ستون عاما من الاجرام الثامن من شباط وقطار الليبرالية الامريكي


قاسم علي فنجان
2023 / 2 / 9 - 13:53     

"الفاشية هي أكثر اشكال الرأسمالية عريّا ووقاحة وقمعا وخداعا" برتولت بريخت.

دور قذر وقبيح قامت به الدول الليبرالية "أمريكا وبريطانيا" في انقلاب الثامن من شباط 1963، فقد اجرت اتصالات مكثفة قبل الانقلاب واعطت التفاصيل الدقيقة لقادة الانقلاب، بل انها أسست إذاعة في الكويت تذيع بها أسماء قادة الأحزاب اليسارية، لملاحقتهم وقتلهم؛ وقد "صرح رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية محمد حسنين هيكل بناء على تصريحات العاهل الأردني الملك حسين أن "وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، كانت على صلة مع البعثيين العراقيين، وأبلغتهم عبر قناة اتصال سرية، بأسماء وعناوين الشيوعيين العراقيين"، حتى روبرت كومر عضو مجلس الامن القومي الأمريكي ومستشار الرئيس جون كندي قال بصريح العبارة ان "الانقلاب مكسب لنا".

كان روجر الن السفير البريطاني في ذلك الوقت يبعث تقاريره حول الانقلاب، فبعد أسبوع من الانقلاب أرسل تقريرا يقول فيه ان الأمور "عادت تقريباً الى وضع طبيعي"، معبراً عن أمله في ان تكون "فترة الشعور بالإحباط" في ظل عبد الكريم قاسم قد انتهت، وأن "يكون هناك أفق لعمل بنّاء نسبياً هنا".

في أطروحة ماجستير قدمها الطالب الأمريكي "وليم زيمان" عام 2006، والتي جاءت تحت عنوان "التدخل السري في العراق خلال الفترة من 1958-1963، جذور تغيير النظام في العراق الحديث بدعم من الولايات المتحدة الامريكية"، في هذه الاطروحة الشيقة جدا يحفر وليم زيمان بالتاريخ ليكشف لنا نشاط وكالة المخابرات المركزية الامريكية ودورها في قيادة انقلاب شباط 1963، ودورهم في إبادة الشيوعيين واليساريين؛ حتى انه يذكر الاجتماع الذي دار بين عبد الكريم قاسم وبين السفير الأمريكي والدمار جي غولمان، الذي اقنع قاسم بعدم وجود أي نشاط للمخابرات الامريكية، مع ان قاسم كان لديه قناعة تامة بتحركات تلك العناصر.

يذكر زيمان أيضا ان هناك مذكرة بعث بها أحد ضباط المخابرات الامريكية الى واشنطن يقول فيها "انه من المقرر القيام بانقلاب تنفذه عناصر من الجيش العراقي مدعومة من عبد الناصر في الفترة الواقعة 2-5 اذار 1959"، وهو ما حصل بالفعل بانقلاب الشواف في الموصل؛ اما مدير ال "سي آي أي" في ذلك الوقت دالاس فقد قال "يبدو إننا نواجه خياراً بين الشيوعية أو الناصرية وإن الأخيرة تبدو أهون الشرين".

لقد ارادت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا حماية الليبرالية وصيانتها ونشرها في كل الدول التي أحسوا بأنها ستصبح "شمولية" "اندونيسيا 1965، السودان 1971، تشيلي 1973؛ لا بأس بالمجازر ونشر حكومات ذيلية وتابعة لهم، لا بأس بنشر التخلف والهمجية، لا بأس بنهب ثروات تلك البلدان، لا بأس بنشر القوى الدينية والطائفية والعشائرية، لا بأس بنشر الفوضى "الخلاقة"؛ كل شيء يهون من اجل نشر الأفكار والقيم الليبرالية.

((لقد كانت سيقان الناس تقطع قطعة قطعة، وتشد عيون الأطفال بالحبال حتى تخترق رموشهم ومقل عيونهم، والنساء تعرضن للضرب والانتهاك الجنسي، فيما يتعرض الأطفال للتعذيب امام آبائهم وأمهاتهم، كان المعذبون يستخدمون قطعا من الصفيح لقطع اليدين والساقين وعضلات الوجه ببطء.... عشرات الضحايا محشورون في غرف صغيرة يجبرون على الوقوف فيها على ساق واحدة لعدة ساعات، فيما كان يلقى بمياه المجاري على جراح التعذيب. ويترك آخرون دون ماء او طعام لعدة أيام، وتتقيح جروحهم...ضحايا آخرون، رجالا ونساء، تم تعليقهم رأسا على عقب بمراوح السقف لعدة أيام.... بينما احرق آخرون باستخدام أجسام معدنية ساخنة، وكسرت عظامهم بقضبان حديدية وتعمى اعينهم بأعقاب السكائر أو الأصابع. كانت الاظافر تنتزع وتستخدم قضبان الكهرباء لإلحاق المزيد من الألم)). من الشهود العيان.