مجرد -سحابة صيف-, ل:نادي جاد

"سحابة صيف"
حتى السحب التي تعبر صفحة السماء في أشهر الصيف, لها أهمية, دور ربما يخفى علينا, فالجزم الذي يصل لمرتبة اليقين, أن الوضع بعد مرور السحب وبخاصة سحابة الصيف يختلف كلّية عن قبل ظهورها.
لذلك لم تكن " سحابة صيف", للروائي: نادي جاد, مجرد رواية يرصد فيها بدايات الفتنة الطائفية المصطنعة بالمجتمع المصري, بل أراها بمثابة تذكِرة بما حدث و يحدث, وأقرب إلى "روشتة", يطرحها على القارئ ويضعها بين يديّ متخذ القرار سواء السياسي أو الديني, بأن لكل فتنة بدايات ونُذر, وأن الكارثة المجتمعية لا تأتي من فراغ ولا النار تنشب من تلقاء نفسها, بل لها أسس ترتكز عليها, صنّاع مهرة يزكّون لهيبها على مدار الساعة..
"سحابة صيف", رواية جاهد فيها, نادي جاد, قدر استطاعته في التوازن بين كافة التيارات الدينية المتصارعة على السطح, اقترب حد التماس مع كثير من القوى الخفّية التي تعمل في الظل على استمرارية الصراع, و طرح الرأي والرأي الآخر على ألسنة أبطالها ورواتها, لعله في النهاية حقق أمرين لا ثالث لهما:
- كسب عداوة الجميع, تلك حقيقة, فلم يرض عنه فصيله, ولا الآخرون, كلّ يتهمه بالانحياز للكفة الأخرى.
- كسب احترام نفسه كروائي يتطرق بحرفية لقضية ما تزال تتأجج تحت رماد هش, بركان يكاد ينفجر في وجوه الجميع, كأنما يقول لنا أن التماسك المجتمعي الذي نظنّه صلدًا صلبًا هو في حقيقته خواء وأن ضعفه وهشاشته من صُنع أيدينا نحن وأن أشد العداوة التي نواجهها هي كراهيتنا لبعضنا البعض.