الامكانيات السلسه لتدمير قيمة النقد العراقي


ليث الجادر
2023 / 2 / 1 - 18:51     

تختص السومريه وهي احد اكثر المنصات العراقيه رواجا , بتثبيت اكثر من اربعة مواضيع في واجهتها تروج بشكل غير مباشر لنشاط الاستثمار الرقمي ..المواضيع ذات العناوين البراقه والمتضمنه سردا قصصيا لحالات تتمحور حول استثمار مبالغ ماليه بسيطه في مجال العمله الرقميه وكيف انها تتضخم لتصل الى حدود الثروه الكبيره ..يلاحظ المطلع عليها انها تذيل في النهايه بنفس التعليقات المفترضه انها تعود للقراء , وبالتالي يبدوا جليا ان هذه المانشيتات انما هي من فعل اختلاق اعلامي صرف ..هذا لايعني تفرد السومريه بهذا النشاط الترويجي فنطاق محرك البحث غوغول يؤدي دورا مهما في هذا الجانب خاصة في الاجهزه التي تعمل ببرنامج اندريود , مساله العمله الرقميه فيها الكثير من التفاصيل والتعقيدات والغموض بما يكفي لان تثير قضية تشريعها والتعامل بها جدلا كبيرا بين معارض ومتوافق معها ..لكن ما لا يستطيع انكاره مؤيدها هو انها تتحول الى وسيله سهله ومنفلته عن قبضة القانون لعمليات غسيل الاموال وتهريب العملات الوطنيه كلما توفرت لها شروط الافلات من الرقابه والمتابعه الدقيقه لمجريات تداولها من قبل السلطات المختصه !ما يهمنا الاشاره اليه بهذا الصدد هو النشاط القوي المفاجئ في العراق لهذا النوع من الاستثمار المالي ..وهو ظهور يكاد يقترن زمنيا بمنتصف عام 2019 بعد كانت بداياته متواضعه عام 2017 ..2019.. هو عام ذروة الصراعات السياسيه التي فك فيه تشابك الخنادق وبدت مفاصل السلطه السياسيه الائتلافيه المتضاده بالتعري ..بعد هذا التاريخ دخل السوق الافتراضيه العراقيه خمسة منصات رقميه رئيسيه
Evest..,FXTM..., IQ option..., AVAtrade....,XM
المنصه الاولى هي منصة اسهم في الاستثمار المالي في عده بنوك امريكيه ,خفضت في هذا الشهر الحد الادنى لمعاملات الايداع من 100 الى 50 دولار فقط ..المنصه الثانيه مرخصه من السوق الماليه في قبرص وخصيصتها انها تقوم بفتح حسابات تداوليه اسلاميه بلا فوائد !؟ ..المنصه الثالثه هي منصه اماراتيه ميزتها انها لا تمنح فرصه استثماريه الا بعد اجراء عمليات مطوله ومن ضمنها الاتصال هاتفيا مع طالب الاستثمار وغالبا ما تكون المحادثه مطوله وتخوض في امور تفصيليه !؟
الثالثه منصه اماراتيه وهي فرع من منصه عالميه تليها الرابعه والخامسه وهي منصات سعوديه متفرعه من شركات عالميه مساهمه ...مقدار الاموال التي رصدت من قبل الرقابه المصرفيه العراقيه التي تم سحبها من عدد من المصارف بلغ 500 مليون دولار للفتره الممتده من ايلول عام 2022 وحتى منتصف الشهر الجاري ..اجمالي هذا المبلغ حول الى حسابات في المصارف الاماراتيه ! هذا المبلغ لايمكن باي حال من الاحوال احتسابه كاصل لكل النشاط الاستثماري للعمله الرقميه ’ بل انه يمثل جزءا منها ’ نظرا لمحدودية القدره في تتبعها من قبل الجهات المختصه ..البنك المركزي من جهته اصدر عام 2021 توجيها بعدم التعامل في هذه السوق واعتبره سوق غير قانوني وبالتالي فان المتعامل به يكون مجردا من الحمايه وربما يعرضه لتهمة غسيل الاموال !يقدر عدد المستثمرين الكبار العراقيين بما يزيد عن 100 مستثمر ’ بينما رصدت الجهات المختصه في وزارة الداخليه العراقيه 66 مستثمر تجاوزت ثروته 1 مليار دينار عراقي وكانت قد نمت على شكل قفزه في فتره زمنيه لا تتجاوز الاشهر ...اليوم نشهد سيناريو دراماتيكي لانخفاض قيمة صرف الدينار العراقي امام الدولار ..والسبب المعلن الغير رسمي هو قرار الولايات المتحده التي رصدت تهريب الدولار الى كلا من ايران وسوريه ..حكومة شياع تطيل عويلها بعزمها على معالجه هذا الانهيار البطيء لكنها لا تذكر الاسباب ! بينما يبقى شياع مهرولا في ضواحي البيت الاوربي وملوحا بتحيات الولاء للولايات المتحده التي لم تأذن له بعد في فتح قناة اتصال بهذا الشان ..ما نريد توضيحه هنا , اننا في مقال سابق وفي مجرى نقدنا للنهج المعارض للسلطه ’ اشرنا الى سطحية مطالبها التي تنم عن ضحاله في القدره على تحديد القضايا المفصليه وارتقاء الحركه الاحتجاجيه اليها ’ واشرنا الى ان النهج المعارض كان حريا به في ان يطالب بالغاء (صندوق تنميه العراق ) الذي يمثل اليه استثنائيه شاذه في كيفية استحصال الدوله لاصول الماليه لمردودات مبيعاتها , واعتبرنا ان هذا الصندق انما حصالة استعباديه ووصاية استعماريه مكشوفه ..اليوم يتضح للعيان كيف ان الولايات المتحده ومن خلال هذه الاليه قادره على اقتياد الاقتصاد العراقي وبالذات في مستواه المحلي ,لتتحكم بداية بلقمة الخبز العراقي وتنتهي بتوجيه الفعاليات والتداعيات المبنيه عليه الى حيث توظيفها جوهريا في السياق السياسي ..واذا كان تدهور قيمة صرف الدينار العراقي مؤخرا قد لامس سلبيا الوضع المعيشي ’ لكن بالبعد الاخر يجب ان يشخص بانه واذا ما توافرت الاراده السياسيه باعتباره فرصه رائعه لان تديم الدوله شروط مهمه لتعضيم امكانياتها , فهبوط قيمة الدينار يجعل من قيمة الميزانيه التشغيليه تنسحب الى النصف من تكاليفها الحقيقيه ..وهذا له مردودات متفرعه تكون اضعاف قدره المليشيات في صدارتها ..لكن حكومة شياع لحد الان لم تتخذ ايه خطوه بهذا الاتجاه وتكتفي باجراءات تقف في المنتصف ...وما بين ضعف الدوله في معالجه ابسط قضيه تخص امن النقد في البلد والمتمثله في ما عرضناه من نشاط استثمار العمله الرقميه وبين صندوق تنميه العراق الذي تشدد الولايات المتحده قبضتها عليه ...وتبعا لصراع القوى الخارجيه على استدامة نفوذها في العراق ..يلوح خطر خيار تدمير الثروه الماليه العراقيه ’ تلوحيا لا غبش فيه ..