المُثُلْ العُلْيا الأفلاطونية ومُثل المُثَقّفْ العربي-آيات المثقف.


خالد فارس
2023 / 2 / 24 - 20:13     

يقول الفيلسوف اليوناني #أفلاطون, باللاتينية Plato, باليونانية: Πλάτων)‏ (عاش 427 ق.م - 347 ق.م) هو أرستوكليس بن أرستون, أن هناك بُنْيَة عُليا للمعرفة, خارج حياتنا, مثالية تامة الكمال والدقة, ما بعدها كمال, مثالية و حقيقية و مُطْلَقَة. وأن ما نعرفه من خلال تجاربنا هو غير حقيقي, لأنه يستمد وجوده من #بُنْيَةْ_المُثُلْ_العُليا, و التجربة الحسية تَقْضُمْ بنية المثل العليا, وتنتقص منها لأن التجربة لها حدود, وبالتالي فهي غير مكتملة ناقصة, فيها صور ومظاهر تخدع, الخ.. رفض أرسطو بينة المثل العليا الأفلاطونية, ودعى الى تعريف بُنْيَة المَعْرِفة على أساس دُنْيَوِيْ, أو دَنْيَوَةْ المُثُلْ من واقع التجربة العينية الحقيقية للإنسان في المجتمع الذي يعيش فيه.

بُنْيَةْ المُثُلْ في كتابات أفلاطون المترجمة الى اللغة الإنجليزية هي “Ideal Form”, وبغض النظر عن الترجمات التي تبدو ملتبسة أو غير الفاهِمة لأدوات تاريخ الأفلاطونية, أترجمها أنا كونها بُنْيَة مثالية أو بُنْيَة مُثل عُلْيا. يقابلها في اللغة العربية الآية, التي وردت في النصوص الدينية المقدسة. فالمقصود من الآية هو وجود بُنْيَة مُثُلْ عُلْيا للمعرفة المطلقة المثالية الحقيقية, مصدرها الله.

لم يكن أفلاطون نبيا ولا دينيا, لذلك قال أنها موجودة في الكون, خارجنا, وتتجاوزنا نحن البشر وليست في الحياة التي نعيشه, على عكس أرسطو الذي دعى الى إكتشافها وإنتاجها في الدنيا.
أما #القرآن_الكريم, على سبيل المثال, فإن سورة الجاثية "(5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ."
كلمة الحق تعني أنها التامة الكاملة المطلقة, ليس بعدها حديث, لأن الحق ينبع من الله وليس من تجارب الدنيا التي فيها خداع للبصيرة والعهد والصدق.... و يأتي حديث آيات المنافق في حديث الرسول ﷺ: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر. فهو يشير الى أن من لا يأخذ بآيات الله, إذا فهو ينطلق من مُلَوِّثات الدنيا فيكذب ولا يفي بعهوده ويطغى في خصومته.

يمكن للفلاسفة فقط, يقول افلاطون إدراك بُنْيَة المثل العليا, لأنهم "يتطهرون" من مُلَوِّثات الدنيا المادية, اطلق عليهم "الفلاسفة الملوك" الذين يجب ان يحكموا (المدينة الفاضلة). مقابل ذلك في الأديان هو الإمام الأكبر, آيات الله, السمع والطاعة, خليفة الله في الأرض الخ, بصيغة سياسية: الملك أو الحاكم بأمر الله...

ماهي #آيات_المثقف العربي, النفاق أم المثل العليا أم نموذج أرسطو؟

آيات المثقف والمفكر والناشط السياسي, العربي, عندما يستحضرها من عالم القيم المثالية, من بُنْيَة مِثالية, يطلق عليها أحيانا أيديولوجيا واحياناً طوباوية أو رومانسية أو ميتافيزيقية أو غيبية..... يستحضر قيم مثالية لكي يحكم فيها على تجربة ما, وهذا إيجابي, لا بأس فيه من ناحية إستدامة ممارسة النقد مقابل النقد. ولكن عندما تجد أن هذا الإستحضار مُلَوّثْ, أي أن هذا المثقف والمفكر متورط في مُلوثات الحياة التي تمنع عنه أدوات الفاهم في #آيات_النقد, فهو قد وَرَّطَنا في مُتلازمة المثل العليا و آيات المنافق, معاً.
هل علينا أن ننتظر #أرسطو_العربي, لكي يقدم لنا نموذج بديل عن المعضلة المزدوجة: المثل العليا والنفاق.

خ.ف.