تحويل الحرب الامبرياليه الى حرب طبقيه, هذا هو موقف البلاشفه من الحرب الدوليه


ليث الجادر
2023 / 2 / 6 - 17:48     

لست هنا بصدد محاكمه الستالينيه ولكني اجد من الجوهري التاكيد على انها مثلت قراءه انتقائيه وتقديم انتقائي لادبيات اللينينيه الماركسيه ’ ولانها استطاعت ان تقوم بذاك بشكل نسقي فان التصدي لها يبدوا مكللا دائما بمخاطر التصادم مع الماركسيه نفسها , وهذا يعني الدخول في حلبة جدال طويل ومعقد لا قيمه موضوعيه له في مثل الظروف العامه التي ينعدم فيها النشاط النضالي الفاعل للمشروع الماركسي الطبقي ..لكن هذا لايمنع من التعرض لبعض ما يتصدى به للمواقف والاحداث الجاريه باسم اللينينيه بما هي قراءه ستالينيه لها ! ان هذا التعرض ليس فقط ممكن انما في حالات كثيره يتحول الى مهمه جوهريه بحيث نتجاوز فيها الشروط الحقيقيه لمعنى قيمة الجدال ,ذلك لاننا اذ نقر اقرار لالبس فيه بان النشاط الثوري الماركسي في حالة سبوت تنظيمي ’ فاننا نعي بان المهمه المرحليه تشترط اعداد مستلزمات انتاج النخبه التي بامكانها تلبية نداء النهوض في توقيته التاريخي ..ولعل مسالة التصدي لتنقية اللينينه في قضيه موقفها من الحرب في زمن منشغل بالحروب وبالاستعدادات لاندلاع اخريات ’ صارت مهمه محوريه ..في الايام القليله الماضيه وقعت عيني على مقال لكاتب عراقي يلوح ببلشفيته ! المقال حمل عنوان (: رؤية مستقبلية حول خطر الحروب غير العادلة على شعوب العالم)..ساعمد الى المزيد من الاقتباسات من هذا المقال لانه في الحقيقه يمثل انموذج متكامل للعرض الستاليني في هذه المساله ..يبدأ المقال ب(تميز الماركسية اللينينية وجود نوعين من الحروب،حروب عادلة وهي تلك الحروب التي تهدف الى التحرر السياسي والاقتصادي والاجتماعي من النظام الامبريالي العالمي والتضحيات في هذه الحروب مشروعة من اجل نيل الاستقلال الوطني، والتحرر من الهيمنة الاستعمارية ......
اما الحروب غير العادلة فهي تلك الحروب التي يشعلها ويبدأ بها النظام الراسمالي الطفيلي واللصوصي، وتشتد هذه الحروب اكثر عنفا وارهابا ضد الشعوب والانظمة الوطنية والتقدمية واليسارية بالدرجة الأولى. )..هل غير الماركسيه اللينينيه من هو بشكل او اخر يفرض هذا التمييز ؟ اجزم بجواب النفي , فما دامت الوطنيه والشعوب مفرده من مفردات هذا التمييز فان – التقدميه واليساريه – تصبحان مفهوميين مطاطيين مرنيين تتجذاهما التفسيرات المتضاده ! هذا بالاضافه الى ان ماهية الحرب وتفاصيلها صارت مختلفه عما كانت عليه في عهد البلاشفه ..الحرب التي شنت على النظام العراقي السابق وفق هذا العرض لموقف الماركسيه اللينينيه لا يعني الا ان النظام كان يساريا او تقدمي ! وهذا واقعيا يثير اهتزاز في نسق المواقف اللينينيه !وكذلك هو الحال امام الحرب الاقتصاديه التي تشن ضد الجمهوريه الاسلاميه وامكانية تطورها الى المستوى العسكري الشامل ؟ ..ما يثيره هذا التعريف من لغط انما مرجعه الى انه صيغ بشكل مدرسي ( سكويلائي ) مستقى من القراءه الستالينيه للادبيات اللينينيه وهو مرتبط تماما مع مسالة حق تقرير المصير ..وهذا ما فعلا اشار اليه السيد كاتب المقال حينما قال (اتركوا شعوب العالم تختار نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بحرية وعدم ضخ الورقة الخضراء من اجل شراء ذمم المسؤولين في السلطة..) فمتى كانت شعوب العالم تختار نظامها السياسي والاقتصادي ؟ او بالادق متى يكون هذا الخيار ؟ وهنا يقع المفصل بين الرؤيه والتحديد اللينينيه وبين الاقتباسات الممنهجه الستالينيه لها ..فبينما تحولت الحقوق القوميه المشروعه في اطار السلطه الشيوعيه بالمنظور المحدد للبلشفيه الى حق راسخ وثابت وغير مقيد بالشرط البلشفي في الستالينيه ’ صارت ايضا الحرب العادله المقرونه بفاعلية النضال الطبقي عند البلاشفه الى حرب عادله بلا قيد او شرط لصالح الوطنيين البرجوازيين ؟! تحولت المواقف التكتيكيه البلشفيه الى مواقف فكريه ومبادىء قطعيه في الستالينيه ..اللينينيه التي ناضلت بجراءه لامثيل لها في تمردها على المالوف من الموقف اتجاه الحرب والذي بينت من خلاله انحيازها الطبقي الذي لايحيدها في مسالة الحرب بل ذهب الى حد اعتبار مهمه المناضلين هو تحويل هذه الحرب في كل الاحوال الى حرب طبقيه على حساب صفتها الوطنيه ..لم ينجو لينين في موقفه الذي رفع فيه شعار ( هزيمة روسيا هي اهون الشرين ) من انتقادات النخبه الروسيه الماركسيه وتحولت لفتره طويله الى سلاح بيد خصومه ومخالفيه , فرضت من خلاله حالة شديده من الانعزاليه , ودامت سنوات طوال , وشرعت الابواب لاتهام البلاشفه بمحاولة بث روح الانهزاميه في صفوف الروس بمواجه الالمان ..رضا البلاشفه وفي طليعتهم لينين بوصفهم انهزاميون بالمقاييس البرجوازيه لكنهم اثبتوا بما لايقبل الشك بانهم هجوميون الى اخر رمق ثوري طبقي ..وبعد ان استحوذ البلاشفه على السلطه وجهوا كم كبير وخطر من جهودهم باتجاه نقد تداعيات حركتها وطارد لينين الثوره كمثل مطاردته للقيصريه في المفاصل التي تلامس كل ماهو طبقي , (
وطبيعي جدا في مثل هذه الظروف أن يصبح شعار "حرية الانفصال" الذي نبرر به موقفنا قصاصة ورق ليس إلا، عاجزا كل العجز عن أن يحمي غير الروسي من تهجم الروسي الحقيقي ذلك لأن الروسي الشوفيني المتكبر هو في جوهره ماكر وطاغية مثله مثل البيروقراطي الروسي القح. ولا ريب في أن النسبة المئوية الضئيلة للغاية من العمال السوفييت والذين اتخذوا الصبغة السوفيتية سيغرقون في تيار الغوغاء من أصحاب الاتجاه الشوفيني الروسي مثل ما تغوص ذبابة في وعاء لبن...- لينين مسألة القوميات او الحكم الذاتي ) ..وما ينطبق على الروسي السلطوي فانه ينطبق على الغير روسي الانفصالي الذي لايستوفي سعيه شروط النضال الطبقي ! اذن الماركسيه اللينينيه لم تضع منهجا مدرسيا يقسم الحرب ويميزها بين عادله وغير عادله , بل تجاوز هذين الوصفين ليعتبرها فرصه تمكينيه لقدرات الثوره ..في وقتنا الراهن صار هذا الموقف اشد التصاقا بالواقعيه , فقوى الراسمال تشدد قبضتها على المجتمعات البشريه وتنطوي تحت جناحيها الغالبية المطلقه من الانظمه , وتشهد بنية الراسمال عراكا ذاتيا ينسحب في كافة المجالات والاتجاهات , لهذا تتضح مهمة الماركسيه اللينينيه الان والتي تفتقر الى الفاعليه الواقعيه , من انها يجب ان تركز وبغلاضة قلب ان استدعى الامر ذلك , على ان تستثمر زمن الحرب في اي مكان وبين اي طرفيين , لصالح تنمية قدرات الطبقه المهمشه والارتقاء بها , وهي ان تتخذ هذا الموقف فهي تدرك تماما بان دوافع وذرائع اي حرب من الحروب القائمه الان انما هي حربا من اجل الحرب وان هذه الصفه انما يصطبغ بها كلا الطرفين