زاوية اللاعدالة و اللاتنمية تحارب حقوق المرأة


كوسلا ابشن
2023 / 3 / 8 - 20:30     

آثار النقاش السائد في المدة الأخيرة حول إقرار المناصفة في الإرث بين الرجل و المرأة الى ردود إنفعال الإسلاميين المستنكرين لتساوي المرأة و الرجل في الحقوق و الواجبات. كان موقف الزاوية الإخونجية الأخير منتظرا, فقد إستنكرت الأمانة العامة للزاوية دعوات الإتحادات النسائية و المجتمع المدني المطالبان بحق المرأة في الإرث ما للرجل.و جاء في بيان الأمانة العامة للزاوية ما يلي:" إن الدعوات الشاردة و الغريبة عن قناعات المجتمع المغربي المسلم, المتعلقة بإقرار المناصفة في الإرث, تشكل خطوة خطيرة ستؤدي الى زعزعة نظام الأسرة المغربية و ضرب أحد مرتكزات السلم الإجتماعي و الأسري و وضعه على سكة المجهول", و يضيف البيان"أن آيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة, وتؤكد أن سماحة الإسلام لا تسمح بأي حال بتجاوز هذه الآيات ولا بالاجتهاد في أمور محسومة بنصوص قرآنية قطعية, وتعتبر ذلك خروجا عن الإجماع الوطني والثوابت الجامعة للأمة المغربية كما حددها الدستور المغربي الذي ينص على أن المملكة المغربية دولة إسلامية، وأن الإسلام دين الدولة".
الزاوية المعادية لحقوق الإنسان تتستر بالجانب العقائدي في جموديته لتكريس تبعية المرأة للرجل و اللاتساوي المرأة مع الرجل في الحقوق مما يزعزع السلم الإجتماعي و الأسري ببث التمييز و العبودية و دونية المرأة. الزاوية المتشبعة بالثقافة الظلامية و الأفكار الشاردة عن الواقع المعاصر, أصبحت متنفس للجشعين و النصابين و الفاسدين, فكيف سيسمحون بالمناصفة في الإرث و الكثير منهم يتنكر لحق المرأة حتى في النصف ( كما ورد في النص الديني الإسلامي), فهم لا يرون في المرأة إلا جارية, حريتها مرهونة بإشباع رغباتهم الجنسية, كما تعامل معها النص منذ تأسيس الدولة الإسلامية. و النص الديني الذي صدر في القرن السابع الميلادي, مازال يلعب دوره المرجعي في حرمان المرأة من حقوقها في المجتمع و داخل الأسرة, هذا النص الذي يستعمل في تعنيف المرأة و التشتت الأسري و التمييز بين الجنسين و إحتقار المرأة و إستعبادها. التاريخ يسير الى الأمام و المجتمعات البشرية تتغير بتغيير أنماط الإنتاج و هذا التحول يأثر على أنماط النظريات و المفاهيم بالتطور و يمس هذا التطور كذلك الفكر الديني بإعتباره جزء من البنية الفوقية, فالتجديد في هذا الفكر و إلغاء بعض النصوص البالية, ضروري لمسايرة العصر. ليس هناك ما هو نهائي و مطلق, كل شيْ في الكون يتغير و يتحول فكما ألغيت آية إرضاع الكبير و ألغيت آية الرجم و هناك آيات آخرى كثيرة لا يأخذ بها لظروف موضوعية, منها مثلا:"ياْيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اْولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم فإنه منهم " المائدة:53. أو ما جاء في سورة الأنفال (61): "وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوالله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم", أو آية 29 من سورة التوبة: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". هذه الآيات غير صالحة في وقت تحكم قوى غير إسلامية في السياسة الدولية, و سيادة قوانين دولية تمنع تطبيق محتوى هذه الآيات, ولهذا فإنه بالإمكان تجاوز فكرة :" للذكر مثل حظ الانثيين" لإنصاف المرأة و رفع الظلم عنها بالتساوي مع الرجل في كل المجالات و حتى في الإرث, أعترافا بإنصاف الميثاق الأممي للمرأة و تماشيا مع الإعلان العالمي حول حقوق الإنسان.
ذكرى 8 مارس, هو يوم تخليد لنضال المرأة المستمر في الزمكان, ما دام ظاهرة الإستغلال و الظلم و الإضطهاد و التمييز ضد المرأة تأخذ أشكالا أكثر تخلفا و ظلامية في المجتمعات هيمنة الإيدولوجية الإسلامية المنتجة لنظم إستعباد المرأة و حرمانها من حقوقها السوسيو- إقتصادية و السياسية و الثقافية. العيش السليم و الكريم يكمن في أن تنفض المرأة غبار الإيدولوجية الظلامية التي شلت نشاطها و فاعليتها في المجتمع و عليها الإنخراط في النضال التحرري ضد قيم الظلامية و اللامساواة, و من أجل قيم العدالة و الإنصاف التي تهدف الى المساواة بين المرأة و الرجل في مختلف المجالات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية. لقد آن الأوان لمراجعة النصوص المتخلفة لمسايرة الواقع المعاصر الذي لم يعد يستحمل إستمرارية المفاهيم و الإفكار الرجعية الظلامية المعرقلة للتطور التاريخي السليم في مجتمعات ما زال النص الديني يستغل في التمييز الجنسي و حرمان المرأة من حقوقها و حريتها و فرض الولاية عليها.النص الديني الاسلامي يكرس ثقافة تمجيد الذكورة من جهة و جهة آخري يكرس دونية المرأة. الآيات قطعية الثبوت و القدسية تكرس التمييز الجنسي ما بين الرجل والمرأة في عصر الحرية و المساواة بين الجنسية, في عصر تقليد المرأة لكل المناصب و الوظائف حتى رئاسة الدول. مثلا فالآية: " الرجال عليهن درجة" و قول محمد: " النساء عي وعورة فاستروا عيهن بالسكوت وعورتهن بالبيوت " غير صالحان لهذا العصر, و المرأة غزة الفضاء الخارجي و إقتحمت مجال السياسة و الإقتصاد و الثقافة.
الزاوية اللاعدالة و اللاتنمية تسعى دائما الى إستغلال النص الديني لأهداف سياسية, تستغل النص في محاربة حقوق المرأة و منع النقاش في مناصفة المرأة للرجل في الإرث, كما عارضت "تعديل" مدونة الأسرة, و بناءأ على النص الديني تقوم الزاوية بتهييج القطيع في محاربة التنويرين و الحقوقيين المدافعين عن حقوق المرأة من أجل عتقها من ولاية الرجل. الزاوية تتبنى الإيديولوجية الإسلامية و هي جزء من التنظيم الإخوانجي العالمي, و رغم أن قانون "الأحزاب", يمنع تأسيس "الأحزاب" على أساس ديني, فإن الإخوانجي غير ممنوع عن مزاولة نشاطه السياسي, بل أكثر من ذلك ترأس موظفي القصر لفترتين متتابعتين. إذا كنت في ضعية " أمير المؤمنين" فلا تتعجب, فالقوانين حبر على ورق, معمولة فقط للدفاع عن ظلم النظام العلوي و ظلم أعوانه و كذا محاربة "المغضوبي عليهم/هن" و حرمانهم/هن من الحقوق.
معانات المرأة في المجتمع الرجعي الإستغلالي تتضاعف بمعيقات النص الديني و التنصل الإجتماعي و التشريعي, ولا خيار للمرأة إلا الإنضمام الى التجمعات الدمقراطية المعترفة بحقوق النساء في النضال الشعبي العام, فتحرر المرأة من قيود عبوديتها مرتبط بتحرر الرجل من قيود النظام الرجعي الإستغلالي الإستبدادي. فهي معركة نضالية مشتركة بين الجنسين من أجل تحطيم الطابوهات و المحرمات القدسية صانعة الإستبداد و الإستغلال و الفقر و التمييز الجنسي و حرمان المرأة من حقوقها.
ألف تحية للمرأة الأمازيغية في يومها الاممي و هي مناضلة من أجل التحرر من الفكر الظلامي القروسطوي, مناضلة من أجل حقوقها العادلة, ألف تحية للمناضلات في العالم ضد الإستغلال و التمييز الإجتماعي و ضد الإستبداد.