لماذا تم اغتيال تاريخ الجمهوريه العراقيه الثالثه ...ج1


ليث الجادر
2023 / 2 / 24 - 14:08     

اختصر تاريخ حزب البعث كفكر ومبادئ في جانب الممارسه السلطويه لجناح يتزعمه صدام حسين , ان هذا الدمج وهذا الاختصار لايفقد مصداقيته من الناحيه السرديه التاريخيه فقط انما يتعداها الى كونه يمثل خيانه فكريه مبتذله , وهي بالاضافه الى ذلك معرضه بشكل حتمي لان تفتضح وتتشكل على هذا الافتضاح سلسلة من التداعيات التي ستهز القناعات وتؤثر موضوعيا على الواقع بكل تفاصيله السياسيه ’ هذه التداعيات لا تحوي بالضروره روحية المحاكمه التاريخيه الصرفه التي الداعيه الى الرجوع الى الوراء او استعادة الزمن , بل انها وبطبيعتها ستؤشر بما لا لبس فيه الى المدى المدمر المقصود لاداء القوى السياسيه التي اعتمدت هذا الاختصار وعمدت من خلاله على تعميه مرحله زمنيه مهمه ومحوريه من تاريخ العراق الحديث ..فاختصار البعث بجناح صدام حسين لم تستدعيه الا الحاجه المصيريه للقوى السياسيه المرتبطه بمصالح قوى الطغيان العالمي للتعميه على فترة ( الجمهوريه الثالثه ) التي ترائسها احمد حسن البكر ’ ما يقارب العقد من السنين تم رفعه اعلاميا من منصة تاريخ العراق ؟ تاريخ العراق الحديث المتداول اليوم في كل وسائط الاعلام والممتد على مدى 10 عقود يتم فيها تغييب كامل للعقد 6 منها ..مع ان هذا العقد كان تاريخا من القرارات المفصليه وسفرا مدون لمشاريع اقتصاديه كبرى وتقريرا واضحا وجليا يفسر اركان دوله بكل ما يعنيه هذا المفهوم من معنى .. مسيره بدأت بانقلاب عسكري يقوده البعثيون في 17 – 30 تموز ..والتي استهلتها القياده بالتبرئه من الافعال الشائنه والسياسات الجائره التي ارتكبت في عهد ما يعرف با نقلاب 8 شباط 1963 الذي كان البعثيون جزء منه ’ بينما كانت قيادته من العسكريين القوميين , بزعامة الفريق عبد السلام عارف , وهنا يتم الخلط في ادبيات اصحاب اختصار التاريخ بين البعث وبين هذا التيار القوموي العروبوي ’هنا يتم بقصد التغاضي عن الصراع السياسي الذي كان مستعرا بين تيار القومويين هؤلاء وبين حزب البعث , وبشكل اخر يتجاهلون حقيقه ان الطرفين حليفين يلتقيان عند مفصل تنفيذي ويفترقان عند مفاصل فكريه ..يشابه هذا نوعا ما الصله بين البعثيين وبين الشيوعيين اللذان انخرطا في خمسينيات القرن العشرين بعمل مشترك في اطار جبهه وطنيه ( اعلنت في 9 اذار من عام 1957 ) ..ومما يؤكد على صدقية وضروره التفريق بين القوميين وبين البعثيين هو ما ذهب اليه الحزب الشيوعي العراقي حينما دعا عام 1963 الى جبهه وطنيه تلتقي عندها جهود الاحزاب العراقيه الوطنيه التقدميه في مواجهه سلطة العسكريين وكان جزء من جهود الحزب الشيوعي في هذا السياق موجه الى البعثيين المدنيين اللذين استبعدوا من السلطه كما ان هذه الاخيره قامت بتقييد تحركات البعثيين العسكريين الى حد كبير ..لكن هؤلاء استطاعوا في النهايه من الانقضاض على حكومه القوميين بانقلاب 1968 واللذين كما ذكرنا استهلوا نشاطهم السياسي السلطوي ببيانات التبرئه من سياسه النظام السابق , الامر الذي دفع باللجنه المركزيه للحزب الشيوعي بعقد اجتماع طارئ في 29 تموز عام 1968 – اي قبل يوم واحد من اكتمال الانقلاب – والذي شخصت فيه حزب البعث بكونه حزبا برجوازيا قوميا , واعتبره بالتالي حزبا معاديا للاستعمار والاقطاع ’ اثبتت السنتين الاولتين من عمر السلطه الجديده ان هذا الوصف المستند الى الاحكام النظريه لم يكن عادلا ليشمل الحاق صفة التقدميه لحزب البعث باعتباره حزبا حاكما مناصرا للقوى التقدميه ! فخلال الاشهر الاولى للسلطه اصدرت قرارات باطلاق سراح كل المعتقليين السياسيين واعادت المفصوليين منهم الى وظائفهم والسماح للشيوعيين الهاربين في الخارج من العوده الى وطنهم , كانت هذه القرارات تعزيزا لواقعيه دعوة السلطه في بياناتها الاولى التي وجهتها لكل القوى السياسيه التقدميه العراقيه في ان تنخرط لاداء دورها الوطني في التصدي لقوى التامر الامبرياليه واتباعها من اقطاع وبرجوازيه رجعيه ! وفي هذا السياق اجازة السلطه اصدار مجلة ( الثقافه الجديده ) التي كان يصدرها الحزب الشيوعي العراقي واعتبرتها السلطه مجله ناطقه بالثقافه اليساريه والفكر الماركسي التقدمي ! صدر العدد العلني منها في نيسان عام 1969 ... ورغم الانتقادات التي وجهها الشيوعيون للسلطه التي تضمنتها ادبيات مؤتمرهم الثاني في ايلول من عام 1970 حيث اعتبرت نهج الجكومه نهجا معاديا للديمقراطيه وللشيوعيه ’ ..فقد اصدر رئيس الجمهوري انذاك الفريق احمد حسن البكر في تشرين الثاني من عام 1971 مشروع (ميثاق العمل الوطني ) الذي يختصر بكونه دعوة لائتلاف سياسي تقدمي ونوع من التشاركيه في السلطه ,الامر الذي جعل اللجنه المركزيه للحزب الشيوعي من ان تصدر بيانا تثمن فيه هذا الميثاق وتعتبره خطوه مهمه للشروع في النهوض بعمل جبهوي موحد غير قابل للتاجيل ! الملاحظ هنا ان تقييمات الحزب الشيوعي للسلطه البعثيه كانت تتمحور بالكامل على علاقة الحزب مع السلطه في ظل ظروف تحكمها ملابسات وتداخلات كثيره , ففي اذار عام 1970 كانت الحكومه قد توصلت باتفاق لحل القضيه الكرديه وكان هذا الاتفاق من الناحيه الواقعيه قد تم مابينها وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يعتبره الحزب الشيوعي العراقي حزبا رجعيا اقطاعي ..واعتبر ذلك تقارب بين حزبين قوميين على حسابه الذي هو حزبا اممي تقدمي ! الامر الذي دفع باللجنه المركزيه للحزب من ان تصدر بيانها من نفس العام وتوجه فيه انتقادات لاداء الحكومه القومويه والطائفيه ’ النعت الاخير ( طائفي ) لم تكن لو على ارض الواقع من مؤشرات ’ سوى ان الحكومه انذاك بدات تشدد الخناق على اقامه الطائفه الشيعيه لمراسيم وطقوس عاشوراء , من منطلق علمانية الدوله ! الامر هنا يبدوا غرائبيا بانحياز حزب شيوعي يدعي الماركسيه وهو ينعت الممارسات العلمانيه للدوله ؟! كما ان هذه الممارسه لم تكن لتشفع عند الحزب الشيوعي العراقي سياسة ونهج الحكومه البعثيه بانفتاحها الجريء على القوى والدول التقدميه,,فقد كان العراق اول دوله من خارج المعسكر الشرقي تعترف رسميا بجمهوريه المانيا الاشتراكيه ..كما انها افتتحت سفاره للعراق في العاصمه الكوبيه – هافانا - , وابرمة اتفاقيه اقتصاديه مع بولندا ’ وكللت كل هذا بتوقيع رئيس الجمهوريه في نيسان من عام 1971 معاهده اقتصاديه مع الاتحاد السوفيتي مدتها 15 عام ..تفعيل قانون الاصلاح الزراعي والمضي به قدما ’ كان ايضا لم يمثل شيئا بنظر الحزب الشيوعي امام تضييق الخناق على مراسيم شيعيه طائفيه ذات صبغه رجعيه ومردودات سلبيه اتجاه الوحده الوطنيه ! ....يتبع