منذ إنشائها إسرائيل ديكتاتورية مجرمين


سعيد مضيه
2023 / 2 / 16 - 11:59     

الديمقراطية الليبرالية دولة تفوق عنصري للبيض

هذا العنوان اختارته لمقالها أدناه الكاتبة نيكي ريد، مساعدة رئيس تحرير نشرة " هاجموا النظام". في مقالها تشهر السخرية من نظام الديمقراطية الليبرالية، وتعتبره نظاما عنصريا ، نظام التفوق العرقي للبيض.كذلك الصهيونية حملت منذ تشكيلها بذرة العنصرية الفاشية. الفروق ضئيلة بين الديمقراطية الليبرالية وبين الفاشية. تورد ريد في مقالها، "كيان الديمقراطية الليبرالية بمجمله مبني على أفكار تفوق الغرب الذي لا يمكن تعزيزه إلا بالدولة. ولم تك صدفة ان هتلر وموسوليني ونتنياهو قد صعدوا جميعا للسلطة في ديمقراطيات ليبرالية". هذا المقال نقلته مجلة كونسورتيوم نيوز في العاشر من فبراير/ شباط عن الموقع الإليكتروني للكاتبة، تقول فيه:

الإسرائيليون أظهروا السخط للمرة الأولى ليس ضد العرب ، فهم ساخطون على بيبي. أشهروا السخط خلال الأيام الأخيرة من الشهر الأول للعام الحالي ، 2023، حين حيوا بمظاهرات حاشدة التحالف المافياوي الذي جمعه شاغل منصب رئيس الحكومة لأطول فترة في تاريخ إسرائيل من اجل تشكيل حكومته السادسة. هدف المظاهرات الاحتجاج على خطط لقلب نظام العدالة في إسرائيل والهبوط بمحاكمها الى لعب فخمة يتلاعب بها ببساطة من يخطف الكنيست . ما يزيد على 130000 متظاهر نزلوا الى شوارع تل ابيب والقدس وحيفا ، من بينهم نائب سابق لرئيس الحكومة ، بني غانتس ، ووزير دفاع أسبق، موشيه يعلون، الذي خطب بالمتظاهرين وكاد يستولي على روح المظاهرة بتحديه المُشهَر:" إن بلدا يعين رئيس حكومته جميعَ القضاة وهو المسئول عن ترفيعهم وطردهم ـ تحمل اسم ديكتاتورية . وعندما يكون رئيس الوزراء أيضا مطلوبا للعدالة، تتهمه دولة إسرائيل بجرائم خطيرة ، فالبلد تحمل الاسم المميز ديكتاتورية المجرمين."
الرجل الذي يواجه محاكمة قد ترسله الى البحر الميت بتهم الرشوة والغش وخيانة الأمانة ، والذي اعتاد ان يكون الأقوى في الأرض المقدسة منذ عهد شاوول ارتدى الحذاء بساق طويلة وعقد مساومة مع مجموعة من الفاشيين والمتعصبين دينييا. لماذا يقْدم إنسان عاقل على تكريم معوجين من شاكلة بيزاليل سموتريتش وإيتامار بن غفير، بينماهو يسيطر على أٌقوى آلة عسكرية والأكثر توحشا (ومزودة بأسلحة نووية) بمنطقة الشرق الأوسط؟
لم تزل الصورة تنطوي على خطأ فظيع . لم أستطع وضع إصبعي على الخطأ في البداية ، لكن مع نزول مئات آلاف البشر يرتدون الملابس الأوروبية الأنيقة في اجمل ضواحي الشرق الأوسط ، يلوحون بإعلام زرق وبيض تتوسطها نجمة داوود ، خطرت فجأة بذهني كومضة مثل دغل يحترق: موشيه يعلون، الرجل الذي أطلق على شعب فلسطين السرطان الذي يجب بتره، ضاعف هذه السخرية المريضة وهو يحذر المستمعين المعجبين ، " الشعب اليهودي دفع ثمنا باهظا لحقيقة ان الانتخابات الديمقراطية في ألمانيا تسلمت السلطة فيها حكومة استأصلت الديمقراطية". لم يمض غير أسبوع حتى يدفع الفلسطينيون جزية أخرى في مسلسل طويل من الأثمان الباهظة لما يدعى ديمقراطية إسرائيل عندما شن جنود قادهم من قبَل يعلون غارة على مخيم اللاجئين المحاصر في مدينة جنين.
وخلال خمس ساعات من الغارة قتل جيش الدفاع الإسرائيلي تسعة أفراد بينهم امرأة عمرها 61 عاما وطفلان، وذلك في هجوم لم يسبقه استفزاز يقيمون على واحد من أفقر الأميال المربعة على وجه البسيطة. وفيما بعد أضافوا جثة اخرى في تلك الليلة حين قتلوا أحد المحتجين غير مسلح شمالي مدينة القدس . كانت هذه المجزرة آخر تراجيديا في معمعة قتل اغتيل خلال العام 2022 وحده 220 مدنيا ، بينهم 48 طفلا ، أكثر مما اغتيل في الأعوام التي تلت الانتفاضة الثانية. والعديد من هذه الوفيات أشرف عليها بطل الديمقراطية الليبرالية بإسرائيل ، بني غانتس. فقط خلال شهر من العام 2022 وذلك الرقم القياسي المريض يمضي في طريقه كي يكسر. ومع طباعة هذا الصراخ تم دفن 35 جثة في الصحراء سقطوا برصاصات إسرائيليين وهم يلوحون بصناديق مجوهراتهم عام 2023، بينهم ستة اطفال على أقل تقدير .اين هو الغضب المحق من اجل الحقوق الديمقراطية لأطفال جياع أطلق عليهم الرصاص في الديمقراطية الليبرالية الوحيدة بغيتوهات الشرق الأوسط ؟ ليسوا في الحساب بشيء، فديمقراطية إسرائيل ، شأن ألمانيا النازية ، لا توجد إلا لمسرة العرق المتفوق.
شكل انزلاق إسرائيل الى الفاشية صدمة فقط للأميين في التاريخ. ان فكرة الدولة اليهودية بحد ذاتها عميقة في الفولكلورالعنصري الذي يحمل شبها ضئيلا بالواقع. جميع الأعراق تراكيب اجتماعية؛غير أن العرق اليهودي حديث نسبيا من الناحية الفعلية . فمعظم يهود هذه الأيام هم نسل معتنقي الديانة اليهودية، ولا علاقة مثبتة تربطهم بإسرائيل المعاصرة؛ وهذه المكانة بالفعل مثل شعب يفتخر انه بدون دولة لا يتبع بالولاء الا لله الذي جعل أعضاء العرق ضحايا للطغاة من القياصرة حتى الرايخ الرابع ، ولديهم السبب الجيد لأن يظلوا مرعوبين. كل انتفاضة شعبية تقريبا خلال القرون الأربعة الأخيرة من تاريخ أوروبا امكن قيامها بفضل تيار ثابت من الثوريين اليهود مستعدين للموت من أجل أي قضية أعظم من الألة الخربة لتفوق البيض العرقي المعروفة باسم دولة ويستفاليا القومية. وهذا هو سبب ضحكي كلما اطلق علي لقب لاسامية . المحزن ان هذه المقاومة الجريئة بلا جذور لم يكن نصيبها سوى الشطب باختراع العرق اليهودي الذي بزغ من مجاري القومية الحاقدة ذاتها في القرن التاسع عشر، تلك التي منها ولدت الهولوكوست.
ان فكرة اليهود عرقا وحيدا يبحث عن وطن كانت من تلفيق حفنة صغيرة من المثقفين الألمان اليهود تأثروا بالقومية الفولكلورية الألمانية لإنشاء مدرسة علمانية للصهيونية محددة الى حد كبير بالكولنيالية الأوروبية . لم ير الصهاينة انفسهم ألمان او روس، إنما اعتنقوا بصراحة فكرة الشتات الأوروبي المتفوق بفلسفة معوجة لا توصف إلا بانها أحد أشكال التفوق العرقي للبيض الكوشر.
لم يكن هؤلاء العنصريون أسمى من التعاون حتى مع اللاساميين؛ في الحقيقة بدا العديد من الصهاينة يحتضنون اللاسامية كرد فعل مبرر كليا على اليهود الذين تجاسروا على الوجود خارج دولة إسرائيل.[ حقا حرض بن غوريون اللاساميين لشتم اليهود في مجتمعاتهم وتضييق معيشتهم كي يرحلوا الى إسرائيل]. أبلغ حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية واول رئيس لدولة إسرائيل الجمهور الذي كان يستمع اليه في برلين عام 1912أن "كل بلد بمقدوره استيعاب عدد محدود فقط من اليهود ؛ والمانيا ، إن لم ترد اضطرابات معوية، فلا تستوعب سوى نفر قليل جدا من اليهود".
في ظل هذه الظروف يصعب ان نستغرب ان يجد الصهاينة حلفاء لهم بين دعاة التفوق العرقي للبيض في انجلترا والمانيا. على المكشوف من الناحية الفعلية سعى أبراهام شتيرن الى عقد تحالف مع ألمانيا النازية على إثر تشديد بريطانيا النكير على الصهاينة؛ وهو الذي قاد منظمة إرهابية أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، حملت اسمه وأخرجت المنظمة رئيسين لحكومة إسرائيل، منهما يتسحق شامير. حتى ان أبراهام مضى شوطا بعيدا لدرجة الدعاية لدولة يهودية تقوم على "مبدأ قومي وتوتاليتاري[شمولي]... مرتبط بالرايخ الألماني". نظر النازيون في العرض ، حتى أنهم أرسلوا وفدا برئاسة أدولف أيخمان الى فلسطين عام 1937، للترويج للهجرة اليهودية، لكنهم قرروا في نهاتية المطاف ان الأقل كلفة بالنسبة لهم القضاء على اليهود. توصل الصهاينة بأنفسهم الى قرار لحل مشكلتهم كيف التعامل مع الساميين غير المرغوب فيهم .
وليس إلا بعد إرهاب الهولوكوست أفلح الصهاينة في حمل اليهود المصابين برضوض الإرهاب على الموافقة على الرؤية الصهيونية العنيفة بتفوق الأشكيناز ، وبمهارة كبح الصهاينة غضب هؤلاء الناس كي ينفذوا حلهم النهائي ضد شعب فلسطين بحملة باتت تعرف بالنكبة . حتى ان منظمات الإرهابيين الصهاينة قبل النكبة، مثل شتيرن والهاغانا والإيرغون تسللوا سرا داخل القرى العربية، وجمعوا تفاصيل استخبارية عن ديموغرافية السكان حتى مصادر المياه، معلومات سوف يستفيدون منها لدى تدبير المجازر التي فاقت في وحشيتها وشراستها الآينزاتزغروبين(الهولوكوست باللغة الألمانية).
قذفت البيوت المزدحمة بالناس بقنابل يدوية وكل رجل قبض عليه هاربا اجبر على حفر قبره قبل ان يتم إعدامه. اغتصبت النساء والأطفال قبل أن يرسلوا الى التلال لا يحملون سوى ملابسهم على ظهورهم . طرد حوالي 750الف فلسطيني من بيوتهم وسويت بالأرض بيوت خمسمائة قرية . ولسوف تغدو فرق الموت التي نفذت هذه المجازر الضباط الأوائل لقوات الدفاع الإسرائيلية الجديدة. وستتحول منظمة الإرغون التي شاركت في اكثر مجازرالنكبة وحشية في دير ياسين ، واسفرت عن قتل 107 من الأطفالوالنساء والرجال، الى حزب الليكود ، حزب بني غانتس وبنيامين نتنياهو .
كان يتوجب إطلاق صرخة توَقُّف لاية شكوك متبقية حول التزام إسرائيل بإدخال تفوق البيض الى الشرق الأوسط مع خلق غيتوهات أشبه بالأنماط النازية في قطاع غزة والضفة الغربية، غير ان القسوة تجاه سكان البلاد الأصليين في الشرق الأوسط قد شملت اليهود كذلك. وبينما مضى الموساد شوطا بعيدا في شن هجمات إرهابية ضد اليهود الشرقيين في العراق كي يملآ الأرض المقدسة بحشود اللاجئين ، فقد جرى الترحيب بمدن من خيام وعلمنة إجبارية ومسحوق الدي دي تي من قبل نخب الأشكينازفي إسرائيل بأبناء عمومتهم ذوي البشرة الملونة مع معالجات بإشعاعات قاتلة. أيد بن غوريون في مذكراته هذه النقطة مبينا بكل تأكيد " مقدر علينا ان نكافح ضد روح الهلال الخصيب التي تفسد الأفراد والمجتمعات ونحافظ على قيم اليهودية كما تبلورت في المهجر." ترون لم يكتف الصهاينة بتحويل فلسطين دولة يهودية ؛ فرسالتهم جعل اليهود بيضا؛ وليس غير ثيودور هيرتزل، أب الصهيونية الحديثة – وصف ب" الأب الروحي للدولة اليهوية" في إعلان استقلال إسرائيل- الذي دعا امته التي حلم بها لأن " تشكل جزءا من جدار الدفاع عن اوروبا في آسيا، حصنا للحضارة ضد البربرية"، واعتبر مع انصاره من الصهاينة " ممثلي حضارة الغرب" أرسلو لكي يجلبوا النظافة والنظام الى الشرق .
وأقذر أسرار الصهيونية ودولتها ، دولة الأبارتهايد وإبادة الجنس ان هذه القوى في الحقيقة أعظم مصادر اللاسامية على وجه كوكبنا ، عش الأفعى لنخبويين اوروبيين يسعون لفرك الصحراء حتى تنظف من الثقافة الساميّة المتنوعة ، بينما يستوعبون اليهود في العرق الأبيض بأي وسيلة ضرورية . وانا أتهم بالعنصرية لأنني تجرأت وافصحت بصوت عال عن هذه الحقيقة البشعة. بعد كل هذا كيف بإمكان الديمقراطية الليبرالية الوحيدة بالشرق الأوسط ان تكون وكيلا لتفوق البيض العرقي؟
لكن أي أداة أعظم وجدت لتفوق البيض؟ ما الذي استأصل الأميركيين الأصليين الذين لم تكن لهم دولة، واستعبد فوضويي إفريقيا؟ كيان الديمقراطية الليبرالية بمجمله مبني على أفكار تفوق الغرب الذي لا يمكن تعزيزه إلا بالدولة. ولم تك صدفة ان هتلر وموسوليني ونتنياهو قد صعدوا جميعا للسلطة في ديمقراطيات ليبرالية . الفاشية هي مجرد النتيجة الحتمية لفشل الدولة في توليف تنوع الجنس البشري من رعاياها .أدركت جيدا روزا (لوكسمبورغ) وإيما ذلك كله ؛ لكن ربما تكون الاثنتان لاساميتان أيضا.
البلد الذي يشمل التوافق مع القيم الأنجلو ساكسونية في خانة التقدم يحمل اسما ، فهو يدعى ديمقراطية ليبرالية. وديمقراطية ليبرالية، تفشل في استغفال رعاياها لاحتضان هذه العبودية بوصفها تقدما، ليس لها مكان تذهب اليه سوى احتضان طبيعتها الحقة كديكتاتورية مجرمين. لا تستطيع إيجاد توافق بين الفاشية وتفوق البيض. والكفاح ضد هذه المخلوقات شديدة البشاعة بالديمقراطية الليبرالية التي ولدتها يماثل مكافحة فيروس الإيدز بمصل (إتش آي في) من النوع القديم الجيد[الإيدز ينتشر بواسطة الإتش آي في].المضيف يجب تدميره ، وإلى أن تتوحد شعوب الهلال الخصيب ضد هذا المضيف الصهيوني فلن يحظوا بالأمان من فيروس يتكاثر من ضرب كل قبائل من الشعب الفقير بالصحراء ضد بعضهم البعض.