نقد النقد في -رؤيتان نقديتان، رواية حسين مروة، رؤية غالب هلسة عبد الرحمن ياغي


رائد الحواري
2023 / 2 / 20 - 21:42     

نقد النقد في "رؤيتان نقديتان، رواية حسين مروة، رؤية غالب هلسة
عبد الرحمن ياغي
ليس من السهل قراءة كتاب نقد خاصة إذا كان من تلك الكتب التي يتم صياغتها بشكل معادلات كيماوية، أو تلك التي تضم أقول ومقولات لكتاب آخرين، بحيث يضيع القارئ ويتوه بين ما يقدم له من مقولات نقدية وفكرية وبين صلتها العمل الأدبي.
اجزم أن الكتاب "رؤيتان نقديتان" يعتبر أفضل رد على أولئك الذين يقحمون مداخلتهم النقدية بما ليس ضروري، فرغم أن الكتاب يعد من كتب (نقد النقد) إلا أن صياغته وطريقة تقديمه جعلته من الكتب الممتعة التي يعرف القارئ على أهمية العودة إلى النص الأدبي والاطلاع عليه مباشرة، وأن لا يأخذ المداخلة مهما كانت، ولأيا كانت على أنها (مقدسة)، فالعمل الأدبي له أكثر من قارئ وأكثر من وجهة نظر، هذا ما يؤكده "عبد الرحمن ياغي" في كتابه "رؤيتان نقديتان".
يتناول النقاد ست مداخلات لحسين مروة، ويفند أرائه ويبين كيف انزلق وابتعد عن النهج الذي وضعه لنفسه، فعلى سبيل المثل يتحدث عن تناول "مروة" لديوان "جرار الصيف" لرضوان الشهال" فيقول عن هذا التناول: " حتى الآن نسمع أقولا في الديوان ونسمع أحكاما في الديوان خارجية لا تلامس أعماقه بل (تتمزلط) على السطح دون أن تجدي فتيلا" ص30، ويستخلص من مداخلة مروة بقوله: "أليست أحكامه ثمرة موقف انطباعي خالص لا موقف أكاديمي تحليلي علمي ديالكتيكي؟!" ص37، وإذا عرفنا مكانة "حسين مروة" في النقد والفكر، نتأكد أنه لا يوجد من هو خارج النقد أو من هو كامل سوى الله عز وجل.
ولم يقتصر الأمر على مراجعة والتوقف عند ما كتبه "حسين مروة"، بل تعداه إلى "عالب هلسة" الذي لا يقل مكانة عن "مروة": يتحدث عن الخلل في تناوله لرواية المتشائل لإميل حبيبي: "..مشكلة إميل حبيبي الرئيسة هي (نص القول) هذا، فنحن دائما محالون إلى أحداث ووقائع وأفكار خارج الرواية، وحين تقع هذه الرواية بين يدي قارئ، لا يعرف تفاصيل القضية الفلسطينية ودقائقها فإنها تفقد كل شيء، وبهذا تفقد قدرتها على مخاطبة الإنسان... ومثل هذه الكتابة ينقصها الشرط الأساسي للكتابة الفنية... القدرة على مخاطبة لإنسان في كل زمان ومكان... تلك القدرة التي تحيل الإنسان إلى ذاته ى إلى خارجه" ص88، وإذا علمنا أن هذا رأي "هلسة" جاء رد على ما قاله "فيصل دراج" الذي يرى في رواية "المتشائل" ميزة: "إنها تقول نصف القول وتترك النصف الآخر للقارئ الذي يبحث مع الكاتب عن جذور المأساة الفلسطينية" ص88 نتأكد أن تعدد الرؤى النقدية مسألة طبيعية، ولا يوجد نفد مقدس/كامل/مطلق، فلكل قارئ/ناقد رؤيته التي يرها صائبة، وما على القارئ إلا التقدم من النص الأصلي ليبدي وجهة نظره فيما كتب عنه.
وهنا تأتي أهمية النقد الذي يدفع بالقارئ لتعريف مباشرة على العمل، ليتأكد من صواب ومنطق الناقد في تناوله للعمل الأدبي، أو ليأخذ فكرة أخرى عنه وعن رؤية الناقد.
الكتاب من منشورات دار البشير، عمان الأردن، الطبعة الأولى 1998.