حضور غير منظور لليمين المتطرف / عشرات الآلاف يتظاهرون من أجل السلام في برلين


رشيد غويلب
2023 / 2 / 28 - 12:45     

على الرغم من البرد القارس، تدفق، السبت الفائت، عشرات الآلاف إلى بوابة براندنبورغ وسط العاصمة الألمانية برلين لدعم “الانتفاضة من أجل السلام”.

لقد كانت التظاهرة نجاحا وانتصارا لقضية السلام، على الرغم من تباين مواقف قوى اليسار من الحرب التي دخلت عامها الثاني. لقد تباينت المعطيات بشأن عدد المشاركين، فالشرطة تحدثت عن 13 ألف مشارك، فيما قالت مصادر يسارية ان المشاركين أكثر من 35 ألف، وأكد منظمو التظاهرة ان 50 ألف شاركوا في المطالبة بوقف الحرب ومفاوضات سلام دائم.

ممثلو الحكومة الألمانية هاجموا التظاهرة بشدة، معتبرين إياها دعوة للرئيس الروسي بوتين لغزو بلدان أخرى، وان المطالبة بالسلام تضليل سياسي للناس.

50 ألفا من اجل وقف النار والتفاوض

وأكدت صحيفة “برلينر تساتنغ” واسعة الانتشار، اعتمادا على مصادر موثوقة بالنسبة للجريدة، ان شرطة برلين اكدت داخل اروقتها، صحة ما ذهب اليه المنظمون، بان المشاركين في التظاهرة كانوا 50 الفا وليس 13 ألفا كما أعلن رسميا، مع الإشارة الى ان الشرطة التي سبقت يوم التظاهرة توقعت مشاركة 10 آلاف فقط.

وتحدث في التجمع الختامي الاقتصادي الأمريكي ومدير شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة جيفري ساكس بواسطة فيديو مسجل، والممثلة الألمانية المعروفة كورينا كيرشوف، وناشط السلام هانز بيتر والدريش، العميد المتقاعد إريك فاد، وعضوة كتلة اليسار في البرلمان الألماني سارا فاكنكنشت، والناشطة النسوية الألمانية المعروفة أليس شوارتسر، اللذان اطلقا بيان السلام، الذي شكل المناسبة لتنظيم التظاهرة، بعد ان وقع عليه 680 الف مواطن، بينهم شخصية قيادية من “حزب البديل من اجل المانيا” اليميني المتطرف. الامر الذي أضاف خلافا جديدا داخل حزب اليسار، بشأن الدعوة لدعم التظاهرة، اذ امتنعت قيادة الحزب رسميا عن دعم التظاهرة، فيما شارك قياديون وأعضاء من الحزب فيها، ويأتي هذا الخلاف في سلسلة من التقاطعات بين الرئيسة السابقة لكتلة اليسار فاكنكنشت المثيرة للجدل، وأكثرية قيادة الحزب. لقد أشار العديد من شخصيات اليسار الماركسي الى خطأ قرار قيادة حزب اليسار، المستندة على مشاركة اليمين المتطرف في التظاهرة.

التجمع الختامي كان حاشدا، ورفعت أمام المسرح الاعلام واللافتات المزينة بحمامة السلام، وكان الحضور يساريا لا لبس فيه. واستمر الهتاف “السلام يصنع بلا أسلحة”. لقد ذكر المشهد والهتافات والاعلام بالفترة الذهبية لحركة السلام في المانيا في الثمانينيات. وجاءت الغالبية العظمى من المشاركين بدون أعلام وملصقات، وهو مؤشر على نجاح تعبئة واسعة نسبيًا في ظل التباين القائم. ان ظهور اعلام وشعارات حزب اليسار، أكد ان العديد من أعضاء الحزب، شاركوا، على الرغم من الموقف السلبي لقيادة الحزب من التظاهرة.

لقد فشل اليمين المتطرف الذي يحاول توظيف شعارات اليسار بمضامين عنصرية وبشعبوية صريحة، فشل في وضع بصمته على التظاهرة. ولم يغير من هذه الحقيقة اعلان حزب “البديل من اجل المانيا” قبيل نهاية التظاهرة مشاركة أحد قياديه رافعا رمز حمامة السلام، ونشر صورة له يرفع فيها لافتة، ويرتدي قبعة رمادية.

حدث صدام محدود مع مجموعة يمينية متطرفة، عندها دعا مديرا التظاهرة النائبة اليسارية سيفيم داغلين وفيلي فان اون الشرطة الى طرد النازيين الجدد، لكن الشرطة وجدت لا ضرورة للطرد. بعد ذلك صنع المتظاهرون جدارا امام هذه الشلة، رافعين لافتات كتب عليها “لا للحرب، لا للفاشية ثانية” ولا يمكن تحقيق سلام مع حزب البديل من أجل ألمانيا وشركاه، ولا لتصعيد التسلح والنزعة العسكرية”.

تقييم اولي

كتب كريستينا بوخهولتس عضوة قيادة حزب اليسار واورليكا ايفلر ويان رشتر المتحدثان باسم مجموعة العمل النقابي في الحزب، تقييما اوليا أشاروا فيه الى ضرورة مشاركة اليسار في التظاهرة، وعدم ترك الشارع لليمين المتطرف، لان مشروع التظاهرة هو اتفاق على نقاط محددة، وليس جبهة متعارضة. لقد أكد المناهضون للفاشية حضورهم الطاغي في التظاهرة، التي كشفت أهمية حركة السلام. وان اشتراك بعض اليمينين المتطرفين، ووجود افراد في الحركة يميلون الى التعاون معهم، تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة، لم يؤثر على جوهر وطبيعة التظاهرة باعتبارها تظاهرة للسلام.

يذكر ان عطلة نهاية الأسبوع شهدت تظاهرات ضد الحرب في العديد من البلدان الأوربية منها إيطاليا وبريطانيا.