الفصل الخامس- زهور الفولاذ: إبداع البروليتكولت في الفنون

لين مالي
2023 / 2 / 10 - 00:22     


المصدر:

Mally, Lynn. Culture of the Future: The Proletkult Movement in Revolutionary Russia. Berkeley: University of California Press, 1990. http://ark.cdlib.org/ark:/13030/ft6m3nb4b2/

“أنا لست في الطبيعة اللطيفة

بين الأغصان المزهرة.

[إنما] تحت دخان سماء المصنع

صنعت زهوراً فولاذية”

ميخائيل غيراسيموف- “Zheleznye tsvety”

تمثل هذه القصيدة للشاعر ميخائيل غيراسيموف النوع الأكثر شهرة لممارسات البروليتكولت الفنية طوال السنوات الثورية المبكرة. كان المقصود من صورها البروليتارية تمييزها عن الفن البرجوازي الذي كان مخصصاً لوصف الطبيعة اللطيفة. وبدلا من ذلك، رفع غيراسيموف الزهور الفولاذية كصورة فريدة من الطبقة العاملة عن الجمال. كان العامل وسط المصنع هو موضوع ومبتكر هذا الشكل الجديد.

لم تذكر كل أعمال البروليتكولت حياة وعمل الطبقة العاملة بهذه الطريقة البسيطة والمباشرة. الفن البروليتاري، مثل الهوية الطبقية البروليتارية، كان له العديد من المعاني. تنافست ثلاثة أنواع من الفهم مع بعضها البعض خلال سنوات الحرب الأهلية. شكلت الرومانسية الثورية للفنانين البروليتاريين مثل غيراسيموف بكل تأكيد الاتجاه الأكثر تميّزاً. بشكل مثالي، من الأفضل أن يكون الإبداع على يد ومن أجل وحَول العمال وأن يستعمل صوراً من حياة المصنع. على الرغم من أن هذا الأسلوب تطور بشكل أفضل في الأدب، إنما كذلك في الموسيقى، على شكل “الأناشيد الثورية”، وفي البوسترات واللوحات الفنية، وفي المسرحيات التي جسدت النضالات البطولية للطبقة العاملة.

جذبت البروليتكولت كذلك مجموعة صغيرة ولكن مؤثرة من الفنانين الطليعيين الذين كانوا حاسمين في القطع مع التقاليد الفنية والثقافية للبرجوازية. كان هذا الاتجاه الأكثر وضوحاً في الفنون المرئية، حيث رفضت مجموعات مهمة “فن الحامل” و”فن المتاحف” وابتكرت منهجيات لتوحيد الإبداع الثقافي مع انتاج المصانع. كما اكتسب المسرح التجريبي، الذي انقلب على الأساليب الواقعية، والموسيقى التجريبية، حيث اخترع الفنانون أنظمة نغمية جديدة، عدداً قليلاً من المتابعين. هنا كان تعريف الثقافة البروليتارية متعارضاً إلى حد كبير؛ فقد شكّلت هذه الإبداعات، من الناحية النظرية على الأقل، خروجاً راديكالياً عن المدارس الفنية قبل الثورة.

إلى حد بعيد، كان النشاط الأكثر انتشاراً في القطاعات الثقافية للبروليتكولت هو تقديم التدريب والتعليم في التراث الثقافي الروسي السابق للثورة. في هذه المهمة تابعت المنظمة عمل المجتمعات التعليمية، وبيوت الشعب، والتعاونيات التي تأسست قبل 1917. وبحسب هذا التعريف للثقافة البروليتارية فإن البروليتكولت قد جلبت الثقافة، ولا سيما الثقافة النخبوية من مثقفي القرن الـ 19، إلى الجماهير العمالية.

لا تمثل هذه المقاربات مدرسة فنية محددة بشكل واضح. فهؤلاء الكتاب والرسامون الذين مدحوا الوسط الصناعي في أعمالهم اتهموا بعضهم البعض باعتماد محتوى ثوري على حساب الشكل الثوري. واجه الطليعيون الاتهام بأن تجاربهم أبعدت الثقافة عن متناول العامل العادي. وحتى أولئك الذين رأوا بالمنظمة كمؤسسة تعليمية لم يوافقوا على المحتوى المناسب للتراث الثقافي الذي كانوا يأملون في نقله.

أزعجت انتقائية الحركة العديد من المشاركين، لكن هذا التنوع هو الذي ساهم بالتحديد في شعبيتها اللافتة. كانت البروليتكولت في الوقت عينه طليعية وشعبوية، وتحريضية وتعليمية، واستمراراً للاتجاهات الفنية السابقة للثورة ومحاولة لخلق شيء جديد مختلف تماماً. تضمنت برامجها تلاوات شعرية للعاملين على الآلات الكاتبة، ودروس بيانو للدهانين، وأعطت للعمال الفرصة لكي يصبحوا ممثلين محترفين. وَعَدت المنظمة، في أوجها اليوتوبي، بكسر الحواجز بين النخبة المثقفة والجماهير غير المثقفة. كما قدمت رسالة متفائلة أنه حتى أكثر أفراد المجتمع تواضعاً يمكن أن يصبحوا مبدعين ثقافيين وأن يساعدوا في التعبير عن الثقافة الجديدة لروسيا الثورية.

في الاستديو وعلى الجبهة: موقع الخلق البروليتكولتي

كانت الممارسات الثقافية للبروليتكولت واسعة الانتشار وامتدت فعلياً أبعد من الفنون الجميلة إلى نوادي العمل، والعلوم والجهود المبذولة لتحويل الحياة العائلية. (1) مع ذلك، شكّل التدريب في الفنون جوهر نشاطات البروليتكولت. وحدت البروليتكولت مجموعة واسعة من البرامج، من بينها سلسلة محاضرات، والندوات والاستديوات والمعارض والمسارح والأوركسترايات، وحتى ورشات العمل في تقنية السيرك. كل منظمة محلية تضمنت بشكل عام أربعة قطاعات فنية على الأقل: المسرح- الموسيقى- الأدب- الفن. والمعروفة شعبياً وفق الاختصارات التالية: تيو- teo، موزو- muzo، ليتو- lito، إيزو- izo.

تنوعت العروض الفنية بشكل كبير من مكان إلى آخر، وقد تبدلت بحسب التمويل المحلي، وذائقة الأعضاء، ومهارات المدرسين. بعض المنظمات المحلية، خاصة في العاصمتين، كان لديها مجموعة واسعة من الفنانين المشهورين لمساعدتها. في المنظمات الأخرى كان المشاركون يتصرفون بمفردهم. قامت المجموعات الأفضل موهبةً برعاية مجموعة واسعة من الدروس والمحاضرات، ولكن الحلقات الفقيرة كانت برامجها محدودة للغاية. فالقسم الموسيقي للبروليتكولت في تولا كان لديه أوركسترا سيمفونية، وفرقة نحاسية، وأوركسترا للآلات الفولكلورية، وصفوف خاصة في الغناء الفردي والأوبرالي. على العكس من ذلك، بالكاد تضمنت منظمة البروليتكولت الصغيرة في أرخانغلسك المحاصرة جوقة. (2)

قاد المسرح كل الأشكال الفنية الأخرى إلى الشعبية، وهي ظاهرة لا تكاد تقتصر على البروليتكولت. فدهش العديد من المثقفين المربكين والنقديين، مثل الكاتب فيكتور شكلوفسكي، من الاهتمام الشعبي بالمسرح بين الطبقات الدنيا في روسيا. “لا أحد يعلم ماذا يفعل مع حلقات الدراما. فهي تنتشر مثل الفطريات. ليس نقص الوقود، أو الغذاء، أو الوفاق- لا شيء يمكنه إيقاف تناميها”. (3) كانت جاذبية المسرح جزئياً بسبب التآلف معه؛ ومهدت الشبكة الواسعة من المسارح الشعبية في نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن الـ 20 الطريق إلى ذلك. كما كانت الدراما شكلاً جماعياً أثبت أنه ملائم على نحو خاص للمهام التحريضية للثورة والحرب الأهلية. وغالباً ما قدمت العروض المسرحية من دون أزياء أو ديكور، تطلب الأمر أكثر بقليل من غرفة وخيال الممثلين والجمهور.

كما ألهمت القطاعات الموسيقية في البروليتكولت العديد من المتابعين. هنا كذلك كان التآلف عامل جذب، حيث كان الغناء الكورالي جزءاً أساسياً من التعليم الابتدائي الروسي. (4) اعتمد بعض البروليتكولتيين بوعي على الموسيقى الشعبية الروسية كوسيلة لجذب المشاركين. بنى آخرون أعمالهم انطلاقاً من الألحان البروليتارية الشعبية التي لعبت دوراً هاماً في الحياة الاجتماعية والتنظيمية للعمال قبل الثورة. (5) كما تطلبت الجوقات، وهي المجموعات الموسيقية الأكثر انتشاراً، موارد قليلة، خاصة إذا كانت أعمالها الموسيقية تعتمد على الأغنيات المعروفة.

كان قسما الأدب والفنون الجميلة أصغر بشكل عام وأقل استقراراً. على عكس المسرح والموسيقى، لم يكن هذان النوعان بطبيعتهما من الفنون الأدائية التي تشجع على مشاركة المجموعة. بدلاً من ذلك، اعتمد الرسم والكتابة على الموهبة الفردية والمبادرة بشكل أكثر مركزية. كما اعتمدا على الورق الثمين، وهو سلعة نادرة خلال الحرب الأهلية. اشتكى أحد المعلمين من صفوف الفنون بسبب عدم وجود ما يكفي من الأقلام والمماحي أو الطلاء، ولم يكن هناك من ورق على الإطلاق. (6) في أغلب الأحوال لم تتمكن حلقات الكتابة في المناطق من نشر أعمالها بسبب النقص بالورق، كما اشتكت من قلة المدرسين المدربين. لم يفتتح البروليتكولت في ريبينسك، الذي احتوى على مسرح حيوي جداً، قسماً أدبياً خلال الحرب الأهلية. “الاستديو [الأدبي] ضروري ولكن لم يبدأ العمل فيه بسبب افتقارنا إلى مدرب جيد”، تأسَّف رئيس المنظمة المحلية. (7)

أساس النشاط الفني للبروليتكولت هو الاستديو أو ورشة العمل، حيث يجتمع الأعضاء لتطوير مهاراتهم الإبداعية. على الرغم من أن القيادة المركزية التي كانت شديدة القلق بشأن شكل ومحتوى عمل الاستديو، لم يكن للحلقات المحلية أي بنية معيارية. عمل البعض وفق مبدأ الصفوف المفتوحة، حيث ينضم المشاركون المهتمون ويخرجون كما يحلو لهم، ولكن طلب البعض الآخر اختباراً وتوصية من أعضاء حاليين في المنظمة. فقد رفضت تقريباً البروليتكولت في موسكو أحد الممثلين العماليين الطموحين في البداية لأن فاحصيه لم يروا في تلاوته لقصيدة للشاعر نيكراسوف حساً فنياً كافياً. (8) تطورت ورشة عمل مسرح بتروغراد بسرعة وفق بنية هرمية. على المستوى القاعدي حيث كانت مجموعات المقاطعات والمصانع، وتليها استديوهات المدن، مفتوحة عن طريق الاختبارات فقط. على مستوى القمة، في مسرح البروليتكولت المركزي، كان يدفع للممثلين الحد الأدنى للأجور لعمال المصانع لقاء مشاركتهم بدوام كامل. (9)

بشكل مثالي، نظمت ورشات العمل بشكل جماعي من قبل الطلاب، الذين وضعوا المناهج الدراسية وحددوا اتجاهاتهم الإبداعية. تكشف التقارير المتفرقة التي تصف الأعمال الداخلية للاستديوهات أن العروض التقديمية الجماعية والنقد كانت وسيلة تربوية شائعة. اعتبر أحد المراقبين المثقفين، بعد مشاهدته لأعضاء الاستديو الأدبي في موسكو يقرأون ويناقشون أعمالهم: “في استديوهات البروليتكولت، تتكون بيئة فنية جديدة، رفاقية، ومتحدة في مثل هذه البيئة… تكون التربة التي تغذي انبثاق فن شاب جديد”. (10) طلبت قيادة البروليتكولت في كوستروما أن يدار استديو المسرح بالكامل من المشاركين. “يجب تبادل المهنية الفنية للمسرح القديم مع عمل مجموعات الدراما البروليتارية”. (11)

على الرغم من هذه الأوصاف للعمل الجماعي، جرى تنظيم العديد من استيودهات البروليتكولت كصفوف فنية تقليدية، حيث درّس المدرسون صفوف الرسم والغناء والتمثيل. درّس فالنتين سميشليايف، خبير مسرحي في البروليتكولت الذي جاء من مسرح موسكو للفنون، طلابه مبادئ ستانيسلافسكي في التمثيل. لعبت معلمة بيانو في كولوغريف دوراً في صفوفها التعليمية واحتفظت بسجل توثيقي لتقييم طلابها. في تامبوف، ألّف الموسيقي فاسيلي بوغلاي أول جوقة للبروليتكولت من بقايا جوقة كنسية. لم يخطط فقط الأغاني التي ستقدمها الجوقة، إنما حضّر لتدريس طلابه مبادئ الاقتصاد السياسي. (12)

في نهاية الحرب الأهلية، تعرضت البروليتكولت لانتقادات شديدة بسبب “أساليبها المخبرية المعزولة”، والتي افتُرِض أنها قطعت عملها عن مجمل السكان بشكل عام. مع ذلك، لم تكن استديوهات البروليتكولت مختبرات بالمعنى الحقيقي للكلمة. بداية، لم تكن المجموعات الفنية مستقرة بما يكفي لتكوين بيئة إبداعية متماسكة. فقد تبدل الموظفون والطلاب بشكل مستمر بسبب التجنيد الإجباري، وأزمات السكن والتدفئة والتمويل غير الأكيد. في موسكو، افتتح أول استديو فني عام 1918، مع 100 طالب تقريباً، ولكن في فصل الشتاء غادر أغلب الطلاب المراكز غير المدفأة. بعد عدة أشهر فقط، لم يبق فيه سوى مجموعة من 25 طالب تحملوا البرد. (13) اشتكى قادة البروليتكولت في مدينة بارفينيف الصغيرة في مقاطعة كوستروما من أن أغلب مدرسيها وطلابها قد تركوا المنظمة للانضمام إلى الجبهة في صيف العام 1919. (14)

تشير كلمة “مختبر” إلى أن عمل الاستديو قد جرت مراقبته بعناية واتقان قبل عرضه، ولكن لم يكن هذا هو الحال. بدلاً من ذلك، قدم المشاركون أعمالهم للجمهور عند كل فرصة. فعلى سبيل المثال، صنعت استديوهات الفن ملصقات ولافتات وشعارات النقابات وساعدت على تزيين القطارات والمراكب التحريضية. في صيف العام 1919 نشرت ورشة العمل في تولا إعلاناً فخوراً أفادت فيه أن طلابها قد رسموا 500 ملصقاً للحزب الشيوعي، و52 ملصقاً لنقابة المعلمين، و3 للتعاونيات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، أنتجوا 100 بورتريه للقادة الثوريين. خصصت البروليتكولت في تامبوف، التي أعطت دروساً في الفنون مكثفة ومتقنة للغاية، كل جهودها لتصميم الملصقات خلال الحرب الأهلية. (15)

فرضت المهام التحريضية الكثير من الانتاج الفني للمنظمة. لم تصنع الاستديوهات المحلية ملصقات ولافتات فقط إنما أيضاً شاركت في المهرجانات الثورية. كانت ورشات عمل البروليتكولت مشاركة بشكل كامل في التحضيرات للذكرى الأولى للثورة عام 1918. في يوم العمال العالمي، تولى البروليتكولتيون ببتروغراد مسؤولية معهد سمولنيي والساحة المحيطة والنقاط الأساسية في احتفالات هذا اليوم. كما خططوا لافتتاح المركز الأساسي، قصر الثقافة البروليتارية، حتى يتزامن مع الاحتفالية. كان مسرح البروليتكولت حاضراً في الذكرى الأولى للثورة. حيث زينت الأجزاء المركزية من المدينة وقدمت الاحتفالات الترفيهية في النقطة المركزية من الاحتفالية، حيث أزاح لينين الستارة عن نصب تذكاري لشهداء الثورة. (16)

لم يقتصر عمل استديوهات البروليتكوت على الجبهة الداخلية، إنما قدمت أعمالها على الجبهة للجيش الأحمر. ونظمت المنظمات الأكبر في بتروغراد وموسكو وتامبوف وتولا “استديوهات جبهوية” مجهزة للغاية بمواد مسرحية وموسيقية مثيرة جالت على الخطوط الأمامية خلال الحرب الأهلية. (17) ذهبت الممثلة الشابة الطموحة، ب.ن. زوبوفا، إلى الجنوب مع بروليتكولت موسكو إلى الجبهة عام 1920. حيث تذكرت مغامراتها بشعور من الإثارة، حتى أنها نامت على أرض محطات القطارات ولم تحصل على ما يكفيها من الطعام. (18) لم تكن هذه الرحلات خالية من المخاطر. فقد قتل كوتيا مغيبروف-شيخان (9 سنوات)، ابن مدير مسرح بروليتكولت بتروغراد، في وقت كانت فرقة مسرح بتروغراد تجول على الجبهة الغربية. (19)

لم يؤدِ هذا النشاط الثقافي الكثيف إلى تحقيق برنامج ثقافي متسق. حتى أكثر المراقبين تعاطفاً لاحظوا الطبيعة التحضيرية والبدائية لأغلب انتاج البروليتكولت خلال الحرب الأهلية. كما ختم أحد المراجعين لمعرض فني أن اللوحات لم تعرض بعد شكلاً جديداً للإبداع الثقافي. بدلاً من ذلك، كانت “التربة السوداء الخصبة التي سينبت منها الفن الجديد”. (20)

البروليتكولت كحاملة للثقافة

من بين كل الانتقادات تجاه البروليتكولت، كانت تهمة العدمية الثقافية هي الأكثر شيوعاً. استمع المراقبون إلى مؤيدي البروليتكولت الأكثر راديكالية وخلصوا إلى أن المنظمة تهدف حقاً إلى التخلص من التراث الثقافي لروسيا والبدء من جديد. وعندما أدرج لينين هذا الاتهام ضمن لائحة خطايا البروليتكولت، بات هذا الاتهام وارداً ضمن معظم الكتابات السوفياتية. (21)

الأكيد هو وجود الراديكاليين في البروليتكولت الذين ادعوا أنهم يرفضون المعرفة المتراكمة من المجتمع ما قبل الثورة. “باسم غدنا سنخلق رفائيل، وندمر المتاحف، ونسحق أزهار الفن”، كتب فلاديمير كيريلوف، في قصيدة “نحن” أشهر قصيدة مرتبطة بالبروليتكولت. (22) مع ذلك، هذا المزاج للتدمير الشديد لا يجسد المنظمة ككل. شجع بوغدانوف، الذي شُوِّهت سمعته في المصادر السوفياتية بوصفه عدمياً خطيراً، العمال على دراسة تراثهم الثقافي بهدف اكتشاف ما هو مهم لهم وما هو ليس كذلك. (23) البرامج التي ساعد على وضعها في كابري وبولونيا ولاحقاً في البروليتكولت احتوت على مكونات تاريخية أساسية مخصصة لتعريف الطلاب بالتقاليد والنقد الثقافي.

الأقوال الجذرية التي قالها بعض المشاركين في البروليتكولت خفف المعتدلون من حدتها عندما اعتبروا أنهم لا يتوقعون بناء ثقافة جديدة من الصفر. “لا يوجد إخوة كبار”، أعلن الكاتب بافيل بيسالكو. “العمل الشعري يجب أن يخلق، وليس أن يدرّس”. ولكنه اعترف بأن الفنان البروليتاري الحقيقي يحتاج إلى معرفة تاريخ الثقافة، والفن. (24) أصر محررو مجلة سمولينسك “العمال والإبداع” بكل فخر أنهم يريدون تدمير ثقافة الماضي غير المجدية بهدف بناء ثقافة أخرى جديدة. مع ذلك، في العدد نفسه أعلن رئيس الاستديو الأدبي عن مسابقة لأفضل سونيت، الشكل الأدبي القديم الجليل، على أن يكون المحكّم أستاذ محلي. (25)

من الأكيد أن تسمية “حاملة الثقافة” كانت ستضر قادة البروليتكولت لأنها تربط مع جهود المثقفين الليبراليين الخيرة. مع ذلك، إن الكثير من عمل المنظمة كان مشابهاً جداً مع أنشطة المراكز الثقافية السابقة للثورة. وكثيراً ما تضمنت الأمسيات تلاوة الشعر، والمسرحيات والأغاني، قراءات تاريخية. عدما قرأ استديو بتروغراد المسرحي قصائد لوالت وايتمان، التي قدمها المخرج مغيبروف ضمن خطاب حول أهمية وايتمان في الأدب العالمي. (26) كما صورت العروض الموسيقية كوسيلة لتدريب ذائقة الجمهور وكانت مترافقة مع قراءات حول حياة الملحن. عملت منشورات البروليتكولت على تعريف الجمهور بكلاسيكيات الموسيقى العالمية، تماماً كما فعلت صحف التعليم الذاتي في مرحلة قبل الثورة. تضمنت منشورات البروليتكولت في تفير مقالات حول أعمال فيكتور هوغو وتيوشيف. احتفلت نشرة كلوغريف “حياة الفنون” بعمل تشيخوف. وحتى مجلة بتروغراد الراديكالية “المستقبل” نشرت نصوصاً قصيرة لوايتمان ودوبروليوبوف، ونيكراسوف. (27)

سيطرت الكلاسيكيات التي كانت شائعة في المسارح العمالية والشعبية قبل الثورة على المسارح المحلية. وأشهر المسرحيات الشعبية كانت لأوستروفسكي، وغوغول، وبعض الأوقات لـ غوركي. على سبيل المثال، تكونت أعمال البروليتكولت في مصنع بوليكوفا أعمالاً لهؤلاء الكتاب إضافة إلى نص لسرفانتس. عام 1918 أعلنت منظمة قرية صغيرة في تامبوف بكل فخر أنها قدمت للتو أول عرض لها من مسرحيات أوستروفسكي. (28)

بالنسبة لأولئك المهتمين بتأسيس مسرح بروليتاري جديد، كان الاعتماد على الأعمال القديمة مخيباً للآمال. مع ذلك، أقر حتى أكثر الخبراء تحطيماً للأيقونات أن البروليتكولتيين يحتاجون إلى معرفة وتقدير بعض الكلاسيكيات. أصر بلاتون كيرجينتسيف، الذي أصدر كتاباً مؤثراً بعنوان المسرح الإبداعي وصدر منه 5 طبعات بين عامي 1918 و1923، على أن المسرح البروليتاري يجب أن يتجنب أعمال ما قبل الثورة قدر الممكن. (29) ولكن بسبب قلة العروض من المسرحيات الجديدة، وضع كذلك لائحة بالعروض للأعمال الكلاسيكية المقبول عرضها. (30) تضمنت إحدى اللوائح، التي وضعت للجنة المسرح السوفياتي في موسكو أعمالاً لأريستوفانيس، وإسخيلوس، وشكسبير ولوب دو فيغا، وشيلر. (31)

حاولت استديوهات البروليتكولت الموسيقية تقديم لطلابها تعليماً واسعاً. درس أشهر الموسيقيين في روسيا في البروليتكولت، من بينهم رينولد غيليار في بتروغراد، وغريغوري ليوبيموف وأرسيني أفراموف في موسكو، ودميتري فاسيليف-بوغلاي في تامبوف. (32) حتى في بلدة صغيرة مثل بيليف كان يدرس فيها أستاذان اللذان درسا سابقاً الكمان والصوت في كونسرفاتوار بتروغراد. (33) أعطت المنظمات المحلية دروساً في النظرية الموسيقية، والغناء الفردي، والتأليف، إلى جانب تدريباً على مجموعة واسعة من الأدوات بدءاً من الكمان وصولاً إلى البالالايكا. في تومبوف، التي طبقت برنامجاً موسيقياً غنياً، كانت دروس العزف على البيانو هي أكثر العروض شعبية على الإطلاق؛ حيث تسجل فيها أكثر من 400 طالب في الأشهر الأولى من عام 1919. (34) على الرغم من أن معظم الجوقات قد اختارت الأغاني الثورية، لكن الكلاسيكيات اختيرت كذلك. تضمنت أمسيات الجوقات أعمالاً لباخ وشومان، وعروضاً أوركسترالية للملحنين الروس الكلاسيكيين مثل موسورغسكي. (35)

في موسكو، شكلت الموسيقى الشعبية أساس التعليم الموسيقي. آمن المدير الأساسي، ألكسندر كاستالسكي، أن الأغاني الشعبية كانت أفضل طريقة لجذب الجماهير على التدرب الموسيقي. (36) وما إن ينجذبون، يتعلم المشاركون إلى آلات الشعبية والكلاسيكية ومجموعة واسعة من الدروس الموسيقية. في بروليتكولت موسكو، كان الطلاب يستطيعون الاختيار بين أنواع مختلفة من النشاطات، من بينها الأوركسترا للآلات الشعبية، وبرنامجاً مثيراً للإعجاب من دروس النظرية الموسيقية، وحفلات الموسيقى الكلاسيكية. (37)

تضمنت استديوهات الفنون الجميلة كذلك عنصراً تاريخياً. فقد كان يأخذ المدرسون طلابهم إلى المتاحف لتفحص الرسمات والتلوين والمنحوتات. تعلم المشاركون في ورش العمل على رسم نماذج للموديلات، والمناظر الطبيعية. كما في الفنون الأخرى، اكتسبت البروليتكوت خدمات أفضل مدرسي الفنون، مثل النحات المشهور سيرغي كونينكوف وأستاذ الفنون المعروف تيموفي كاتوركين. (38) كان البرنامج الفني مثيراً للإعجاب، إذ تضمن دروساً في الرسم البسيط وصولاً إلى دروس في الهندسة المعمارية وتصميم المسارح. (39)

ولإغناء عمل الكتّاب المبتدئين دعمت الأقسام الأدبية سلسلة محاضرات وقراءات. فأعطى استديو تامبوف دروساً في نظرية الخلق الشعري، وصولاً إلى تاريخ الدراما والنثر. وفي موسكو، كان يمكن للطلاب الاختيار بين دروس تاريخ الثقافة، وأدب القرن 19، وتاريخ المسرح، إلى جانب سواها من الدروس الأخرى. (40) كما قدم فلاديسلاف خوداسيفيتش، المحاضر الغضوب للغاية في بروليتكوت موسكو، محاضرات حول أعمال بوشكين. (41)

اتخذ العديد من كتّاب البروليتكولت الطموحين كلاسيكيات القرن الـ 19 كنماذج لهم بدلاً من الموضوعات المحركة للثورة. في صفحات منشورات المقاطعات يمكن للمرء العثور على أعمال قد تبدو بعيدة عن الصراع الاجتماعي للحرب الأهلية. ظهرت قصيدة بعنوان “هنا وهناك”، نشرت في مجلة كولوغريف “حياة الفنون”، كحث لضمائر مثقفي ما قبل الثورة. وقد قارنت بين حياة الأغنياء المنحطة وحياة الفقراء.

هنا- ليلة بلا أمل، ليلة لا تنتهي.

هناك- وليمة عامرة وأحلام رائعة.

أيها الإله العظيم، الرحيم، الأزلي،

متى سنصبح كلنا متساوين؟ (42)

تجنب مؤلفون آخرون السياسة بشكل تام. فقد ألفوا نصوصاً حول الطبيعة، الملبدة بسماء الشتاء والعواصف الرعدية العابرة. كان ليونيد تسينوفسكي، المتعلم الذاتي في مصنع بتروغراد، والمحرض في الجيش الأحمر، والعضو في الحزب الشيوعي والقائد في البروليتكولت. وسط الانتفاضة الثورية من كتب هذه الأسطر:

بخيوط اللؤلؤ تحت حجاب العرس

في ثياب منسوجة بالفضة،

بستان أشجار البتولا الأبيض

تقف مجمدة ثابتة

كما لو أن الحلم سحرها. (43)

أدى انتشار الأشكال [الفنية] ما قبل الثورة في ورش عمل البروليتكولت والمنشورات والعروض العامة إلى عدم تشجيع أولئك الذين أملوا بإيجاد أسس جديدة للعمل الإبداعي الأصلي والمستقل. أحس ليبيديف-بوليانسكي، رئيس البروليتكولت بخيبة أمل من كتابات الصحافة الإقليمية. لم تكن الثورة ضعيفة فقط من الناحية الشكلية، إنما شعر بأنها صورت الثورة بعبارات غير بروليتارية “ديمقراطية بحتة”. (44) خطّأ المستقبليون، الذين اعتبروا أنفسهم المبدعين الحقيقيين للثقافة الثورية، البروليتكولت في كل فرصة بسبب محافظتها الثقافية. (45)

من دون شك، ساعدت استديوهات البروليتكولت على زرع الاحترام للثقافة العالية ماقبل الثورة، وبالتالي ساعدت على رفع من مستوى تلك الثقافة في المجتمع السوفياتي. كتب نيكولاي روسلافيتش، الذي علّم في منظمة موسكو، تقييماً إيجابياً لإنجازات المنظمة عام 1924، بعد فترة طويلة من فقدانها للمصداقية وغرقها في التفاهة النسبية. بحسب وجهة نظره، اجتذبت البروليتكولت أفضل المثقفين وقدمت للجماهير تدريباً فنياً جدياً. “يمكننا القول اليوم عن قناعة إنه يجب منح البروليتكولت شرف إنقاذ الثقافة الفنية الروسية” (46)

مع ذلك، سيكون من الخطأ اعتبار أن البروليتكولتيين قد كانوا مجرد مشاركين في عملية الاستيعاب. حوّل الطلاب من خلال مجهوداتهم المادة الفنية التي تعرفوا إليها. جعل المشاركون الأعمال الفنية “المحافظة” ثورية من خلال وضعها في سياقات جديدة. نقلت مسرحيات أوستروفسكي التي عرضت على خشبة المسرح المفتوح لجنود الجيش الأحمر معنى مختلفاً لذات الأعمال التي قدمتها فرقة محترفة. كان لعرض الفنون بحد ذاته قوة تحررية. كما أوضحت إحدى العاملات من نادي البروليتكولت في كوستروما:

في هذا المبنى الرائع نمضي أفضل أيام حياتنا. نرتاح من العمل اليومي والرعائي، ونتعلم كل ما هو جيد وجدير بالاطلاع عليه، وندرس الأشياء التي لا نعرفها من قبل. أيها العمال الرفاق! تذكروا أننا كنا نعيش كعبيد مضطهدين. لم نكن نعلم ما هي الموسيقى، وما هو الأدب وأشياء كثيرة رائعة. اليوم، في نادينا، ندرس نحن العمال مواضيع لم نكن نعرفها. اليوم نفهم أننا بشر كأي شخص آخر وأن لنا الحق في العيش أكثر من الآخرين حتى، لأن كل شيء صنعناه بأيدينا. (47)

الفن العمالي

من الواضح أنه لم يكن كل البروليتكولتيين راضين عن دراسة ثقافة الماضي؛ أمل العديون بالعثور على فن مميز للطبقة العاملة يمكن أن يجسد روح الاشتراكية. لم تحدد جماليات هذا النوع بشكل واضح، حتى من قبل أكثر المدافعين حماسة عن المنظمة. بالنسبة لبوغدانوف، إن الإبداع البروليتاري سيطور من سيرورة العمل ويعبر عن الروح الجماعية للعمال؛ سيكون مفيداً كوسيلة لتنظيم وتظهير رؤية بروليتارية وحيدة للعالم. ولكن هذه المبادئ منحت القليل من الخطوط التوجيهية سواء للشكل أو للمضمون. (48) ليبيديف-بوليانسكي كان أكثر تحديداً. اعتقد أنه على الفن الجديد التركيز على المدينة ومكان العمل كمكان لقوة البروليتاريا الإبداعية. (49)

جاء الفن العمالي الذي وضعه كتاب ورسامو ومسرحيو البروليتكولت بأشكال مختلفة. كان معظمهم محافظين من الناحية الشكلية ويتبعون المعاير الفنية. ولكن على العكس من الكلاسيكيات، ألف فنانو البروليتكولت القصائد والأغاني والمسرحيات واللوحات التي أشادت بقوة وفضائل البروليتاريا المنتصرة وصورت مستقبل الثورة بعبارات التجليل والتعظيم. سمّت الكتابات النقدية خلال الـ 1920ات والـ 1930ات، التي سعت إلى المزيد من الواقعية أو المزيد من الابتكار، هذا النوع من الفن اسم “الرومانسية الثورية”. (50)

جرى تطوير هذا الأسلوب الاحتفالي بشكل أفضل في الأدب، حيث بدأ العديد من العمال-الكتّاب بنشر سيرهم قبل الثورة. ساعد أشهر كتاب البروليتكولت المعروفين أمثال: بافيل بيسالكو، ميخائيل غيراسيموف، فلاديمير كيريلوف، أليكسي ساموبيتنيك-ماشيروف، وإيليا سادوفيف، على تحديد اتجاهات الأدب العمالي خلال الحرب الأهلية. لم تكن أعمالهم متجانسة، أو فريدة من نوعها. لاحظ العديد من النقاد الأدبيين تأثيراً ليرمونتوف ونيكراسوف وفيرخارين، ووايتمان، وبريوسوف، وبلوك، وماياكوفسكي على إبداعات البروليتكولت. (51)

رغم ذلك، تناول المؤلفون موضوعات مشتركة جعلت من أعمالهم متميزة. كانت الثورة مركزية في كتاباتهم. وجرى تقديمها بصيغة مهرجان حققه البروليتاريا. نظروا إلى المستقبل المجيد الذي ستطلقه الاشتراكية. الأهم، أنهم استعملوا أعمالهم لمدح العمال والتجمعات العمالية، وفي كثير من الأحيان بلغة ابتكارية ومبالغ فيها. كان العمال جبابرة وعمالقة وسادة قادرين على كل شيء. كما كتب فلاديمير كيريلوف في قصيدته “إلى البروليتاريا”:

يا حاكم العالم المتعدد الأوجه

إيمانك العمالي، سبب قوتك

تحت قميصك الداكن، في قلبك الصارم

تحمل شمس حياة جديدة. (52)

تجسدت ضمن كتابات البروليتكولت رموز التقدم والجمال التي دلّت على حياة العمال الصناعيين، وهذا ما يتضح في عناوين العديد من القصائد “زهور الفولاذ” (غيراسيموف)، “المسيح الفولاذي” (كيريلوف)، “آلة الفردوس” (ساموبيتنيك-ماشيروف)، “ننمو من الفولاذ” (غاستيف). كانت الصور الصناعية سائدة لدرجة أن أحد النقاد المعاصرين سمى أعمال الكتاب البروليتاريين بـ”الآلية”. (53)

هيمن أدب هذا الجيل الأقدم من كتاب البروليتكولت على أهم المجلات في العاصمتين واحتل مكانة أساسية في منشورات الأقاليم كذلك. نظر الكتاب الجدد الطموحين إلى إبداعات زملائهم الراسخين، الذين أخذوا مهامهم التعليمية على محمل الجد. نشر مجلس تحرير مجلة بتروغراد “المستقبل”، المتألف من بيسالكو، كالينين، كيريلوف وساموبيتنيك-ماشيروف، ردهم الدال على خيانة الكتاب لحسّهم بالهدف [أن تكون الكتابة برولتيارية] وكذلك على شعورهم بالتفوق. “وفروا وقتكم ووقتنا، أيها الرفاق”، كتبوا في الإعلان، “لا جدوى من تضييع الوقت في قراءة أو كتابة قصائد مثل القصائد التي أرسلتوها، الضعيفة للغاية”. غالباً ما استعمل الكتاب الصور القديمة، ولكن أغلب الانتقادات كانت توجه ضد النصوص المصنفة “غير بروليتارية”. جرى تحذير شخص يتحسر على مصيره، “إنها مهمة يائسة أيها الرفيق. النضال ضد القدر هو كالصراع مع طواحين الهواء. تؤمن البروليتاريا بقوة العقل الجماعي، وليس بالقدر”. كما سخروا من آخر أرسل قصيدة بعنوان “إلى روحي المرهقة” فبحسب رأي المحررين، لن ينشر هذا الهراء الفكري في صفحات جريدة بروليتارية. (54)

كما استعملت الصور الصناعية المهمة بالنسبة إلى الجيل الأول من الكتاب في البروليتكولت في المقاطعات. في أسماء المجلات مثل “نور المصانع” و”المطرقة”، و”فرننا”، أشاد كتاب المقاطعات بالمصانع، بالتعاون العمالي، والمستقبل المجيد للاشتراكية، الذي ستبنيه أيادي العمال. وكما كتب البروليتكولتي ساراتوف:

ها هي الأيدي الخشنة!

المكابس الضخمة

التي تخرق أعماق الأرض

بأصابع فولاذية حمراء!

ها هي الأيدي الخشنة!

التي ستبني المنازل

من أجل الحرية، الفن والعلم

حيث لا ألم أو معاناة. (55)

جرى استعمال الشعر البروليتاري كأنموذج لأشكال فنية أخرى. من أوائل مسرحيات البروليتكولت، كانت مسرحية فجر البروليتكولت لفاسيلي إغناتوف، والتي كانت في الواقع مجموعة من القصائد الشعبية التي ربطتها شخصيات رمزية، من بينها فتاة صغيرة ترتدي ملابس حمراء تمثل الحزب الشيوعي. (56) كما لحنت القصائد المعروفة جداً لخلق ما سمي بـ”الأناشيد الثورية”، وهي طريقة مفضلة عند بروليتكولت بتروغراد. وخلال افتتاح المبنى الأساسي لبروليتكولت بتروغراد يوم 1 أيار/مايو 1918، قدمت الجوقة، بقيادة المؤلف يانيس أوزولين، “قصر العمال” من كلمات ألكسندر بومورسكي، و”أول أيار” من كلمات كيريلوف. (57) كذلك كان قائد البروليتكولت المركزي فيدور كالينين معجباً بهذه المقاربة وأراد أن تشكل الأناشيد الثورية أساس المنهج البروليتكولتي الموسيقي. (58)

كما عمل كتاب البروليتكولت في كتابة المسرحيات، وابتكروا أعمالاً تحريضية وملهمة تجسد نضالات العمال في الثورة والحرب الأهلية. إحدى أنجح الأعمال كانت عامل البناء لـ بافيل بيسالكو، الذي درس مع لوناتشارسكي في باريس. (59) كانت المسرحية حكاية مجازية عن مهندس معماري يهندس البنايات الشاهقة والعامل الذي ينفذ المخططات. يخشى المهندس من الارتفاعات ويموت في محاولة التغلب على مخاوفه. وعندما بدأت الثورة، تولى عامل البناء، الذي بات يدرس النظرية المعمارية، وظيفة صاحب عمله السابق. بدأ ببناء “برج الكومونة”، برج بابل الثوري الذي سينهي الانقسامات الوطنية بين العمال ويكون ملهماً للغة عالمية واحدة تجمعهم. ناقشت المسرحية موضوعات عزيزة على قلوب منظري البروليتكولت، من بينها حاجة العمال إلى تولي مهام المثقفين. كما يقول أحد أبطال المسرحية “من الجيد أنك درست فن البناء. سيثق بك العمال خلال بناء البرج. أنت لنا، نحن نفتخر بأنك واحد منا”. (60) تنتهي المسرحية حين يصعد عامل البناء إلى أعلى المبنى لوضع العلم الأحمر. كانت المسرحية مفضلة في منظمات البروليتكولت، وقد جرى تقديمها كنموذج للارتجال المسرحي في الجيش الأحمر. (61)

أصبح فاليريان بليتنيف، القائد المهم في موسكو ورئيس منظمة البروليتكولت المركزية بعد عام 1920، أحد أشهر الكتاب المسرحيين في المنظمة. كانت موضوعاته تركز على تاريخ النضال العمالي وتطور الحركة الثورية في روسيا. عام 1921، باتت مسرحيات بليتنيف أنموذجاً معيارياً في العديد من المنظمات الإقليمية والنوادي العمالية. (62) ومن أشهر أعماله: “المنتقم”، وهي قصة بطولية عن التضحية الذاتية خلال الأيام الأخيرة من كومونة باريس المستوحاة من أعمال الكاتب الفرنسي ليون كلاديل؛ و”إضرابات”، المستندة إلى قصة كتبها ألكسي غاستيف عن الشباب الذين شاركوا في إضراب عمالي بروسيا قبل الثورة؛ و”غير محتمل ولكن ممكن”، عن مهزلة الحكومة المؤقتة؛ ولينا، عن حياة العمال خلال الإضراب الذي أدى إلى مذبحة لينا. (63)

باتت الحرب الأهلية نفسها موضوع دراما البروليتكولت. كتب بافيل أرسكي، من منظمة بتروغراد، مسرحية تحريضية قصيرة، بعنوان من أجل السوفيتات الحمراء، صورت هجوماً شنته الجيوش البيضاء على قرية فلاحية ومعاملتهم الوحشية للنساء والأطفال. وقد استخدمتها فرقة بتروغراد والجيش الأحمر للتشجيع على عدم الانشقاق. (64) وعندما ذهبت منظمة موسكو إلى الجبهة البولندية عام 1920، ابتكر الاستديو المسافر مسرحية خاصة، بان بونيا، لفضح فساد ملّاك الأراضي البولنديين. (65)

كالمجموعات المسرحية، سارعت المجموعات الموسيقية لاستكشاف الأعمال الموسيقية الثورية المناسبة. أدت الجوقات أغنيات نضالية عمالية من فترة ما قبل الثورة، مثل: “الراية الحمراء”، و”بجرأة حافظوا على خطواتكم، رفاق”، (66) إلى جانب “الأممية” و”المارسيليز”. كما ابتكروا كلمات جديدة لألحان معروفة. على سبيل المثال، قدم أرسكي أبياتاً جديدة يمكن أن تغنى مع لحن “نشيد الأممية”:

انهض، كل كادح في روسيا

انهض، يا عملاقنا، يا عملاقنا

لكم- كل الجماهير العمالية.

لكم- عمال كل البلاد. (67)

كما كتب فاسيليف-بوغلاي رسالة سياسية مثيرة عبر ألحان الأغنية الشعبية الغجرية “الأكاسيا البيضاء”. (68)

في الفنون المرئية، حاول العديد من المشاركين في البروليتكولت اكتشاف أسلوب بسيطة وواقعي يعتمد على موضوعات عمالية. “جسد العامل، هنا هو المثل الأعلى للنحت المستقبلي”، نقرأ في إحدى التفسيرات للجماليات البروليتارية. (69) عرّف واحد من المدرسين المثقفين في استديو ساراتوف الفن العمالي كتعبير عن المحتوى الضخم من خلال أشكال واضحة وبسيطة. بحسب وجهة نظره، تنامى هذا النهج بشكل عضوي من تجارب حياة العمال. “اليد العريضة لكل عامل ترسم بالفحم على الورق بشكل حاسم وحيوي، تعجن بقوة وجرأة الطين وتمزقه. ليس من الصعب شرح السمات المتعلقة بالعمال. فمنذ طفولة الحدادين والنجارين والبنائين صنعوا من الخشب أو الحديد وأعطوها الأشكال الضرورية”. (70)

على الرغم من اعتقاد الكثيرين أن الواقعية هي الشكل المناسب للإبداع البروليتاري، حاول النقاد المتعاطفون التمييز بين الواقعية البروليتارية والأنماط المسيطرة على فنون القرن الـ 19. وبحسب كلمات أستاذ الفنون أ.أ. سيدوروف: “واقعية البروليتكولت هي بالطبع ليست نوعاً مفصلاً، يرتبط بالطبيعة. في وجوه الصور وألوان المناظر الطبيعية، نلاحظ جهداً في التسيّد على الطبيعة، لإخضاع الطبيعة لخطط [العمال]”. (71) وقدم غيره نقداً صادقاً أكثر لأعمال البروليتكولتيين. فقد لاحظ البروليتكولتي ليف بومبيانسكي، في نقد لمعرض بتروغراد للفن البروليتاري، الطبيعة البدائية للكثير من اللوحات، ولكن وجّه كذلك الكثير من التشجيع. في أعمال الجنود والبحارة والمحررين ودهاني البيوت رأى بومبيانسكي معالم من الطبيعية والانطباعية وتقليد لوبوك للفن الروسي. كما تأثر على نحو خاص بعمل فنان واحد، وهو حمّال يدعى أندرييف، استحضرت لوحاته الأسلوب الشعبي الساذج للفنانَين هنري روسو وناتاليا غونشاروفا. (72)

في بحثهم عن أشكال بروليتارية فريدة، رفض العديد من المشاركين بشدة المسارات الفنية المرتبطة بطبقات غريبة. الخبير المسرحي، بلاتون كيرجينتسيف، كان ناقداً حاداً للأوبرا والباليه “البرجوازيتين”، وقد تردد صدى المشاعر في بعض منشورات البروليتكولت. (73) فقد كان بوريس كراسين من موسكو قلقاً من أن العمال سيُفسَدون من الذوق الموسيقي “البرجوازي الصغير” للطبقات الدنيا، وخاصة الأغاني الغجرية الشعبية. (74)

استنكر الكتاب المسرحيون الأعمال الفنية “التافهة” من قبل العديد من المسارح المحلية، من بينها المهرجانات ووسائل الترفيه الفكاهية. أعطت هذه الآراء نبرة أخلاقية ورقابية للعديد من تصريحات البروليتكولت حول الجماليات ولكنها لم تفرض محتوى العمل المحلي. (75)

ألقى نقاد فن البروليتكولت أكثر هجماتهم الشرسة على “المستقبلية” وهو مصطلح شامل يطبق بشكل عشوائي (وغير دقيق) على الانطباعية والتكعيبية والأشكال الفنية غير التكوينية وأنواع متعددة من التجارب الأدبية والمسرحية. رفضت هذه الأنماط ليس لأنها كانت جديدة إنما لأنها كانت قديمة؛ وقد بدأت قبل الثورة وروج لها “الفنانون البرجوازيون”، ما جعل منها أشكالاً غير مناسبة للبروليتاريا. (76) كان النقد المتكرر للبروليتكولت هو أن الأشكال المستقبلية كانت صعبة للغاية حتى يفهمها العمال. كتب المثقف إيليا ترينين: “أولاً وقبل كل شيء، كمجموع إيجابي للحساسيات والمشاعر والتجارب، الفن البروليتاري هو فن واضح ومفهوم للجميع”. (77) لا يمكن للفن الادعاء أن يكون جماعياً إذا كان ليس مفهوماً.

لم تلقَ الجهود المبذولة لإقامة فن عمالي استقبالاً عالمياً من قبل المجتمع الفني. وجد النقاد الكثير من أعمال البروليتكولت أعمال هواة وانتقائية وانشقاقية للغاية. (78) كان الهدم الأكثر اكتمالاً على يد المستقبليين المشؤومين، الذين لم يجدوا شيئاً جديداً له قيمة في عمل البروليتكولت. أصر دافيد ستيرينبيرغ على أن الطليعة العمالية المدعية كانت تعيد استعمال الكليشيات المرهقة المتعلقة بالبطولة والواقعية. لخلق فن بروليتاري حقيقي، يحتاج المرء إلى أكثر من مجرد حكايات عن العمال. كان المكون الأساسي شكلاً فنياً جديداً ومبتكراً وثورياً. (79) على الرغم من النزاعات بين المستقبليين والبروليتكولت، إنما كانت رسالة أخَذَها على الأقل بعض المشاركين على محمل الجد.

التجارب الثورية

لم تكن العلاقة المعقدة بين الشكل الفني والمحتوى موضوعاً مركزياً للفنانين البروليتكولتيين والنقاد خلال السنوات السوفياتية الأولى. بالفعل، بدا أن العديد من المشاركين اعتقدوا أن الفن ذو المضمون الثوري- كلمات جديدة للأغاني القديمة، صور جديدة في القصائد أو السونيتات، أو حتى المسرحيات القديمة ضمن سياق جديد- كان تعبيراً كافياً عن الروح البروليتارية. أصر بوغدانوف، المناهض للابتكار الأسلوبي، على أن الفن الاشتركي الحقيقي يكون “بسيطاً بالشكل إنما كبيراً في المضمون”. وقد احتج على أعمال بعض الفنانين البروليتاريين التي كانت معقدة من ناحية الأسلوب حتى أن المثقفين واجهوا صعوبة في فهمها. (80) واعتقد إيليا ترينين، المعارض بدوره للتجربة، أن الفن البروليتاري يعني قبل كل شيء ثورة في المضمون. ومن الأخير ينبثق الشكل الجديد في النهاية. (81)

رغم ذلك، كانت أقلية صاخبة في المنظمة مقتنعة بأن الرسائل الثورية بحاجة إلى طرق مبتكرة للتعبير [عنها]. وقد سعت إلى أشكال جديدة يمكن أن تميزها عن انتاج الطبقات الأخرى. في مجال الموسيقى، مثلاً، افتتحت بروليتكولت موسكو قسماً علمياً وتقنياً للموسيقيين الاختباريين مثل أرسيني أفراموف ونيكولاي روزلافيتس اللذين عملا على اختراع مقياس من 17 نوتة. كما درسا استعمال الأدوات الصناعية كأدوات مستَبقين احتفالات صفارات المصانع التي رعتها جزئياً البروليتكولت خلال احتفالات ذكرى الثورة عام 1923. (83) أقام استديو الموسيقى المحلي في بينزا “حفلاً جماعياً” من دون قائد عام 1920، وقد كانت أولى الأوركسترات من دون قائد موسيقي، والتي اكتسبت شعبية في وقت لاحق في تلك الأيام. (83)

حاولت الحلقات الأدبية مشاريع الكتابة الجماعية، وهو مشروع نال تأييداً كبيراً من المنظمة المركزية. أنتج استديو موسكو قصيدة جماعية بعنوان “في ذكرى الشهداء” الذين قتلوا في الهجوم على مركز الحزب في موسكو في شتاء عام 1919. (84) عمل ميخائيل غيراسيموف إلى جانب سيرغي إيسينين وسيرغي كليشكزف لتأليف قصيدة في مناسبة الاحتفال بنصب سيرغي كونينكوف مهداة إلى شهداء الثورة. وقد لحنت القصيدة وغنتها جوقة بروليتكولت موسكو خلال إزاحة الستارة عن النصب في تشرين الثاني/نوفمبر 1918. (85)

كما جربت ورش العمل المسرحية الأعمال الجماعية. كتب الأعضاء في ريبينسك وأخرجوا وعرضوا مسرحية تحريضية بعنوان “لا تذهب”، التي تصور مواجهة جندي من الجيش الأحمر مع زوجته التي لا تريد منه الذهاب للقتال في الحرب الأهلية. استشهد القادة المركزيون مراراً بهذه المسرحية كأفضل مثل للإبداع الجماعي، وباتت جزءاً أساسياً من الأعمال المسرحية للبروليتكولت. (86) في نادي ساراتوف للمسرح أقيمت أمسيات ارتجالية. فكان الجمهور يهتف موضوعات معينة مثل: “الاستيلاء على شقة”، أو “لماذا صرت شيوعياً” فيمثلها أعضاء الاستديو على خشبة المسرح. (87) بات الارتجال أساس كل العمل المسرحي في نوادي البروليتكولت خلال السياسة الاقتصادية الجديدة؛ وجرى تشجيع الأعضاء على إقامة مسرحياتهم التمثيلية وإجراء محاكمات صورية حول مشاكل الحياة اليومية. (88)

كانت القراءات الجماعية ابتكاراً آخر استعملته استديوهات الدراما، وهو حل لمشكلة مجموع الأعمال الفنية والإعداد الضعيف لطلاب البروليتكولت في العروض العامة. كان قائد بروليتكولت بتروغراد، مغيبروف، من أكثر المتحمسين لهذه التقنية. وقد كيّف مادة غير درامية للمسرح وحوّل الشعر إلى نصوص متقنة إلى جانب تصميم رقصات مفصلة حقاً. قرأ الأفراد أجزاء قصيرة من القصائد، ولكن الأغلبية العظمى من العمل أنجزته الجوقة. وقد أشاد مغيبروف بهذا العمل حيث اعتبره شكلاً فنياً جماعياً فريداً. (89)

أطلقت استديوهات موسكو المسرحية تجاربها الخاصة، وافتتحت قسماً لحركة “الفن البلاستيكي النغمي” عام 1920 واستناداً إلى التدريب الجسماني الصارم والقراءات الجماعية، هدفت حركة “الفن البلاستيكي النغمي” إلى تثقيف الممثلين للعمل معاً كمجموعة، ورفض الأساليب الفردية في مسرح ستانيسلافسكي. في نهاية عام 1920، قدم سيرغي أيزينتاين، الذي بات لاحقاً مخرجاً سينمائياً، نظام البيوميكانيك للمخرج الطليعي فسيفولود مايرهولد. فقد جعل الحركة المتكاملة والتحكم الواعي بالجسد، بدلاً من الشعور غير الواعي، أساس التمثيل. لم تنشأ التقنيتان في البروليتكولت. طوّر مايرهولد المبادئ الأساسية للبيوميكانيك قبل سنوات من الثورة، واعتمد “الفن البلاستيكي النغمي” على أفكار الملحن ومصمم الرقصات السويسري إميل جاك دالكروز. (90) مع ذلك، رأى البروليتكولتيون التقنيتين طريقة لخلق مسرح جماعي جديد.

على الرغم من الإدانات الواسعة النطاق للمستقبلية، أنتجت الحلقات المحلية أعمالاً “مستقبلية”. قاد القسم الفني القصير العمر في بروليتكولت بارهول، نيكولاي تارابوكين، الذي تأثر بأعمال ماليفيتش وألتمان. عندما ذهب تارابوكين إلى موسكو للعمل في معهد الناركومبروس التجريبي للثقافة الفنية، بات مدرساً كذلك في بروليتكولت موسكو. (91) قاد القسم الفني في ساراتوف، الفنان الطليعي ف. لويستينسكي، الذي آمن بأنه على البروليتاريا أن تجد أشكالاً فنية جديدة. وقد صمم الغلاف التجريدي بالكامل لمجلة بروليتكولت ساراتوف، بعنوان “موجات”. (92) نالت هذه المجلة، وخاصة غلافها، نقداً سيئاً جداً في مجلة الثقافة البروليتارية بسبب “ميولها المستقبلية”. على الرغم من هذا النقد، لم تغير منظمة ساراتوف من اتجاهها. في تقرير صدر عام 1920 اشتكى أحد المشاركين “لا أعرف لماذا وصموا استديوهاتنا الفنية بالمستقبلية. يجب أن يكونوا سعداء لأن طلابنا لا يطلبون مدرسين من المدرسة القديمة”. (93)

وجد بعض طلاب البروليتكولت طريقهم إلى الأساليب الحديثة بأنفسهم. اندهشت فلاحة شابة عملت مع تيوموفي كاتوركين في بيليف من رسمات بيكاسو وماتيس التي اكتشفتها في مؤتمر دعيت إليه بموسكو. أقنعها هذا الاكتشاف للدراسة في فرنسا، حيث باتت في النهاية رسامة محترفة وتزوجت فرناند ليجي [الكلام يدور هنا عن الفنانة ناديا خوداسيفيتش]. (94) وأصبح العضو في بروليتكولت موسكو، ألكسندر زوغرين، أحد أكثر فناني المنظمة شهرة. على الرغم من أن مدرسيه كانوا واقعيين، أظهرت أعماله أحياناً تأثره بالتكعيبية. وقد زينت نقوشه وأعماله اللينوكوتية أغلفة وصفحات مجلات مثل “الفرن” و”اخترع” و”اختراع”، بالإضافة إلى أغلفة كتب العديد من مجموعات القصائد البروليتارية. (95)

حظيت التجارب الفنية قبولاً واسعاً عندما دعمت البروليتكولت- موسكو الانتاج الفني، وهو الاتجاه الذي اقترحته أولغا روزانوفا بداية عام 1918. (96) بدلاً من صناعة أشياء نادرة للمتاحف أو لتزيين المساحات الخاصة، اعتقد المدافعون عن هذا الاتجاه أن الفنانين البروليتاريين يجب أن يوجهوا اتجاههم نحو المجال العام. يجب إضفاء حسٍ جمالي على الانتاج الجماهيري للأشياء المخصصة للاستعمال العام، مثل المنسوجات والأثاث. (97)

في العدد الأول من “الفرن”، الذي صدر في منتصف عام 1918، فسر استديو الفن في موسكو أن الهدف الأول من فن الانتاج كان دمج الخلق الفني والصناعة. كان يجب على النقابات أن ترسل إلى البروليتكولت عمالاً موهوبين الذين يريدون التدرب على المهارات الفنية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمهنتهم. سيتعلم البناؤون الهندسة المعمارية والنساجون تصميم المنسوجات. (98) مثل هذه الدروس ستؤدي إلى نهاية الأشكال “البرجوازية” الفنية مثل فن المتاحف وفن الحامل، كما جادل بوريس أرفاتوف، أحد أبرز المنظرين لهذه الجمالية البراغماتية. بات مشاركاً في البروليتكولت بموسكو عام 1919 وتحت تأثيره تحولت استديوهات الفن على نحو متزايد نحو التصميم العملاني والصناعي. (99)

جذب فن الانتاج البروليتكولتيون لأنه كان راسخاً في المصنع، ما منحه سمعة بروليتارية طيبة. تهدف هذه المقاربة إلى دمج الفن في الحياة اليومية، وتحقيق وعد البروليتكولت بتغيير وظيفة الفن في المجتمع. رفض أنصار هذا الاتجاه النفعي جداً التحديد الصارم بين الفن والحياة كما بين الفنانين وبقية المنتجين. من خلال التركيز على الأشياء ذات الاستعمالات الاجتماعية الواضحة، من بينها البوسترات واللافتات، ساعد فن الانتاج على تبرير تركيز البروليتكولت على الأعمال التحريضية.

بداية، ضمت بعض استديوهات موسكو فن الانتاج، ولكنها اكتسبت تأثيراً ثابتاً. عام 1919 حثت آنا دودونوفا المنظمة الوطنية على متابعة هذا الاتجاه في كل البرامج الفنية. وقد زعمت أن العديد من ورش العمل هي في خطر لأنها كانت معرضة لخطر اعتماد “نهج الحِرَفية” في الفن. وبدلاً من الاستمرار وفق النمط القديم، كان ضرورياً ربط الفن بالصناعة. (100) في النهاية، جرى قبول فن الانتاج باعتباره المنصة الجمالية الرسمية للبروليتكولت، وهي خطوة قاومتها العديد من الحلقات المحلية التي وجدتها نفعية للغاية وباردة. (101) على الرغم من أن هذه المقاربة لم تهيمن تماماً على الممارسات المحلية، لكن تأييد البروليتكولت المركزية كشف عن تقارب المنظمة مع الطليعة، وهو رابط بات قوياً فقط خلال الـ 1920ات.

إتقان فني واحتراف

خلال السنوات السوفياتية الأولى كانت البروليتكولت مؤسسة ثقافية حيوية بشكل واضح، وكانت كذلك انتقائية. لم يكن لها أي اتجاه جمالي موحد. في شبكات استديوهاتها المترامية ونواديها أنتج بعضها فناً محافظاً وبعضها الآخر أكثر الإبداعات الثقافية راديكالية. لكن تواجد مصدر ارتباك آخر. إذ لم يتمكن المشاركون من تحديد الهدف الدقيق للمنظمة. بالنسبة للعديد من الحلقات المحلية كانت البروليتكولت بمثابة برنامج تدريب ثقافي شامل للطبقات الدنيا. وقد عارض أعضاء آخرون هذه النظرة الشاملة إذ كانوا يأملون بأن تستقطب البروليتكولت الطلاب الأكثر موهبة بالمهارات والموارد اللازمة لاكتشاف ثقافة المستقبل.

جاءت بعض أقسى الانتقادات لأعمال البروليتكولت من داخل صفوفها. أعرب المشاركون عن قلقهم من تدني نوعية الانتاج والضعف في برنامج التدريب المحلي. كما خشوا من أن تؤدي المطالب المستمرة بتنظيم العروض التحريضية إلى خفض المعايير الفنية. وكما أعرب قائد موسكو أرفاتوف بكل حزن في أواخر عام 1920، “من المضحك قول هذا، لكن هذا هو الواقع: حتى الآن لم تقدم البروليتاريا حتى أداءً واحداً بالطريقة التي يجب تقديمها بها”. (102)

أحد الحلول الواضحة لهذه المشكلات هو توجيه الموارد المحدودة للمنظمة نحو عدد أقل من الطلاب، الذين سيتلقون تعليماً أكثر كثافة مما يمكن أن توفره البرامج النموذجية. وقد نشب خلاف في موسكو في بداية عام 1919 حول إقامة ورش عمل متخصصة لطلاب المنح الدراسية وقد أطلق ذلك نقاشاً وطنياً واسع النطاق حول مسألة “الاحتراف”. (103) هل يجب على البروليتكولت السماح لكل أعضائه متابعة مصالحهم الثقافية إلى جانب انشغالاتهم العادية؟ أو يجب بدلاً من ذلك مساعدة العمال الأكثر موهبة من خلال تحريرهم من وظائفهم وتزويدهم بالمهارات حتى يصبحوا فنانين احترافيين؟ حاجج أعداء الاحتراف بأن الفنانين العماليين أخذوا إلهامهم من المصنع. ويجب عليهم عدم التخلي عن مصدر القوة هذا، ولا ينبغي عليهم أن يبتعدوا عن كتلة العمال الواسعة. رد أولئك من الجهة الأخرى من الحجة أن ذلك سيؤدي إلى إغراق البروليتاريين الطموحين بالرداءة إذا اضطروا إلى البقاء في مهنهم. من دون الاهتمام بدوام كامل لتطوّرهم الثقافي، لن يحصلوا مطلقاً على التحضير الكافي لإقامة فن يمكن أن ينافس فن بقية الطبقات.

كان انعدام الثقة بأصحاب الامتيازات الهرمية واسع الانتشار في البروليتكولت، وأثارت الاحترافية العديد من الاعتراضات العاطفية. ندد أحد الكتاب في مجلة سامارا “نور المصانع” بمفهوم العبقرية الفنية نفسه باعتباره من بقايا الرأسمالية. كان الهدف من الثورة هو إبراز الإمكانات الإبداعية في الجميع. أصر منظمو بروليتكولت كوستروما الراديكاليون جداً على أن الثقافة البروليتارية هي انتاج الطبقة العاملة بكاملها، وليس عن طريق “الفرديين” الذين يتعلمون خارج صفوف طبقتهم. (104) وأشار أحد مشجعي المسرح في تامبوف أن الطريقة القديمة لرفع الفنان فوق الجماهير جرى تجاوزها. “إلى جانب المسرح القديم، الممثل القديم، أي “الممثل الببغاء”، قد اختفوا. وسيحل مكانه الممثل المخترع، الممثل الهاوي”. استعمل المؤلف مصطلح الهواة بمعنى إيجابي. (105)

مع ذلك، قدمت البرامج الانتقائية مثل المنح الدراسية إجابات سهلة للمجموعات المحلية التي تواجه مشاكل مالية وتغيّر الطلاب بشكل مستمر. جذبت مثل هذه الأساليب أكثر أعضاء الاستديو طموحاً، الذين كانوا قلقين من أن تتغاضى المنظمة عن احتياجاتهم. اشتكى أحد العمال المشاركين في استديو موسكو الأدبي، إيفان إيروشين، من أنه بعد قضاء يوم في المصنع لا يبقى لديه الطاقة الكافية للدروس الليلية في البروليتكولت. برأيه لم يختلط العمل الجسدي والعقلي. “دعونا نعيش مع فننا حتى يتشربه عقلنا ودمنا، وكل روحنا، ومن ثم يمكننا ضرب أقوى سلاح في أيدي العدو”. (106)

حتى قبل حلّ قضية الاحتراف بشكل رسمي، تركت مجموعة من المؤلفين العماليين المنظمة وأسسوا منظمة منافسة، حيث اتهموا البروليتكولت بأنها لم تستجب بشكل كافٍ لمتطلباتهم المهنية. في شباط/فبراير 1920، افتتح ميخائيل غيراسيموف حلقة للأدب البروليتاري تحت رعاية الناركومبروس وأخذ معه 5 شعراء من موسكو. وبحسب هؤلاء الشعراء، إن البروليتكولت أعاقت نموهم الإبداعي لأنها أضعفت التدريب الرسمي وتجاهلت المطالب الخاصة بالأكثر موهبة. وقد أسس غيراسيموف من موقعه في الناركومبروس مجلة جديدة بعنوان “المسبكة”، وجمع حوله مجموعة من الكتاب. عرفت هذه المجموعة باسم “سميثي” أو “كوزنيتسي”. (107) واستعملت المجموعة قسم الناركومبروس كقاعدة لتوسيع خطط الكتاب البروليتاريين الذين يريدون تكريس أنفسهم لصالح المؤلفين المحترفين من الطبقة العاملة.

في البداية، لم يهدد هذا الانشقاق البروليتكولت بشكل كبير. انضم العديد من الكتاب الموهوبين، من بينهم كيريلوف وساموبيتنيك-ماشيروف، إلى “سميثي” ولكنهم لم يقطعوا صلاتهم مع البروليتكولت. ولكن بحلول الوقت الذي وضع فيه أساس الاتحاد الجديد، توصلت المجموعتان إلى حل وسط غير سهل. لن يحاول الاتحاد [سيميثي] منافسة البروليتكولت أو الإطاحة بها؛ بدلاً من ذلك سيكرس نفسه بالدرجة الأولى لقضايا مهنية منفصلة، مثل جداول المدفوعات. في المقابل، تمنحه اللجنة المركزية للبروليتكولت دعماً معنوياً ومادياً محدوداً. (108) على الرغم من هذه التسوية، أوضح هذا الاشتباك بشكل واضح مدى ضعف ارتباط أتباع البروليتكولت ببعضهم البعض. كان الخلاف حول التدريب المهني كافياً لتقسيم المنظمة.

أخيراً، وضع الاحتراف على جدول الأعمال الوطني في مؤتمر عام 1920، وهو حدث مثّل نقطة تحول في النقاش حول البرامج الفنية. ألقى لوناتشارسكي الخطاب الأساسي حول هذا الموضوع المثير للجدل، محاججاً أن الأيديولوجيا البروليتارية قد انتشرت بالفعل في الحياة السوفياتية لدرجة أنه ليس منطقياً تقييد الفنانين العماليين الطموحين في المصنع. مع ذلك، حذّر من أن احتراف العمال لن يأخذ نفس الشكل [من ذاك السائد] في ظل الرأسمالية. هذا لا يعني أن المنظمة ستتخلى عن التزامها تجاه الجماهير. (109)

لم يكن هذا الأمر قراراً منعزلاً. كما أعطى مندوبو المؤتمر موافقتهم الرسمية للمنظمات المحلية الراغبة في رعاية استديوهات فنية متميزة وبرامج المنح الدراسية. إضافة إلى أن المندوبين دعموا تكوين استديو وطني انتقائي للبروليتكولت في موسكو بحيث يبدأ بالعمل في مجال المسرح. هنا، كذلك، تضمن القرار نبرة حذرة إلى حد ما. أحد المنظمين، ستيفان كريفتسوف، طلب أن يلتزم طلاب المنح الدراسية بالمشاركة في العمل النقابي والحزبي للاحتفاظ بروابطهم الطبقية. (110)

رافقت مطالب الجودة والخبرة الفنية العالية هذا التأييد للاحترافية. وقد جاء قرار مؤتمر عام 1920 حول الأدب على الشكل التالي: “الابتعاد عن التفكك والهواتية لصالح الإتقان والاحتراف”. كما أبدى المؤتمر المشاعر نفسها تجاه الموسيقى والمسرح والفنون البصرية كذلك. (111) في بيان شامل عن الفنون صدر نهاية العام 1920 أعلن قادة اللجنة المركزية: “يجب على كل الطلاب أن يعلموا أنه من دون فهم آليات الفن، وبدون إتقان، سيكون تعبيرهم الإبداعي ضعيفاً، وغالباً ما سيكتشفون أميركا المكتشفة بالفعل”. (112)

إلى جانب الدعوات للإتقان الفني جاءت التأكيدات الأكثر وضوحاً حول نوع الفن الذي يجب أن يتبعه البروليتكولتيون. ستؤمن الحركة تدريباً صارماً في الاستديو، ولكن الوظيفة الأساسية كانت إنتاج الفن الإبداعي الأصيل. ستنتج استديوهات الفنون البصرية اللافتات والديكورات، وتنفيذ مبادئ الإنتاج الفني. ستكتب الاستديوهات الأدبية كلمات الأغاني، والمسرحيات الجديدة والشعارات التحريضية للمهرجانات. ستؤلف ورش العمل الموسيقية الأعمال الفنية للمهرجانات. وأخيراً، ستتخيل الحلقات المسرحية الأعمال المسرحية الجديدة والبروليتارية. (113) على الرغم من أن هذه الاقتراحات كانت أقل بكثير من الجمالية المنهجية، إلا أنها أظهرت أن القيادة المركزية كانت حريصة لتخليص البروليتكولت من الانتقائية الثقافية. كما كانت خطوة واضحة بعيداً عن إحدى أهم وظائف البروليتكولت خلال الحرب الأهلية- إتاحة الفرصة أمام الجمهور الواسع والمتنوع التعرف على الكلاسيكيات الروسية وأدائها.

كان الاحتراف نتيجة منطقية لالتزام البروليتكولت إزاء النخبة البروليتارية. وبحسب كلمات إحدى قرارات اللجنة المركزية: “إذا لم نخشَ من أن البروليتاريا ستنتقل من عملها إلى إدارة الحكومة، إذاً، لا داعي للقلق لأن تخصص العمال في الإبداع الفني لن يؤدي إلى انشقاقهم عن طبقتهم”. (114) من خلال تبني هذا الاتجاه، انتهجت البروليتكولت كذلك الأنماط التي انتهجتها بقية المؤسسات الثورية. واجهت الدعوة إلى المساواة واللامركزية في الجيش وبيروقراطية الدولة والحزب الشيوعي الهزيمة في نهاية الحرب الأهلية. (115) ما هو لافت للاهتمام في هذه الحالة هو الطبيعة المتناقضة للبروليتكولت. أوضح الأعضاء أنهم يريدون نوعاً جديداً من الفنانين المحترفين، أشخاص لا يفقدون الصلة بالشعب العامل. ولكن مع ذلك، من خلال التأكيد على المعايير المهنية حدَّت القيادة من مساهمات أولئك الذين كتبوا ومثلوا وألفوا ورسموا بعد ساعات العمل- أولئك المتعطشين، الذين بنوا المنظمة طوال سنوات الحرب الأهلية.

حاول البروليتكولتيون اكتشاف أشكال جديدة من التعبير الفني من دون مخططات جاهزة تخبرهم ما عليهم فعله. إن حقيقة عدم ظهور أي نوع مميز من الفن البروليتاري من خلال مجهودهم ليس أمراً مفاجئاً. اختبر البروليتكولتيون مجموعة متنوعة من المقاربات الفنية، وبفعلهم ذلك تلقوا مساعدة من فريق عمل محترف مثير للإعجاب. مع ذلك، لم تكن المنظمة حافزاً لخلق ثقافة بروليتارية فريدة؛ بدلاً من ذلك كانت مرآة تعكس العالم الثقافي غير المتجانس للسنوات السوفياتية الأولى.

كان التنوع الثقافي للمنظمة مصدر قلق للعديد من الأعضاء خاصة القادة الوطنيين، الذين بدأوا بتقييد نطاق عملها مع نهاية الحرب الأهلية. فقد قدموا دعمهم لبرنامج مختص، مثل فن الانتاج، والذي يتناقض مع أذواق بعض المنتسبين المحليين. في الوقت عينه، أقروا برامج المنح الدراسية واستديوهات النخبة لإعطاء تدريب جدي لقلة مختارة. كان كل ذلك طرقاً لتحسين الانتاج الثقافي للمنظمة؛ مع ذلك، ضيقوا من نطاقها الجمالي والاجتماعي. حتى قبل أن تبدأ منظمة البروليتكولت بالانهيار مع بدء تطبيق السياسة الاقتصادية الجديدة، وهو انهيار عجّلت فيه الهجمات السياسية عليها ونقص التمويل، إلى جانب تبنيها لبرنامج يحد من جاذبيتها الشعبية. (116) لقد تراجعت عن خلق ثقافة بروليتارية لصالح الأكثر موهبة، لصالح الفنانين والمثقفين الذين ادعوا الصفة البروليتارية ولكنهم كانوا قد تركوا خلفهم سماء المصانع التي يملؤها الدخان.

الهوامش:

[1] I discuss these projects in the next chapter.

[2] “Iz otcheta Tul’skogo gubernskogo Proletkul’ta,” Proletarskoe stroitel’stvo , no. 2 (1919), p. 27; and the report of the Archangel music division in 1921, Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv Literatury i Iskusslva [henceforth cited as TsGALI] f. 1230, op. 1, d. 145, ll. 3–3 ob.

[3] Viktor Shklovskii, Khod konia: Sbornik statei (Berlin, 1923), p. 59. For additional commentary on the importance of theater see Serge Wolkonsky, My Reminiscences , trans. A. E. Chamot (London, 1924), vol. 2, p. 219; and Marc Slonim, Russian Theater from the Empire to the Soviets (Cleveland, 1961), p. 241.

[4] Jeffrey Brooks, When Russia Learned to Read (Princeton, 1985), p. 50.

[5] On prerevolutionary workers’ songs see A. I. Nutrikhin, ed., Pesni russkikh rabochikh (vosemnadtsatyi-nachalo dvadtsatogo veka) (Moscow and Leningrad, 1962), pp. 5–38. For a description of songs in the context of factory life see Semen Kanatchikov, A Radical Worker in Tsarist Russia , trans, and ed. Reginald E. Zelnik (Stanford, 1986), pp. 19, 37–38, 48–49.

[6] Report from the Kologriv Proletkult, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, l.11 ob.

[7] From a 1919 questionnaire, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, l. 6.

[8] V. Grigorev, “Nikolai Sedel’nikov v studii,” Tvori! , no. 3/4 (1921), pp. 52–53.

[9] A.A. Mgebrov, Zhizn’ v teatre (Moscow and Leningrad, 1933), vol. 2, pp. 408–10.

[10] M. T., “V Moskovskom Proletkul’te,” Narodnoe prosveshchenie , no. 32 (1919), p. 20.

[11] “Organizatsiia Kostromskogo Proletkul’ta,” Sbornik Kostromskogo Proletkul’ta , no. 1 (1919), p. 109.

[12] V. Smyshliaev, “Opyt instsenirovka stikhotvoreniia Verkharna ‘Vosstanie,’ ” Gorn , no. 2 (1919), pp. 82–90; a report by the Kologriv instructor Rozova, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, ll. 79–82; and Dmitrii Vasil’ev-Buglai, “Na fronte v 1918 godu,” Sovetskaia muzyka , no. 2 (1940), pp. 12–15.

[13] E. Lozovaia, “O raionnom Moskovskom Proletkul’te,” Vestnik zhizni , no. 6/7 (1919), p. 141.

[14] Report to the central organization, July 29, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1279, l. 33.

[15] “Iz otcheta Tul’skogo gubernskogo Proletkul’ta o studiinykh i obshe- organizatsionnykh rabotakh,” Proletarskoe stroitel’stvo , no. 2 (1919), pp. 27–28; and V. Mikhailov, Khudozhniki Tambovskogo kraia: Istoricheskii ocherk razvitiia izobrazitel’nogo iskusstva na Tambovshchine (Leningrad, 1976), pp. 45–46.

[16] On festivals in general see Christel Lane, The Rites of Rulers: Ritual in Industrial Society (New York, 1981), pp. 161–66; and James R. von Geldern, Festivals of the Revolution, 1917–1920 (forthcoming), especially chapters 1 and 2. On Proletkult involvement see A. Raikhenstein, “1 maia i 7 noiabria 1918 goda v Moskve,” in Agitatsionno-massovoe iskusstvo pervykh let Oktiabria , ed. E. A. Speranskaia (Moscow, 1971), pp. 129–30; I. Rostovtseva, “Uchastie khudozhnikov v organizatsii i provedenii prazdnikov 1 maia i 7 noiabria v Petrograde v 1918 godu,” in ibid., pp. 40, 63–64; and Vasilii Ignatov, “Otkrytie Dvortsa Proletarskoi Kul’tury,” Griadushchee , no. 3 (1918), pp. 4–5.

[17] “Petrogradskii Proletkul’t,” Griadushchee , no. 7/8 (1919), p. 30; Griadushchaia kul’tura , no. 6/7 (1919), pp. 1–2, 28; and “Proletkul’t i front,” Tvori! , no. 1, (1920), p. 19.

[18] “Vospominaniia P. N. Zubovoi,” TsGALI f. 1230, op. 2, d. 14, ll.4–5.

[19] A. Gutorovich, “A korolevu otpravim v kabak!” Teatral’naia zhizn’ , no. 14 (1966), p. 21.

[20] I. Iasinskii, “Vystavka avtodidaktov,” Griadushchee , no. 4 (1918), inside front cover.

[21] V. V. Gorbunov, the foremost Soviet scholar on the Proletkult, calls nihilism one of its major failings, V. I. Lenin i Proletkul’t (Moscow, 1974), p. 5. See also G. K. Fedotova, “Prakticheskaia deiatel’nost’ Proletkul’ta v oblasti khudozhestvennoi samodeiatel’nosti,” Sbornik trudov Moskovskogo gosudarstvennogo instituta kul’tury , vol. 23 (1973), p. 136; R. V. Kandaura, “Bor’ba V. I. Lenina i partii protiv vliianiia A. A. Bogdanova na Proletkul’t,” in Iskusstvo soiuznykh respublik k piatidesiati-letiiu obrazovaniia SSSR (Leningrad, 1972), pp. 35–39; and S. I. Martynova, “Problema kollektivizma v literaturnykh sporakh 20-kh godov,” in Problema lichnosti i obshchestva v sovremennoi literature i iskusstve , ed. S. M. Petrov, V. I. Borshchukov, and A. V. Karaganov (Moscow, 1967), pp. 70–75. For a Western study that emphasizes the Proletkult’s rejection of Russia’s cultural heritage see John E. Bowlt, “Russian Art in the Nineteen Twenties,” Soviet Studies , vol. 22, no. 4 (1971), pp. 578–79.

[22] Vladimir Kirillov, “My,” in Stikhotvoreniia i poemy , by Vladimir Kirillov (Moscow, 1970), p. 35.

[23] See A. A. Bogdanov, “Proletariat i iskusstvo,” Protokoly pervoi Vserossiiskoi konferentsii proletarskikh kul’turno-prosvetitel’nykh organizatsii, 15–20 sentiabria, 1918 g. , ed. P. I. Lebedev-Polianskii (Moscow, 1918), p. 76; and idem, O proletarskoi kul’ture, 1904–1924 (Moscow, 1924), pp. 142–57.

[24] P. Bessal’ko, “O forme i soderzhanii,” Griadushchee , no. 4 (1918), p. 4. [25] “Ot redaktsii,” and “Kuznitsa poetov,” Trud i tvorchestvo , no. 1 (1919), pp. 22, 17–18.

[26] Severnaia Kommuna , August 2, 1918, p. 4.

[27] Proletkul’t (Tver), no. 3/4 (1919), pp. 22–25, 28–29; Zhizn’ iskusstv , no. 3 (1918), pp. 29–31; and Griadushchee , no. 5 (1918), p. 12; no. 9 (1918), pp. 17–18; no. 7/8 (1919), pp. 25–27.

[28] On Polekova see a 1920 questionnaire, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, l. 51; and on Tambov see “Khronika Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 9/10 (1919), p. 59; no. 15/16 (1920), pp. 81–82.

[29] P. M. Kerzhentsev, Tvorcheskii teatr , (Moscow, 1918), pp. 77–82, 95– 110; and idem, Revoliutsiia i teatr (Moscow, 1918), pp. 34–36.

[30] Kerzhentsev, Revoliutsiia i teatr , p. 48; and Protokoly pervoi konferentsii , pp. 45–46, 122.

[31] “Spisok p’es, rekomendovannykh Moskovskoi repertuarnoi komissiei,” Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv RSFSR [henceforth cited as TsGA RSFSR] f. 2306, op. 2, d. 357, ll. 38–38 ob. For provincial lists see Zori , no. 1 (1918), pp. 17–18 and TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1279, ll. 24–24 ob.

[32] For biographies of these Proletkult instructors see Muzykal’naia entsiklopediia (Moscow, 1973–1981).

[33] V.V. Gorbunov, “Oktiabr’ i nachalo kul’turnoi revoliutsii na mestakh,” in Velikii Oktiabr’ , ed. Iu. A. Poliakov (Moscow, 1978), p. 72; and Rubezhi , no. 1 (1922), p. 82.

[34] Griadushchaia kul’tura , no. 4/5 (1919), pp. 25–26.

[35] A. M. S., “O muzykal’nykh programmakh,” Proletarskaia kul’tura (Tiflis), no. 1 (1919), p. 23; and “Tverskii Proletkul’t,” TsGALI f. 1230, op. l, d. 1525, l.11.

[36] A.D. Kastal’skii, “K voprosu ob organizatsii muzykal’nykh zaniatii v tsentral’noi studii Moskovskogo Proletkul’ta,” in Muzykal’naia zhizn’ Moskvy , ed. S. R. Stepanova (Moscow, 1972), pp. 283–84; and B. Krasin, “Zadachi muzykal’nogo otdela,” Gorn , no. 1 (1918), p. 59.

[37] See Roslavets’s report on the Moscow Proletkult’s music division in July 1920 in Stepanova, Muzykal’naia zhizn’ Moskvy , p. 291.

[38] On Konenkov see Gorn , no. 2/3 (1919), p. 127; on Katurkin see the delegate list to the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144, l. 127.

[39] Griadushchaia kul’tura , no. 3 (1919), p. 25; and Proletkul’t (Tver), no. 1/2 (1919), p. 45.

[40] On Tambov see Griadushchaia kul’tura , no. 4/5 (1919), inside back cover; on Moscow see N. Pavlovich, “Rabota literaturno-izdatel’skogo otdela,” Gorn , no. 1 (1918), pp. 44–45.

[41] V. Khodasevich, Literaturnye stat’i i vospominaniia (New York, 1954), pp. 325–31.

[42] Chaika, “Zdes’ i tam,” Zhizn’ iskusstv , no. 3 (1918), p. 7.

[43] L. Tsinovskii, “Sad,” Tsvety truda (Archangel, 1922), p. 10. On Tsinovskii’s background see “Lichnaia anketa,” TsGALI f. 1230, op. 1, d, 118, ll. 60–61.

[44] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Polianskii, pseud.], “Poeziia sovetskoi provintsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), pp. 43–49, 56–57.

[45] See, for example, O. M. Brik, “Nalet na futurizm,” Iskusstvo kommuny , no. 10 (1919), p. 3.

[46] Nikolai Roslavets, “Sero’ let Oktiabria v muzyke,” Muzykal’naia kul’tura , no, 3 (1924), pp. 184–86, quotation p. 184.

[47] V. Pashkina, in “Vpechatleniia rabochikh ot klubnoi zhizni,” Sbornik Kostromskogo Proletkul’ta , no. 1 (1919), p. 38.

[48] See A. A. Bogdanov, “Chto takoe proletarskaia poeziia,” Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), pp. 12–22; idem, “Proletariat i iskusstvo,” Protokoly pervoi konferentsii , pp. 72–79; and idem, O proletarskoi kul’ture , pp. 104– 99.

[49] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Polianskii, pseud.], “Motivy rabochei poezii,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), pp. 1–12.

[50] See, for example, A. Voronskii, “O gruppe pisatelei ‘Kuznitsa, ” Krasnaia nov ‘, no. 13 (1923), pp. 297–312; A. Lezhnev, “Proletkul’t i proletarskoe iskusstvo,” Krasnaia nov’ , no. 19 (1924), pp. 272–87, no. 20 (1924), pp. 268–82; and V. Sytyrin, “O blagorodnykh predkakh, neblagorodnykh potomkakh,” Na literaturnom postu , no. 3 (1930), pp. 15–30.

[51] I. S. Eventov, ed., Poeziia v bol’shevistskikh izdaniiakh, 1901–1917 (Leningrad, 1967), pp. 39–40; K. V. Driagin, Pateticheskaia lirika proletarskikh poetov ephokhi voennogo kommunizma (Viatka, 1933), pp. 93–119; and Martynova, “Problema kollektivizma,” pp. 59–68.

[52] Vladimir Kirillov, “Proletariatu,” in Stikhotvoreniia i poemy , by Vladimir Kirillov, p. 33.

[53] L. N. Kleinbort, Ocherki narodnoi literatury, 1880–1923 gg.: Belletristiki (Leningrad, 1924), p. 267.

[54] Griadushchee , no. 1 (1919), p. 24; no. 2/3 (1919), p. 32.

[55] Sergei Stradnyi, “Ruki,” from Pod Oktiabrem , a Saratov Proletkult publication, reprinted in Z. S. Papernyi and R. A. Shatseva, eds., Proletarskie poety pervykh let sovetskoi epokhi (Leningrad, 1959), pp. 452– 53.

[56] L. Tamashin, Sovetskaia dramaturgiia v gody grazhdanskoi voiny (Moscow, 1961), pp. 44, 52.

[57] V. Ignatov, “Otkrytie Dvortsa Proletarskoi Kul’tury,” Griadushchee , no. 3 (1918), pp. 4–5.

[58] Proletkult central committee meeting, July 5, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, ll.71 ob.–72.

[59] Bessalko, who died of typhus in early 1920, is commemorated in A. V. Lunacharsky, Revolutionary Silhouettes , trans, and ed. Michael Glenny (New York, 1968), pp. 149–53.

[60] P. Bessal’ko, Kamenshchik, Plamia , no. 33 (1918), pp. 2–7, quotation p. 6.

[61] A. Z. Iufit, ed., Russkii sovetskii teatr, 1917–1921: Dokumenty i materialy (Leningrad, 1968), pp. 318–19.

[62] See local Proletkult questionnaires sent to the center in 1921, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 118, ll. 27, 46, 9; and A. K. Kolesova, “Prakticheskaia deiatel’nost’ rabochego kluba v 1917–1920 godakh,” Uchenye zapiski Moskovskogo gosudarstvennogo instituta kul’tury , vol. 17 (1968), p. 244.

[63] V. F. Pletnev, Lena (Rostov on Don, 1921); idem, Mstitel ‘ (Moscow, 1922); idem, Neveroiatno, no vozmozhno (Moscow, 1921); and idem, Stachki (Moscow, 1921).

[64] Pavel Arskii, Za krasnye sovety , in Pervye sovetskie p’esy , ed. V. F. Pimenov (Moscow, 1958), pp. 489–99; and L. A. Pinegina, Sovetskii rabochii klass i khudozhestvennaia kul’tura, 1917–1932 (Moscow, 1984), p. 203.

[65] S. Margolin, Pervyi Rabochii teatr Proletkul’ta (Moscow, 1930), p. 24. [66] These songs were first published in the late nineteenth century, Nutrikhin, Pesni russkikh rabochikh , pp. 191–94, 227.

[67] Pavel Arskii, “Gimn,” Plamia , no. 2 (1918), p. 7.

[68] Vasil’ev-Buglai, “Na fronte,” p. 14.

[69] “Khronika Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1918), p. 31.

[70] Instruktor, “V studiiakh izobrazitel’nykh iskusstv,” Zarevo zavodov , no. 2 (1919), p. 55.

[71] A. A. S. [A. A. Sidorov], “Vystavka Moskovskogo Proletkul’ta,” Tvorchestvo , no. 7/10 (1920), p. 45.

[72] Lev Pumpianskii, “Iskusstvo i sovremennost’. Ocherk tretii: Proletarskie khudozhniki,” Plamia , no. 39 (1919), pp. 10–14, especially p. 12.

[73] Kerzhentsev, Revoliutsiia i teatr , pp. 30–31; Pinegina, Sovetskii rabochii klass , p. 109.

[74] Protokoly pervoi konferentsii , p. 46.

[75] The Petrograd Proletkult, for example, sponsored an opera workshop taught by professional singers, Griadushchee , no. 7/8 (1920), p. 22.

[76] See F. I. Kalinin, “O futurizme,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), pp. 41–43; P. Bessal’ko, “Futurizm i proletarskaia kul’tura,” Griadushchee , no. 10 (1918), pp. 10–12; S. Kluben, “Proletkul’t i komfut,” Griadushchaia kul’tura , no. 4/5 (1919), pp. 14–17; I. Trainin, “Proletarskoe iskusstvo i futurizm,” Zarevo zavodov , no. 2 (1919), pp. 29–37; S. Spasskii, “Itogi futurizma,” ibid., pp. 42–45; K. Mikhailov, “Izobrazitel’noe iskusstvo i futurizm,” ibid., pp. 52–54; Karl Ozol’-Prednek, “Proletarskoe iskusstvo— revoliutsionnoe iskusstvo,” Proletkul’t (Tver), no. 1 (1919), pp. 26–29; L. T[oom], “Eshche slovo o futurizme,” Vzmakhi , no. 1 (1919), p. 115; O. Olenev, “Nakonets-to,” Gudki , no. 1 (1919), pp. 17–19; Vak, “Teatr Moskovskogo soyeta,” Gudki , no. 2 (1919), pp. 19–20; and Vladimir Chumarev, “O prirode futurizma,” Zori griadushchego , no. 5 (1922), pp. 117–24. The articles by Sergei Spasskii and Lidiia Toom were guarded defenses of futurism. For further discussions of this debate see Bengt Jangfeldt, Majakovskij and Futurism, 1917–1921 (Stockholm, 1976), pp. 74– 84 and Gerd Wilbert, ” ‘Linke’ Kunst und Proletkul’t in Sovetrussland, 1918– 1919,” in Von der Revolution zum Scriftstellerkongress: Entwicklungsstrukturen und Funktionsbestimmungen der russischen Literatur und Kultur zwischen 1917 und 1934 , ed. G. Erler et al. (Berlin, 1979), pp. 230–47.

[77] I. Trainin, “Proletarskoe iskusstvo i futurizm,” Zarevo zavodov , no. 2 (1919), p. 36.

[78] See, for example, L. Kleinbort’s comments on Proletkult art exhibits in I. Matsa, L. Reingardt, and L. Rempel’, eds., Sovetskoe iskusstvo za 15 let: Materialy i dokumentatsii (Moscow, 1933), pp. 51–53.

[79] D. P. Sterenberg, “Kritikam iz Proletkul’ta,” Iskusstvo kommuny , no. 10 (1919), p. 30. See also O. M. Brik, “Dovol’no soglashatel’stva!” ibid., no. 6 (1919), p. 1.

[80] “Zasedaniia pervogo Vserossiiskogo soveshchaniia proletarskikh pisatelei,” May 10, 1920, TsGALI f. 1638 [Vsesoiuznoe obshchestvo proletarskikh pisatelei “Kuznitsa”], op. 3, d. 1, ll.1–2. See also “Pervyi Vserossiiskii s”ezd proletarskikh pisatelei,” Kuznitsa, no. 7 (1920), p. 35.

[81] I. Trainin, “Proletarskoe iskusstvo i futurizm,” Zarevo zavodov , no. 2 (1919), p. 36.

[82] “Iz otcheta uchenogo sekretariia Nauchno-technicheskogo podotdela,” in Stepanova, Muzykarnaia zhizn’ Moskvy , pp. 292–94; and Arsenii Avraamov, “Simfoniia gudkov,” Gorn , no. 9 (1923), pp. 109–16.

[83] Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), p. 89.

[84] “Pamiati pogibshikh,” in Papernyi and Shatseva, Proletarskie poety , p. 423.

[85] M. Gerasimov, S. Esenin, and S. Klychkov, “Kantata,” Zarevo zavodov , no. 1 (1919), pp. 24–25; and Raikhenstein, “1 maia i 7 noiabria 1918 goda v Moskve,” p. 102.

[86] “Khronika Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 20/21 (1921), p. 53; and V. Smyshliaev, “Rabota teatral ‘nogo sektsii,” Biulleten’ vtorogo s”ezda Proletkul’tov , no. 2 (1921), p. 32.

[87] Proletarskaia kul’tura , no. 15/16 (1920), p. 79. [88] See Chapter 8.

[89] Mgebrov, Zhizn’ v teatre , vol. 2, pp. 321–31, esp. p. 323. See von Geldern, Festivals , chapter 1, for a description of Mgebrov’s first collective reading.

[90] See Marjorie L. Hoover, Meyerhold: The Art of the Conscious Theater (Amherst, 1974), pp. 75–91; and D. Zolotnitskii, Zori teatral’nogo Oktiabria (Leningrad, 1976), pp. 344–59.

[91] V. L. Soskin, Ocherki istorii kul’tury Sibiri v gody revoliutsii i grazhdanskoi voiny (Novosibirsk, 1965), pp. 254–55. Tarabukin became an important contributor to the Proletkult journal published during the New Economic Policy, Rabochii klub .

[92] On V. Iustinskii see E. Speranskaia, “Materialy k istorii oformleniia pervykh revoliutsionnykh prazdnestv v Saratove i Nizhnem Novgorode,” in Agitatsionno-massovoe iskusstvo pervykh let Oktiabria , ed. E. A. Speranskaia (Moscow, 1971), pp. 144, 152–53, 156.

[93] “Doklad otdela izobrazitel’nykh iskusstv,” Vzmakhi , no. 2 (1920), p. 81.

[94] Maksim Vladimirov, “Chudesa chelovecheskie,” Nedelia , no. 32 (1974), pp. 6–7.

[95] V. Khmeleva, “Khudozhnik-rabochii A. I. Zugrin,” Rabochii zhurnal , no. 3/4 (1924), pp. 139–43, esp. p. 141; and N. Tarabukin, “Proletarskii khudozhnik,” ibid., pp. 135–38.

[96] On Rozanova’s involvement in the Proletkult see Camilla Gray, The Russian Experiment in Art, 1868–1922 (London, 1976), p. 245; and Christina Lodder, Russian Constructivism (New Haven, 1983), p. 259.

[97] See Lodder, Russian Constructivism , pp. 75–76, 103.

[98] “Plan organizatsii izobrazitel’nogo otdela Moskovskogo proletariata,” Gorn , no. 1 (1918), pp. 66–67.

[99] On Arvatov see Hans Günther and Karla Hielscher, “Zur proletarischen Produktionskunst Boris I. Arvatovs,” in Kunst und Produktion , by Boris Arvatov, ed. and trans. H. Günther and K. Hielscher (Munich, 1972), pp. 116–33.

[100] Protocol from the July 5, 1919, central committee meeting, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, ll.52–53 ob.

[101] See the resolutions on art at the 1920 and 1921 national gatherings, “Rezoliutsii sektsii izobrazitel’nykh iskusstv,” Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), pp. 81–82; “Proletkul’t i ego zadachi v izobrazitel’nom iskusstve,” Biulleten’ vtorogo s”ezda , no. 2, pp. 40–51, esp. pp. 45–46; and the discussions at the June 1922 national plenum, TsGA RSFSR f. 2313, op.1, d. 19, ll.29–30.

[102] B. Arvatov, “Na povorote,” Tvori! , no. 1 (1920), p. 12.

[103] V. Pletnev, “O professionalizme,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), pp. 31–37; P. M. Kerzhentsev, “Metody raboty Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1919), p. 20; idem, “O professionalizme,” Gorn , no. 2/3 (1920), pp. 69–70; Ivan Eroshin, “O professionalizme v iskusstve,” Gudki , no. 5 (1919), pp. 15–17; and F. Kalinin, “O professionalizme rabochikh v iskusstve,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), pp. 29–31. For an expanded discussion see Lynn Mally, “Egalitarian and Elitist Visions of Cultural Transformation: The Debate in the Proletkul’t Movement,” in Culture et révolution , ed. Marc Ferro and Sheila Fitzpatrick (Paris, 1989), pp. 137–46.

[104] V. Libert, “Proletarskoe iskusstvo,” Zarevo zavodov , no. 2 (1919), pp. 27–29; and “Organizatsiia Kostromskogo Proletkul’ta,” Sbornik Kostrornskogo Proletkul’ta , no. 1 (1919), p. 107.

[105] R., “O revoliutsii teatra,” Griadushchaia kul’tura , no. 4/5 (1919), p. 22.

[106] Ivan Eroshin, “O professionalizme v iskusstve,” Gudki , no. 5 (1919), pp. 15–17, quotation p. 17.

[107] On the Kuznitsy see Edward J. Brown, The Proletarian Episode in Russian Literature, 1928–1932 (New York, 1953), pp. 8–13; L. M. Farber, Sovetskaia literatura pervykh let revoliutsii, 1917–1920 gg. (Moscow, 1966), pp. 94–105; Barbara Kerneck, “Die Lyriker der ‘Kuznica,’ 1920–1922: Entstehung und Auflösung einer Gruppe,” in Von der Revolution zum Schriftstellerkongress , ed. G. Erler et al. (Berlin, 1979), pp. 269–89; Robert A. Maguire, Red Virgin Soil: Soviet Literature in the 1920’s (Princeton, 1968), pp. 156–59; N. V. Zakharchenko, ” ‘Kuznitsa’ i Proletkul’t,” in Pisatel’ i literaturnyi protsess , ed. I. M. Toibin (Dushanbe, 1974), vol. 2, pp. 27–46; idem, “Kogda i kak obrazovalas’ ‘Kuznitsa,”‘ Filologicheskie nauki , no. 4 (1973), pp. 15–27; and Viacheslav Zavalishin, Early Soviet Writers (New York, 1958), part 3.

[108] “Pervyi s”ezd proletarskikh pisatelei,” Kuznitsa , no. 7 (1920), pp. 32– 34.

[109] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Kunavin, pseud.], “Vserossiiskii s”ezd Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), p. 75; and A. Lunacharskii, “O professionalizme rabochikh v iskusstve,” ibid, p. 80.

[110] “Tezisy toy. V. V. Ignatova po organizatsii Tsentral’noi Areny Proletarskogo Tvorchestva,” TsGALI f. 963 [Gosudarstvennyi teatr imeni V. Meierkhol’da], op. 2, d. 58, l. 3; and S. Krivtsov, Rezoliutsiia organizatsionnoi sektsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), p. 83.

[111] Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), pp. 80–82, quotation p. 80.

[112] “Blizhaishchie zadachi Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 20/21 (1921), pp. 27–35, quotation p. 30.

[113] Ibid.

[114] “Tretii s”ezd Vserossiiskogo soveta Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 13/14 (1920), p. 86.

[115] See Mark von Hagen, The Red Army and the Revolution (forthcoming), chapters 2 and 3; and Robert Service, The Bolshevik Party in Revolution, 1917–1923: A Study in Organizational Change (London, 1979), pp. 134–58.

[116] See Gabriele Gorzka, A. Bogdanov und der russische Proletkult (Frankfurt am Main, 1980), pp. 46–59.