في العلاقة الجدلية لتحرر الطبقة العاملة والمرأة الكادحة


النهج الديمقراطي العمالي
2023 / 3 / 8 - 19:37     


كلمة العدد 499 من جريدة النهج الديمقراطي الخاص بالاسبوع من 9 الى 15 مارس 2023.

في العلاقة الجدلية لتحرر الطبقة العاملة والمرأة الكادحة
أصبح 8 مارس مرادفا لليوم العالمي للمرأة. حتى الرجعية والدول التي تضطهد شعوبها، تحتفل بعيد المرأة من اجل استمرار استعباد الشعوب واضطهاد المرأة. على نقيض من ذلك، فإن الأحزاب الشيوعية والقوى التقدمية تجعل من هذه المناسبة، مدخلا للمزيد من تجديد جذوة النضال ورفع الوعي بالقضايا الكبيرة، التي تسمح بشق طريق تحرر المجتمع تحت راية وقيادة الطبقة العاملة، التي لن تتحرر ألا بتحرر كل الطبقات المضطهدة، ويتم حل مشكلة اضطهاد واستغلال المرأة حلا عادلا وتاريخيا.

في التاريخ الحديث لشعبنا انخرطت المرأة المغربية في كل مراحل النضال الاجتماعي والسياسي وبمستويات مختلفة. والنساء اللائي التحقن بالحركة النضالية، فعلن ذلك بعد أن تغلبن على كل القيود الأيديولوجية والأفكار الرجعية السائدة. إنهن كن في معركة معقدة للغاية، ولا زالت هذه المعركة تحتاج من المرأة خاصة وأخيها الرجل الفاهم والمقدر لدورها، مجهودا جبارا وعملا مضنيا من اجل كسر أهم القيود والكوابح.

إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المأزوم اليوم، بات يدفع بشكل متعاظم بالمرأة لاقتحام المجال والفضاء العام، كيد عاملة أو كقوة ضرورية لتطور وتلبية حاجيات ومصالح مالكي وسائل الإنتاج. فإذا كانت البرجوازية تلد حفار قبرها المتمثل في العامل والعاملة؛ فإنها أيضا تلد شروط تحرر المرأة من الاستغلال والاضطهاد المزدوج. إن المرأة العاملة تطالب بتحسين ظروف عملها ومن بينها مساواتها مع رفيقها العامل، وهكذا ولد شعار “الأجر المتساوي للعمل المتساوي”.

في العقدين الأخيرين حققت المرأة خطوات جبارة لم تحققها من قبل. لقد فجرت السيرورات الثورية بمنطقتنا وضعا جديدا بالمغرب كانت أولى بوادره حركة 20فبراير 2011. كانت هذه الحركة نوعا من الثورة الثقافية التي خلخلت العديد من أركان الاستبداد والعقليات التي كان يوظفها في قبضته الحديدية على أذهان وعقول الشعب وخاصة شبابه ونساءه. كان المجال المفتوح على مصراعيه أمام الشابات هو السياحة الجنسية، أو الهجرة إلى بلدان الخليج في إطار تجارة الجنس. لكن الأنفة والغيرة وحرص الأسر على بناتها، فتحت كوة في الجدار وهو دفع البنات إلى التعلم والارتقاء فيه، والحصول على نتائج متفوقة؛ وحدثت ظاهرة جديدة في المجتمع، وهي الاقتحام المتزايد للشابات للصفوف الأمامية في التعليم، وانتزاع مواقع الشغل المتخصص. طبعا لن تفلت بنات الشعب من مخالب الأزمة الاقتصادية وفشل الاختيارات الإستراتيجية لدولة الكتلة الطبقية السائدة، ولذلك نجد نسبة عالية من الشابات تعانين من البطالة ومن التمييز في الحصول على الشغل.

كان لهذا التطور المجتمعي وعلى رأسه دور المرأة، نتائج جديدة تمثلت في حالات تستحق التنويه والتأكيد ومنها الدور الذي لعبته المرأة في حراك الريف، وتسييرها للمظاهرات والمسيرات في الحسيمة وغيرها من مدن وبلدات الريف؛ نفس الأمر شهده حراك جرادة المدينة العمالية، وكذلك في مسيرات ضد العطش بزاكورة أو في قصر أبيار – تالسنت- حيث انطلقت مسيرة احتجاجية مشيا على الأقدام قطع فيها المحتجون أكثر من 45 كلم نحو عمالة بوعرفة…

إنها المرأة المغربية الحديثة والناهضة للنضال الاجتماعي والسياسي. إنها تلتحق بالصراع الطبقي كل واحدة من موقعها الطبقي، وهذه دماء جديدة ونوعية ستسمح بتجدر الوعي وتجديد أساليب النضال وتعميق المطالب.

لن نزيغ عن صلب الموضوع ونحن نستحضر نموذج الشهيدة سعيدة المنبهي الذي يجسد هذا الجيل الجديد من النساء آلائي رغبن والتحقن بركب التغيير الثوري ببلادنا. لقد انخرطت في النضال السري في إطار منظمة إلى الأمام، وكان هذا الاختيار لوحده كاف ليجعلها هدفا للأجهزة البوليسية واعتقالها وتعذيبها حتى الموت لو اقتضى الأمر ذلك.

في اعتقالها حولت السجن إلى مدرسة تكوين وتصليب القناعات الثورية، وكتبت عدة رسائل أصبحت اليوم على السنة الخلف المناضل.

فلما حانت لحظة خوض معركة الموت من اجل المطالب التي يسترد بها المعتقلون السياسيون هويتهم وقبل ذلك أدميتهم، التي حاول النظام الفاشستي تجريدهم منا وتحويلهم إلى عبيد بعد أن تمردوا وأعلنوا أنهم مواطنون ومواطنات أحرار؛ خاضت المناضلة سعيدة المنبهي مع رفيقاتها ورفاقها الإضراب عن الطعام حتى الرمق الأخير. استشهدت وهي رافعة لراية الثورة والحق والكرامة. مثل هذه الشهيدة، هو من نعتز به، ونعتبره التجسيد الأوضح والأصدق لشعار المساواة الفعلية.

فلنجعل من كل 8 مارس مناسبة نضالية لتعميق التفكير في واجباتنا ومسؤولياتنا تجاه مهمة تحرر شعبنا المناضل. ومن اجل القضاء على الاستغلال والاضطهاد الذي يطحن الرجل والمرأة وان كان بشكل مزدوج.