مقولة - أزمة الديمقراطية في إسرائيل- تشيع اوهام الديمقراطية في إسرائيل


سعيد مضيه
2023 / 2 / 26 - 20:52     

الديمقراطية الإسرائيلية مثل الديمقراطية في أبارتهيد جنوب إفريقيا، ولا تشبه الديمقراطية في فرنسا او بريطانيا

يعترض نافيه غوردون ، أستاذ العلاقات الدولية سابقا بجامعة بار إيلان ، على مفهوم " ازمة الديمقراطية إسرائيل" المتداول حاليا في الإعلام العالمي منذ تشكيل حكومة نتنياهو. وقد دأب إعلام الشمال العولمي على ترويج المقولة الكاذبة أن "إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ومن ثم فإن حكومة نتنياهو الجديدة " تهدد الديمقراطية في إسرائيل" ، وهذا من شأنه، كما يقول غوردون، ان "يبيض صفحة الديمقراطية الإسرائيلية ، ومؤسساتها القيادية بما فيها المحكمة العليا".
نيفيه غوردون أستاذ علوم سياسية سابقا في إسرائيل قرر الرحيل عن البلاد، مؤكدا ان " كل ما أدركته ان الحل لن يتوفر بوجود الصهيونية". كان لقراره ردود أفعال لدى المثقفين والأكاديميين في العالم؛ كتب دافيدسون، بروفيسور تاريخ بجامعة ويست تشيستر بولاية بنسلفانيا ـ أن غوردون على حق، فالعطب يكمن في الإيديولوجيا المؤسسة"، المتضمنة في نظرية الصهيونية التي أقامت دولة إسرائيل، إذ ترتبط أصولها ببزوغ الامبريالية في القرن التاسع عشر، وبالنزعة القومية المتزامنة، خاصة في أوروبا الشرقية وروسيا القيصرية. فقد ارتبطت الدول والحركات القومية البازغة في القرن التاسع عشر بردة التعصب العرقي الملازم للامبريالية، حيث الشعوب خارج أوروبا تعتبر اعراقا دونية.أخر مؤلفات نيفيه غوردون "حقوق الإنساني كي تهيمن".
انسجاما مع الدعايات الامبريالية بات ينشر بالعبرية، كما لاحظ غوردون، مقالات على غير العادة ؛ إحداها أفادت أن طاقم المستشفى نقل سيدة عربية من الناصرة من غرفة بالمستشفى لأن مريضة يهودية رفضت مشاركتها الغرفة.
وفي مقالة ثانية أفادت ان قائد جيش الاحتلال بالضفة الغربية عمم بيانا على ضباط الفرقة عنوانه " أسرار خلاصيي الأرض من أبراهام حتى شباب المستوطنين الحاليين"، تطرق الى كيفية استعادة أرض إسرائيل.
وقصة ثالثة بينت أن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا عام 2022 على أيدي قوات الاحتلال بالضفة الغربية هو الأعلى خلال ال 18 عاما الأخيرة.
وخبر رابع يكشف عن إصدار المحكمة العليا في إسرائيل قرارا سمح بطرد فلسطينيين من بيوتهم في ثماني قرى بناءً على طلب الجيش كي يحولها الى ساحة تدريبات عسكرية.
من النادر ان تنشر هذه الأخبار بلغة غير عبرية في الوقت الراهن، لأنها تدحض المزاعم بأن نتنياهو وحكومته يهددون الديمقراطية الإسرائيلية. حقا - يكتب نيفيه غوردون- تتكرر المعلومات في الأخبار أن تعديلات قانونية ينوي نتنياهو إقرارها تلغي اعتراض المحكمة العليا على صلاحيات تمنح ابن غفير وزير الأمن الداخلي سيطرة واسعة على الشرطة ، خاصة بالضفة الغربية، وان ذلك يهدد حكم القانون في البلاد. وهذه بالطبع قضايا هامة تستحق اهتمام الميديا ؛ ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو وهذه القضايا مركز اهتمام الصحف الدولية فيما يتعلق بالوضع في إسرائيل. ونشرت تعليقات انتقدت مسعى حكومة نتنياهو بهذا الصدد. هكذا تكررالحديث حول " "ازمة الديمقراطية الإسرائيلية".

بالتأكيد يوجد ديمقراطية في إسرائيل ؛ لكنها تشبه ديمقراطية جنوب إفريقيا زمن الأبارتهايد ولا تشبه ديمقراطية فرنسا او بريطانيا. فمئات آلاف الفلسطينيين في مدينة القدس هم نزلاء وليسوا مواطنين، حتى المواطنين الفلسطينيين داخل الدولة يشاركون في الانتخابات ، لكنهم يخضعون لسلسلة من القوانين التي تميز ضدهم. الديمقراطية التي تتعرض لهجوم نتنياهو هي ديمقراطية لليهود فقط .
وبالمثل فالمحكمة العليا، التي تصفها الميديا العالمية نموذجا للفكر الحر ، هي مدافع مبدئي عن الحقوق الديمقراطية – لكن لليهود فقط. وكما تبين في أبحاث عدة لعبت المحكمة دورا حيويا في تمكين المشروع الكولنيالي الإسرائيلي، وشرعنة مظالم الدولة ضد الفلسطينيين. فقد فرت أحكام المحكمة الشرعية القانونية لمصادرة الأراضي الفلسطينية ، والغطاء القانوني لتنفيذ عمليات مثل هدم البيوت وإبعاد الوطنيين والاعتقالات الإدارية . بعض القضاة بالمحكمة هم مستوطنون ومن ثم فهم "مجرمون" في عرف القانون الدولي.
اقترح نتنياهو تغييرات قانونية جديدة نظرا لكونها تسمح للحكومة استهداف اليهود ممن لا يتفقون مع الإيديولوجيا السياسية للحكومة، وستقوض قدرة الفرع القضائي على مكافحة الفساد، ( وهو سبب آخر لرغبة نتنياهو، وهو يواجه حاليا محاكمات بالفساد، في إقرار القوانين الجديدة). غير ان الزعم بأن حكومة نتنياهو في طريقها لتدمير الديمقراطية الإسرائيلية لا يصح إلا حيث لا يوجد فلسطينيون.
.