الوالدين والاسر كقوى رجعية مناهضة للتغيير في العالم العربي


سعد الماركسي
2023 / 2 / 20 - 07:18     

عندما اندلعت انتفاضات الربيع العربي في بعض الدول العربية ( واستغلت القوى الامبريالية ذلك في حبكها لمؤامرات ضد بعض الدول العربية الاخرى التي كانت مناهضة لسياستها مثل ليبيا) خرج بعض القادة الصهاينة وتساءلوا كيف وقع ذلك ؟
فأجاب بعضهم لابد من أن هناك شيئاً ما حدث داخل المنازل.
ويقول المثل في نفس السياق : قل لي كيف هي الاسرة أقول لك شكل النظام الذي يحكمها.

الوالدين والعائلة هم الجسر الذي يمرر من خلاله أي نظام سياسي شمولي إيديولوجيته التخويفية والانتقامية والرجعية إلى الابناء والشباب منذ الصغر ويصوغ طريقة تفكيرهم على أن كل شيئ يجب أن يكون مبنياً على رضى الوالدين ويقوم بتثبيت ذلك أيضا عن طريق زرع مبادئ تخويفية وتأنيبية مثل "عصيان الوالدين" و”الخروج عن طاعتهم” “وبر الوالدين” مستخدماً في ذلك الدين والتقاليد والعادات والعاطفة كقوى قاهرة لؤلاءك الذين يثأترون بتلك الطرق الايديولوجية الخادعة الانظمة الاشمولية بهدف الاخضاع.
أول ثورة يجب أن تبدأ في المنازل ضد الوالدين والعائلة إذا كانوا مهادنين ومسايرين للانظمة الشمولية وإذا كانوا رافضين للتغير سواء بسبب جهلهم أو خوفهم أو تشبتهم بالوضع الراهن وذلك عبر الحفاظ على نفس النظرة التقليدية وعبر تعزيز الافكار الرجعية المتخلفة والتشبث بالتقاليد والعادات والتفكير الخرافي.
إن العديد من العوامل والقوى الرجعية والمتخلفة في المجتمعات الجاهلة تساهم في تزكية وتقوية وبقاء الاوضاع الراهنة كما هي عليه والحفاظ على سيادة الانظمة الرجعية عبر دعمها بشكل مباشر أو غير مباشر، ويتمظهر ذلك من خلال دعم العائلات أساساً والافراد جزئياً للافكار التقليدية والخرافية البالية في المنازل والشوارع والمقاهي يا إما عن جبن أو عن عمد مبني على خوفهم من التغيير الذي قد يسلب منهم أشياء أو أشخاص حسب تصورهم ولذلك يفضلون بقاء الوضع كما هو، على أن يضحوا من أجل التغيير.
وبالتالي هم يلعبون دوراً مضاداً في الثورة قبل بدايتها ويساهمون بشكل عكسي في السير نحو الامام ويعطلون مسار التقدم نحو مجتمع متساوِ وعادل ويكونون بذلك أعداء للتغيير بتخندقهم في صف الطغاة والجلادين.
إن الثورة لا ترحم أحد ولا تعرف العاطفة، وبالتالي فإذا أردنا إحداث أي أثر أو تغيير يجب أن نضحي بأيٍ كان من أجل مُثُلِنا العليا، ومن أجل مبادئنا الثورية وتحصينها بالانتفاضة على كل شخص وعلى أي شيئ ينجرف في تيار معاكس للثورة.
وأي تعاطف أو مجاملة تجاه القوى الرجعية المهادنة بمختلف أشكالها قد يخطف الثورة من أيدي صانعيها ويضعها في أيدي الرجعيين أنصار الثورة المضادة، الشيئ الذي قد يهدد بعودة الوضع كما كان عليه من قبل في إطار مغاير وشكل مختلف وجديد من أشكال الديكتاتورية والاستبداد.

ارفضوا وانبذوا وحاربوا الافكار الرجعية المتخلفة أيٍ كان مصدرها، فالثورة لا تقبل العاطفة إذا كانت حقيقية.