فارس اليانصيب


عذري مازغ
2023 / 3 / 11 - 00:31     

بالصدفة وحدها فاز بوهو بقيمة صغيرة من الدراهم، وبالصدفة ايضا وضع أرقامه في لوتو بالرباط، كان عند اخيه حسن البواب بإحدى عمارات أكدال بالرباط في زيارة بحثا عن الشغل وقضى تلك الأيام من البحث في ضيافة أخيه في بيت من تلك العمارة مخصصة للكونسييرج (البواب)، لكن حسن جعل منها مأوى لكل الذين ترمي بهم الاحوال من اهله وأصدقائه إلى الرباط.
كان بوهو يستيقظ في الصباح يزور بعض أوراش البناء طلبا للشغل وعند الزوال يعود منهكا بالمشي ليتمدد على أحد الأسرة الثلاثة، بيت صغيرجدا أقيم بالفعل لشخص البواب، حمام صغير وقبالته مطبخ صغير، والبيت بشكل عام عامر بشكل كبير بأشياء رماها سكان العمارة من ذوي الدخل المرتفع والتي يرى فيها الفقراء أنها ذات جودة ونفع حسن كان يجمعها لإعادة بيعها أو إرسالها لأهله في مغرب الهامش، وعموما بالبيت جهاز تلفاز التقطه وجهاز راديو "مسجلة" اهداه له أحد الضباط من سكان العمارة وأواني وأشياء أخرى منها وفي مطبخه ثلاث معالق فضية.
كان حسن ذي أخلاق جميلة وموسوم بالكرم الذي ورثه من اهله الفقراء في البادية، وهو بذلك ورغم مرور سنوات في مهنته تلك كبواب لم تؤثر فيه مقاييس العيش المدنية من قبيل أن يرفض ضيوفه والتعذر بضيق البيت كما سكان المدينة خصوصا المدن العصرية أو بشكل دقيق الأحياء العصرية على النمط الاوربي كما هي عمارته بأكدال وهي عبارة عن شقق ببيوت موزعة على أفراد الأسر: بيت الغرام للزوج (بيت النعاس) وحجرة للطفل وأخرى للطفلة خصوصا المحظوظون بخاصية " Choix du roi" الفرنسية وعماما لكل فرد من الأسرة حجرته بشكل لا يمكن إدخال ضيف أتى من خارج وهو نمط يعكس النزعة الفردية لدى الفرد اكثر من نزعة حسن ذي الطابع البدوي والتي لا تعني على الإطلاق أن حسن لم يتأثر بطابع اكدال ذي النمط الفرنسي بل بالعكس يتأثر بأمور مدنية تفيد في اعتقاده أنه شكل من اشكال التحول والتطور، يتعامل مع الحضارة بمنطق غريزي، يأخذ منها ما ينفعه ويجعله منسجما مع محيطها ويحتفظ بدواخله بوجدانه البدوي الذي منه تتشكل قيمة "الرجلة" (الرجولة البدوية) كأن يكون صادقا، ذي مروءة، شجاعا، كريما، لا يغدرولا يبيع مبادئه وهي أمور وجدانية فيه، وهو نفس ما يحصل للمهاجر في بلدان أوربا، هم يعيشون وجدانهم كما يعيشونه في بلدهم الأصلي وفي علاقاتهم مع المحيط في بلدان المهجر، ويتعاملون كأنهم اوربيون متفهمون لنمطهم ومنسجمين معه، وهكذا كان حسن في أكدال، يقبل أي ضيف يأتي من بلدته حتى وغن جاءت جماعة كما حصل له ذات يوم: اضطر أحد الأهالي أن يجري عملية جراحية بمستشفى السويسي (مستشفى ابن سيناء بالرباط) لتعذر إجرائها في إقليمه، وحين اتوا به للرباط، صاحبته جماعة من أهله وكانوا لا يعرفون بالمدينة العاصمة إلا حسن البواب الذي استضافهم جميعهم في بيته الصغيروناموا قعَّادا أو قعودا في بيته، وحين زاره بوهو ذات يوم ووجد عنده ضيوفا فيهم امرأة، استنكر الأمر في وجهه واجهه حسن قائلا:
ــ ماذا تريدني أن افعل، لا يمكنني أن اتخلى عن اهلي في ظروف حرجة، أستضيفهم وعليهمهم ان يتفهموا الأمر، وكل ما في طاقتي هو ان اوفر لهم سقفا حتى الصباح ولا أرضى لنفسي ان يقال عني بأني تركتهم في وقت حاجتهم إلي، والبنت وإن لم تكن معهم فلا احد سيمسها وانت تعرف أهلنا في "الرجلة" والعفة.
ــ لا أقصد انهم سيمسونها لكن المروءة أن لا تكون بينهم! رد عليه بوهو
ــ نعم، لكن ضع نفسك محلي، هل سأتركها ويحصل لها امر مكروه ألام عليه، أم أترك هؤلاء ويقال عني أني تغيرت وتنكرت لهم في محنتهم
ــ وماذا عن سكان العمارة؟ سأل بوهو وهو يراقب ملامح حسن التي مالت للضحك ثم رد عليه:
ــ سكان العمارة لا يعرفون أنه تنام عندي جموع وهم قاعدين، سكان العمارة وكل ساكني هذا الشارع من جيراننا لا يعرفون انهم ناموا عندي، في الشقة الرابعة هناك برلماني من قلعة اسراغنة هو أيضا تزوره وفود من المدينة التي يمثلها والسكان يتفهمون الامر لأنه برلماني، أما انا فاشترط على أهلي أن يقلوا من حركتهم حتى لا يقلقوا سكان العمارة وهم يتفهمون ظروفي على كل حال، يعرفون أني هنا مجرد بواب، وحين يقصدوني يقصدون في الحقيقة تقليل خسائرهم المالية في مدينة كمدينة الرباط وحين أوفر لهم سقفا إنما أوفر لهم كرم الضيافة.
ــ البعض لن يأخذ ذلك على أنه كرم
ــ نعم أعرف ذلك لكن ذلك شغله وليس شغلي، الأنفة تقتضي ان لا يحرجني ما دام لديه أنفة وعوض أن يطلب استضافتي كان عليه أن يستضيف نفسه في فندق من الدرجة العاشرة وليس خمس نجوم لكن ما هي المشكلة عندك؟ نحن كنا ننام في خيمة ونستضيف ضيوفنا فيها قبل أن يبني والدنا منزلا.وحتى عندما كان لدينا منزل كنا نشارك فراشنا مع الضيوف، المسألة ثقافية ووجدانية. ابتسم بوهو قليلا ثم لا حظ ان حسن يبادله الابتسام، سأله بوهو:
ــ هل تتذكر خالي عبد الغفور؟ سأله وزاد في الضحك ثم أضاف: كان يطوف ليلا في الفراش عن البنات الضيفات .
ــ نعم كان كذلك، وفضح في أكثر من مرة بشكل بشكل فقد الناس الثقة فيه
ــ أنت فعلتها أيضا ذات يوم في عرس
ــ لا لم يحصل الأمر، رد بوهو، الفتاة التي نامت بجانبي في ذلك العرس كانت حبيبتي والعفيفة التي فضحتنا هي أختها وليس أني طفت عليها، الحاصل أنها نامت بجانبي من البداية وكنا طيلة اليوم معا وتبادلنا القبلات في خلسة الناس عنا في كثير من الأحيان ، اما خالي عبد الغفور فطاف على الفتاة دون ان تكون بينهما أية علاقة والفتاة هي من انتفضت وفضحته
ــ ولماذا انتقلت لتنام بجانبك حين طاف عليها الخال، هل بينكما علاقة، سأل حسن.
ــ سأخبرك بشيء حصل قبلا، في العرس هذا، في منزل جدنا استغلت النساء جانبا من اسطبل البهائم لتغيير ملابسهن، دخلت الإسطبل صدفة فصاحت النساء على دخولي، لكن إحداهن وهي ابنة جار جدي ابنة السيدة أوزي قالت لهن بأني شخص متفهم للثقافة النسوية وهي لا تجد حرجا معي حتى وإن وجدتها عارية ،اعتذرت أنا لدخولي الإسطبل وتركتهن يتحدثون عني والحقيقة أني لا أُثار إلا من المرأة التي انا معها في علاقة وهذا الامر لن تفهمه إن لم تكن فيلسوفا
ــ تقصد أنك فيلسوف؟
ــ لدرجة معينة نعم، رد بوهو.
كان بوهو في ضيافة اخيه حسن بالرباط يبحث عن العمل، وكان على هذه الحال إلى اليوم الذي حصل فيه ما حصل ليتحول إلى فارس اليانصيب، كان يمضي الصباح بحثا عن العمل، وعند الزوال يعود إلى بيت البواب أخيه حسن، مرة وجد شغلا في ورشة بناء بمنطقة القرية أو المدينة الطبية (منطقة السويسي حيث بدات أوراش البناءفي حي الرياض الذي سيشكل في ما بعد حيا للبورجوازيين من المغرب والشرق الأوسط، عمل كمساعد للبنائين في ورش لمدرسة أو مؤسسة للتخطيط، كان الورش يبعد كثيرا عن مناطق التسويق، لا حظ بوهو أن عمله كمساعد ل"لمعلم" (صاحب الحرفة) أكثر جهدا من المعلم نفسه بشكل جعله يفكر: لماذا اقوم بكل العمل بينما هو (يقصد "المعلم") يقوم باللمسة الأخيرة وفي المقابل المعلم يكسب أكثر مما يكسبه هو، كان جهد العمل قد جعل منه شخصا متسائلا بشكل كان ينظر إلى بائع البيض الطازج لعمال الورشة وبائعي السردين احسن منه بكثير، فهم لا يبذلون اي جهد بدني ومع ذلك يكسبون في الساعة اكثر مما يكسبه هو في كل عمله الجهيد تحت أوامر "المعلم"، كان بائع البيض المسلوق مع كؤوس الشاب وقهوة المجمر لا يوفرون أي جهد كالذي يوفره بوهو، يكفيك أن تحضر "طبلة" (مائدة) وقنينة غاز لا يتعدى ثمنها 10 دراهم ومواد اولية، بيض، سردين، فحم للشواء وأواني يلتقطها أخوه حسن في شوارع أكدال ، مع مرور الوقت وتداعيات تأخير الأجر من طرف القائم ببناء الورشة والتنمر بالأفضلية و"المعلمية" في الورشة فكر ان يقوم هو الآخر بفتح متجر لبيع البيض في الهواء الطلق قبالة الورشة نفسها التي كان يعمل بها وتم له الأمر بشكل استحضر في ذاته مروءة اخيه حسن الذي كان يجمع كل ما ترميه طبقة اكدال ويهديها لمحتاجيها من الأهل او يبيعها لضمان اجر يومي يليق به للعيش بالرباط. ذات يوم طلب بوهو أجره النهائي، قال لهم بأنه حصلت له مشكلة مالية، سرق جيبه بشكل لا يستطيع السفر إلى بلده ولأنه لا يحب التسول طلب منهم العمل لتغطية سفره، تفهم موظف المالية بالورشة قصده ومنحه اجره ودعا له بالتوفيق رغم أن العمال الآخرين ، تعذروا لهم بعدم دفع الأجر لمشكلات مالية .
كان صاحب ورشة البناء لا يضيع اجر عماله لكن يبدو ان العلاقة بين المال والأعمال في ورشته غير متناسقة بشكل لا يدفع الأجور في وقتها، لكن يدفعها في الأخير، وبوهو بسبب عمله في شركات متعددة يفهم هذا، ولذلك اضطر إلى إجراء حيلة أنه اضطر للعمل لانه غير متسول في اقتناء بطاقة سفر للعودة إلى بلده وهو ما اعتبره المسؤول المالي في الورشة مروءة من بوهو، ويبدو هذا لبوهو شكلا من اشكال التأقلم المدني في التحول من البادية إلى المدينة كما حاول أخوه حسن أن يشرح: الإستفادة من المدنية في النفع بالحيلة والكذب، في مسألة مشروعة، هي أحسن من الخضوع لتبريرات شركة لا تحسن أقلمة أعمالها بأموالها، وسيظهر ذلك فيما بعد حين يجد المسؤول المالي للورشة بوهو بائعا للبيض والسردين في مائدة قرب الورشة حين أتى لتناول وجبة غذاء:
ــ بوهو! كذبت علي، طلبت أجرك لكي تسافر وليس أن القاك هنا كبائع أكلات!
ــ صحيح! لكن يجب أن تعرف وأنت ذكي مثلي ولا يجب ان يعرف الاغبياء عن ذكائنا، الطاقة التي كنت أبذلها في ورشتك اكثر من الطاقة التي يبذلها "المعلم" الذي كنت اعمل تحت إمرته، واقل بكذير من الطاقة التي يبذلها هؤلاء الباعة المتجولين، عندما كنت أخرج لأجل الغذاء وجدت اني ادفع لهؤلاء السوقيون أكثر مما تدفعونه انتم لي، وجدت أني أدفع الاجر فورا لهم بينما انتم تتماطلون في أداء أجورنا بأعذار مختلفة ، لقد أدهشني أن البائع المتجول لسردين مشوي وبيض وكأس شاي يربح أكثر بكثير من الأجر في ورشتكم.
ضحك المسؤول المالي قليلا ، بدا منهزما وأراد أن ينتصر لعمله بكونه عمل شرعي:
ــ بما أنك ذكي كما قلت، فأنت هنا في نطاق السوق السوداء للعمل
ــ صحيح لكن يجب ايضا ان تقر بأنكم، وبشكل بسيط، تتعاملون مع هذه السوق السوداء، انت هنا تتعامل معي لأجل التغذية ويبدو انك نسيت انها سوق سوداء للعمل!
ــ بصحتك اخي بوهو، يبدوا أنك مسيس وليس فقط ذكي، انا فقط أمزح معك، لكن، مع ذلك، اثرت مشكلة!
ــ كيف؟
ــ كان عليك، أن تستثمر قرب ورشة اخرى لم تعمل بها واليس هنا، انت تحسس عمال ورشتنا بالتمرد وهذا غير مقبول وغير ذكي
ــ بالعكس ذكي، المسألة عندي سياسية، أحب ان يعرف عمالك أنهم مخدوعون في تفهم انساقكم المالية في علاقتها بالعمل بين تقديم الأجر في وقته والتماطل على الوقت، قررت أن أخرج من عملكم عندما علمت انكم لا تقدمون الاجور في وقتها ، هذا مضر بشركتكم ..
مرت خمسة أيام على هذا الحوار لتأتي القواة المساعدة لهدم موائد التجار المتجولين قرب الورشات البنائية، عندما مزقوا مائدة بوهو كان المسؤول المالي يضحك متوجها إلى بوهو بنظراته ، تلقف بوهو الواقع، اقترب من المسؤول المالي ليقول له:
ــ يبدوا انك فزت، لكن ستضطر الآن للذهاب بعيدا لأجل تناول وجبة غذاء ولن تجدها أحلى وأبَنَّ من وجبتنا، في الموائد لجوالة، نشوي السردين ونقلي البيض وطبخ الشاي امام أعينكم، ليغفر الله لك بذنوبك بينما في المقاهي والأسواق التي تسمونها بيضاء لا تعرفون كيف هبئت لكم تلك الاكلات. تذكر انك ستدفع على الوجبات البعيدة ثمنا اكثر من ثمن سردين وبيض وشاي هذه الموائد التي يمزقها الآن أعوان المخزن .
عاد بوهو إلى بيت أخيه واستقل سريرا ونام إلى أن استفاق على ضجيج آخر، لقد وفد إلى المدينة ضيوف آخرون هم إخوة بوهو وحسن على خلفية قمارمن نوع حلال.كانوا يلعبون لعبة ورق تسمى "الرامي" على أساس من فيهم سيدفع ثمن قنينات نبيذ، لقد جاؤوا إلى الرباط لما سمعوا ان بوهوا يربح أكثر في العمل الحر، في بيع السردين والبيض المُسْلق في الماء، أحدهم خطرت له بيع ثمرة "البوبال" التي تطهى في التراب، لقد تخيل ان سكان المدينة كرهوا طبخ مطابخهم وطبخ المقاهي وبدا له اننا في عصر الاكل الإيكولوجي ، اكل القردة الإنسانية من قدماء البشر وفكر أن يحول حي الرياض من خلال بداية بنائه إلى سوق للأكلات الإيكولوجية، الأكلات التي لا تحتاج مختبرات طبخ.
لكن صدمهم بوهو حين استفاق: الأكلات الإيكولوجية تنتمي باسم القانون إلى اكلات السوق السوداء، سيتابعك اعوان المخزن في كل الرباط إذا فعلتها، انتبه الجميع إلى تعليق بوهو، شعروا بخيبة أمل، لقد كانت كل تمنياتهم ان يكونوا مثل بوهو بائع السردين والبيض وكان املهم أن يبدعوا في الأمر بشكل لا يقلدوا أخاهم بوهو، كانت فكرتهم أن ينوعوا في الأكل بالرباط، ان يحولوا انظار الرباطيين من أكلة البيتزا والسباغيتي واكلات ماكدونالد إلى أكل إيكولوجي: اكلات نابعة من الطين والنبات والجغرافية والبيئة، أكلات تلتصق بعرق أناملهم كونهم بشر مخلفات اناملهم لا تعدي أحد.
فيما الإخوة منهمون على لعبة الورق في رهان حول من يشتري النبيذ، كان حسن يسجل ارقاما في ورق اللوتو، سأله بوهو بفطرته البدوية:
ــ هل أنت قمّار وتراهن بمالك
ــ ليس بالضبط، اعرف اني لن أفوز لأن الأحتمالات في الأرقام كبيرة، لكن من يدري؟ قد افوز بالصدفة، لكن لست قمارا، بهذه العملية اشتري السعادة!
ــ كيف؟
ــ عندما ألعب، اشعر بأني ساكون محظوظا وابني على ذلك الحظ كل الآمال انتقاما لوضعي الاجتماعي، الفرق بيني وبين الذي سافر بمخيلته في كل بقاع العالم هو اني ألعب على أساس احتمال الربح وحتى إن لم أربح، يسمح لي شراء الرهان بالحلم، نعم اعرف ان الاحتمالات ضعيفة لكني اومن بالصدفة، وهذا الإيمان يجعلني احلم بغض النظر عن الربح، الامر يجعلني متفائلا حتى مع تفاؤل نسبة الربح، هي ضئيلة بلا شك وهذا لا يهمني .
ــ هل تعلم أن الذين يلعبون على هذا هم اصلا اغنياء ويلعبون عل احتمالات اكثر بسبب غنائهم بشكل يغني احتمالاتهم؟
ــ قلت لك أومن بالصدفة، قد العب رقما معينا فقط وأربح، قد اربح بافتراض رقم دفعت فيه درهمين بينما آخر دفع عشر دراهم ولم يربح، إنه قانون الصدفة الذي يتيح لي حلما بالإغتناء
ــ هذا شكل من أشكال الإنتماء للرباط، الرباط معروفة بالخرافة، كل سكان الرباط ينتمون بالحلم إلى أولياء السياسة، حين تسأل أحدهم عمن هو؟ يجيبك بأنه ابن ابن عم راعي بقر فلان بالرباط، عندنا نقول بالأمازيغية: ميس عمس أومكْسا نْلْقايد (ابن ابن عم راعي القايد).
ــ هل تعلم اخي بوهو؟ المال هو من يحكم العالم، قد لا تكون رباطيا، بالمال تصبح رباطيا واخي الذي يحلم ببيع البوبال في الرباط عليه ان يكون ذا نفوذ مالي ليفرض على المجالس الإدارية اهمية اكل البوبال .
بدا بوهو منبهرا بثقافة أخيه حسن وبدا انه يعرف كل خبايا الرباط، والتلفاز الذي يعتمده في حجرة البواب بصدفة كصدفة الرهان ، ينقل إلى حسن كل أسرار العمارة: كان حسن يعرف كل صغيرة وكبيرة عن العمارة بشكل لو كان ذكيا ويعرف كيف يستثمر أسرار العمارة سيتحكم فيها، لكن هذا لا يعني ان حسن لم يكن ذكيا بل هو شخص يوفق في ذكائه بين وجدانه ووجدان الآخرين. فوجئ بوهو ذات يوم بان تلفاز البواب أخوه حسن ينقل كل المكالمات الهاتفية للبواب ، لقد كانت هذه هي الحقيقة، وحسن البواب ليس مهندسا في الرقميات ولا كان يفهم في التكنولوجية الإلكترونية، بالصدفة فقط كان ذلك الجهاز ينقل كل المكالمات الهاتفية لسكان العمارة إلى البواب وحسن كان يعرف كل أسرار سكان العمارة برغم أنها لا تهمه، مثلا: زوج ممثلة الثقافة الفرنسية بالمغرب والتي تسكن بالعمارة ، زوجها مريض بالسرطان بشكل لم تمارس الجنس معه طيلة سنة، وحين أتى بوهو إلى الرباط اوصاه حسن بالتقرب إليها للتمتع بالجنس معها وربما بالهجرة إلى فرنسا، ومن الغريب في الأمر أن زوجها المصاب بالسرطان، ذات يوم، سمح لبوهو أن ينفرد بزوجته ممثلة الثقافة الفرنسية بالرباط
والحقيقة أن الموقف من زوج ممثلة الثقافة الفرنسية بالمغرب هوموقف إنساني: كان يعرف أنه إنسان ميت وكان يتمنى لزوجته حياة سعيدة .
ملاحظة:
هذه مقدمة فقط لرواية : "فارس اليانصيب" اعترف مسبقا اني وضعت العنوان قبل إتمام الرواية لسبب موضوعي هو أن الرواية ناضجة في مخيلتي .