إعتقالات في صفوف مناضلي ريف


كوسلا ابشن
2023 / 3 / 5 - 22:47     

دينامية حراك ريف, زلزل أركان النظام الكولونيالي و أدخله في دوامة القلق الدائم, فرغم القمع و الإعتقالات و محاكمات لمئات من مناضلي حراك ريف, الذين ما زال الكثير منهم وراء القضبان يعانون من الإنتهاكات الجسيمة داخل السجون, إلا أن النظام المتوجس من أهالي ريف, لم يكتفي بالتجسس على حواسب و هواتف نشطاء ريف, بل وزع جواسسه في مدن تواجد حركية النضال ريفي, للتجسس على المناضلين و نشاطاتهم و نضالاتهم الهادفة الى تعرية إنتهاكات حقوق الإنسان و الدفاع عن حرية ريف و دفاعا عن قضية المعتقلين السياسيين في معتقلات النظام الكولونيالي العلوي و على رأسهم المناضل ناصر الزفزافي.
مصيبة سيكولوجية الخوف أصابت النظام بمرض الوسواس القهري, فلم يعد يفرق بين الآهالي بين اللامبالين و المناضلين الأحرار, فلم يتوقف عن متابعة الإعتقالات في صفوف الآهالي و بينهم نشطاء الحراك (2016 - 2017) في الداخل و مناضلي حرية ريف في المهجر. هوس النظام أفقده البرصلة فقد إمتد بطشه و قمعه الى كل من أجهر عن رأيه تأييدا لحراك ريف و تعاطفا مع ريف المقهور, سواء بالنشاط الميداني أو من خلال مواقع التواصل الإجتماعي.
تبعا لسياسة إنتهاكات حقوق الإنسان و مصادرة حرية التعبير و حرية الرأي, تباشر أجهزة القمع العلوية التربص لمناضلي ريف المهجرين, القادمين من المهجر الى بلدهم ريف, و يتم إعتقالهم بمجرد و صولهم الى مطارات و موانئ مدن ريف. مؤخرا ( 25 فبراير 2023) أختطف ناشط ريفي مقيم بأوروبا, بمجرد وصوله الى مطار آيت ناظور, و هو الآن رهن الإعتقال بين أيدي جهاز التحقيق السيْ السمعة. المختطف عرف عنه المشاركة في الإحتجاجات المؤيدة لحرك ريف في أوروبا و كذا مشاركته في النقاشات عبر المواقع التواصل الإجتماعي, ما يعرف ب (النضال الإلكتروني ). لم يكن المختطف (أ.ب) هو أول المهجرين المختطوفين من المطارات أو الموانئ مدن ريف, بل سبقه مختطوفين آخرين, أتهموا بالمشاركة في المظاهرات الجماهيرية بإوروبا لدعم حراك ريف, كما حصل من إعتقال الناشط الريفي زهير المختطف من المطار و تم تعذيبه قبل محاكمته بسنتين سجنا. أريفيون في المهجر و خاصة في أوروبا مراقبون من طرف جواسس النظام الكولونيالي, الذين يبعثون بإنتظام معلومات إستخبارتية عن أريفيين و خاصة مناضلي حركة النضال ريفي. قد فجرت الشرطة الألمانية فضيحة جواسس النظام الكولونيالي العلوي بإعتقال في السنة الماضية للجاسوس المخزني المتورط في التجسس على نشطاء ريف بين 2021 و 2022.
في حملة الإعتقالات المستمرة و إنتهاكات حقوق الشعب, أطلقت منظمة العفو الدولية حملة دولية لمطالبة النظام العلوي لإطلاق سراح مناضلي حراك ريف و على رأسهم ناصر الزفزافي و الكف عن إنتهاكات حقوق الإنسان و مصادرة حرية الرأي و التعبير.
تبلور نمو الوعي السياسي و نضال الآهالي من أجل الحقوق الطبيعية بالإضافة الى التضامن الأممي مع نضال الشعب بأريف, و خصوصا توسع هذا التضامن من معاقل المنظمات الحقوقية الدولية و الجماهير الشعبية الى التضامن الدولتي مثل ما حصل في البرلمان الهولندي من تضامن مع حراك ريف و إدانته للأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب بأريف و مطالبته للنظام العلوي بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية حراك ريف, كما آدان البرلمان الأوروبي في الشهر الماضي إنتهاكات حقوق الإنسان بأريف و طالب البرلمان بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين و على رأسهم ناصر الزفزافي المحكوم ب 20 سنة سجنا.
التضامن الأممي و الوقائع المستجدة, أربك سياسة و أجندة النظام الكولونيالي حيال ريف, لهذا أعاد النظام النظر في سياسته الخارجية بإستقطاب بعض الدول بالهيبات الإقتصادية الممنوحة لهذه الدول لهدف تحييدها و إسكاتها عن الجرائم العنصرية التي يرتكبها النظام الكولونيالي العروبي. السياسة الجديدة التي إستقطبت إسبانيا الى الصف العلوي, أو سياسة ما سمي ب "التعاون الأمني" بين النظام العلوي و مملكة هولندا ظاهره محاربة الإرهاب و باطنه محاربة حركة النضال ريفي. في فبراير 2023 بدأ التفاوض على دراسة مشروع إتفاقية تسليم المجرمين بين النظام العلوي و مملكة هولندا. ما يطرح أكثر من علامة حول مصير حركة النضال أريفي في البلدين اسبانيا و هولندا. ما هو معروف أن حركة النضال أريفي في المهجر تتمركز قواعدها و تعرف دينامية نشيطة في مملكة هولندا و تليها إسبانيا و بعدهما بلجيكا و ألمانيا. إتفاقية تسليم المجرمين يكتنفها غموض, ومن المؤكد مفهوم العلوي للمجرمين, هم أولائك المعارضين و الرافضين للنظام الكولونيالي و المناضلين ضد سياسة التمييز العنصري. و بهذا على قيادات النضال أريفي طلب تفسيرات و إيضاحات من المسؤولين الهولنديين حول هذه الإتفاقية الفضفاضة, التي قد تكون ضربة ليس فقط للهاريبين من جحيم النظام الكولونيالي العلوي و المطالبين باللجوء السياسي, بل كذلك ستكون ضربة لعراقة الدمقراطية في هولندا و إنتكاسة لمبدأ إحترام حقوق الإنسان و الدفاع عن حرية الرأي و حرية التعبير. ما سيقدمه النظام الكولونيالي العلوي من تسهيلات للشركات الهولندية و ما ستناله هولندا من كعكعة بلاد الأمازيغ مقابل تنازلات سياسية و حقوقية من طرف الحكومة الهولندية لا يغير كثيرا في حجم التواجد الإقتصادي الهولندي في مورك. لكن إن ارتضخت الحكومة الهولندية لمطالب النظام العلوي في مضايقة حرية النضال الأمازيغي عامة و ريفي خاصة في هولندا, أو تغيير سياسة طلب اللجوء بطرد أو تسليم المناضلين السياسيين للنظام العلوي الإجرامي و الإسبدادي, مثل هذا السيناريو ستكون نتيجته كارثة إنسانية لللاجئين السياسيين, كما ستكون وسمة عار في جبين الحكومة الهولندية في مشاركتها في حفر قبور العشرات أو المئات من المناضلين أريفيين, و تكون مشاركتها كذلك في إنتهاكات حقوق الإنسان و إعدام الكلمة الحرة. و على أساس هذه الفضيحة الكارثية ستفتقد هولندا مكانتها الرمزية في المحافل الحقوقية الدولية, بتخليها عن الإتفاقيات الدولية حول اللجوء السياسي و تخليها عن ميثاق جميعية الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان, و تخليها عن مبادئ النظام الدمقراطي الحداثي.