حول الرق والعبودية بالمغرب


التيتي الحبيب
2023 / 2 / 18 - 20:21     


عرفت دول منطقتنا ظاهرة الرق والعبودية طيلة التاريخ الحديث. وللمزيد من الدقة نعني بدول منطقتنا كل الجغرافيا الممتدة حتى سنغال وتشاد وتخوم نيجريا إلى السودان. أهم الدراسات التي اطلعنا عليها تناولت ظاهرة العبودية والرق، اعتمدت على النوازل الواردة في قضايا البيع والشراء أي تجارة الرقيق والنخاسة وكذلك على الفتاوي الفقهية التي ترسم قواعد معاملة العبد والأمة كمنقولات تورث ويحدث تقسيمها بين الورثة.
لم اطلع على دراسات تتناول ظاهرة العبودية والرق، كظاهرة اجتماعية طبقية. وفي هذا الصدد تنتصب أمامنا مجموعة من الأسئلة من شاكلة: هل شكل العبيد في إحدى فترات التاريخ، فئة اجتماعية خاصة كانت لهم فيها حركية اجتماعية ميزتهم عن بقية الفئات والطبقات الاجتماعية؟ ما هي ميزة نمط انتاج ماقبل الرأسمالية بمنطقتنا عن ما سواه في أسيا وأفريقيا الجنوبية وأمريكا شمالا وجنوبا؟... أسئلة تعتبر لذاتها ورش للبحث والتنقيب سيفيد مستقبل تحرر شعوب منطقتنا وبناء مجتمعات جديدة متصالحة مع الذات ومتخلصة من جرائم الماضي. وقد يكون هذا موضوع المتخصصين والباحثين الخبراء وبتوجيه من إرادة وسلطة طبقة العبيد الجدد أي الطبقة العاملة المعاصرة ( سنعود لهذه المسالة لاحقا).
كانت الأنشطة الاقتصادية بمنطقتنا وحتى في الجوار، تعتمد على الفلاحة التقليدية، فلاحة الكفاف، أي إنتاج الحاجيات الضرورية، وعلى الرعي واستغلال موارد الغابات، وبعض الحرف لإنتاج الأواني الخزفية أو المعدنية، وسروج الخيل وبعض الأسلحة البسيطة وأدوات الفلاحة والبناء... لم تكن هناك المنشئات العامة الكبرى مثل شق السواقي وتحويل مياه الأنهار أو بناء الخزانات أو الأهرامات، كما كان الأمر في العهد الفرعوني بمصر وغيرها من المدن الكبرى في العراق أو الشام أو في الصين والهند. في منطقتنا، كانت الحاجة إلى اليد العاملة لخدمة الفلاحة والرعي وفي المنازل أو في الجيش إبان لحظات من تاريخ الدولة بالمغرب. ولتوفير هذه اليد العاملة كانت قوانين النمو الديموغرافي تفي بالحاجة الضرورية، ولما يحصل طارئ، كانت الدول تغزو بعضها بعضا بمبررات مختلفة: تارة، باسم الفتح الديني ( مسيحي أو إسلامي) وتارة، بدوافع اقتصادية وسياسية من اجل توسيع الحدود أو الاستيلاء على الثروات أو تأمين طرق التجارة.
الكتابة عن الرق في أفريقيا وأثاره الحية ليومنا هذا، نجدها في أدبيات القوى التقدمية الأفريقية وهي شواهد حية وملموسة عن الجرائم التي تعرضت لها شعوب أفريقيا من طرف الغزاة على إختلاف مرجعياتهم السياسية والعقائدية ودوافعهم العدوانية لنهب خيرات هذه القارة الغنية.
لا يسعنا المجال للتوسع في الموضوع ولذلك سنكتفي بالإشارة إلى بعض نماذج هذه الكتابات للتعريف بها، ولفضح الرق والعبودية بمنطقتنا وخاصة بالمغرب الكبير وعموما شمال أفريقيا حتى نعري على حقيقة أن من أبناء جلدة أفريقيا من ساهم في جرائم الرق والعبودية.
نشرت الجريدة الناطقة بلسان الحزب الشيوعي البينين الشعلة ( LA FLAME لافلام) في عددها 378 بتاريخ الجمعة 4 دجنبر 2020 مقتطفا من مقال يتناول العبودية والرق في موريتانيا. نظرا لأهمية هذا المقال والذي طاله تقريبا النسيان، فإنني قمت بترجمته عن الفرنسية وضمنته في هذا العرض المركز حول ظاهرة الرق والعبودية بمنطقة مغربنا الكبير ومحيطه.
وهذا هو نص المقالة المنشورة في جريدة الشعلة عدد 378 بتاريخ 4 دجنبر 2020.
صفقة استعمارية: الرق في موريتانيا
مقدمة
لويس هونكانرين (1886-1964)، مواطن من داهومي (بنين حاليًا)، ناشط عظيم في مجال حقوق الإنسان، وصحفي شجاع ومناهض متحمس لتجارة العبيد السود الممارسة من طرف الطبقة المغاربية، كتب هذا الكتيب أثناء نفيه في الصحراء الموريتانية، لاتهام النظام الاستعماري الفرنسي بالتعاون والارتشاء في هذه التجارة المجرمة. ولتقديرنا واحترامنا لهذا الكاتب ننشر هذا الكتيب المنسي تقريبًا.
هونكانرين، الماركسي والإنساني المقتنع، يستبعد حقيقة أن الأديان، سواء المسيحية أو اليهودية أو الإسلام، يمكن أن تبرر العبودية كمؤسسة إدامة الظلم، بينما الله الواحد، إله التوحيد، خلق جميع البشر متساوين. في فكرة المؤلف هذه، نجد جانبًا أساسيًا من فكره لخلق نقطة تقاطع بين النضال الماركسي من أجل العدالة وإلغاء الرق في الإسلام، وكلاهما يدعو إلى المساواة بين جميع البشر، كما تعبر عن ذلك نظرية الخلق القرآنية.
هاجم لويس هونكانرين الموريتانيين ونظامهم الطبقي، بناءً على استغلال الإنسان من قبل الإنسان وكتب إلى مختلف المسؤولين الاستعماريين الفرنسيين لحثهم على تحرير العبيد وتطبيق قوانين إلغاء العبودية. اليوم، هذا الكتيب لهونكانرين موضوعي وله أهمية كبيرة، لأن العبودية في موريتانيا لا تزال حاضرة ومستمرة.
هونكانرين مثال يحتدى به في مكافحة الرق، ليس فقط في الأراضي الإسلامية، مثل موريتانيا، ولكن أيضًا في البلدان الأخرى، حيث يستمر الاستغلال في أشكال مختلفة من الرق.
الرق في موريتانيا
يعتبر الموريتانيون ( Les Maures ) السود، بشكل عام، أسرى عبيد. لكن السود الذين تمكنوا حتى الآن من القبض عليهم ووضعهم تحت نير العبودية، وعلى وجه الخصوص، سكان السودان والسنغال الأصليين، فهذه المستعمرات قريبة من موريتانيا وبالتالي فهي مخزن الحبوب الذي يذهبون إليه، كل عام، للحصول على إمدادات الغذاء التي يحرم منها بلدهم الصحراوي والأسرى العبيد الذين يحتاجون إليهم لأعمالهم المختلفة، هؤلاء الموريتانيون يعتبرون العمل وصمة عار.
ولا تزال الأوشام التي يحملها معظم الأسرى العبيد ومصطلحات بلدهم الأصلي التي احتفظوا بها واستخدموها باعتزاز تسمح بالتعرف عليهم وتاشر لما تحملته مختلف سلالات السودان والسنغال نتيجة الأسر في موريتانيا.
في الصف الأول توجد سلالات Bambaras و Senoufos، التي زودت وتزود القسط الأكبر من القوات السنغالية التي تعرف بجودتها الأساسية: «مقاومة مثالية للتعب والحرمان». ثم يأتي Sarakholes و Toucouleurs و Bobos و Mossis وما إلى ذلك.
في نظر الموريتانيين، الأسرى ليسوا لا اكثر ولا اقل حيوانات الاشغال الشاقة. يكافأونهم بالضرب كيفما اتفق ويعطونهم أي شيء للاكل. بالنسبة لهم، لا منزل، لا ملابس، لا زواج مناسب، لا حقوق، لا ضمانات. حقهم الوحيد وضمانهم ضد الضرب هو العمل المفرط، والعمل ليلاً ونهارًا، وبدون هدنة، ودون راحة، ولا يقبل أي تشكي أو تأفف.
الأسرى والأسيرات العبيد والعبدات يعتبرون هم وأمتعتهم ممتلكات لأسيادهم، ولا يمكنهم التخلص من أي شيء من أجل سلامتهم الشخصية. حياتهم هي أيضا للسيد الذي يمكن أن يأخذها منهم وقتما يشاء. كثيرون، هم الأسرى أو الأسيرات عبيد وعبدات الذين قتلوا، واغتيلوا على يد أسيادهم، وبعضهم بسبب الكسل، يا للسخرية! والآخرين بسبب السحر.
مثال: والدة Tesylminte Abderramane، التي قتلها رئيسها محمد نافا في Tidjikja بسبب الكسل. بيكو، والد الأسير مخير، الذي يعيش في تيجي - كجا ؛ ووالدته تيمبا ؛ شقيقته، سويلكا، قتل الجميع في تيجيكجا على يد أسيادهم، حسن وحمود، بتهمة السحر.
لا ينتهي الأسر الرق إلا عندما تموت الضحية أو يتم إطلاق سراحها. من الأب إلى الابن، الأسرى العبيد هم ملك سيدهم ويعانون من نفس المصير. انهم شيء يمتلكه السيد، ويمكن أن يبيعها بدون ان اعتراض، دون أن يكون لدى أي شخص ما يقوله. ويكفي أن يكون أحد الزوجين في حالة أسر وقت الزواج لكي يكون طفل ذلك الزواج أسيرا أيضا.
وهكذا، فإن الأطفال الذين أنجبهم التيرايلور والفرنسيون أنفسهم مع الأسرى هم أسرى يتبعون العادات الوحشية الهمجية للموريتانيين. فيما يلي مثال لافت للنظر يمكن لأي شخص الإشارة إليه: كان القائد السابق لدائرة تاجانت، قائد الكتيبة أنسيلم دوبوست، يحب أسيرة ًتُدعى جيميل. من ذا الذي لا يتفق هنا مع باسكال، أن «القلب لديه أسباب لا يعرفها العقل!» من قرانهم ولد طفل يدعى محمد. ويتلقى هذا الطفل، الذي اعترف به والده، مثل جميع سلالات موريتانيا، معاشا شهريا قدره عشرين فرنكاً (20 فرنكاً) على نفقة الإدارة.
حسناً! على الرغم من لقبه كنصف سلالة من قائد دائرة الذي قاد دائرة Tagant (Tidjikja، Moudjéria، Tichitt)، ظل محمد Dubost أسيرًا عبدا في أيدي الموريتانيين Moors وسيعاني عندما يكون في سن العمل - يبلغ الآن أربع سنوات فقط - مثل الأسرى العبيد الآخرين، فإن العذاب محجوز سيعاني من هذه العذابات بتواطؤ الإدارة الممثلة برجال الأعمال والزملاء السابقين لوالده، هذه الإدارة التي ضحى والده بحياته من أجلها، دون أن يتمكن أحد من التدخل والاستعمار بالنسبة للمعمرين ليست إلا كعملية تجارية، اوربيزنس هو بيزنس كما يقول الإنجليز (business is business ).
لكن الساعة أللآن ليست مناسبة للعب مع القانون. لا يعد الأسرى العبيد قادرون على تحمله بعد الآن. إنهم مرهقون! لم تعد لهم قدرة التحمل! حان الوقت للصراخ في وجه رجال الأعمال الذين بين أيديهم مصير موريتانيا: "فرنسا أولاً... جيبك إذن! كفوا عن مثل هذه المسألة الخطيرة! ".
إن مسألة الرق البشري في موريتانيا، والاعتراف الرسمي بهذه الآفة من جانب الإدارة على الرغم من القوانين الباهظة المعمول بها والعواقب الوخيمة الناجمة عنها على حساب الضحايا، لا تخلو من العواطف، دون إزعاج بعض الأرواح الإنسانية، الجريئة والقوية، مثل م. ب. ك. أساموي، الطبيب المساعد كيفا.
في تقرير رسمي، اطلع عليه وأحاله قائد مركز إدارة الخدمات الصحية في موريتانيا في سان لويس، أشار الطبيب المساعد، أساموي، إلى الخطر على الصحة الذي تشكله الأخطاء المؤسفة التي ارتكبها الحاكم، رئيس المستعمرة. "
مقتطف من: «Un forfait colonial: l esclavage en Mauritanie» بقلم لويس هونكانرين.
ان موضوع الرق او العبودية لا يهم فقط موريتانيا بل حتى المغرب. إن تاريخ العلاقة بين الدولة المغربية والشعوب الأفريقية ملطخة بوصمة العار هذه وطبعا لن تطوى هذه الصفحة المشينة إلا بالاعتذار الرسمي باسم الشعب المغربي للشعوب الأفريقية التي تعرضت للاستعباد والرق من طرف مغاربة ظالمين.
انقل هنا هذه الوثيقة إنعاشا للذاكرة ووشما لها بهذا العار الذي لن ينمحي إلا بتحرر الشعب المغربي وساعتها سيبادر بطلب الاعتذار من أشقائه الأفارقة لأنه هو بدوره كان تحت العبودية والاستبداد.
يكتسي موضوع الرق والعبودية أهمية بالغة، عندما يتعلق الأمر بموضوع الهوية المركبة لشعوب المغرب الكبير عامة والشعب المغربي خاصة. ذلك أن موضوع الرق والعبودية في موريتانيا ينسحب أيضا على الدول المغاربية بمختلف سلالاتها لحاكمة. إنها كانت تمارس الرق والاتجار في البشر.
وبفعل التراكمات التاريخية أصبحت هوية شعوبنا المغاربية تستدمج العنصر الأفريقي لتصبح في الواقع هوية مركبة. لكن هذا المكون الأفريقي في هوية شعوبنا بقي مكونا مظلوما تاريخيا وجب رد الاعتبار التاريخي له.
من يناقش هوية شعبنا بمعزل عن هذه الأمور فإنه عمليا يلغي هذا المكون وكأنه يحتقره ويتبنى المظالم العنصرية التي تعرضت لها شعوب وقبائل افريقية على يد سلالات مغاربية.
لكي نبني هوية ناضجة لشعوبنا المغاربية علينا أن ننصف هذا المكون الأفريقي وأن نضعه في المرتبة المعتبرة، ونعيد له الاعتبار الواجب. هكذا، سنبني هوية غنية متعددة الأبعاد، عادلة، ترفع راية الحرية والمساواة بين جميع الكادحين بغض النظر عن أصلهم وفصلهم.
وبالعودة إلى ضرورة دراسة موضوع الرق والعبودية ببلادنا بالاعتماد على دراسة التطور التاريخي لمختلف أنماط الإنتاج الماقبل الرأسمالية بما فيها تلك التي اعتمدت على اليد العاملة المنحدرة من الرق والعبودية. ما هو متوفر اليوم هو تلك المراجع التي تهم النوازل الفقهية أو المساطر القانونية التي تنظم تجارة العبيد والإماء أو الأخبار والحوادث المتعلقة بشهادات عن حياة مالكي العبيد والإماء وتعاملهم مع ممتلكاتهم البشرية.
من بين هذه المراجع التي تذكر أنواع المعاملات يمكن الاطلاع على الكراسة الموجزة تحت عنوان " الإماء والمجتمع في مغرب العصر الوسيط من المعاناة إلى الإباق" الصادرة عن أعمال ندوة: تاريخ النساء المغاربيات: الإقصاء وردات الفعل الناشر: كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة. المؤلف الرئيسي: بلمليح، عبد الإله.
يصبح الحديث عن الرق والعبودية حديثا عن السياسية والأحداث الاجتماعية لما يستعرض حالات العبيد الذين استطاعوا التحرر من العبودية وفروا أو هربوا من سطوة النخاسين أو مالكي العبيد. فهؤلاء العبيد الفارين، يتعرضون للملاحقة وهم مهددون بالقتل، لأنهم تمردوا على قانون ملكية الأقتان والإماء، المعمول به في المجتمع. وتتحدث النوازل في هذا الإطار عن العبيد الآبقين وهناك العديد من الأحكام والفتاوي في قضية الإباقة. ( انظر " الإماء والمجتمع في مغرب العصر الوسيط من المعاناة إلى الإباق" ).
فإذا لم يستطع العبيد تشكيل حركة مجتمعية قائمة الذات والتعريف بمظالمهم وقيادة نضالهم من اجل انتزاع حريتهم والاعتراف بهم وفرض رد الاعتبار لهم كبشر وكضحايا جرائم ضد الإنسانية، نظرا لأسباب موضوعية وذاتية يعوزنا الوقت والمجال لتناول بعض جوانبها أو على الأقل طرح الأسئلة الضرورية لتوجيه البحث؛ فإننا نريد أن لا نفوت الفرصة للإشارة إلى قضية هامة ربما ستكون من بين الأجوبة التاريخية الأساسية التي ستسمح بتحقيق جبر الضرر وفتح الأفق لمجتمع جديد، وقد تخلص من كل ما علق به من شوائب وكوابح طيلة العصور الماضية.
يتعلق الأمر بوجود طبقة عصرية مكونة من العبيد الجدد في مجتمعنا، وهي الطبقة العاملة. إن هذه الطبقة هي وليدة تطور تاريخي طويل نسبيا، تشكلت عبر عدة مراحل تميزت بتجريد الفلاحين من ملكية الأرض أو من حق استغلال أراضي الجموع، ومن ملكية وسائل الإنتاج، ودفعهم للهجرة إلى المدن أو إلى المواقع والأحواض المنجمية ليبيعوا أخر ما تبقى لهم من ملكية، وهي قوة عملهم. يبيعون قوة عملهم ضمن تعاقد يعقدونه مع السيد الجديد، وهو البرجوازي مالك وسائل الإنتاج. فهؤلاء العمال يصبحون عبيدا ساعة يشتري منهم رب المعمل أو المنجم أو الضيعة الزراعية قوة عملهم. إنهم يكفون عن أن يكونوا أحرارا يتحكمون في قوة عملهم التي أصبحت ملك رب العمل. إذا، هؤلاء العمال هم في الحقيقة هم عبيد من نوع جديد، يحكمهم سيد من نوع جديد، وهو الباطرون أو رب وسائل الإنتاج.
لكن هؤلاء العبيد الجدد لهم خاصية تاريخية، وميزة لم تتوفر لطبقة العبيد على مر التاريخ. إنهم يشكلون طبقة بحكم العلاقات التي تربطهم أثناء فترة العمل، أي أثناء فترة تحولهم إلى عبيد. ولهذا، فإنهم يتوفرون على كل المؤهلات لوعي ذاتهم عبر هذا الانتماء إلى طبقتهم الطبقة العاملة، فيبدؤون فورا في تنظيم أنفسهم وقد جربوا ذلك بثورتهم على الآلات، وكسروها ورغم ذلك استمرت عبوديتهم لان سلطة رأس المال استمرت في الطبقة التي تملك وسائل الإنتاج. وعبر تجربة تاريخية طويلة أدرك العمال بأن تحررهم سيقود إلى تحرر جميع الطبقات الاجتماعية المضطهدة الأخرى. فبفضل هذه الطبقة العاملة سيرد الاعتبار إلى جميع الكادحين ضحايا كل بقايا ومخلفات المجتمعات القديمة وأنماط الإنتاج الماقبل الرأسمالية المستمرة إلى يومنا هذا. طبعا ستجد قضايا الرق والعبودية التي سبقت الإشارة إليها حلها المجتمعي لما تتولى السلطة الطبقة العاملة المتحالفة مع الطبقات والفئات الاجتماعية التي لها مصلحة في تحرر المجتمع ونهضته بإنجاز الثورة الاجتماعية بمختلف أبعادها السياسية والثقافية...