الايديولوجية الألمانية-تحقيقات وتعليقات-3


نايف سلوم
2023 / 3 / 11 - 19:59     

(الدرس الثالث)
تحقيق(ماركس): يصور شترنر الفرد الواحد على أنه "عمله الخاص" مع أنه هو نفسه للطرافة يدّعي أنه من عمل برونو بارو. هذه خطوة إلى الأمام."
هذه ملاحظة مقتضبة عن عمل شترنر. شترنر يجرّد الفرد عن أمر الجماعة الاجتماعية، بالتالي يحرمه من تفسير سر عمله النظري والعملي.
تحقيق(ماركس): إنسان المسيحية المجرّد ليس إنساناً فعلياً "
تعليق: الروح المطلق الهيغليّ (كتجريد) و "الجنس البشري" الفيورباخيّ (نسبة إلى فيورباخ وفكرة الجنس البشري المجرَّدة لديه)، وترابط هذه الأفكار مع العالم القائم؛ علاقتها مع العالم المعطى لنا بالفعل. العلاقة القائمة بالفعل، أي ضمن المجتمع المعني، تعليل هذه العلاقة وتفسيرها. بتعبير آخر وعيها في الأفراد وفوق الأفراد، أي فهمها كسيكولوجيا فردية وشكل وعي الافراد لعلاقاتهم الاجتماعية، ووعيها كبنية اجتماعية اقتصادية محددة وشروطها التاريخية. هذه بالضبط مهمة العلم الاجتماعي التاريخي
تحقيق (ماركس): "كل حاجة تؤكد ذاتها في أيامنا هذه على أنها قوة في الأفراد وفوق الأفراد، حالما تعترض الظروف إرضاءها!"
نلاحظ هنا أن شكل الحاجة وشكل إرضائها، يتوجب أخذهما في تاريخيتهما؛ أي في شرطهما التاريخي، وهذا ما تشير إليه عبارة ماركس: "كل حاجة في أيامنا هذه “، لأنه سوف تظهر حاجات جديدة "في أيام أخرى"! هذه العلاقة الاجتماعية تظهر في الأفراد كسمات فردية لهم وتظهر كأنها قدرة حاكمة لهم من فوقهم (قدر)، وهم في الغالب لا طاقة لهم على وعيها.
تحقيق(ماركس): ليس للدين "ماهيته" الخاصة "، بل يتوجب البحث عن جوهر الدين خارجه في السياسة والتجارة! في نمط الإنتاج أو أسلوب الإنتاج (حسب الترجمة العربية)"
تعليق: إذن الدين مثله مثل جميع العقائد والايديولوجيات والأفكار هو بنية فوقية لها أساسها في نمط الإنتاج، وهي إحدى تمظهرات التاريخ الفعلي للجماعة البشرية. إن معاملتها كجوهر بحد ذاته يفقدها طابعها التاريخي حيث ولدت، ويصعب فهم طابع بعض العقائد العابر للتاريخ. كالمسيحية في العصور الوسطى وفي العصر الحديث، والمسيحية المُبْكرة.
الدين يجرّد الدوافع المتعددة في الفرد الواحد ويجسّدها أشخاصاً متصارعين! على طريقة "الأنف" لغوغول (المجاز المُرْسَل؛ أو تشخيص الصفة أو الخاصيّة)
تحقيق: برونو بوير يتصارع مع إحدى عباراته؛ الله خلّع أوصال أيوب بينما برونو بوير خلّع أوصال عبارته."
تعليق: يتوجب أخذ الإنسان بكل خصائصه بما في ذلك الفكر كفعالية واقعية وفعلية
تحقيق (ماركس): "إن عام 1842 عام أوج الليبرالية في ألمانيا "؛ الحاجة الناشئة عن الشروط الاقتصادية للسلطة السياسية"
تعليق: أي أن الأفكار الليبرالية مشروطة بالأوضاع الاقتصادية السياسية الجديدة في ألمانيا لتلك الفترة، حيث لا يمكن فهم حقيقة هذه الأفكار بمعزل عن شروط ظهورها. كذلك هي العقائد والايديولوجيات في التاريخ.
في العبارة الدينية: الزنا والدنس والوثنية .. من أعمال الجسد؛ صادرة عن الحسي والشهوة (وهي سبيل قايين أو قابيل)
تعليق: العقبة الحسية (الجسدية) هي أولى عقبات المعرفة، كل معرفة مباشرة أولى، هي انطباع حسي وضرب من الوثنية. يؤكد لينين أن المعرفة الحقة تحتاج إلى عدة ضربات، أي تحتاج إلى توسطات عقلية. طريق المعرفة والعلم ليس طريقا مباشرا بل هو موسّط ومتعرج، فيه سلب(نفي) وإيجاب (تأكيد). يؤكد باشلار أن كل معرفة أولى "هي خطأ أول". في القرآن الكريم تأكيد على أن الجسدية فتنة وعقبة أمام المعرفة العلمية، ولا بد من توبة عقلية ورجوع لتحقيق المعرفة الحقّ. جاء في سورة (ص): (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ) [ص: 34]
هوامش:
في الهامش: tollkeeper المكّاس: مُحصّل المكوس على طريق أو جسر؛ والمكْس: دراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الأسواق في الجاهلية، أو ما يأخذه أعوان السلطان ظلماً عند البيع والشراء ، أو ضريبة تؤخذ عن أشياء معينة عند بيعها أو عند إدخالها المدن" ( معجم الرائد)
"قالت ماريا القبطية في سيرتها ومسيرتها من بلاد النبط شرقي النهر إلى بلاد العرب: صباح يومي السوق يزدحم المكان، ويجلس بطرس الجابي وأعوانه عند مدخل الساحة من جهة الغيطان ، في الموضع الذي نسميه ماكسو، ويسميه العرب المَكْس ، يُحَصِّل الضرائب والمكوس، من يدخل السوق ببضاعة يدفع، ومن يخرج منه وقد اشترى يدفع، والجمّال الذي يوصل البضاعة يدفع، والذي يبيع الطعام للناس يدفع" (يوسف زيدان: النبطي)
في الهامش أيضاً: الشّادرن من شَدُو: shadow : ظلّ، خيال صورة منعكسة (عن مرآة) وقاء، ستر، صورة باهتة، صورة زائفة عن ؛ شبح، طيف ، الظلّ.. حزن كآبة " (المورد طبعة 1991)
مثل مضروب: هذا هو الميدان وهذا هو العدو! (الماء يكذّب الغطّاس)
في الهامش: corpus delicti الواقعة الأساسية، باللاتينية
مراجع:
1-ماركس –انجلس: الأيديولوجية الألمانية
2-يوسف زيدان: النبطي (رواية)
3-معجم الرائد(عربي)
4-المورد الكبير (إنكليزي-عربي)
5-باشلار: تكوين العقل العلمي