جديد الكاتب الأردني حسين جلعاد وقصص -عيون الغرقى-


جاكلين سلام
2023 / 1 / 28 - 07:33     

تعود معرفت بالكاتب حسين جلعاد إلى بدايات رحلتي في عالم الصحافة والنشر. وربما كان من أوائل من دعوني للمشاركة في حوار حول ثيمة المهجر والمنفى وطريقة فهمي لها، من خلال تجربتي المهجرية.
تتجدد الأسئلة والمفاهيم حين ألتقي في هذا الفضاء بأسماء بعض الأصدقاء القدامى أو حين تصادفني كتبهم ومنشوراتهم وحواراتهم عبر هذه الشبكة الالكترونية، فأشعر بأن ذلك الرابط بين الإبداع والمثابرة لم يمت فينا بل يتحول ويأخذ صورا وأساليب مغايرة.
وكل عودة للكتاب تثير فضول القارئ من جديد. وهنا رغبة في أن نعرف من هم هؤلاء الغرقى، هل أخذتهم المحيطات، أم غرقوا في قراراة النفس حينا ثم عادوا!
حسين جلعاد يعود بكتاب القصة القصيرة هذه المرة وليس شعراً. لعله ذلك الشغف الذي يجدد الأمل في أن نفتح أعيننا وننظر في وجوه بعضنا بفضول. فالكتاب مكان أيضاً وعلى صفحاته خريطة عالم يعج بالمفقودات والمكنونات التي تغوص في داخلنا دون أن يكون لديها المقدرة أن تتحرر منا.
الحكاية التي تركناها في بداية الطريق أو منتصفه تعود وتأخذ بيدنا وتقص علينا كي نتعرف على السر من جديد. وهذه المجموعة القصصية قد تكون عودة بهذه الصيغة، وربما لسبب هو الحكاية في حد ذاتها.
وعن عيون الغرقى،
نذكر أنها مجموعة قصصية للكاتب الأردني حسين جلعاد صدرعن الدار العربية عام 2023.
بعد 15 عامًا من الغياب عن النشر، يأتي حسين جلعاد بقصصه العشر، إنها حكايات من الحنين وعنه، كل شخصياتها في مكان يبدو الآن سحيقًا من الماضي، وتنظر إلينا بعيون كلها غرق.
من هو حسين جلعاد:
يذكر أن حسين جلعاد من مواليد 1970، وهو شاعر وصحفي ويعمل مديرا للتحرير في موقع الجزيرة نت، وهو عضو في رابطة الكتّاب الأردنيين، وشغل عضوية هيئتها الإدارية (2004/2005) وهو عضو اتحاد الكتاب والأدباء العرب.
اختير حسين جلعاد سنة 2006 سفيراً للشعر الأردني لدى حركة شعراء العالم، وهي منظمة أدبية مقرها في تشيلي وتضم في عضويتها آلاف الشعراء.

واختارته مؤسسة "هاي فِسْتِيفَل" (Hay Festival) بالتعاون مع اليونسكو ووزارة الثقافة اللبنانية، ضمن أفضل 39 كاتباً شابّاً في العالم العربي والمهجر (جائزة بيروت 39) بمناسبة اختيار بيروت عاصمة عالمية للكتاب سنة 2009.

الكتاب هو العمل الأدبي الثالث، للشاعر الأردني جلعاد، بعد مجموعتيه الشعريتيين "العالي يصلب دائمًا" (أزمنة/1999)، و"كما يخسر الأنبياء"(المؤسسة العربية/2007)، حيث يعود الشاعر بعشر قصص احتضنتها المجموعة وعنونها جلعاد على درجات السلم الموسيقي "دو: أسرار معلنة، ري، مي"، "فا: الإسفلت والمطر"، و"صول: كائن سماوي"، و"لا"، "سي: أربعة جدران وباب"، و"المساء يطير غربًا"، و"الخريف والشبابيك القديمة" (وهي قصة في ستة مشاهد: نعناع المصاطب، خمول متحرك، قال الحلم له، نزار وحده، شبابيك قديمة وآخر اللوحات)، وآخرها "دو: والبحر ينام أيضًا".
من الصفحة الأولى، يهدي الشاعر كتابه إلى مدينته، دون أن يذكر اسمها، نعرف من الوقائع التي يدور معظمها في إربد، حيث تابع جلعاد دراسته الجامعية، أنها المدينة موضع الإهداء. ولكن قد يسأل القارئ نفسه: لم يهدي الكاتب مدينة وليس إنسانًا؟ وكأن عدنان أيوب في "نعناع المصاطب" يرد على هذا السؤال:
"إربد التي أغوته يوماً بعشق المدائن فوجد نفسه فيما بعد متورطاً بضجيج الإسمنت والمدن الكبرى. وهو لم يدرك مدى تعلقه بإربد إلا حين غادرها، تلك التي يألفها الجميع بسرعة - أو يظنون ذلك - بيد أنها تستعصي على الإتيان بتلك المجانية والتسطيح وحدهم من تشكلوا في الأزقة والشوارع يعرفون أي أمان هي جدرانها. وهم وحدهم من يعرفون أية ذاكرة لقطط الليل".

وصدر لجلعاد منشورات فكرية وسياسية هي:
- الخرافة والبندقية: أثر العولمة في الفكر السياسي الصهيوني - 1999
- المسألة الكردية وحزب العمال الكردستاني 1997

كل الأزمنة صالحة للحكايا وهذا الشتاء ملائم للغوص في عيون هؤلاء الغرقى كي نقرأ ماتركته الأيام في صفحاتهم.