استقلال كردستان .. الرد العادل على عنصريه النهج الشعبي العربي


ليث الجادر
2023 / 1 / 28 - 14:09     

الفكر الوحيد الذي يصنف البشر بما ينصفهم عدلا وحقا واعتباريا هو الفكر الماركسي الذي يرصد التراتبيه الطبقيه ويعتبرها هي النسب الوحيد الفعلي الذي يتم التعاطي به مع الافراد والجماعات , هذا الفكر لا فسحة فيه للاصل العرقي او الاثني ’ بل ان اولى خصوصيات الفكر الاماركسي هي تضييق تلك الفسحه لتكون مقتصره على شكل تجريدي يحوي عنصر اللغه وما يترتب عليها من اشكال ثقافيه متميزه ’ العربي الذي هو منحدر من نسب وعرق وقبيله وعشيره في المنظور البرجوازي ,تجرده الماركسيه في منظاهرها من كل هذه الاشكال المفاهيميه البائده وتتعامل معه من مكانة ومن موطئ قدمه في سلم الترتتبيه الاجتماعي ,وهكذا الكردي وهكذا التركماني ...الخ وبالتالي يتكدس هؤلاء في مكان واحد , ليشير الى انهم اما مأجوريين او ملاك ..عمال او راسماليين , مستعبدين او اسياد ..ان الملاك والراسماليين اللذين يتماهون في السياده على البقيه هم من تصب في خانة مصالحهم مفهوم القوميه البائده التي قرضها التاريخ في مرحلة الانتاج الصناعي , مفكري البرجوازيه اخذوا على عاتقهم عملية التنفس الصناعي لهذا المفهوم المحتضر ’ وبينما يبذل هؤلاء جهدا فكريا صعب في المجتمعات المتحضره انتاجيا فان اقرانهم في المجتمعات المتخلفه لا يحتاجون في اداء مهمتهم الا الى لكزات خفيفه لاثاره النوازع القوميه المتخمه بانعكاسات جوهريه التي من شانها ترسيخ الواقع المتخلف ..والماركسيه اذ تدرك هذه العلاقه الجدليه وفي مجرى مشروعها الخاص لانجاز تغيير الواقع فانها لايمكن ان تلجىء الى القفز فوق مفردات الواقع ,واذ تؤكد النظره الاجتماعيه الماركسيه على ان علاقات الانتاج هي المحرك الجوهري لمجمل النشاط الاجتماعي فانها فانها لاتتعامل في مجرى نضالها لتغيير العلاقات الانتاجيه بصوره مباشره مجرده من خلال استهداف مفردات البنيه الاقتصاديه في جانبي الملكية والتوزيع , انما تراعي توجيه نشاطها الثوري الى استهداف الملامح المشوه التي يتشكل عليها الصراع والتناقض بين قوى الانتاج وبين علاقاته ’ ولهذا فهي تتوجه في نضالها نحو الموؤسسات الاجتماعيه الفوقيه التي تؤدي دور السفتجه في الصراع الطبقي كالدين والقوميه والوطنيه , هذا النضال وتبعا للظروف الخاصه بكل مجتمع ’ يتشكل باساليب ومنهاج مختلفه , القضيه المحوريه هنا تتمثل في تشخيص اسلوب الانتاج ومدى ودرجه اقترانه بالطبيعي والصناعي ..فكلما كان النشاط الاقتصادي لمجتمع ما يميل الى الطبيعي ( زراعي , رعوي , جني , استخراجي ) تكون الموؤسسات الفوقيه القديمه راسخة المفاهيم فيه , بينما يكون العكس في حال نشاط الاقتصاد الصناعي ويقترب من التلاشي في حال المجتمعات التي تتربع في قمة الانتاج الصناعي ...وهكذا يجد الماركسي نفسه مستوقف تاريخيا امام بوابة التصدي لمعنى الحق القومي وحق تقرير مصير المجتمع على اساسه ,هذه الوقفه التي تحدد باعتبارها تكتيكا ثوري نضالي ,تتحول في حال ظرفه الحالي ( العراق ) الى تكتيك مصيري غير قابل ابدا للتغيير او الاستبدال عن كونه يجب ان يكون قاطعا ونهائي , فاقتصاد العراق الريعي وحقيقة تلاشي كيانه كمفهوم للدوله , اعادا انتاج ممكنات الموؤسسات الفوقيه البائده وصاغا كل الشروط الواقعيه لفعاليتها , هنا تصلبت قشره الدين والقومويه وطغتا بشكل كامل ومحكم على جوهر قضية الانسان المتمثله في التناقض بين المالك والاجير بين العامل وصاحب راس المال , وحلت بدلهما قضيه الصراع بين ماهو سني وما هو شيعي بين ما هو كردي وما هو عربي ..ولتتحول القضيه الكرديه من قوميه مضطهده سياسيا وسلطويا الى قضيه اصطدام قومي وتضاد شعبي ! هذا الامر لايحتاج في تاكيده على ايراد استدلالات كثيره ..فيكفي من ان نشير الى الموقف السلبي اللامبالي الشعبي العربي بكلا جناحيه ( السني – الشيعي ) اتجاه قرارات المحكمه الاتحاديه التي استهدفت اقليم كردستان ووجهة عدوانيتها المكشوفه الى قوت ابناء القوميه الكرديه متجاوزه كل القيم ومبادئء مراعاة الانسانيه ..قرار المحكمه الاخير الذي يمنع الحكومه المركزيه من تمويل سلطات الاقليم بالموارد الماليه التي هي في الاصل تشكل مصدرا لاجور العمال والموظفين , والذي يعني في نهاية المعنى عملية تجويع وافقار للشعب الكردي المفارض انه الشريك الوطني للشعب العراقي , هذا الفعل العنصري المقيت , لم يجد على ارض الواقع من صدى في روحيه وسلوكيه من هم عرب , ليس على الصعيد السياسي ونخبه , بل في مستواه الشعبي الذي مر على هذا القرار العنصري الاجرامي مرور الكرام وبلامبالاه مخجله , بل ان المتلمس والراصد للواقع الشعبي هذا يجد في هذا الواقع تعبيرات ومواقف ملطخه فعلا بالعار والخزي ..موقف شعبي موزع بين التشفي وبين النظره الدونيه وبين الكبر الشوفيني ’ الحس الشعبي هذا لايعبر الا عن موقف شعبي عربي استعبادي للكرد ..وفضح كم انها اكذوبه تلك المقوله السياسيه التي اعتبرت الكرد مواطنين شركاء للعرب في دوله اللادوله العراقيه هذه ..الكرد لايمكن ان يبقوا بين مطرقة السلطات التي سلطها النظام الفدرالي على رقابهم وبين سندان السلطه الفدراليه المدعومه في هذا الجانب حصرا باغلبيه شعبيه استثنائيه ..ومثلما ان العرب اللذين اذ تذابحوا فيما بينهم كسنه وشيعه يتوحدون اليوم ويصطفون وراء من يمارس العنصريه والاستهانه بالكرد , فان هؤلاء الاخيرين لا مناص لهم من ان يعلنوا ارادتهم القويه بالانفصال عن (العراق ) بشكل كامل وناجز .. فهذا من شانه ان يفك الاشتباك اللعين بين ماهو ذرائع قومويه وبين حقائق الصراع الطبقي , ليس فقط على الجانب الكردستاني بل وفي الجانب العربي ...