تونس ـ قيس سعيد يهيئ للمعركة مع بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل


بشير الحامدي
2023 / 2 / 2 - 12:21     

ـ 1 ـ
قبل أيام قلنا أن ضرب الاتحاد العام التونسي للشغل لن يتأخر وها أن المعركة ضدّه قد بدأت بعد أن كانت مجرد مناوشات من بعيد. لكن أن يقع إيقاف كاتب عام نقابة الطرقات السيارة فذلك ايذان بأن هذا الذي يعدّ له قيس سعيد والدائرة المغلقة المحيطة به لا يستهدف في الحقيقة كاتب عام نقابة الطرقات السيارة بقدر ما يستهدف القيادة البيروقراطية الطبوبي ومكتبه ودوائره المقربة ومن وراء كل ذلك الحركة النقابية وكل إمكانية انتظام حرّ مستقلّ.
لئن كان بورقيبة تعاطى مع الحركة النقابية "الاتحاد العام التونسي للشغل" كأحد أضلاع ما كان يسميه بالمنظمات القومية "اتحاد الصناعة والتجارة ـ اتحاد الفلاحين ـ الاتحاد النسائي" وحصر دورها في بتطبيق سياساته والدعوة له بوصفه الزعيم الذي سيرسو بسفينة تونس على بر الأمان عبر تلك السياسات واعتبر دائما أنه في صراع مع هذه المنظمة وهو ما دفعه في عديد المرات إلى مواجهات معها وبقي ينظر إليها دائما بوصفها جسما يمكن أن يخرج عن سيطرته وبالتالي لا يجب الاطمئنان إليه فإن بن علي سلك مع الاتحاد العام التونسي للشغل سياسة أخرى. لقد عمل على "أخذ القلعة من الداخل" وضمن بالتالي موالاة قيادتها وبلغ به الأمر حد أن لا قيادة تنتخب في مؤتمرات الاتحاد في عهده لا يكون له رأي في تركيبتها وفي الموافقة عليها. في العشر سنوات الماضية من حكم النهضة وحلفائها تغيرت سياسة التعاطي مع الاتحاد العام التونسي للشغل حيث شهدنا ومنذ بدايات 2011 سواء مع حكومة محمد الغنوشي الأولى أو الثانية أو فيما بعد حكومات الترويكا أو الحكومات التي جاءت عقب وفاق حركة النهضة مع حزب نداء تونس أو حتى بعد انتخابات 2019 مع حكومة إلياس الفخفاخ وحكومة هشام المشيشي تشريكا فعليا لبيروقراطية الاتحاد في الحكم مباشرة أو بصورة غير مباشرة تماشيا مع السياسة التي استثمرت فيها بيروقراطية الاتحاد: "دعم" الانتقال الديمقراطي واعتبار نفسها شريكا في الحكم يجب الاعتراف به وعدم تجاوزه.
مع قيس سعيد وبعد 25 جويلية تغيرت العلاقة مع بيروقراطية الاتحاد. فسعيد والحلقة المغلقة التي أحاطها بنفسه يخططون وينفذون سياسة سينسفون بها كل الجسور القديمة التي كانت تربط الحاكم ببيروقراطية الاتحاد. فهم وهذا من طبيعة أمور حكم المنظومات المستبدة المغلقة البوليسية معادون في الجوهر للحريات النقابية وليسوا حريصين كثيرا على أن يكون للحركات النقابية أي دور مستقل عنهم. والأمر ارتباط بمنظومة الحكم التي على رأسها قيس سعيد متعلق بما هو أكثر من مجرد موقف من القيادة النقابية البيروقراطية الفاسدة المهيمنة اليوم إنه يتعداه لجوهر مشروعهم السياسي الذي لا يكون إلا استبداديا مانعا لكل انتظام نقابي أو قطاعي أو سياسي مستقل.
ـ 2 ـ
قيس سعيد يعلم أن الاتحاد العام التونسي للشغل ليس هو إتحاد عام 1978 ويعلم أيضا أن قيادته قيادة قد تهرأت ولا مستقبل لها و يعرف أنه قد لا يتوفر له وقت آخر ليخوض ضدها معركة كسر عظام وينتصر فيها.
من جانبها قيادة الاتحاد التي لم تع كل هذا إلا مؤخرا وستحاول من جانبها أن تتفادى خوض معركة لم تتهيأ لها وتعرف أنها ستخسر فيها كل شيء وعموما يمكن القول أن العام 2023 سيكون عام الحرب على الاتحاد. ولئن كان سعيد والحلقة الدائرة به لن يتمكنوا من الحركة النقابية كحركة إلا أنهم سيطيحون بالطبوبي ومكتبه كلفهم ذلك ما كلفهم.
فمن أغلق باب البرلمان بسلسة ودبابة ووضع كل السلطات بيده وحول الوضع الاستثنائي لوضع دائم لن يتأخر في غلق مقرات الاتحاد مثلا أو إحالة قيادته على القضاء.

02 فيفري 2023