راهنية البيان الشيوعي 1


التيتي الحبيب
2023 / 2 / 21 - 16:09     


بمناسبة الذكرى 174 لإصدار البيان الشيوعي أو بيان الحزب الشيوعي أطلقت عدة أحزاب ومنظمات شيوعية حملة ضمن قمة الشعوب، لقراءة الكتب الحمراء ومنها البيان الشيوعي الذي ألفه كارل ماركس وفريديريك انجلس، وأصدراه يوم 21 فبراير 1848.
مساهمة مني في هذا النشاط الفكري وضمن رصد بعض أهم أوجه راهنية هذه الوثيقة التاريخية - ا البيان الشيوعي – سأحاول التطرق لنماذج اعتبرها تفيد التفكير والممارسة النضالية لحزبنا ولمجموع المناضلات والمناضلين حاملي راية الماركسية اللينينية.
اولا.
قانون الديالكتيك كما هو مطبق في البيان الشيوعي.
كجميع أنماط الإنتاج المعروفة تتواجه طبقتين أساسيتين وهما قطبي التناقض الذي يحكم نمط الإنتاج. ففي نمط الإنتاج الرأسمالي نجد قطبي التناقض الأساسي وهما البرجوازية من جهة والطبقة العاملة من جهة ثانية. درس ماركس وانجلز هذا التناقض وعالجاه في البيان الشيوعي بطريقة علمية مبدعة وهما في بداية مشروعهما الفكري النظري والسياسي الذي سيغير وجه العالم. عبر هذا البيان الشيوعي ولأول مرة تتطلع البرجوازية والطبقة العاملة كل وحادة على حدى على صورتها على ملامحها من خلال الصياغة الديالكتيكية لتواجدهما المتناقض وفي خضم علاقات الصراع الطبقي الذي يجمعهما. إنهما تتعرفان على نفسيهما لذاتهما وفي علاقتهما المتناقضة مع بعضهما البعض.
اهتم ماركس وانجلس بطرفي التناقض كطبقتين اجتماعيتين أي ككائنات اجتماعية وليس كأفراد:
1- " و انتظام البروليتاريين في طبقة، و بالتالي في حزب سياسي، تنسفه مجددا و في كل لحظة المزاحمة بين العمال أنفسهم؛ لكنه ينهض مرارا و تكرارا أقوى و أمتن و أشدّ بأسا، و يستفيد من الإنقسامات في صفوف البرجوازية، فينتزع الاعتراف على وجه قانوني ببعض مصالح العمال، مثل قانون العمل عشر ساعات (يوميا) في انكلترا." ."( انظر البيان الشيوعي)
لما يستطيع العمال ان ينتقلوا من وعيهم الحسي المؤسس على ما يجمعهم كمتضررين من الاستغلال المباشر للرأسمال في المعامل، الى وعي لمصالحهم كعمال متضررين بشكل جماعي في المجتمع من طرف الرأسمال الذي يستغلهم في مواقع العمل وما يتعرضون له من نهب من طرف باقي مكونات البرجوازية وما تمثله الدولة في هذا الاستغلال والنهب؛ ولما يبدؤون في التعرف على باقي الطبقات الاجتماعية وموقعها من هذا الصراع، ولما يرتفع الوعي الى القناعة بتشكيل الحزب السياسي المستقل للطبقة العاملة، تكف الطبقة العاملة عن أن تكون فقط طبقة في ذاتها لتنتقل الى طبقة لذاتها.
2- "و عموما فإنّ صدامات المجتمع القديم تدفع بطرق شتى بتطور البروليتاريا قدُما. فالبرجوازية تعيش في صراع دائم: في البدء، ضدّ الأرستقراطية، ثم ضدّ تلك الأقسام، من البرجوازية نفسها، التي تتناقض مصالحها مع تَقدُّم الصناعة، ثم بصورة دائمة ضدّ برجوازية جميع البلدان الأجنبية. و في كل هذه الصراعات تجد البرجوازية نفسها مضطرة إلى الإستنجاد بالبروليتاريا، و طلب معونتها، و بذلك تَجرّها إلى المعترك السياسي. و هكذا فإنّ البرجوازية نفسها هي التي تزوّد البروليتاريا بعناصرها التثقيفية أي بالأسلحة التي ترتدّ عليها."( انظر البيان الشيوعي)
ففي الوقت الذي تصارع الطبقة البرجوازية لتطوير وتركيز مصالحها وتنمية ثرواتها فإنها تجر الطبقة العاملة الى ميدان الصراع السياسي سواء كقوة تستعملها ضد الأعداء الداخليين او في الخارج وهي مجبرة على ذلك لأنها لا تملك قوة الصراع. في هذه العملية تتعلم الطبقة العاملة خوض الصراع لمصلحتها وليس لمصلحة عدوها الطبقي فينقلب السحر على البرجوازية لان الطبقة العاملة تنطلق في مسار اخذ السلطة من البرجوازية الطبقة المستغلة والقليلة العدد.
3- "و إضافة إلى ذلك و كما رأينا قبلا، فإن أقساما بكاملها من الطبقة السائدة تنحدر، بفعل تَقدُّم الصناعة، إلى البروليتاريا، أو تتهدد على الأقل بأوضاعها المعيشية. و هذه الأقسام تمدّ البروليتاريا أيضا بطائفة من العناصر التـثـقيـفية ." ."( انظر البيان الشيوعي)
ففي غمار هذه الحرب تستطيع الطبقة العاملة أن تخلق شرخا وانقساما في صفوف البرجوازية لتستقبل أعدادا من المثقفين الثوريين الذين يمدون الطبقة العاملة بالعديد من المعارف والخبرات كانت حكرا على البرجوازية.
4- " و أخيرا، عندما يقترب الصراع الطبقي من الحسم، تتخذ عملية التـفسّخ داخل الطبقة السائدة، و داخل المجتمع القديم بأسره، طابعا عنيفا و حادا، إلى حد أنّ قسما صغيرا من الطبقة السائدة يَنسلخ عنها و ينضمّ إلى الطبقة الثورية، إلى الطبقة التي تحمل بين يديها المستقبل. و مثلما انتقل في الماضي قسم من النبلاء إلى البرجوازية، ينتقل الآن قسم من البرجوازية إلى البروليتاريا، لا سيما هذا القسم من الإيديولوجيين البرجوازيين، الذين ارتفعوا إلى مستوى الفَهم النظري لمُجمل الحركة التاريخية." ."( انظر البيان الشيوعي)
بتطور الصراع الطبقي تنشأ الأزمة الثورية التي تؤدي الى قيام الثورة وتنقسم البرجوازية ليلتحق جزء بالمشروع الجديد الذي تمثله الطبقة العاملة.
من خلال هذا العرض نتعرف على المنهج المادي الجدلي الذي استعمله ماركس وانجلس في تحليل العلاقة التي تربط طرفي التناقض وكيف يفعل قانون التناقض نفسه في الطرفين بحيث يتفاعلان ويراكم الطرف البروليتاري عوامل القوة والتطور لينتقل الى مرحلة حسم الصراع لصالحه لان الطرف الآخر تنخره بدوره تناقضاته وتحتد الانقسامات داخله بفعل تطور عناصر الأزمة التي تتحول إلى أزمة ثورية لما تستطيع الطبقة العاملة التحول من طبقة في ذاتها الى طبقة لذاتها متراصة وراء حزبها السياسي.

21/02/2023