكار لظهور الله في جسد آدم. لقد تحول شترنر إلى “ظل شبحي مقارنة بجسده المفقود"
يكتب جاك ديريدا في "أطياف ماركس" أو "أشباح ماركس": "فالمنظرون أو الشهود، والمشاهدون والملاحظون، والعلماء والمثقفون، واللاهوتيون يعتقدون أن النظر يكفي، وأنهم لن يكونوا منذئذٍ دائماً في الوضع الأكثر كفاية للقيام بما يجب، والكلام عن الطيف (الشبح): وربما يكون هذا درساً للماركسية لا يمحى من بين دروس أخرى." (أطياف ماركس)
مراجع الدرس الرابع:
1-ماركس-انجلس: الأيديولوجية الألمانية، ترجمة فؤاد أيوب مع مقارنتها بالطبعة الإنكليزية
2-باور-ماركس: حول المسألة اليهودية، ترجمة الياس مرقص
3-نايف سلوم: المُعْجزة، الشذرات والنُّكت في السيرة المحمدية
4-جاك ديريدا: أطياف ماركس ن ترجمة منذر عياشي
5-وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري المتوفى سنة 212 هـ
6-رسالة الملائكة لأبي العلاء المعري
7-القاموس المحيط لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت: 817 هـ)