التعليم الإسلامي للبنات في نجيريا


ابراهيم محمد جبريل
2023 / 2 / 22 - 16:35     

انتشر الاسلام في إفريقيا منذ الهجرة الأولى، فانتشر في بلاد الإفريقية القريبة بالبلاد العربية كالحبشة وشرق إفريقيا، وكما أن للتجارة والهجرات العربية دور في نشر الإسلام ؛ و قيام ممالك إسلامية في وسط وغرب إفريقيا، لكن انتشار المسيحية مرتبطة بالاستعمار، حيث سعى الاستعمار إلى تحويل الوثنيين إلى المسيحية عبر المدارس التنصيرية،
لوجود في إفريقيا بعض الأديان الوثنية، يقدسون الأسلاف ويقدمون لهم القربان للأرواحهم
ولهم تعاويذ ورقيات وأضاحي ورقصات الطقوس واستخدام كل أنواع الشعوذة، والدين الإسلامي بالنسبة للشعوب الإفريقية هو دين قد انتشر بقوته الذاتية وخصائصه المميزة وهو دين الفطرة؛ لذلك وجد فيه الإفريقي ما ينشده وتتحقق به كرامته، أما المسيحية فإنها مثلت الدين الاستعماري، فهي امتداد للغرب المتعصب صاحب مفاهيم الاستعلاء على الشعوب الأخرى.
3.التعليم الإسلامي: يبدأ من داخل الأسرة حيث تهتمُّ المرأة بشَرفها، وبترببية أبناءها على التربية الثقافة العربية الاسلامية، وتهتمُّ بالشرف؛ فلا يرتكبون الأشياء المخلَّة بالشرف، وتعتني المرأة السوداء بتربية أولادِها تربية أوَّلية، وتشاركهم في إنجاح أحلامهم، ويتم تعليها وتحجيبُها منذ صغرها؛ حتى تتعلم ارتداء الحجاب، وتتعلم القرآن الكريم ، وتُوصَى بعدم مخالطة الرجال، لا سيما الخلوة مع الرجال، وتمنع البنت منعًا بتًّا أن تخرج وهي مكشوفة الشعر، أو أن تلبس البِنطال أو الباروكة؛ لأن هذه الأشياء المذكورة تبعدها عن الجنة، وتمنع البنت من اتِّخاذ الصديق، والتحدُّث إلى الرجال الأجانب بغير ضرورة؛ سدًّا للذريعة، ودرءًا للمفاس، ويرى الباحث أن التعليم المعاصر أكثر انفتاحا وأكثر مواكبة للحداثة
التعليم العربي الإسلامي : يرجع تاريخ بدء التعليم العربي الإسلامي الحكومي الحديث ببلاد إفريقيا الغربية في شمال نيجيريا إلى سنة 1910م، وذلك بتأسيس أول مدرسة أنشأها الإنجليز لتأهيل المدرسين ومن يساعدونهم من الوطنيين، بعد أن أخفقت محاولاتهم في فتح مدارس التنصير بالمنطقة، حيث رفض الشعب تسجيل أطفالهم في هذه المدارس التنصيرية، فبعثت الحكومة الاستعمارية مِسـت هَنْس بِـيشَر (Hanns Vischer) إلى البلدان الإسلامية التي تحت الاستعمار البريطاني ليرى طبيعة التعليم هناك، فزار مصر والسودان، وجال في الكتاتيب والمدارس الإسلامية الابتدائية والثانوية ومعاهد تدريب المدرسين، وهذا في فبراير 1909م، وبعد عودته فُتحت هذه المدرسة في كنو، للمرحلة الابتدائية والمتوسطة، ثم جاء تأسيس المدرسة على هذه الكيفية ملبياً رغبة المسلمين نسبياً؛ حيث اصطبغت المدرسة بالصبغة العربية الإسلامية التي هي ثقافة الشعب، وكان أمراء المسلمين قد أشاروا إلى المستعمرين بلزوم إدراج المواد العربية والإسلامية في التدريس، فأدخلوا هذه المواد، وكانت المواد الدينية تُدرس بلغة الهوسا، وتدرس مبادئ اللغة العربية، ولا تتجاوز هذه المواد تحفيظ بعض السور القرآنية وقراءة بعض الكتيبات وترجمتها إلى اللغات المحلية (الهوسا والفلانية)، ولما نجحت تجربة تأسيس مدرسة كنو، فُتحت مثلها في كلٍّ من وسكوتو وكتسينا، مما سبق؛ يظهر لنا أن تدريس اللغة العربية والمواد الإسلامية بالنظام الحكومي الحديث لم يكن – في هذه المرحلة – على مستوى رفيع، ومع أن المستعمرين أدركوا أهمية هاتين المادتين فإنهم أهملوا تدريسهما فيما بعد، وظل الأمر في مثل هذه المدارس الابتدائية والمتوسطة Primary and Middle School بهذه الحالة إلى زمن محاولات المدرسين رفع مستوى تدريس مادتي اللغة العربية والدين الإسلامي في المدارس الحكومية، حيث عقدوا مؤتمر كنو لإعادة النظر في وضع منهج اللغة العربية والدين، وذلك في يناير سنة 1938م، فتحسّن الأمر نوعاً ما.
تأسيس أول مدرسة عربية حكومية: وهي «المدرسة الشرعية الكبرى» في كنو Northern Province Law School، والتي أسهمت بدرجة كبيرة في تطور تعليم اللغة العربية، والدراسة الإسلامية، والمحافظة على قيمتهما ومكانتهما، وعلى شرف دارسيهما في نيجيريا.
وكان التأسيس في زمن أمير كنو الحاج عبد الله بَايَرُوْ، بعد عودته من الحج سنة 1934م فرجع بفكرة إنشاء مدرسة على غرار ما شاهده في الديار المقدسة وفي السودان، وفُتحت المدرسة في السنة نفسها لتخريج القضاة، وكان من أساتذتها ثلاثة من القضاة السودانيين، وفي سنة 1947م عدّل في منهج المدرسة، وأدخلت فيه الرياضيات، وتدريب المعلمين في مواد اللغة العربية، إضافة إلى تخريج القضاة، وغيّر اسم المدرسة إلى «مدرسة العلوم العربية»، وكان التدريس فيها باللغة العربية، والالتحاق بها يكون لمن تخرج في الإعدادية،
وأما ما يتعلق بتعليم الفتيات؛ فلم تتجاوز دراستهن المستقلة في اللغة العربية والدراسة الإسلامية المرحلة الابتدائية، وأكثر المدارس العربية كانت أهلية، وإذا تخرجت في الابتدائية وأرادت المواصلة لم يكن لها خيار إلا أن تواصل في المدرسة الثانوية الإنجليزية للبنات، أو في مدرسة إعداد المدرّسات.
الدراسة العربية الإنجليزية الثانوية الحكومية للبنات: كما أشير سابقًا أن الفتاة بعد التخرج من المرحلة الابتدائية العربية الإسلامية، لم تكن لها مدرسة ثانوية تواصل فيها الدراسة العربية الإسلامية، والبرنامج الذي اجتازته كان يركز في المواد الدراسية المهمة، وهي مواد اللغة العربية، من قراءة، وكتابة وإملاء، وإنشاء، ونحو، ومطالعة، إضافة إلى المواد الإسلامية، وتُجرى الدراسة بالعربية الخليطة باللغات المحلية، وإذا رغبت الطالبة في مواصلة الدراسة فعليها أن تلتحق بالمدرسة الثانوية الإنجليزية للبنات.
أولاً أُسست أول مدرسة ثانوية خاصة للبنات في كنو سنة 1947م وهي مدرسة حكومية إنجليزية إعدادية للمدرسات، وسمّيت «كلية إعداد المدرسات»
(Women Teachers College, Kano)، والدراسة في المدرسة غالبيتها إنجليزية، لكن يوجد فيها مادة اللغة العربية والدين الإسلامي.
وكان عدد حصص اللغة العربية وحصص الدين كلها ست ساعات في الأسبوع في المرحلة الإعدادية، ثم تكون سبع حصص في السنة النهائية للثانوية.
والدراسة عبارة عن قراءة في كتيبات عربية وشرحها باللغة المحلية، ثم تدريب الطالبات على الإملاء والنقل لما في الكتاب المقرر في مادة العربية، وأما حصة الدراسات الإسلامية فتتمثل في تلقين المدرس الطالبات بعض السور من القرآن، تكررها الطالبات، ثم يُكلفن بحفظ بعضها، وتعليم مبادئ العبادات والأخلاق.
وأما باقي المواد فهي تُدرس باللغة الإنجليزية، وهذا يعني أن الطالبة التي تخرّجت في المدارس العربية الإسلامية تغيّر تخصصها إلى الدراسة الإنجليزية في المرحلة الثانوية، وهذه الطالبة تستطيع مسايرة كل المواد المدروسة بالإنجليزية في مستوى زميلاتها اللاتي تخرجن في الابتدائية الإنجليزية، وقد تتفوق عليهن أو على بعضهن.
ثم هذا التغيير للتخصص قد تعدّله – نوعاً ما – في المرحلة التي بعد الثانوية بالمعاهد أو الجامعة؛ حيث تستطيع الالتحاق ببرنامج الدبلوم أو الليسانس في الدراسات الإسلامية واللغة العربية؛ شريطة أن تنجح بتقدير جيد في هاتين المادتين مع بقية المواد في العبادات في الامتحان النهائي للحصول على الشهادة الثانوية.
تطور التعليم العربي الحكومي للمرأة في كنو:
أهداف التعليم العربي الإسلامي:
يمكن تلخيص أهداف تأسيس المدارس العربية الإسلامية الحكومية الثانوية الخاصة للبنات فيما يأتي:
1 - تزويد الفتاة بالتعليم الديني والتربية وتعريفها مسؤوليتها، وخصوصاً بعد أن تصبح أمًّا.
2 - إيجاد كادر نسوي يعمل في الحقل التربوي والتخصصات الأخرى المناسبة.
3 - إعداد المرأة لمواصلة الدراسات العليا.
4 - إيجاد قارئة حافظة لكتاب الله ومدرّسة له
5 - تثقيف الفتاة في التدبير المنزلي والتدريب المهني المناسب لها.
رأينا فيما سبق كيف كانت الدراسة العربية والإسلامية الثانوية في أول أمرها، وأن التعليم العربي للمرأة في هذه المرحلة لم يجد اهتماماً كبيراً في المدارس الحكومية، وقد أُنشئت مدارس ابتدائية عربية إسلايمة أهلية كثيرة، تعد بالعشرات إن لم تكن بالمئات في كنو ويتخرج فيها الطالبات، ويرفض أولياء أمورهن أن يلتحقن بالمدارس الإنجليزية حفاظاً على دينهن؛ فجعل الآباء وأولياء الأمور والغيورون يرفعون الشكوى والمطالبة بفتح مدرسة عربية للبنات.
وقد أدركت الحكومة حاجتها إلى مدرّسات للغة العربية والتربية الإسلامية خصوصاً في مدارس البنات، لذا أنشأت ولاية كنو في سنة 1977م[28] أول مدرسة عربية ثانوية خاصة للبنات باسم «كلية إعداد مدرّسات العربية» Women Arabic Teachers College Sharada Kano، بِحَيِّ شَرَطَ مدينة كَنُوْ، تحت إشراف وزارة التربية والتعليم بكنو، وكانت هذه المدرسة الأولى من نوعها، ليس في كنو أو في بلاد الهوسا أو في نيجيريا فحسب، بل في دول غربي إفريقيا عامة.
ثم فُتحت أبواب فصول الدراسة في مقر المدرسة بالحي الجنوبي لمدينة كنو في السنة المذكورة سابقاً، ويضم المبنى بعد فصول الدراسة مبنى الإدارة، ومبنى وحدات إسكان الطالبات، والمطعم، ومرافق أخرى تحتاج إليها المدرسة، وقد وصل عدد الطالبات سنة 1980م إلى مائة وسبعين طالبة[29]، ثم نُقلت المدرسة إلى مبنى أوسع في داخل سور المدينة بالجهة الغربية قريباً من تل غُوْرُوْنْ دُوطي (Goron Dutse Hill)، وسُميت «كلية مدرسات العربية».
وكانت هذه المدرسة نموذجاً طيباً، وفاتحة خير لإنشاء مدارس أخرى عربية إسلامية في الولاية نفسها، وذلك لإقبال الآباء وأولياء أمور الطالبات من سكان هذه الولاية، ومن باقي الولايات القريبة والبعيدة في نيجيريا، ومسارعتهم لإلحاق بناتهم بهذه المدرسة.
وبإنشاء هذه المدرسة فُتحت صفحة جديدة لتطور مستمر في تاريخ التعليم العربي الإسلامي الحكومي الخاص بالمرأة في بلاد الهوسا عامة ومدينة كنو خاصة؛ إذ وجدت الدارسة جواً دراسياً عربياً إسلامي الصبغة.
وتُقبَل في هذه المدرسة الطالبة المتخرجة في الابتدائية الإسلامية، أو الكتّاب، أو في ابتدائية حكومية، بعد اجتياز امتحان القبول في الثانوية، والذي تعدّه وزارة التربية والتعليم التابعة للولاية بعناية، ويتم إسكان الطالبات بوحدات إسكان خاصة بهن، ويجدن الرعاية الصحية، والتوجيه والإرشاد، وتُلزم الطالبة بلبس زي المدرسة (الحجاب).
المنهج الصَّفي (المواد المقررة) حسب المرحلة والتخصص:
المنهج الصَّفي للمدارس العربية الثانوية[30] (المقررات الدراسية) الخاصة بالبنات متنوع حسب الأقسام الموجودة بالمدرسة، فلكلّ قسم مقررات منهجية خاصة به تناسب الأهداف التي من أجلها أنشئ القسم، ويوجد ثلاثة أنواع من المناهج حسب التخصص.
1 - منهج مدارس الدراسات الإسلامية العالية للبنات.
2 - منهج مدارس التحفيظ للبنات.
3 - منهج مدارس تجويد القرآن للبنات.
وسوف نعرض الأول والثاني؛ إذ لم تتوفر لنا معلومات كافية عن مقررات قسم التجويد.
منهج الدراسات الإسلامية العالية يشمل الآتي:
مقررات المرحلة الإعدادية:
–الدراسات الإسلامية: القرآن الكريم، التجويد، التفسير، الحديث، التوحيد، الفقه، السيرة والتاريخ
–الدراسات العربية: الخط، الإملاء، الإنشاء، القراءة والمطالعة، المحادثة، النحو، تاريخ الأدب العربي، النصوص الأدبية.
–مبادئ التربية.
–إحدى اللغات النيجيرية الرئيسة (الهوسا).
– اللغة الإنجليزية.
–التدبير المنزلي.
–الرياضيات.
مقررات المرحلة الثانوية:
–الدراسات الإسلامية: القرآن وعلومه، التفسير، التوحيد، الحديث، مصطلح الحديث، الفقه، أصول الفقه، المنطق.
–الدراسات العربية: النحو، الصرف، الترجمة، تاريخ الأدب العربي، الأدب العربي النيجيري، النصوص الأدبية، النقد الأدبي، التعبير الشفهي والكتابي، العروض والقافية، البلاغة، المطالعة.
–التربية: التربية وعلوم النفس، طرق التدريس العامة والخاصة، التربية العملية.
–التاريخ الإسلامي.
–الرياضيات.
–اللغة الإنجليزية.
– لغة الهوسا وآدابها.
–التدبير المنزلي والتربية المهنية.
بعض هذه المقررات يدرس في كل مستويات المرحلة، وبعضها الآخر يدرس في مستوى بعينه، وهذا يعني أنها مقسمة في المدة الزمنية للدراسة في المرحلة، وهي ثلاث سنوات في الإعدادية وأخرى في الثانوية.
مقررات مدارس التحفيظ:
القسم الثانوي:
–الدراسات القرآنية: الحفظ والتلاوة، القراءات، الترتيل والتسميع، التنغيم، علوم القرآن والتشريع، التفسير.
–الدراسات الإسلامية: التوحيد، الفقه وأصوله، الحديث ومصطلحه.
– الدراسات العربية: النحو، الأدب والنصوص، الإنشاء التحريري والشفوي.
– لغة الهوسا: الأدب والقواعد.
–اللغة الإنجليزية.
–التربية.
–الدراسات الاجتماعية.
–العلوم.
–الزراعة.
–الحساب.
التعليم الإسلامي العربي للمرأة في إفريقيا له مستقبل جيد، وفرصة التخصص في التعليم الإسلامي العربي للبنات متوفرة في كل المراحل الدراسية، من روضة الأطفال والابتدائية مروراً بالمرحلة الثانوية الدبلوم الوسيط حتى المرحلة الجامعية، وفي المرحلة الجامعية يمكن للمرأة مواصلة الدراسات العليا حتى مرحلة الدكتوراه في كثير من الجامعات في نيجيريا، وباب القبول مفتوح للطالبات الأجنبياب، وأيضاً من المؤشرات للمستقبل المشرق فتح كلية جامعية خاصة للبنات في الجامعة الإسلامية بدولة النيجر، والتي تخرجت فيها دفعات عديدة من بنات إفريقيا.، ومع هذا ما زالت هناك تحديات، تناول بعضها من قام ببحوث في مشكلات التعليم الإسلامي العربي.
المصدر: أنظر، محمد الرابع أول سعد ، المرأة والتعليم الإسلامي العربي في نجيريا، اتحاد علماء إفريقيا janvier 2014/ نشر على الرابط فيسبوك