البعد القومي للنضال الفلسطيني راهنا ومستقبلا( 4من 4)


سعيد مضيه
2023 / 2 / 8 - 17:10     

نحو حركة عربية موحدة للتحرر الوطني والديمقراطية والتنمية الاجتماعية

تحذر منهجية المادية الجدلية من ان تنظيم الحزب إذا تكلس وتجمدت الحياة الحزبية يضعف تفاعل الحزب مع الجمهور وتنقطع صلته مع المهام المتجددة في الصراع الاجتماعي . تستشري هذه الأفة مع التباسات النطام الأبوي؛ الاستبداد يحرم الأحزاب من اختبار برامجها مع الجماهير فتتكلس البرامج وتتجمد الحياة الحزبية. النزعة النقدية أداة أساسية في البحث العلمي ، وهي المرحلة الأولى للنفاذ الى الجديد واكتشافه، والنظام الأبوي يقمع النقد ، يرفضه ويملي إرادته قوانين ومراسيم!
احدث الاحتكاك بالامبريالية تغيرات في البنية الأبوية المحدَّثة ، أهمها التشبث بالقطرية وكراهية الوحدة والاشتراكية. وفي المجال الثقافي كان التخريب أعمق أثرا، "حيث استعمار الوعي واللاوعي أعمق أثرا من الاحتلالات العسكرية والهيمنة السياسية" كما لاحظ شرابي. شاع في منطق الأنظمة القطرية مفهوم حرية القرار، يبرر الارتباط التبعي بالامبريالية، الأمر الذي كثيرا ما ألحق الأضرار بالأقطار العربية المجاورة. ولهذه الظاهرة تأثيراتها على العلاقات البينية في العالم العربي، وغالبا ما عتم عليها الجفاء والتناحر. يرى شرابي أن "الذهنية الأبوية في نزعتها السلطوية الشاملة ترفض النقد ولا تقبل الحوار، إلا أسلوب فرض رأيها فرضا ". وبذهنية كهذه لا يتحقق الوفاق بين الأنظمة إلا نفاقا أو مجاملة ، بينما التصرفات العملية تمضي حسب مزاج الرئيس داخل كل قطر.... المجتمع الأبوي "غابة لا يحظى فيها بالاحترام والتقديرإلا الأغنياء وذوو السلطة. يتصرف المرء خلقيا داخل البنى الأولية ولا خلقيا في’الغابة‘" . وبدل النقد الكلامي تنطلق الفتن الداخلية. مع أن هشام شرابي فرغ من كتابه "البنية الأبوية.." عام 1988، إلآ أنه تنبأ محذرا من أحداث العقد الثاني من القرن الجديد."الخطر الذي يواجه المجتمع العربي اليوم لا يرد من مصادر خارجية فحسب ، بل كذلك من الداخل ، من التفكك العربي والانهيار الداخلي والحروب الأهلية التي يمكن وقوعها في بلدان عربية عدة. وما من قوة تمنع التفكك والانهيار الداخلي والحروب الأهلية تنبع من الداخل".
يترتب على ذلك، في ظروف الواقع العربي والعلاقات المتبادلة فإن الثقافة الوطنية قومية بالضرورة، والثقافة القومية وطنية بالضرورة كذلك. الثقافة الوطنية تخترق السدود القطرية ، تتحدى القيود الأبوية، تستحضر الهم القومي، تضامنا وتعاونا ونشاطا مشتركا؛ وكذلك التفكير القومي يبدأ بالوطني من المهام وقضايا التحرر والتقدم. لم تعد حاجة لأن ينتقل المتطوعون الى أراضي فلسطين؛ بات مطروحا على الأجندات الوطنية تصفية مواقع الامبريالية في كل قطرعربي. مكابدات الشعب الفلسطيني في ما يتعرض له من اضطهات وإهانات ينبغي أن تكون أحد محفزات النزول الى الساحات والشوارع تستنكر ما تمارسه إسرائيل من هجمات مسلحة على السكان في غزة او أي مدينة بالضفة. لم تعد القضايا العربية موضوع تضامن بل نضال مشترك. جميع بلدان المنطقة ، إما ان تدخل بيت طاعة الامبريالية او تتعرض لمكائد تدمر التنمية المستقلة او تشغل عنها. تشارك الجماهير العربية بالمدن والتجمعات السكانية في المناسبات الكفاحية الخاصة بالشعب الفلسطيني – يوم الأرض، يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني ، ذكرى النكبة وذكرى عدوان حزيران واحتلال الضفة- مناسبات تستدعي ما هو أكثر من مجرد بيانات الاستنكاروالتضامن؛ وبنفس المستوى من التضامن يتوجب ان يكون حيال ما يتعرض له قطر شقيق جراء مكائد التحالف المعادي.
الحل مع الفلسطينيين كما وعد به نتنياهو ثمرة التطبيع مع الأنظمة
مشروع إسرائيل بالمنطقة بات اوسع من فلسطين ؛ فقد تمدد الى أقطار عربية مدعوما من الامبريالية. بل إن مكائدها تجاوزت دعم محاولات تجزئة هذا القطر العربي أوذاك ، مثلما حدث في السودان وأثناء غزو العراق والعدوان على سوريا . وقد القي القبض على عنصر موساد يقود فصيلا من المرتزقة في صراع الميليشيات بليبيا ويتأهب لدخول مصربفصيله المسلح. إسرائيل تبادر لتخريب كل جهد تنموي او ديمقراطي في مجتمعات المنطقة، معتبرة تبعية الأنظمة الأبوية خط الدفاع الأول عن كيانها الامبريالي العنصري.
هكذا بات على المجتمعات العربية في المراحلة الراهنة إما ان تنجح في إنجاز سيادتها التامة كي تطور تنمية مستقلة تتكامل خلالها إمكاناتها المادية وطاقاتها البشرية او تكون ضحية للمشروع الامبريالي – الإسرائيلي المشترك لفرض إسرائيل الكبرى الممتدة بين النيل والفرات ، دولة وكيلة للسيطرة الامبريالية على مقدرات المنطقة . إسرائيل لا تكتفي بالوطن الفلسطيني لتقيم عليه كيانها الإٌقليمي؛ إنما تشمل إسرائيل الكبرى المتخيلة في مشاريع الامبراطورية الامبريالية، قرابة عشر دول عربية تمتد بين الفرات والنيل حسب الأساطير المتوارثة. في البداية برزت خطة عوديد يينون (شتاء 1982) راهنت على تمزيق الدول العربية كافة الى دويلات طائفية وعرقية تدور في فلك إسرائيل، كان سعار التكفيريين – داعش والنصرة- ادواتها. تضمنت الخطة وجوب تدمير الجيش العراقي لأنه يشكل خطرا جديا على إسرائيل ، وحقق غزو العراق (2003) لإسرائيل مطلبها. كانت إسرائيل ونتنياهو بالذات من الضاغطين، بالتعاون مع تكتل المحافظين الجدد، لتنفيذ العدوان الأميركي على العراق. كانت ادواتها في هذا السياق تلفيق الأكاذيب – منها كذبة وزير الدفاع الأميركي الأسبق، كولن باول، حول صنع سلاح إبادة بالجملة في العراق.

الى جانب مخطط يينون، الذي واجه عثرات قد تفشله، يجري في الوقت الراهن ومنذ بداية القرن اعداد مشروع متماسك لتحقيق استراتيجية إسرائيل الكبرى، تنجزه "الدبلومسية الروحية الإبراهيمية"، وتم تدشينه ب " الاتفاقات الإبراهيمية". ولمن لم ير في نهج إسرائيل عبر العقود المتتالية ما تجاوز فلسطين و استهدف بالكيد حركات الاستقلال والتنمية والوحدة القومية فما عليه إلا أن يمعن النظر في " الاتفاقات الإبراهيمية" تلون تطبيع دول عربية وإخضاعها لمشيئة إسرائيل بألوان صوفية ل تمت للدين بصلة.
أصدرت الباحثة المصرية، هبه جمال الدين محمد العرب، كتاتبها "الدبلوماسية الروحية والمشترك الإبراهيمي"، الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية- بيروت ، شباط 2021.، وفيه حللت ما يكمن خلف الاتفاقات من مخططات دول امبريالية تنجز الأهداف الإسرائلية. حقا المشروع يتضمن إثباتات ان إسرائيل الكبرى مشروع مشترك للامبراطورية الامبريالية وإسرائيل مكون فيها . الهدف تشكيل فيدرالية " الولايات المتحدة الابراهيمية" طبقا لنموذج الولايات المتحدة الأميركية او الاتحاد الأوروبي. بإنجاز المشروع تطوي قضية الشعب الفلسطيني. وهو الحل الذي بشر به نتنياهو: تطبيع مع الحكومات يتمخض عنه الحل مع الفلسطينيين!
تحت الأضواء تكشّف المشروع ومخططه الجديد عن منطومة إيديولوجية ومشاريع مادية عابرة للجنسيات والقارات تشترك في إنجازها جهات دولية متعددة ترتبط بالامبراطورية الامبريالية.
تتشكل فيدرالية الولايات المتحدة الإبراهيمية على أنقاض الدول العربية و"بهزيمة الفكر الإسلامي في ساحة الأفكار..."اتضح أن ما يطرح هو تفسير لا قبول له دينيا من مختلف المدارس الدينية".
بصدد القوى الفاعلة لتطبيق الدبلوماسية الروحية(الفصل الثاني من الكتاب)، نصّب المشروع الولايات المتحدة رائدة في المضمار، يساعدها الأتباع و’المتطوعون‘. القوى الصوفية ستحل محل "القوى السنية والشيعية المتصارعة "، كما ذكر تقرير راند وبروكينغز الدوحة. "حركة صوفية لا تمت بصلة الى الإسلام ، ولكن تتواصل تحت ستار نعتها بالصوفية ، مستغلة عدم العلم بمضمون ما تدعو اليه من شعارات ماسونية" . ترفع الصوفية شعار " يمكن للمرء أن يكون صوفيا مسلما وصوفيا مسيحيا وصوفيا بوذيا او صوفيا هندوسيا ، او أي تقليد إسلامي آخر ، أو لاشيء على الإطلاق. كل من يرغب بصدق الدخول في طريق الصحوة وفتح القلب هو موضع ترحيب". صوفية عالمية مجردة من القيم الروحية، فمن تتوجه اليهم هم الغافلون ممن يغلقون عقولهم ويغيبون وعيهم. "الصوفية هي الماسونية الروحية القديمة" .
البرهان، رئيس الانقلابيين السودانيين، احد عينات " الصوفيين" الجدد، "فتح القلب ودخل الصحوة". من يتذكر الأيام الأولى للإطاحة بالبشير برز قادة انقلابيون لمدة أربع وعشرين ساعة؛ وبغتة برز البرهان بانقلاب على الانقلاب، صنيعة عملاء الاستخبارات ممن تغلغلوا في بلاط البشير. شأن كل نظام أبوي، فضّل نظام البشير الأبوي التسلطي الموالين المتزلفين والمتسلقين، غالبيتهم مرتبطون بوكالات التجسس الامبريالية. برز البرهان برهانا على المعدن الرخيص للمطبعين! لبى الأوامر وسافر للقاء بنتنياهو في بلد إفريقي، مدركا ان من رفعوه يرفعون غيره على جثته. "تصوف" ومضى حتى آخر الشوط.
يجري التخطيط ، حسب "تصور وتكوين الولايات المتحدة الإبراهيمية"، لأن تشغل "إسرائيل السلطة المركزية في الاتحاد بسبب ما تتمع به من قدرات تكنولوجية متقدمة. الدولة الثانية في الاتحاد هي تركيا بسبب تطورها التكنولوجي"... وإذا ب "الدولة التي بدأت مأسسة الفكر داخل مؤسساتها الرسمية هي الولايات المتحدة الأميركية عام 2013، حيث تم إنشاء فريق عمل حول الدين والسياسة في وزارة الخارجية بقرار من هيلاري كلينتون تتكون من 100عضو نصفهم رجال دين من الديانات الثلاث يعملون جنبا الى جنب مع الدبلوماسيين في الوزارة وتستمر في عملها ... ويلاحظ أن أغلب مراكز الدبلوماسية الروحية في العالم تحمل جنسيات محددة أمريكية وإنكليزية ، فرنسية ، ألمانية، وإسرائيلية في الأساس، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام". صدقوا التدين ومضوا معه ،حيث "بدأت بعض المؤسسات البحثية بالولايات المتحدة بإعادة قراءة السياسة الخارجية الأميركية من منظور ديني، عبر إعادة قراءة النصوص وربط الأحداث السياسية بوصفها المحرك لسلوك الساسة بالولايات المتحدة، ويأتي في مقدمة هذه المؤسسات منظمة "مجتمع المؤرخين للسياسة الخارجية الأميركية"، نماذج من تفاسير المجتمع بأهداف إنسانية ضرب هيروشيما وناغازاكي بالقنبلة الذرية. "نزلت القنبلتان تطهيرا لليابان من آثام الفاشية العسكرية التي انضمت الى النازية في الحرب العالمية الثانية". بذلك يكون مسلسل العدوان الأميركي مبعوث العناية الإلهية للتطهر من كل رجس باختصار ، شأن جميع السلفيين يروض الباحثون الدين في خدمة السياسة.
تضيف الباحثة: و"معاهد اخرى تتبع جامعات أميركية مثل هارفارد... ويشرف على المشروع البنك الدولي يحمل للمنطقة بشارة " تنمية اقتصادية شاملة". وتأتي الباحثة في تحرياتها على"مراكز ومؤسسات او برامج الدبلوماسية الروحية: الانتشار القاعدي". يلاحظ في هذا السياق ان دولة إسرائيل الإقليمية يراد لها ان تكون مركز يفوح بروحانية مسمومة. يؤيد الملحوظة ان معظم مراكز "الإشعاع " الروحي تعمل في الولايات المتحدة . من برامجها " تعزيز العلاقات بين المشاركين كمدخل لنشر المفهوم عالميا عبر مركز للحرمة والقدسية – العلاقات الدينية. بوضوح خال من الإبهام يراد تشليح دور العبادة في الأديان من حرمتها، ونقلها الى المراكز الإبراهيمية العاملة- "كمعهد أبناء إبراهيم؛ احترام النص المشترك وفتح بوابة دائمة للحوار، فهذه البوابة هي مصدر القداسة".
في جدول أعدته الباحثة نجد اسماء29 منظمة عاملة في سبيل الدبلوماسية الروحية، هي أشبه بشركات مقاولات تعمل بالباطن لصالح الشركة الكبري. من بين هذه الهيئات "المركز العالمي للدبلوماسية الروحية"، مؤسسة أميركية، "الشبكة الأمريكية للعقائد المتشابكة" تضم منظمات ووكالات متعددة الأديان في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، " منظمة الأديان من أجل السلام " مقرها الولايات المتحدة ، "مشروع الأرض المشترك"، برنامج للتحالف اليهودي ومجلس الشئون العامة الإسلامية وهو نتاج بحوث ناتجة عن دوائر الحوار بين مسلمين ويهود اجريت في لوس أنجيوس وغيرها.

رصد صحفي التقصي كريس هيدجز طابع النفاق والتلفيق نمط سياسات "الطبقة الحاكمة من خلال الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) تقدم الأكاذيب حول الصفقات التجارية واتفاقية نافتا و‘الإصلاح’ وإلغاء الترتيبات المالية والتقشف والحرب في العراق والليبرالية الجديدة، تلك التي ألحقت الأضرار بالشعب الأميركي اكثر مما ألحقته اكاذيب ترمب".

بعد عرض مخطط الولايات المتحدة الإبراهيمية يتضح أن أنماط نشاط اليسار الفلسطيني، وكذلك أشكال التضامن الجارية في الوسط الإقليمي متخلفة ولا ترتقي الى مستوى خطورة المشاريع الجاري إعدادها. فلكي تنهض قوى اليسار الفلسطينية بمهامها المصيرية يتوجب اولا أن تتخلص من ازماتها كي تكون الدينامو في تطوير وتصعيد حراك شعبي يصعد المقاومة الفلسطينية، ويوسع الآفاق لتعانق اهتمامات الجماهير قضايا المنطقة .
مقاومة الننظم الأبوية وسياساتها لا تتم إلا بالضغوط من أسفل ، من الحراك الشعبي الديمقراطي. الطريق الى التجديد تستلزم منهجية تكون نقدية وصدامية في آن، "تتطلب هذه الممارسة (الثورية) أشكالا عدة من التنظيم القائم على نشاطات الأفراد المستقلين والنقابات العمالية والجمعيات النسائية والاتحادات الطلابية ، إضافة الى الأحزاب والتجمعات السياسية ، أساتذة جامعات وفنانون وأطباء ومحامون ورجال دين وعمال... وبمقدور اهداف النضال أن تكون مقبولة تتبناها الأكثرية الشعبية نظرا لكونها أهدافا عامة مشروعة وقابلة للتنفيذ في الساحة السياسية." كما اوصى هشام شرابي.
في مقدمة الطبعة العربية من كتاب "البنية الأبوية " يشير شرابي الى كتاب ألان تورين،"عودة الغائب: الذي اطلع عليه بعد الفروغ من كتابه، مبرزا تركيز تورين على ما أسماه " الحركات الاجتماعية التي أصبحت في صوب نهاية القرن(العشرين) القوة الاجتماعية القادرة على تحدي الوضع القائم ومجابهة سلطته المركزية دون اللجوء الى اساليب الثورة التقليدية، بل أسلوب يحشد مختلف الشراح الاجتماعية في بوتقة النضال الشعبي . شدد تورين على مفهوم التعدديه في بنية الحركات الاجتماعية بكونها تمثل المجتمع في جميع مستوياته الاجتماعية والطبقية وتنظيماته السياسية واتجاهاته الأيديولوجية. من هنا كانت مطالب الحركات الاجتماعية عريضة وشاملة: الحريات الديمقراطية، حقوق الإنسان،العدالة الاجتماعية التنمية الاجتماعية مكافحة الجهل وثقافة التجهيل الخ. في هذا السياق فضل شرابي " النضال الشعبي والعصيان المدني النهج الثوري الحقيقي" في هذه المرحلة.
و في الفصل الأخير من المؤلفتحت العنوان "ما العمل"، طرح شرابي بعض قضايا إرشادية؛ "من الممكن أن يتحول الفكر الثوري الى تيار رجعي ، وان تدخل الثورة في نظام ابوي مستحدث من نوع جديد... ليس النقد الذي نمارسه ترفا فكريا بل إنه يعكس حاجة قومية ماسة. فالخطاب النقدي الذي نمارسه لا يتمكن من إضفاء الوعي الذاتي الصحيح، بل لتقديم نظرية فكرية فعالة قادرة على تفكيك اواصر الوعي السائد والسير نحو وعي جديد وممارسة جديدة . وعليه فالنقد يشكل اليوم مهمة مركزية في عملية الإطاحة بالخطاب الأبوي المستحدث ونظامه الاجتماعي والسياسي. ان الثورة الحقيقية في العصر الجديد الذي نحن على أعتابه هي ثورة النفَس الطويل . دون ثورية النفس الطويل لن يحدث تغيير حقيقي، بل مجرد طفرات مؤقتة وتغييرات لا تلبث أن تزول.