التوسير و تجديد مفهوم الإستلاب


عبد العزيز الراشيدي
2006 / 10 / 15 - 10:20     

إن المقاربة الألتوسيرية لمفهوم الإستلاب يمكن إن نقاربها، وندرسها إنطلاقا من طرح السؤال التالي : هل يمكن إعتبار سؤال الإستلاب سؤال إذيولوجي، أي هل يمكن بالفعل إن نتحدث عن مفهوم الإستلاب كمفهوم إذيولوجي إنطلاقا من التصنيف والتقسيم الذي قام به ألتوسير لأعمال وحياة كارل ماركس ؟
إن العودة إلى كتابlire le capital وكتاب pour Marx 1965 بالإضافة إلى كتاب لينين والفلسفة. سندرك إن ألتوسير يدرج مفهوم الإستلاب ضمن المفاهيم الإذيولوجية الغير العلمية التي لا تقدم لنا معرفة واضحة و دقيقة عن موضوعه، أي الإستلاب، ويعتبر ألتوسير أن مفهوم الإستلاب يرجع إلى المرحلة المثالية في فكر ماركس، لكن ومادمنا في رحاب الفكر الفلسفي المسكون بهاجس النقد والسؤال المشتعل لنا الآن أن نتساءل لماذا يريد ألتوسير إلغاء مفهوم الإستلاب؟
إن ألتوسير يحدد مقاربته لمفهوم الإستلاب في الطرح الماركسي من خلال المرحلة الأولى التي يطلق عليها، المرحلة الفيورباخية أو مرحلة ماركس الشاب 1840-1844. وهي المرحلة الفلسفية الإذيولوجية التي تبنى فيها ماركس إشكالية إستلاب الطبيعة الإنسانية عند فيورباخ. لكن ألتوسير سعى إلى أن يحدث قطيعة بين هذه المرحلة والمرحلة العلمية المتجسدة في المادية التاريخية، أي مرحلة ماركس الناضج 1857- 1883. ومفهوم القطيعة هاهنا هو مفهوم تم إستراده من باشلار من أجل وضع حد فاصل بين المرحلة الإذيولوجية من فكر ماركس والمرحلة العلمية. إن حضور هذه القطيعة في التصور الألتوسيري للإستلاب ناتج أساسا من نقد ألتوسير لمفهوم النزعة الإنسانية بإعتباره مفهوم إذيولوجي يسعى إضفاء نزعة
إنسانية ذاتية على التاريخ، وتمويه الآلية المتحكمة في حركته، والتي هي الصراع الطبقي.
إذن هكذا يؤسس ألتوسير رفضه لمفهوم الإستلاب بإعتباره مفهوما إذيولوجي لا يمكن أن نفصل نقضه عن نقد النزعة الإنسانية، التي يجب رفضها لأن الخصم البورجوازي قد إستعملها لقتل وإخفاء الصراع الطبقي، وأهمية دور الجماهير. لكن ونحن في ساحة الفكر الفلسفي النقدي لايمكن إن نقبل كل هذا الكلام من ألتوسير هكذا،بل سنقف على بعض الأشياء التي تبدو لنا غير صحيحة، وعلى رأسها هذه القطيعة التي أحدتها ألتوسير بين كل مراحل فكر ماركس. فإذا كان ألتوسير يرى إن مفهوم الإستلاب هو مفهوم إذيولوجي إستعمله ماركس في مرحلته الفيورباخية 1840- 1845 فهذا الأمر يبدو لنا فيه مافيه من التناقض، لأننا إذا ماعدنا إلى بعض كتابات ماركس حتى مابعد المرحلة الفيورباخية وبالضبط ما أطلق عليه ألتوسير المرحلة العلمية، أي مرحلة إكتشاف المادية التاريخية سنجد مفهوم الإستلاب لازال حاضرا خصوصا في كتاب الرأسمال.
لقد أذرك ألتوسير بذاته هذا التناقض في تعامله مع مفهوم الإستلاب، إذ سيتجاوز الفهم الأول الذي أعطه لمفهوم الإستلاب، وذلك في واحد من أخير كتبه وهو رد على جون لويس 1973 réponse a jonn lwis، هذا الكتاب الذي نجد فيه ألتوسير يعطي صياغة جديدة للتعامل مع مفهوم الإستلاب إذ أصبح يرى أن
مفهوم الإستلاب يمكن أن يكون مقولة لها بعض الفوائد العلمية، ولكن على أساس

شرط مزدوج ومطلق ألا وهو فصل هذه المقولة عن كل فلسفة للتشيؤ التي ليست سوى صورة أخرى للنزعة الإنتروبولوجية، وكذلك يجب التفكير في الإستلاب بوسطة مصطلح الإستغلال.
إذن هكذا حاولنا إن نقارب التصور الألتوسيري بكل تعرجاته وتحولاته في التعاطي مع مفهوم الإستلاب إذن من هنا نعتقد إن الإجابة التي قدمها ألتوسير إجابة مزدوجة تمزج مابين الرفض والقبول لمفهوم الإستلاب، ولكن موقفه ليس نهائيا فقضاياه السابقة لاتزل في حاجة إلى النقاش.