رد الأخ الدكتور لبيب سلطان المحترم


فلاح أمين الرهيمي
2023 / 2 / 25 - 11:51     

تحية طيبة ...
إن عصر العولمة ظاهرة سياسية واقتصادية واجتماعية تمثل مرحلة متقدمة من مراحل الرأسمالية الاستعمارية الامبريالية ظهرت للوجود بشكل واضح بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاشتراكي مما فسح المجال للولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أكبر قوة وأوسع مقدرة وإمكانية سياسية واقتصادية فسحت لها الظروف بالانفراد بالعالم وأصبحت بدون منازع القطب الأوحد من الناحية السياسية والاقتصادية وبفضل الثورة المعلوماتية والتقدم التكنولوجي العلمي الهائل الذي تزامن ظهوره مع عصر العولمة الذي جعل العالم ما يشبه القرية الصغيرة وقد اتفقت الدول الصناعية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية وانكلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والبرازيل التي تتحكم بالاقتصاد العالمي عن طريق مؤسسات عملاقة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ونادي باريس والمنتدى الاقتصادي العالمي.
تمتاز مرحلة العولمة باندماج السوق العالمية مما يؤدي إلى اختراق الحدود الوطنية والقومية وانتقال رؤوس الأموال والقوى العاملة والثقافة وإطار رأس المال وإن العولمة تعني عملية تذويل المتغيرات الاقتصادية ويعتبر نشاطها ذات بعد تاريخي يرتبط بتطور العلاقات الاقتصادية الدولية والتجارة الخارجية وحرية انتقال رؤوس الأموال وعوامل الإنتاج وحرية انتقال الأفراد والسلع والمعلومات وأشكال السلوك والتطبيقات بين دول العالم وإن العولمة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي (فتح الأسواق للسلع والأموال وفتح عمليات الاستثمار والتبادل التجاري وتجاوزاته سلطة سياسية فوقية) وتعتبر العولمة نظام قسري وفكري اختزالي وضار ومؤذي إلى أبعد الحدود من حيث نظم الاتصال عبر الأقمار الصناعية وتدفق المعلومات والتسخين الكوني وأوضاع البيئة والانفجار السكاني والجريمة المنظمة والهجرة المتبادلة والاضطهاد والاستغلال ويحدد المفكر دريدا مساوئ العولمة في كتابه (بيان الأطياف) فيختزل الجروح التي تنزف دماً من خلال التجليات العامة المتعشعشة تحت الظواهر اللماعة في جلدها وأعضائها فيعدد صدى جروحها في النقاط العشرة التالية :
1) البطالة عن العمل.
2) الإقصاء الجمعي لمواطنين بلا مأوى.
3) الحروب الاقتصادية.
4) عجز السيطرة على التناقضات في السوق الليبرالية.
5) تفاقم الديون الخارجية.
6) صناعة الأسلحة والإتجار بها.
7) التوسع في نشر الأسلحة الذرية.
8) الحروب العريقة.
9) نمو سلطة أشباح المافيا المتخفية تحت خيمة الرأسمالية.
10) القانون الدولي وفبركته حسب ميول ورغبات صناع القرار.
تعتبر العولمة مرحلة متقدمة من النظام الرأسمالي وقد اتخذت فلسفة لها من الليبرالية عقيدة لها وحولت هذه العقيدة إلى عقيدة سياسية وفلسفية من خلال دمجها بالديمقراطية السياسية التي تعود إلى سياق تاريخي مختلف من خلال دمج الديمقراطية بصفتها عقيدة سياسية بالليبرالية بصفتها عقيدة اقتصادية فأصبح لدى العولمة نوع من الفلسفة الاجتماعية – الاقتصادية الشاملة أصبحت تعرف باسم الديمقراطية الليبرالية كما اتخذت العولمة من الديمقراطية مفهوم الحق في الانتخابات ومفهوم المساواة ومفهوم رجعية الشعب وأخذت من الليبرالية الاقتصادية مفهوم الفردانية الاقتصادية بعد نقلها من الحقل الاقتصادي الاستهلاكي إلى المجتمع لتأخذ شكل فردانية اجتماعية ومفهوم الاختيار السياسي ومفهوم التعددية السلعية لتحوله إلى تعددية سياسية.
أما بالنسبة للصين (اللاشعبية) فقد اتخذت من (اقتصاد السوق الاشتراكي) مبدأ جديد لها ويعتبر تحريف للنظام الاشتراكي والنهج الجديد يعتبر اجتهاداً فكرياً وتطبيقياً للربط بين الاشتراكية وأسلوب السوق وأدخلوا أيضاً الاستثمار الأجنبي الخاص والمشترك وحولوا الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد رأسمالية متطور قائم على نظام السوق والعرض والطلب وهذا النظام يعتبر انتقالياً إلى الرأسمالية أو نظاماً انتقالياً إلى (الاشتراكية الديمقراطية) مبتكرة ومحرفة ومشوهة للاشتراكية العلمية الصحيحة التي كان يتبعها الزعيم الصيني ماوتسي تونغ .. وقد أحدثت هذه السياسة الجديدة فوارق سياسية وإلى اضطراب وفوارق طبقية كبيرة بين الشعب الصيني.
ملاحظة : يوجد موضوع العولمة بشكل واسع على موقع الحوار المتمدن باسم كاتب السطور من الممكن الاطلاع عليه لزيادة المعلومات عن ظاهرة العولمة المتوحشة.
مع فائق الاحترام والشكر والتقدير للدكتور لبيب سلطان وأرجو أن يكون هذا الرد متجاوباً مع طلبكم ورغبتكم وشكراً.